سياسة فن الـ:«لا والنعم»!


منى فهد الوهيب



فن إدارة المجتمعات الإنسانية.. عبارة لمصطلح يردده كثير من البشر مسلمين وغيرهم، والكل منهم في حاجة إلى هذا المصطلح ولا غنى عنه في إدارة المجتمعات الصغيرة ويمثلها المنزل، والمجتمعات الكبيرة وتمثلها الدول، وهذا المصطلح له مفاهيم عدة ومعان، وهو يتداول من عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى يومنا الحالي؛ فعن أبي هريرة ] أن النبي [ قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، فستكون خلفاء فتكثر قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم».

أكيد -عزيزي القارئ- استنتجت من هذا الحديث الشريف المصطلح والكلمة المقصودة للعبارة التي بدأت بها مقالي وهي «السياسة»، كثيراً ما نسمع ونقرأ ونردد على الألسنة هذه الكلمة بجميع تصاريفها، كلمة تتكون من خمسة أحرف، ولكن معناها يحكم ويدير شعوبا ودولا وأمماً، وقلة جداً من هذه الشعوب والأمم والدول تفهم معناها الحقيقي، والدليل على ما أقول تردي الأحوال في العالم بأكمله، حروب داخلية وخارجية، إرهاب بأنواع وأشكال مختلفة، اقتصاد عالمي يؤول إلى الانهيار، أسعار النفط في تراجع.

من وجهة نظري، الكل محتاج إلى السياسة، والسياسة هي الأساس لكل المعاملات البشرية؛ ولهذا ترتبط السياسة ارتباطا قويا بالاقتصاد والاجتماع والثقافة والدين، ولا نقدر أن نفصل السياسة عن حياتنا اليومية؛ لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بنا، حتى في الحوار مع الأبناء والطلاب والعاملين نحتاج إلى السياسة، فما بالك بالحوارات ما بين الشعوب والدول؟! كل حاكم وكل رئيس وكل مسؤول لابد أن يكون سياسياً حتى يستطيع إدارة من هو مسؤول عنهم.

والسياسة -عزيزي القارئ- فن كسائر الفنون التي يتعلمها الإنسان ويكتسبها حتى تكون من سمات شخصيته الأساسية، والسياسة فن راق جدا لا يجيده إلا القليل .

وتعد السياسة من الأسس الأساسية التي يعتمدها الأبوان في التربية، لتنشئة جيل سياسي فاهم عاقل ويؤمن بمبدأ الأخذ والعطاء والقبول والرفض وتقبل الآراء الناقدة والمادحة، و أعتقد أنك تتفق معي في الرأي أنه لابد من السياسة في كل دقيقة في حياتنا.

ولكن! لماذا بعض الناس يفهم السياسة بأنها المكر والخداع والخبث واللعب من تحت الطاولة؟ ويمارسها على أساس هذا المفهوم غير الصحيح، بل بالعكس كثير من ساسة العالم وأولهم أفضل خلق الله وسيد بني آدم محمد [ من الحكماء العقلاء الذين يمارسون السياسة بمفهومها الصحيح.









لا أدري -عزيزي القارئ- أتوافقني الرأي أم لا بأن السياسة ممتعة وشيء جميلاَ، ويستطيع كل إنسان أن يصبح سياسيا من الدرجة الأولى لو أنه مارسها كما يجب أن تمارس. الممارسات العليلة هي التي تفقدنا متعة التلذذ بممارسة الشيء، يقول أحد الحكماء: السياسة هي أن تقول: «لا ونعم» في الجملة نفسها وفي الوقت نفسه. وهذا من الحكمة والسياسة الراقية، إذا كنا نطمح إلى أن نكون سياسيين في جميع مجالات الحياة وناجحين ومتفوقين في حياتنا فلابد لنا من تعلم فنون السياسة الراقية حتى نستطيع أن ندير مجتمعات إنسانية صغيرة كانت أو كبيرة من دون حروب وإرهاب وطلاق وانهيار وانخفاض وتشريد وضياع وغيرها من المصائب.

نحتاج إلى السير وفق ضوابط سياسة الدين والشرع؛ حتى نكون قادرين على تخطي الأزمات وتفريج الكربات والعيش عيشة السعداء.