القطيعة بين الشباب.. كيف نعالجها؟


د.بسام خضر الشطي



كم يؤلمني عندما أرى إخوة متخاصمين أو أهلاً متفارقين، أو أرحاما متقاطعين، وقد دخل الشيطان بينهم فأشاع العدواة والهجران والغيبة والسباب، حتى وصلوا إلى اللعن والعياذ بالله!


وعندما تبحث في الأسباب فإنك ستجد أنها كبر وعزة نفس وغرور ونصرة للشخص لا للدين، وجهل بعواقبها العاجلة والآجلة، جهل بفضائل العفو والصفح الجميل، وقد يكون ذلك بسبب شراكة مالية فحدث سوء ظن وسوء علاقة فحلت الفرقة، وقد يكون طلاق أثّر على هذه العائلة وتلك، ومنها عدم التواصل في الولائم والمناسبات في الأفراح والأتراح. قال عمر بن الخطاب ]: «مروا ذوي القرابات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا»، وقال أكثم بن صيفي: «تباعدوا في الديار وتقاربوا في المودة».

ومن الأسباب الحسد، فتجد أن فلانا رزقه الله علما أو جاها أو مالا أو محبة في قلوب الآخرين، وتجد الآخر يناصبه العداء ويثير حوله البلبلة ويشكك في إخلاصه؛ حتى ينفّر الآخرين منه، وقد رأيت أن كثرة المزاح وكسر الهيبة وإسقاط الكلفة تسبب القطيعة والفرقة، قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: «وقد كره جماعة من العلماء الخوض في المزاح؛ لما فيه من ذميم العاقبة، ومن التوصل إلى الأعراض، واستجلاب الضغائن، وإفساد الإخاء».

ومن أسباب القطيعة: الوشاية والإصغاء إليها والتهم الجزاف دون التأكد من الحقيقة، ولو كانت أيضا نصيحة فأين التدرج في النصيحة؟! فالوشاية لا تترك صديقين ولا حبيبين مقربين إلا نخرت في علاقتهما.

ومن الأسباب: سوء الأخلاق من الشدة والقسوة وردود الأفعال الغاضبة التي تورث في النفس الخلاف مع الشقاق.

< آن الأوان أن نبذل كل ما في وسعنا لإرجاع العلاقة وزيادة روابطها بين الشباب، والعفو والصفح الجميل، وتحري المحبة وتوثيق أواصر الأخوة والإحسان بين الناس، والرفق وحسن الإهتمام، والابتعاد عن إساءة الظن: «ما دخل الرفق في شيء إلا زانه، وما خلا من شيء إلا شانه».

< فلتوثيق العلاقة بالآخرين نقوم بالدعاء لهم، والزيارة، وتفقد الأحوال، والسؤال عنهم، والإهداء إليهم، وإنزالهم منازلهم، والتصدق على فقيرهم، وقضاء ديونهم، والتلطف مع غنيهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتعاهدهم بكثرة السؤال، وحسن الاستقبال والضيافة وإعزازهم، ومشاركتهم في أفراحهم ومواساتهم في أحزانهم، وسلامة الصدر، وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر باللين والحكمة والموعظة الحسنة؛ فهذه الفضائل تدل على كرم النفس وطيب المنبت وحسن الوفاء.

< ولا بد من الذبّ عن إخوانك، وألا تسمح في حقهم بالغيبة والنميمة والكذب، فكلما حرصت على ذلك كلما كنت محل تقدير وإعزاز، وهم أيضا سيدافعون عنك ويقدرونك، واستعن بالله تبارك وتعالى على ذلك، وستجد سهولة ومرونة في إرجاع العلاقة بين الشباب، بعد أن خسرنا عددا ليس بالقليل من خيرتهم.






< ولا بد من قبول أعذار الآخرين إذا أخطؤوا أو اعتدوا، والصفح عنهم ونسيان معايبهم والتواضع معهم وترك المنة عليهم، وتوطين النفس على الرضا بأقل تواصل، وترك التكلف المصطنع والاعتدال في المزاح، وتشكيل لجنة لإصلاح ذات البين؛ فإنها من أعظم اللجان؛ وبعدها سنجد همة في النشاط الدعوي الكبير.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح ذات بيننا، ويؤلف على الخير والمحبة قلوبنا، ويزيل رواسب الشيطان وآفات اللسان منا وعنا.