زوجة الولد وبيت الحمولة!!



هيام الجاسم







عندما بلغ عمري منتصف الأربعينيات صرت جدة ولي حفيدان، اكتشفت لحظتها أن بيتي صار بيت حمولة!! لي زوجة ولد ألطف من اللطف بعينه، ولا أبالغ إن كتبت لك عزيزي القارئ أني معجبة بها حتى إني طلبت إليها يوما أن أكتب فيها مقالا أثني عليها ولنكن أنا وهي مضرب الأمثال في حياة الناس، أجابتني بكل صدق والحياء باد على محياها: " خالتي لأ لا تكتبين أخاف الناس يحسدوني عليج!!" انتهى كلامها؛ فأحجمت عن الكتابة إرضاء لها، ولكني اليوم بعدما شهدت أحداثا كثرا من حولي من خالات مزعجات لزوجات أولادهن ما أستطيع أتمالك نفسي إلا أن أكتب مسطرة ذلك الثناء ويشهد الله على صدقي في كلماتي التي يخطها سن قلمي على قرطاسي، زوجة ابني هي في عرفنا الاجتماعي "جنّة" وهي حقا وحقيقة "جنة" تبارك الرحمن، تقاسمني الحياة في بيتي ولا أقاسمها زوجها الذي هو ولدي، هو لي تحت مجهري إلى لحظة زواجه منها، وبعدها هو لها بملء خاطري، قناعتي التي بين جنبي تحدثني ألا أشاطرها زوجها، ألا أنافسها متعة حياتها معه، كلما امتلأت هي إحساسا بالراحة معه أنه لها زوج وأب لعيالها، ازددنا ارتباطا واشتياقا لبعضنا أنا الخالة وهي " جنّتي"!



هذه رسالة أوجهها لسيداتنا الفاضلات أمهات الأزواج: أن انصرفي ولا تتملّكي ابنك بل ولا تتدخلي فيما بينه وبينه زوجه أبدا، كان لك والآن هو لزوجته، قد يعارضني في قناعتي الكثيرات، "شدعوة ياحافظ! هو ولدي! ليما ألحين ولدي! موبس لزوجته، هي لازم تفهم هالشي!!"" أنا أقول : "ماشي ماشي صح لسانك وصح كلامك"، ولكن انتبهي هي شابة صغيرة والمرأة الشابة لا تشبع من زوجها أبدا تتمنى قربه دوما بجانبها، فلو شغلتيه بمسؤولياتك أنت في كل يوم سيضيق صدرها وتبدأ تشعر بمقاسمة الكل والجميع له، قد تقبل اليوم، قد ترضى في الغد، ولكن أخشى ما أخشاه أن تكون طاقته مستهلكة من أهله ثم عندما تطلب منه زوجته شيئا ما يجد نفسه لا يقوى على تلبية مطالبها المعنوية والحياتية والمادية، زوجته تريد منه إشباعات كثيرة، فإذا شاغلناها به قد تجاملنا نعم، وقد تلاطفنا نعم؛ ولكن يوما بعد يوم متطلبات حياتها وأسرتها ستكبر وتزداد، وسيكبر الضغط النفسي على زوجها الذي هو ولدك، هو لا يستطيع أن يصرخ في وجهك أما كنت أو أبا ولكنه مؤكد سينفّس غضبه على المسكينة زوجته التي يتوقع منها صبرا واصطبارا، لماذا كل هذا ؟! ولماذا نصل بالأمور إلى تلك الحساسية في العلاقة، قد تبتسم لك زوجة ولدك في وجهك وتلاطفك ولكنها قد تشتكيك عند أمها وأخواتها!! هل هذا سيداتي الأمهات الخالات مريح لكن؟! أنت قد زوّجت ولدك لتستمتعي بمنظومة الحمولة، لتري بأم عينيك امتداد أسرتك، لنحياها بصحة وسلامة منعشين بدلا من الإرهاق النفسي للجميع وعلى الجميع.

عزيزي القارئ، نحن لا نقصد مما نكتب أن يتخلى الابن عن مسؤولياته تجاه أهله ولاسيما أمه، ولا نعني أن الأم ما تعود تطلب حاجة يسددها لها ابنها، أبدا ليس هذا في مقصودنا، وإنما تضخيم ذواتنا بوصفنا أمهات أمام زوجات الأولاد هو المرفوض قلبا وقالبا، باتت بناتنا في هذه الأيام هاجسهن قبل الزواج: "يا ويلي إن كانت أم الريال اللي بيتزوجني مسيطرة وتتحكم فيني!! الله يعينني ما أدري شنو بسوي!! ولاّ أقولج يمة أحسن شيء (تخاطب أمها) أحسن شيء نشرط على الريال من البداية يطلعني في شقة بروحي! يمة ترى آنا ما أتحمل خالة تتدخل في كل شيء!!".


لاحظ عزيزي القارئ كلماتها، قد تكون الفتاة مبالغة فيما تقول ولكنها غير ملومة؛ لأنها تسمع مثيلاتها يسردن لها بعض تجاربهن؛ لذا عزيزي القارئ بصراحة أنا أنصح الفتاة حديثة العهد بالزواج ألا تبرمج حمولتها، وبالذات خالتها على نظام معين تفرضه الخالة، ولا أن تسمح لها بالتدخل في حياتها، لو سكتت مرة عن تدخلها لما سلمت بدهرها؛ لأن الخالة فيما بعد ستعده حقا مطلقا لها ومكتسبا من مكتسباتها، ولو أرادت بعد ذلك زوجة الولد أن تغير من نظامها بحريتها فستضفي الخالة جوا غير مريح، وستبدأ تضايق زوجة الولد بكلماتها "شدعوة ما تنزلين على الغدا ويانا!! يا حافظ!! شفيج زعلانة علينا!!" وزوجة الولد تحاول "تضيع السالفة" وتضغط على نفسها بابتسامة حمراء زرقاء صفراء باهتة محرجة!! تركب شقتها يلحقها الولد " أمي صاجة في كلامها! شفيج تتغلين على أهلي! آنا آمرج أمر غصبن عليج من يوم ورايح غداج تحت!". تشعر الخالة بنشوة الانتصار، والولد إذا كان يحب زوجته يراضيها بعدين "، شسوي حبيبتي هاذي أمي ما أقدر أزعلها"، والحكاية إياها التي ليس لها آخر؛ لذا بصراحة أنا أرفض أن تعوّدني زوجة ابني على نظام معين، هي حرة، ملكة في بيت أهل زوجها، تعيش مثلما تريد هي ويريد لها زوجها وفق شرع الله وبما يرضي الله!!