السؤال:♦ الملخص:
رجل يريد أن يُكثر من العبادات التطوعية، لكنه يفشل ولا يصلي إلا الفرائض، ويكاد يختم القرآن، لكنه يتفلت منه، وهو يشكو ذلك الفتور الذي أصابه، ووقوعه في كثير من المعاصي، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ تفاصيل السؤال:
أريد أن أقوم بكثيرٍ من العبادات التطوعية؛ من قيامٍ وصيامٍ، وسنن رواتب، ولكني أفشل في هذا دائمًا، علمًا بأني أصلي الفرائض في المسجد، ولكنها تفتقر إلى الخشوع، وأكاد أختم حفظ القرآن، ولكنه يتفلَّت مني بسب فتوري في المراجعة، وأمرُّ الآن بحالةٍ من الفتور الشديد، وأقع في كثير من المعاصي، حتي إني أبغضتُ نفسي في الله، وأقول بيني وبين ربي: يا ربِّ، لولا أنك حرمتَ قتل النفس، لقتلتُ نفسي بغضًا لها فيك، وأتألم كثيرًا وأصبحت في حالة نفسية سيئة، فهل لي أجر في ألمي هذا، وحبي لأن أكون صالحًا، وعجزي عن ذلك؟ وما نصيحتكم لي؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
أولًا: مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: لا شك أن العبد مأجور على سعيه واجتهاده للوصول لأعلى المنازل، فالمسلم الذي يجتهد للوصول للحق سواء في الأحكام أو العبادات، فهو مأجور سواء أصاب الحق أو أخطأه، فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر؛ قال ابن تيمية: "والمجتهد المخطئ له أجر؛ لأن قصده الحق وطلبه بحسب وُسْعِه، وهو لا يحكم إلا بدليل... ففي الجملة: الأجر هو على اتباعه الحق بحسب اجتهاده، ولو كان في الباطن حق يناقضه هو أولى بالاتباع لو قدر على معرفته...). [مجموع الفتاوى: (20/ 30)].
وسُئل ابن باز عن قول: إن نية المؤمن أبْلَغُ من عمله، فأجاب: "من كلام بعض السلف، مأخوذة من بعض الأحاديث، مستنبطة من حديث الأعمال بالنيات وأن العبد له ما نوى، وأنه إذا نوى العمل الطيب ثم حبسه عذرٌ، صار له أجر العاملين؛ كما في الحديث الصحيح: ((إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم))، وفي الحديث: ((إن في المدينة أقوامًا ما سلكتم طريقًا ولا قطعتم شِعْبًا إلا وهو معكم حَبَسَهُمُ العُذْرُ))؛ يعني: مع النية الصالحة.
ثالثًا: اعلم أن حفظ القرآن الكريم شرف عظيم ومرتبة عالية، لا ينالها الكسالى وضِعاف الهمم، فهي تستحق منا بذل الجهد وتفريغ الوقت.
ولذلك ينبغي أن تجاهد نفسك وتصبِّرها على ما تعاني، فأنت مأجور على كل حرف تقرؤه من كتاب الله، سواء كان ذلك للحفظ أو لمجرد القراءة، ولكن بذل الجهد في الحفظ والصبر على مشقَّتِه شيء زائد على مجرد القراءة وأعظم أجرًا؛ ففي البخاري: (4937)، عن عائشة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَثَلُ الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له مع السَّفَرة الكرام البَرَرةِ، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد، فله أجران)).
فينبغي أن تبذل في الحفظ ما استطعت، وإذا لم تستطع، فعليك بكثرة التلاوة.
رابعًا: تربية النفس على العبادة:
وينبغي أن يربيَ العبد نفسه على عبادة ربه، وأن يتدرج بها حتى تصل إلى مراتب العُبَّاد، ولا شك أن العبادة شيء شاق، ويتطلب كثيرًا من الجهد والمجاهدة، لحمل النفس على العبادة.
نتكلم عن تربية النفس على العبادة من خلال بعض النقاط، ومنها:
أولًا: العلم بها؛ لأن مَن يعبد الله على جهل وقع في البدع.
ثانيًا: معرفة فضلها.
ثالثًا: المسارعة إليها.
رابعًا: الاجتهاد فيها.
خامسًا: تنويعها.
سادسًا: الاستمرار عليها.
سابعًا: عدم إملال النفس منها.
ثامنًا: استدراك ما فات.
وتاسعًا: رجاء القبول مع خوف الرد.
وكذلك من تربية النفس على العبادة: تعويدها منذ الصغر، وقراءة سِيَرِ العُبَّاد والزُّهَّاد، والانخراط في الأوساط الإيمانية.
وللمزيد أنصحك بمطالعة هذا الموضوع:
تربية النفس على العبادة https://almunajjid.com/courses/lessons/329
فينبغي السعي والجهد في العبادة بقدر استطاعتك، فقليل دائم خير من كثير منقطع، ولا تُغفِل الدعاء أن يُعينك الله على ذكره وشكره وحسن عبادته، فالله هو الموفِّق، فلا حول ولا قوة لنا إلا به سبحانه وتعالى.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/150147/#ixzz7AXEG9Csx