فورب السماء والأرض
د. أمير الحداد
- من آكد الأيمان التي وردت في القرآن هذا القسم؛ ولذلك قيل: «قاتل الله أقواما أقسم ربهم ثم لم يصدقوا».
- هذه الآيات من سورة الذاريات؟
- نعم.. وبدأت هذه السورة بالقسم بالملائكة على صدق الوعد والجزاء.. ثم قسم آخر بالسماء.. وقبل هذا القسم الأخير.. برب السماء والأرض، ذكر الله عز وجل الآيات الدالة عليه سبحانه «في الأرض» وذلك للموقنين.. أما الذين لا يريدون الاعتبار فالآيات أقرب إليهم «في أنفسهم».
- هل المقصود: في خلقنا؟!
- يمكن ذلك.. من حيث طبيعة هذا الخلق، وكيفية خلقه، أو أنفسكم.. أرواحكم.. وذلك أن نفخ الروح ثم خروجها من أعظم الآيات الدالة على الله عز وجل.. ولاحظ أن هذا القسم بدأ بالفاء.. وذلك أن أقساماً أخرى سبقته.
- على ماذا كان القسم؟!
- {إنه لحق}.. القرآن.. {ما توعدون}.. {في السماء رزقكم}.. ولاحظ أن اليمين أتت بعد لفت الانتباه إلى الآيات.. وذلك أن القسم آخر ما يأتي به المبرهن.. بعد بيان جميع حججه.. فلا يبقى إلا اليمين.. فإن صدق الخصم.. وإلا فقد قامت عليه الحجة.
صاحبي معجب بتفسير الشعراوي.. ولاسيما ربطه اللغوي بين معاني الآيات.. والأسرار في الحروف والتقديم والتأخير.. مثلا قوله تعالى: {المسجد الأقصى}.. يدل على أن هناك «مسجدا أدنى» وهو «مسجد المدينة».. كنا نتحاور حول آيات: «الذاريات» بين العشاءين.
- {في السماء}.. أي المطر.. {رزقكم}.. وما توعدون}: الجنة.. أو أن الأرزاق قد قسمت وتحددت فلا تنشغلوا بها؛ كما قال[: «لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له؛ فأجملوا في الطلب: أخذ الحلال وترك الحرام» السلسلة الصحيحة.
- ويمكن أن نقول: إن الله عز وجل تدرج بالقسم حتى كان أعظم ما أقسم به ذاته سبحانه وتعالى {فورب السماء والأرض}.. وذلك أن الربوبية التي تتعلق بالمعاش.. والحياة.. والممات مآلها السماء والأرض.. فحياة الناس مرتبطة بالسماء {رزقكم} والأرض «معاشكم».. فبين سبحانه أهمية السماء والأرض لحياة الناس.. كما أقسم في موضع آخر: {فوربك لنحشرنهم والشياطين} «مريم: 68».. وذلك لبيان مكانة الرسول[ وأهميته لحياة الناس.. فهناك أقسم بذاته وقرنها بما هو سبب لحياتهم المادية.. وهنا أقسم بذاته وقرنها بها هو سبب لحياتهم الروحية.. وهو الأهم.