السؤال
هل كان أبو بكر رضي الله عنه مسلما موحدا قبل البعثة؟
ملخص الجواب
لا نعلم خبرا صحيحا يدل على ترك أبي بكر لعبادة الأصنام في الجاهلية، لكن سرعته إلى الإسلام، وعدم شكه، مما يشير إلى سلامة فطرته وعدم فسادها بحب الأصنام.
الجواب
الحمد لله.
أبو بكر رضي الله عنه إنما أسلم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، كسائر الصحابة رضوان الله عليهم كما هو معلوم ومشهور.
وأما مسألة اعتقاده بوحدانية الله تعالى ، وبطلان عبادة الأصنام ، كما كان حال بعض الحنفاء من العرب ، كزيد بن عمير بن نفيل؛ فهذا لم يثبت عن أبي بكر رضي الله عنه بإسناد صحيح، وإنما يذكره بعض أهل العلم، ولا ندري مستندهم فيه.
يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
" تَسْمِيَة من رفض عبَادَة الْأَصْنَام فِي الْجَاهِلِيَّة
أَبو بكر الصّديق، زيد بن عمرو بن نفَيْل... " انتهى من"تلقيح فهوم أهل الأثر"(ص 333).
لكن إسراعه رضي الله عنه إلى الإسلام ، وشدة تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم من بداية دعوته، كما يدل حديث أَبي الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ: " كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ، فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ، حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ، قَالَ: وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخَبَرَ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟ إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ) رواه البخاري (4640).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" وهذا كالنص على أنه أول من أسلم رضي الله عنه " انتهى من "البداية والنهاية"(4/69).
وكما قد ذكر هو رضي الله عنه ذلك عن نفسه.
روى الترمذي (3667) عن أَبي بَكْرٍ، أنّه قَالَ: "أَلَسْتُ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا؟ أَلَسْتُ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ؟ أَلَسْتُ صَاحِبَ كَذَا، أَلَسْتُ صَاحِبَ كَذَا؟".
هذه المسارعة منه إلى الإسلام تشير إلى أن قلبه كان مستعدا للإسلام.
قال البيهقي رحمه الله تعالى:
" وهذا لأنه كان يرى دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويسمع آثاره قبل دعوته، فحين دعاه كان قد سبق فيه تفكره ونظره؛ فأسلم في الحال " انتهى من"دلائل النبوة" (2/164).
ويحتمل جدا أن تكون هذه المسارعة راجعة إلى كون عبادة الأصنام وعادات قومه لم تكن متمكنة من قلبه، وكان متفكرا في وحدانية الله تعالى، ولذا لم يتردد لما دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ولم يشك حتى لقب بالصديق.
فالحاصل؛ أنا لا نعلم خبرا صحيحا يدل على ترك أبي بكر لعبادة الأصنام في الجاهلية، لكن سرعته إلى الإسلام، وعدم شكه، مما يشير إلى سلامة فطرته وعدم فسادها بحب الأصنام.
والله أعلم.
https://islamqa.info/ar/answers/3611...B9%D8%AB%D8%A9