بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مبحثٌ في
( مَنْ تَعَلَّمَ لُغَةَ قَوْمٍ أَمِنَ شَرَّهُمْ )
الحمدُ للّهِ تعالى الواحدِ الأحدِ،الفَرد الصَّمَد،الّذي لم يَلِد ولم يُولَد،ولم يكن له كُفُوًّا أَحَد.
والصّلاةُ والسّلامُ على مُعلِّمِ النّاسِ الخيرَ،محمّدِ بنِ عبد اللّه،وعلى آلِه،وصحبه،ومَن والاه.
وبعدُ،فقد ‏شاعَ في الأزمنة المتأخِّرة[1] بين كثيرٍ مِن النّاسِ حديثٌ لايُعرَفُ له أصلٌ عن رسولِ اللّه صلّى الله عليه وسلّم،لَفظُه:( مَن تعلَّمَ لغةَ قومٍ أَمِنَ شَرَّهم ).
ورُغم أنّه حديثٌ لا أصلَ له؛فقد لَهِجَتْ به الأَلسُنُ،وطارَ في النّاسِ كلَّ مَطار !؛يَذكرونَه اِستِدلالاً لبيانِ فضيلَةِ تعلُّمِ لغةِ الأعاجمِ،فيجعلو ن تَعلُّمَها سُنّةً،طلَبًا للأمنِ مِن مَكرِ الّذين يُرادُ تَعلُّمُ لِسانِهم.وأنّ مَن لم يتعلَّمْها فهو مُعرَّضٌ للخَطَرِ في دينِه أو نفسِه أو مالِه أو عِرضِه ... !.
لكن،أين سَنَدُ هذا الحديثِ المُدَّعَى ؟.ومَن رواه مِن نَقَلَةِ العلم،ورُوّاةِ الأخبارِ ؟،وقد قال عبدُ اللّه بنُ المبارك: (الإسنادُ مِن الدّينِ،ولولا الإسنادُ لَقالَ ‏مَن شاءَ ما شاءَ)[2]،ولِلّهِ دَرُّ شيخِ المَعَرَّة إذ يقولُ[3]:
هَلْ صَحَّ قَوْلٌ مِنَ الحَاكِي فَنَقْبَلُهُ ... أَمْ كُلُّ ذَاكَ أَبَاطِيلٌ وَأَسْمَارُ ؟
أَمَّا العُقُولُ فَآلَتْ أَنَّهُ كَذِبٌ ... وَالعَقْلُ غَرْسٌ لَهُ بِالصِّدْقِ إِثْمَارُ
ولنستعرِض أوّلاً:
مقالاتِ العلماءِ،وآراءَ بعضِ أهلِ الفضلِ بخُصوصِ هذا الحديثِ،وحُكمَه م عليه: ‏
1- الشّيخُ محمّد ناصر الدّين الألبانيّ:
· (لا أعلمُ له أصلاً بهذا اللّفظ،ولا ذكرَه أحدٌ مِمَّن ألّفَ في الأحاديثِ المُشتَهَرَة ‏على ‏الألسِنَة، فكَأنّه إنّما اشتهرَ في الأزمِنَةِ المُتَأخِّرَة)[4].
· (لا أصلَ له)[5].‏
· (ما له ‏أصلٌ)[6].‏
· (ليس له أصلٌ،ولا في الأحاديثِ الموضوعة)[7].‏
2- الشّيخُ محمّد بن صالح العُثيمين:
· ‏(هذا ‏الحديثُ موضوعٌ مكذوبٌ،ليس بصحيحٍ عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم،حتّى بالمعنى لا يصِحُّ)[8].
· (لا يصِحُّ لا ‏سَنَداً ولا معنىً،حتّى المعنى)[9]. ‏
3- الشّيخُ عبد العزيز بن عبد الله بن باز:
(ليس له أصلٌ،هذا مِن كلامِ بعضِ النّاس،ما هو مِن كلامِ النّبيِّ ﷺ،مِن كلامِ ‏بعضِ العلماء)[10].
4- الشّيخُ محمّد بن إبراهيم بن عبد اللَّطيف آل الشّيخ:
(لا أعرفُه.والّذي يظهرُ والله أعلم أنّ هذا ‏ليس مِن حديثِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم؛فإنّه لا يأتي ‏بمثلِ هذه الصِّيغة)[11].‏
5- الشّيخُ مقبل بن هادي الوادعيّ:
· (هذا الحديثُ بحثَ عنه الباحِثون فلم يجدوا له أصلاً،وإن كان معناه صحيحًا،لكن لا يجوزُ لنا أن نُضيفَ إلى رسولِ الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إلاّ ما ثبتَ عنه صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم)[12].
· (حديثٌ ليس له أصلٌ)[13].
6- الشّيخُ عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر:
· (لا أعلمُ أنّ هذا ‏حديثٌ)[14].‏
· (هذا غيرُ صحيحٍ،وما ثبتَ في هذا شيءٌ)[15].
· ‏‏‏(‏ما نعلمُ أنّه ثبتَ بهذا حديثٌ)[16].
7- الشّيخُ عبد الكريم لخضير:
(هذا ليس بحديثٍ)[17].‏
8- عبدُ الكريم بن صالح الحميد:
(ليس هذا مِن كلامِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم)[18].
9- الشّيخُ مصطفى العدويّ:
(لا أصلَ له)[19].‏

11- الشّيخُ عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله:
· (وهذا ليس حديثًا،ومعناه غيرُ ‏صحيحٍ أيضا)[22].
· (لم ‏يَرِدْ ذلك عن رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم،ومعناه غيرُ صحيحٍ)[23].
12- الشّيخُ عبد الله بن عبد الرّحمن السّعد:
(قولٌ باطلٌ)[24].
13- الشّيخُ عبد الرّحمن السّحيم‏:
(هذا ليس بِحديثٍ،وليس له إسنادٌ يُروَى به فيما أعلمُ.‏ومعنى الحديث صحيحٌ)[25].
14- الشّيخُ سعد بن عبد الرّحمن بن محمّد بن ‏قاسم:
(‏الحديثُ لا أصلَ له،ولا يصحُّ معناه ‏بإطلاقِه)[26].‏
15- الشّيخُ تركي بن مبارك بن عبد اللّه البنعليّ:
(عند التّحقيقِ والتّنقيحِ نجدُه ‏حديث[ا] موضوع[ا]،ليس بصحيحٍ)[27].‏
16- الشّيخُ صالح بن إبراهيم البليهيّ:
(‏حديثٌ باطِلٌ،لا أصلَ له)[28].‏
17- الشّيخُ عبد الرّحمن بن ناصر البراك‏:
(والله ما أعلمُ،يقولُ بعضُ النّاسِ أنَّه حديثٌ،لكن ما أظنُّ أنَّه صحيحٌ،ولا هو ‏بصحيحٍ مِن جهةِ المعنى)[29].
18- فتاوى اللّجنة الدّائمة بالمملكة العربيّة السُّعُوديّة:
(لم نجِدْه فيما اِطّلعنا عليه مِن كتبِ أهلِ الحديثِ، ولعلّه قولُ بعضِ السَّلَف،ومعناه صحيحٌ)[30].
الهوامش:

[1] - الألبانيّ في الصّحيحة (1/ 1/ 366 ‏‏رقم187).
[2] - صحيح مسلم (ص12 المقدّمة).
[3] - أبو العَلاء المَعَرِّي،شرح اللُّزومِيّات (2/ 77/ 512 رقم 3 - 4 قافية الرّاء/سَمِّ الهلالَ إذا عايَنتَهُ قَمَراً).‏
[4] - سلسلة الأحاديث الصّحيحة (1/ 1/ 366 ‏‏رقم187).
[5] - جامع تراث العلاّمة الألبانيّ في المنهج والأحداث الكبرى (8/ 108 - 109)،تفريغ «سلسلة الهدى والنّور» للشّيخ الألبانيّ/ الإصدار الرّابع (ج01 ص2).
[6] - تفريغ «سلسلة الهدى والنّور» للألبانيّ الإصدار الرّابع (4/ 6).‏
[7] - تفريغ "سلسلة فتاوى جُدّة للشّيخ الألبانيّ/الإصدار الثالث (1/ 14/ 11 الوقت:00:26:51).‏
[8] - اللِّقاءُ الشّهريّ (3/ 13).
[9] - لقاءُ الباب المفتوح (194/ 10).
[10] - الموقع الرّسميّ لسماحة الشّيخ الإمام ابن باز (مقطع صوتي).
[11] - ‏فتاوى ورسائل سماحة الشّيخ محمّد بن إبراهيم بن عبد اللّطيف آل الشّيخ،جمع وترتيب وتحقيق:‏محمّد بن عبد الرّحمن بن قاسم (13/ 105 رقم 4452)‏.
[12] - ‏المقترح في أجوبة بعض أسئلة المصطلح (ص16)‏.
[13] - المقترح في أجوبة بعض أسئلة المصطلح (ص184)‏.
[14] - شرح سنن أبي داود (1/ 1516 - 1517).‏
[15] - شرح سنن أبي داود ‏‏(‏3/ 986 - 987)‏.
[16] - ‏شرح سنن أبي داود ‏ (3/ 2494 - 2495).‏
[17] - شرح الموطّأ (كتاب الاستسقاء2/أسئلة حول الدّرس).‏
[18] - ‏بيان العلم الأصيل والمزاحم الدّخيل (ص154 رطانة الأعاجم). ‏
[19] - الأحاديث المعلولة عند العدويّ (رقم 98).‏
[20] - إرواء الظّمآن (رقم 133)،وفتاوى متنوّعة (8/ 69).
[21] - الفوائد الحديثيّة وبيان صحّة بعض الأحاديث (9/ 1).‏
[22] - أسئلة وأجوبة مهمّة لعموم الأمّة (8 س4).‏
[23] - الحديقة اليانِعة مِن العلوم النّافِعة (2/ 652 - 656).
[24] - ألف فتوى وفتوى (ص24 رقم 133).‏
[25] - مكتبة الشّيخ عبد الرّحمن السّحيم (38/ 463 رقم 318).‏ ‏
[26] - رسالة في الردّ على شُبَهٍ تجري على ألسنة الكثير من النّاس (ص14 - 16)‏.
[27] - العِتاب لِمَن تكلّم بغير لغة الكتاب (ص 39 - 43). ‏
[28] - المرجع السّابق (ص 39 - 43)،وأحال إلى‏ السّلسبيل في معرفة الدّليل (3/ 883).‏
[29] - موقع عبد الرّحمن بن ناصر البراك‏/فتاوى الشّيخ/فتاوى الدّروس/تاريخ الإلقاء 21 ذو الحجّة 1431هـ‏ رقم:5542.‏
[30] - ‏(المجموعة الأولى 2/ 213 - 214 الفتوى رقم 585)‏.وفي فتاوى الشّبكة الإسلاميّة (3/ 1329 رقم 3777):(لم أعثُرْ عليه منسوباً للحديثِ فيما ‏يُعتمَد،ولكنّ معناه صحيحٌ)،وفي‏ ‏(3/ 2075 رقم 60573 **تَارِيخُ الفَتْوَى 24 من صفر ‏‏1426هـ):‏(*ليس له أصلٌ في كتبِ السُّنَّة المشهورة،وإن كان معناه ‏صحيحا).‏