يتقدم لي الخُطاب، ولا أعرف كيف أختار..
السؤال
السلام عليكم، لدي مشكلة تؤرقني كثيرا، فأنا فتاة يقال عني حسنة المظهر وعريقة الأصل، ويتقدم لي الخطاب بكثرة ولله الحمد، ولا أعرف أيهم أختار، ولا أعرف مقاييس الاختيار، كل ما أعرفه هو قبولي النفسي للخاطب.. أرشدوني بارك الله فيكم.
أجاب عنها: د. خالد رُوشه
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الابنة السائلة، حق لك ابتداء أن تحمدي الله على نعمته، وتستخدميها في طاعته.
والحق أن الله سبحانه كما أمرنا باختيار الزوجة الصالحة فقد أمرنا باختيار الزوج الصالح.
وبالفعل فالقبول النفسي والتلاؤم الطبعي أصل من أصول الاختيار، لكنه يسبقه أمور أخرى.
فهناك محددات مهمة فيما يتعلق بالخاطب المتقدم يجب علينا أن نكون ملمين بها، ويجب هنا أن يتعاون أفراد الأسرة جميعا لدراستها والتأكد منها، بل إن كلامي لأسرتك كما هو لك.
وأستطيع تحديد أهمها كما يلي:
أولا: الأصل في قبول المتقدمين أو رفضهم هو الديانة، فمن كان ديِّناً تقياً، فهو الأجدر بموافقتنا، وهو أول ما يجب علينا السؤال عنه والبحث عنه والاستقصاء حوله، وهو نص حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: الأخلاق هي الاعتبار الأهم في ذلك، وهي قرينة تطبيقية للتدين، لذلك قرنها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه بالتدين فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه".
ثالثا: تتمثل الأخلاق في عدة أمور من أظهرها المحافظة على شعائر الإسلام، وعدم المجاهرة بالآثام، ومعاملة الناس بالحسنى.
رابعا: السيرة الحسنة هي دليل معتبر على أخلاق المرء، فلكل امرئ رائحة تميزه في مجتمعه فمن رائحة عطرة مشتهرة ومن رائحة قاصرة ومن عديم الرائحة ومن رائحة خبيثة تزكم الأنوف.
خامسا: من أهم الدلالات على حسن الخلق صفة الكرم، فالجود والسخاء والعطاء لا يتواجدون عادة إلا عند أصحاب القلوب الكريمة، وأعني بذلك من كان ذلك فيه وصف دائم غير مؤقت، وطبيعي غير مفتعل، ومبدئي غير منتظر للتبادل ففي الحديث "ليس الواصل بالمكافئ" اخرجه مسلم
سادسا: للتنشئة الاجتماعية أثر كبير على شخصية المرء، فالناشئ في بيئة إيمانية خلوقة كريمة، تتصف بالعلم والفهم والكرامة والفضيلة هو المرشح أن ينتظر منه المكارم، (وإن كانت المكارم يمكن أن تنتظر من غيره في حين تغيب عن أمثاله) أيضاً، إلا أنه تبقى مظنتها غالبا.
سابعا: التكافؤ بين الزوجين محور هام للغاية يجب اعتباره، وأعني به التكافؤ في العلم والحالة والقدرة، وقد تسبب عدم التكافؤ في فساد كثير من الزيجات مع كل أسف.
ثامنا: عادة، لا يستطيع المرء إخفاء صفاته عمن حوله من مجتمعه، فسؤال المحيطين، والاستقصاء عنه في عمله وأصدقائه، وجيرانه، ومسجده، والبحث عن إنجازاته، قرائن صالحة لوضع أرضية جيدة للحكم عليه ومعرفته.
وفقكم الله لما فيه خير.