هل يثبت لله تعالى صفة الإزار والرداء؟
أثبت جمهور أهل السنة صفة (إزار العظمة) و(رداء الكبرياء).
فأثبتهما على ظاهرهما اللائق به سبحانه وتعالى:
1 - شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية.
2 - وأثبتهما الشيخ ابن عثيمين في أكثر من موضع خلافا لظاهر كلامه في شرح عقيدة أهل السنة والجماعة.
3 - وأثبتهما الشيخ البراك في فتاوى واستشارات الإسلام اليوم.
4 - والشيخ الراجحي في المختار في أصول السنة.
5 - والشيخ الإتيوبي في مشارق الأنوار الوهاجة.
5 - والدكتور علي الشبل في المخالفات العقدية لفتح الباري وقد قدم له الكتاب وقرظه المشايخ: ابن باز والفوزان وابن منيع والغنيمان وابن عقيل.
6 - وأثبتهما الغنيمان في شرح التوحيد.
7 - ووافقه علوي السقاف في كتابه الصفات الواردة في الكتاب والسنة.
بينما نفى أن يكون له إزار أو رداء كصفة:
1 - 5 - نفاهما أعضاء اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز وعضوية المشايخ: (عبد العزيز آل شيخ والغديان والفوزان وبكر أبو زيد).
6 - ولم يثبتهما الشيخ عبد المحسن العباد أكثر من مرة.
7 - ونفاهما الشيخ صالح آل شيخ فقال: الرداء والإزار: ما يكون ملابسا للموصوف لا ينفك عنه ويحجب صفته عن الرائي، فالإزار بالنسبة للإنسان يحجب الصفة يعني بعض الصفات التي فيه صفة رجليه وصفة ساقه وصفة حقويه إلى آخر ذلك وسوءته، والرداء أيضا يحجب بعض الصفات، فلا يتصور من مجيء الرداء والإزار لوازم ذلك من أن الإزار لا يكون إلا على حقوين وعلى جنب وأن الرداء كذلك لا يكون إلا على منكبين كما التزمه طائفة من غلاة الحنابلة فأثبتوا عددا من الصفات بمثل هذه اللوازم هذا باطل حتى من جهة اللغة. فالإزار والرداء هذان اسمان لما يحجب رؤية الرائي إلى صفات المرئي، لهذا هنا قال: (وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى وجه ربهم إلا رداء الكبرياء) فدل على أن الكبرياء هو الرداء، فالذي حجب رؤية الرائين إلى صفة الرب جل وعلا إلى وجهه الكريم هو الرداء، وكذلك العزة حجبت أن يرى صفة الرب جل وعلا. المقصود من ذلك أن هذا معنى قوله الرداء هنا وكذلك قوله (الرداء والإزار) في غيرها، وهذا موطن تحتاجه لأن كثيرا من الشراح لم يحسن هذا المقام.
8 - والشيخ محمد جميل زينو في مجموع رشائل التوجيهات.
قلت: وفي الحقيقة لا أدري ما هو قول الإمام ابن القيم وإن كان ظاهر كلامه عدم الإثبات حيث قال في الفوائد (ص: 182): (وَأما جمال الذَّات وَمَا هُوَ عَلَيْهِ فَأمر لَا يُدْرِكهُ سواهُ وَلَا يُعلمهُ غَيره وَلَيْسَ عِنْد المخلوقين مِنْهُ إِلَّا تعريفات تعرّف بهَا إِلَى من أكْرمه من عباده فَإِن ذَلِك الْجمال مصون عَن الأغيار مَحْجُوب بستر الرِّدَاء والإزار كَمَا قَالَ رَسُوله فِيمَا يحْكى عَنهُ الْكِبْرِيَاء رِدَائي وَالْعَظَمَة إزَارِي وَلما كَانَت الْكِبْرِيَاء أعظم وأوسع كَانَت أَحَق باسم الرِّدَاء).
قلت: والأرجح والأحوط هو إثبات الصفتين حقيقة على وجههما اللائق به سبحانه وتعالى لكن الذي يثبت -والله أعلم- هو صفة (رداء الكبرياء) و(إزار العظمة) وليس صفة (الإزار) مجردة أو صفة (الرداء) مجردة.
وأفضل من تكلم في المسألة بلا منازع هو شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية. حيث جعل من النص الذي هو أعلى من الظاهر منافيا للمعنى الفاسد فقال:وإذا كان هذا المعنى الفاسد ليس ظاهر الحديث بل نص الحديث الذي هو أبلغ من مجرد الظاهر ينافيه كان ما ذكره باطلاً.
وفيما يلي نقول عما سبق:
وأبدأ بمن أثبت هاتين الصفتين:
ففي بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (6/ 270)
فصل قال الرازي الوجه التاسع قال صلى الله عليه وسلم الكبرياء ردائي والعظمة إزاري والعاقل لا يثبت لله تعالى إزارًا ورداء فيقال هذا الحديث في الصحيح رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدًا منهما عذبته وقد ورد أيضًا سبحان من تقمص بالعز ولاق به وليس ظاهر هذا الحديث أن لله إزارًا ورداء من جنس الأزر والأردية التي يلبسها الناس مما يصنع من جلود الأنعام والثياب كالقطن والكتان بل الحديث نص في نفي هذا المعنى الفاسد فإنه لو قال عن بعض العباد إن العظمة إزاره والكبرياء رداؤه لكان إخباره بذلك عن العظمة والكبرياء اللذين ليسا من جنس ما على ظهور الأنعام ولا من جنس الثياب ما يبين ويظهر أنه ليس المعنى أن العظمة والكبرياء هما إزار ورداء بهذا المعنى فإذا كان المعنى الفاسد لا يظهر من وصف المخلوق بذلك لأن تركيب اللفظ يمنع ذلك ويبين المعنى الحق فكيف يدعي أن هذا المعنى ظاهر اللفظ في حق الله تعالى الذي يعلم كل مخاطب أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبر عنه بلبس الأكسية وثياب القطن والكتان التي يحتاج إليها لدفع الحر وابرد وستر العورة وهذا أقبح ممن يزعم أن قوله إن خالدًا سيق من سيوف الله سلَّه الله على المشركين أن ظاهره أن خالدًا من حديد وأقبح ممن يزعم أن قوله عن الفرس إن وجدناه لبحرًا ظاهره أن الفرس ماء كثير ونظائر هذا كثيرة وإذا كان هذا المعنى الفاسد ليس ظاهر الحديث بل نص الحديث الذي هو أبلغ من مجرد الظاهر ينافيه كان ما ذكره باطلاً يبقى أن يقال فالتعبير عن هاتين الصفتين بإضافة الرداء والإزار إليه فهذا لا يحتاج إليه في رد ما قال لكن فيه زيادة الفائدة وقد قال الخطابي وغيره إن المعنى أني مختص بهاتين الصفتين كاختصاص المؤتزر المرتدي بإزاره وردائه فلا يصلح أن أنازع فيهما وهذا كلام مجمل وبسط ذلك يحتاج إلى أن يعرف أن جنس اللباس في كل ما يضاف بحبسه فبنو آدم يذكر لهم اللباس الذي على أبدانهم الذي يقيهم الحر والبرد والسلاح ويستر عوراتهم وهو المذكور في قوله تعالى قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ [الأعراف 26] ثم الصفات التي تقوم بالإنسان التي هي لباس له بها يكون من المتقين كما قال وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف 26] وليس قوله وَلِبَاسُ التَّقْوَى مما يقال فيه أنه خلاف الظاهر فيحتاج إلى تأويل فإنه لم يجرد لفظ اللباس بل أضافه إلى التقوى وهذا قد يعم اللباس الظاهر الذي يتقى به والأخلاق والأعمال الصالحة ولهذا تجعل هذه الصفات ظرفًا للموصوف كما قد يجعل هو محلا لها فيقال فلان في علمه وحكمه وصدقه وعدله من خيار الناس ولباس الإنسان منه ما لا يصلح مشاركة غيره فيه كالإزار والرداء والسراويل ونحو ذلك بل مشاركة الإنسان فيه يوجب له من النقص والضرر ما يدعوه على أن يمنع طالب الشركة في ذلك والكبرياء والعظمة لا تصلح إلا لله رب العالمين الرب الخالق الباري الغني الصمد القيوم دون العبد المخلوق الفقير المحتاج والكبرياء فوق العظمة كما جعل ذلك رداء وهذا إزارًا ولهذا كان المشروع في العبادات الله أكبر دون الله أعظم وذلك في الصلاة والأذان والأعياد والمناسك وعلى الأشراف حتى لو قال المؤذن الله أعظم أو الله الكبير أو الله الأكبر لكان قد بدل شريعة الإسلام عند جميع المسلمين وكان ذلك مما ينكره المسلمون كلهم وكذلك إمام الصلاة لو جعل يقول الله أعظم بدل الله أكبر أو قال الله الكبير أو قال الله الأكبر لكان المسلمون يتبادرون إلى إنكار ذلك ومن جوز من الفقهاء ذلك فهو قول يقوله فلو ظهر ذلك إلى العمل وشاع بين المسلمين كان هو من أعظم الناس إنكارًا لذلك لكن بين تقدير العمل وبين وقوعه في الخارج فروق عظيمة وهما مع أنهما لا يصلحان إلا لله فيمتنع وجود ذاته بدونهما بحيث لو قدر عدم ذلك للزم تقدير المحذور الممتنع من النقص والعيب في ذات الله فكان وجودهما من لوازم ذاته وكمالها التي لا ينبغي أن تعرى الذات وتجرد عنها كما أن العبد لو تجرد عن اللباس لحصل له من النقص والعيب بحسب حاله ما يوجب أن يحصل له لباسًا وأيضًا فاللباس يحجب الغير عن المشاهدة لبواطن اللابس وملامستها وكبرياء الله وعظمته تمنع العباد من إدراك البصر له ونحو ذلك كما في الحديث الصحيح الذي في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال جنات الفردوس أربع ثنتان من ذهب آنيتهما وحليتهما وما فيهما وثنتان من فضة آنيتهما وحليتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلاَّ رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن فهذا الرداء الحاجب الذي قد يكشفه لهم فينظرون إليه سماه رداء الكبرياء فكيف ما يمنع من إدراكه وإحاطته أليس هو أحق بأن يكون من صفة الكبرياء
قلت وائل: فهذا إثبات لصفة (رداء الكبرياء) و(إزار العزة). وما يأتي من كلام لشيخ الإسلام لا ينافيه.
ففي مجموع الفتاوى (10/ 253)
فَجَعَلَ الْعَظَمَةَ كَالْإِزَارِ وَالْكِبْرِيَاء َ كَالرِّدَاءِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرِّدَاءَ أَشْرَفُ
وفي مجموع الفتاوى (16/ 112)
وَلِهَذَا {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى: الْعَظَمَةُ إزَارِي وَالْكِبْرِيَاء ُ رِدَائِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا عَذَّبْته} . فَجَعَلَ الْكِبْرِيَاءَ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَاءِ وَهُوَ أَعْلَى مِنْ الْإِزَارِ.
وفي العبودية (ص: 99)
فالعظمة والكبرياء من خَصَائِص الربوبية والكبرياء أَعلَى من العظمة وَلِهَذَا جعلهَا بِمَنْزِلَة الرِّدَاء كَمَا جعل العظمة بِمَنْزِلَة الْإِزَار.
وفي شرح رياض الصالحين للعثيمين (3/ 553)
فالله تعالى يقول: ((العز إزاري والكبرياء ردائي)) وهذا من الأحاديث التي تمر كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتعرض لمعناها بتحريف أو تكييف، وإنما يُقال هكذا قال الله تعالى فيما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فمن نازع الله في عزته وأراد أن يتخذ سلطاناً كسلطان الله، أو نازع الله في كبريائه وتكبر على عباد الله، فإن الله يعذبه، يعذبه على ما صنع ونازع الله تعالى فيما يختص به.
وفي لقاء الباب المفتوح للشيخ العثيمين (52/ 18، بترقيم الشاملة آليا)
معنى حديث: (الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري)
السؤال
ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله عن الله عز وجل: (الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري) هل هذا من أحاديث الصفات؟
الجواب
نعم.
هذا الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم هو حديث صحيح نأخذه بظاهره، ولكننا لا نتعرض لكيفيته كسائر الصفات؛ لأن كل ما ورد من صفات الله عز وجل فالواجب على المسلم قبوله واعتقاده، لكن دون تكييف أو تمثيل، فهل نعتقد أن هذا الإزار وهذا الرداء كأرديتنا وأزرنا؟ لا؛ أبداً.
يقيناً أنه ليس كذلك، لأن الله تعالى يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11].
لكت ما في شرح عقيدة أهل السنة والجماعة يوهم ظاهره نفي الصفتين حيث سئل الشيخ العثيمين:
س/ بعض أهل العلم أثبت لله عزوجل الإزار والرداء فهل هذا يصح؟
فأجاب: [هذا جاء في الحديث العظمة والكبرياء، فتقول كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فقط، ولا نقول إن الله عز وجل يلبس إزارا من قطن أو من صوف أو من حرير، نقول العظمة والكبرياء فقط، ومن المعلوم أنهما معنويان وليس بحسيين، ولكن هذا بمنزلة الإزار وهذا بمنزلة الرداء]. الشيخ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -" شرح عقيدة أهل السنة والجماعة"
قلت: وهذا الجواب من الشيخ في شرح عقيدة أهل النسة والجماعة نقلا عن ملتقى أهل الحديث.
وفي شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (2/ 162)
وفي الحديث: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)) (1). فلا يجوز أن يكون رداء الكبرياء إلا وصفاً لله - تعالى - فبطل قولهم: ((إن المقصود من رداء الكبرياء: زوال الموانع)).
الوجه الثالث: أنه أضاف رداء الكبرياء إلى وجه الله الكريم حجاباً له.
فقال: ((إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن))، فلا يجوز أن يكون رداء الكبرياء ما في أعين العباد من المانع الذي منعهم من رؤية الله كما يقوله هؤلاء، وقيد ذلك في جنة عدن.
وعلى مقتضى قولهم أنه لو زال المانع عن أعين العباد لرأوه في الدنيا.
الوجه الرابع: أنه ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله - تعالى -: ((الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار)) (2).
ورواه مسلم، ولفظه: ((العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني عذبته)) (3).
ورواه ابن ماجه، ولفظه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يقول الله سبحانه: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، من نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم)) (4).
ووصف الله - تعالى - بأن العظمة إزاره، والكبرياء رداؤه، كسائر صفاته، تثبت على ما يليق به، ويجب أن يؤمن بها على ما أفاده النص دون تحريف ولا تعطيل.
وفي صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي السقاف (ص:287):
2 - حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: ((العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني؛ عذبته)). رواه مسلم (2620)، وأبو داود بلفظ: ((الكبرياء ردائي، والعَظَمَة إزاري ... )).
قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 18): ((وكبرياء الله: شرفه، وهو من (تكبَّر): إذا أعلى نفسه)) اهـ.
وقال قوَّام السُّنَّة في ((الحجة)) (2/ 186): ((أثبت الله العِزَّة والعَظَمَة والقدرة والكِبر والقوة لنفسه في كتابه)).
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2: 161): ((((وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)): ومن المعلوم أن الكبرياء من صفات الله تعالى، ولا يجوز للعباد أن يتصفوا بها؛ فقد توعد الله المتكبر بجهنم؛ كما قال تعالى: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِي نَ})).
ثم قال: ((ووصف الله تعالى بأن العَظَمَة إزاره والكبرياء رداؤه؛ كسائر صفاته؛ تثبت على ما يليق به، ويجب أن يؤمن بها على ما أفاده النص؛ دون تحريف ولا تعطيل)).
وفي التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري علي بن عبد العزيز بن علي الشبل تقريظ لكبار العلماء عبد العزيز بن باز وصالح الفوزان وعبد الله بن عقيل وعبد الله بن منيع وعبد الله الغنيمان وهو إكمال لما بدأه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على الفتح بإشارته ومتابعته ومراجعته وقراءته
ففي التنبيه على المخالفات العقدية في الفتح لعلي الشبل (ص: 76)
قال الحافظ 13/422: "وقال القرطبي في المفهم: الرداء استعارة كنى بها عن العظمة، كما في الحديث الآخر "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري". وليس المراد الثياب المحسوسة، لكن المناسبة أن الرداء والإزار لما كانا متلازمين للمخاطب من العرب عبّر عن العظمة والكبرياء بهما . . .
قوله: (في جنة عدن) قال ابن بطال: لا تعلق للمجسمة في إثبات المكان، لما ثبت من استحالة أن يكون سبحانه جسماً أو حالاً في مكان، فيكون تأويل الرداء: الآفة الموجودة لأبصارهم المانعة لهم من رؤيته، وإزالتها فعل من أفعال يفعله في محل رؤيتهم، فلا يرونه مادام ذلك المانع موجوداً"اهـ.
ت: ادعاء القرطبي أن الرداء استعارة باطل، وكذا تأويل ابن بطال للرداء، فيه نفي لألفاظ لم يرد النص الشريف بنفيها عن الله كالجسم والمكان. وهذه الألفاظ مجملة تحوي حقاً وباطلاً، ولا يصح نفي المجمل حتى يُستفصل عن المراد بها ليتبين الحق من الباطل، ومضى للاستفصال فيها وفي أمثالها مواضع سابقة عديدة.
والواجب إثبات رداء الكبرياء وإزار العظمة على حقيقته اللائقة بالله عظمة وجلالاً وتنزيهاً من غير تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف، وهذه قاعدة مسددة ومطردة في باب الأسماء والصفات، من التزمها وفق لحقيقة الإيمان بهذا التوحيد، والله أعلم.
وفي المختار في أصول السنة لابن البنا شرح: عبد العزيز الراجحي (1/ 471)
أحسن الله إليكم يقول: هل نثبت لله الرداء والإزار كما في قوله: " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري " ؟
نعم. صفتان من صفات الله كما يليق بجلاله وعظمته " العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدة عذبته " الكبرياء صفة لله, والعظمة صفة لله, والإزار صفة لله, والرداء صفة لله, كما يليق بجلاله وعظمته, وكما بين شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا هذا الحديث, وأن الإزار والرداء وصفان يليق بالله؛ لا يشابه المخلوقين سبحانه وتعالى في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله
وفي المختار في أصول السنة شرح عبد العزيز الراجحي (1/ 405)
ثم ذكر حديث أبي موسى الأشعري قال: " جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه - عز وجل - " فيه إثبات الكبر لله - عز وجل - وإثبات الرداء، هذا كله من الصفات، صفات الله الرداء والكبر، وفيه إثبات الرؤية، وأن المؤمنين يرونه، " وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم " إثبات الرؤية لله - عز وجل - .
وفي فتاوى واستشارات الإسلام اليوم (2/ 215، بترقيم الشاملة آليا)
"الكبرياء ردائي"
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات
التاريخ 10/1/1425هـ
السؤال
في الحديث يقول الله تعالى: "العز إزاري"، فهل هناك رداء حقيقة؟.
الجواب
الحمد لله، ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أن الله يقول: "العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحداً منهما عذبته" أبو داود (4090) ، وابن ماجة (4174) ، وأحمد (8677) ، وصححه الألباني، فيجب الإيمان بذلك وإثبات العظمة والكبرياء لله، فالكبرياء والعظمة صفتان من صفاته - سبحانه وتعالى- فهو العظيم، وهو العزيز الجبار المتكبر، وله الكبرياء في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم، ولا يلزم من إطلاق لفظ الإزار والرداء أن تكون العظمة والكبرياء شيئين منفصلين عن الله سبحانه وتعالى، ونقول آمنا بالله وما جاء عن الله على مراد الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. والله أعلم.
وفي مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه لللإتيوبي (4/ 70)
وقال القرطبي في "المفهم": الرداء استعارة كَنَى بها عن العظمة، كما في الحديث الآخر. "الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري"، وليس المراد الثِّياب المحسوسة، لكن المناسبة أن الرداء والإزار لما كانا متلازمين للمخاطب من العرب، عَبّر عن العظمة والكبرياء بهما. ومعنى حديث الباب أن مقتضى عزة الله واستغنائه أن لا يراه أحد لكن رحمته للمؤمنين اقتضت أن يريهم وجهه كمالا للنعمة فإذا زال المانع فعل معهم خلاف مقتضى الكبرياء فكأنه رفع عنهم حجابا كان يمنعهم.
قال الجامع عفا الله عنه: دعوى القرطبي الاستعارة غير صحيحة، بل الحديث لا مجاز فيه، بل هو على حقيقته، على ما يليق بجلال الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وقد سبق تحقيق هذا غير مرّة، والله تعالى وليّ التوفيق.
قلت وائل: بينما نفى هاتين الصفتين أو لم يثبتهما من يلي:
ففي فتاوى اللجنة الدائمة - 2 (2/ 399)
السؤال الثالث من الفتوى رقم (19346)
س 3: حديث أبي هريرة مرفوعا عند مسلم: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار». فكيف ينبغي أن نفهم هذا الحديث، وهل يجوز إضافة (الإزار) و (الرداء) إلى الله مطلقا، وهل يلزم الصيرورة إلى التأويل فيه؟
ج 3: قال الخطابي - رحمه الله تعالى- في شرحه لـ (سنن أبي داود): معنى الحديث: أن الكبرياء والعظمة صفتان لله سبحانه، اختص بهما لا يشركه أحد فيهما، ولا ينبغي لمخلوق أن يتعاطاهما؛ لأن صفة المخلوق التواضع والتذلل، وضرب الرداء والإزار مثلا في ذلك. يقول- والله أعلم- كما لا يشرك الإنسان في ردائه وإزاره أحد، فكذلك لا يشركني في الكبرياء والعظمة مخلوق. والله أعلم. انتهى كلامه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وفي شرح سنن أبي داود للعباد (84/ 23، بترقيم الشاملة آليا)
اختصاص الله بالكبرياء والعظمة
السؤال
جاء في الحديث القدسي: (العظمة إزاري والكبرياء ردائي) هل يستدل بهذا على إثبات صفة الإزار والرداء؟
الجواب
لا، هذا لا يثبت منه صفه الإزار ولا الرداء، وإنما هذا فيه بيان اختصاص الله عز وجل واتصافه بهما، يعني: مثلما أن الإنسان يستعمل الإزار والرداء، فالله عز وجل موصوف بالكبرياء والعظمة وهما إزاره ورداؤه، لكن لا يقال: إن من صفات الله الإزار أو الرداء، وإنما يقال: العظمة والكبرياء إزاره ورداؤه، وهذا من جنس قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الأنصار (الأنصار شعار، والناس دثار)، معناه: قربهم منه، والتصاقهم به كالتصاق الشعار بالإنسان، والناس الذين وراءهم مثل الثوب، فالمقصود من ذلك التشبيه، وليس المقصود من ذلك أن الله عز وجل له إزار ورداء، وأن من صفاته الإزار والرداء، وإنما اختص الله عز وجل بالعظمة والكبرياء، وأنه اتصف بهما، وأنه لا يشاركه فيهما أحد، فهذا هو الذي يوصف الله تعالى به، ولكن لا يجوز أن يقال: إن الله عز وجل من صفاته الإزار، ومن صفاته الرداء، ويوضح ذلك حديث: (الأنصار شعار، والناس دثار) ومعلوم أن الأنصار ليسوا شعاراً، وإنما هذا تشبيه لقربهم منه، والتصاقهم به، كما يحصل من الشعار الملاصق بالجسد، فالأنصار مثل الشعار، وغيرهم كالدثار، وهو الذي وراء الشعار.
وفي شرح سنن أبي داود للعباد (459/ 3، بترقيم الشاملة آليا)
فأورد أبو داود هذه الترجمة، وهي عن الكبر وبيان ما ورد فيه من الوعيد، ومن التخويف والزجر والردع لمتعاطيه.
أورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً وهو حديث قدسي: (قال الله عز وجل: العظمة إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني في شيء منهما قذفته في النار).
قوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (العظمة إزاري والكبرياء ردائي) يعني: أن هذه من الخصائص التي يختص بها سبحانه وتعالى، وهي ملازمة لله، وليس لغيره أن يبحث عنها وأن يتطلبها؛ لأن هذه من خصائص الله عز وجل.
وقوله: (إزاري وردائي) الشاهد من الحديث أن الله تعالى مختص بها وأنه لا ينازعه أحد فيها، كما أن من يكون له إزار ورداء من الخلق فإن ذلك الإزار والرداء مختص به ليس لأحد غيره مشاركته فيه.
ومن صفات الله عز وجل (صفة العظمة) و (صفة الكبرياء)، وذكر الإزار والرداء إشارة إلى الاختصاص، وإلى عدم الأحقية في المنازعة فيها، فلا يقال: إن لله إزاراً.
ويُسْكَت عن التفصيل، وإنما يقال: إن لله الكبرياء وله العظمة، وأن الله عز وجل بين أنه مختص بها كما أن من يكون من الناس عليه إزار ورداء فإن إزاره ورداءه مختصان به، فدل هذا على أن ذلك من خصائص الله سبحانه وتعالى، وأن ليس لأحد أن يتعاطى ذلك أو يتطلب ذلك أو يبحث عن ذلك أو يؤمل أن يحصل له ذلك؛ لأن هذا خصائص الله سبحانه وتعالى.
وهذا اللفظ الذي جاء في هذا الحديث من جنس اللفظ الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأنصار في غزوة حنين لما وجدوا في أنفسهم أنهم لا يحصل لهم ما حصل للناس، فجمعهم في مكان وتحدث معهم، وقال: بلغني أنكم وجدتم في أنفسكم، إذ لم يحصل لكم ما حصل للناس، قالوا: نعم، يا رسول الله! قال: (أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ ثم قال: الأنصار شعار، والناس دثار) يعني: الأنصار بمنزلة الشعار، وهو ما يلي الجسد من الثياب، لقربهم منه ولاتصالهم به، (والناس دثار) يعني: مثل الثوب الذي بعد الشعار وليس ملاصقاً للجسد، فهذا بيان للقرب والاختصاص به، وأن لهم الصلة الوثيقة بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا الذي في الحديث فيه اختصاص الله عز وجل بالكبرياء، وأنه ليس لأحد أن ينازعه فيها سبحانه وتعالى، فهو الكبير المتعالي ذو الجلال والإكرام والعظمة والكبرياء، والعظمة لا تكون إلا لله سبحانه وتعالى.
وفي شرح سنن أبي داود للعباد (459/ 5، بترقيم الشاملة آليا)
حكم القول بأن لله إزاراً ورداء دون تفصيل
في ذكر الإزار والرداء لله سبحانه وتعالى فنقول كما قال الله عز وجل: (العظمة إزاري والكبرياء ردائي) لكن كوننا نقول: (له إزار) أو (له رداء) ونطلق قد يقطع الكلام ولا يتصل بشيء فيكون شيئاً خطيراً غير لائق بالله سبحانه وتعالى.
وفي شرح عدة متون في العقيدة (شرح أصول الإيمان لصالح آل الشيخ) (16/ 28)
والرداء والإزار الذي جاء في الحديث الذي رواه مسلم : ( الكبرياء ردائي والعزة إزاري من نازعني واحداً منهما عذبته ) - الرداء والإزار : ما يكون ملابساً للموصوف لا ينفك عنه ويحجب صفته عن الرائي ، فالإزار بالنسبة للإنسان يحجب الصفة يعني بعض الصفات ، والرداء أيضاً يحجب بعض الصفات فلا يتصور من مجي الرداء والإزار لوازم ذلك من أن الإزار لا يكون إلا على حقوين وعلى جنب وأن الرداء كذلك لا يكون إلا على منكبين كما التزمه طائفة من غلاة الحنابلة فأثبتوا عدداً من الصفات بهذه اللوازم هذا باطل حتى من جهة اللغة . فالإزار والرداء هذان اسمان لما يحجب رؤية الرائي إلى صفات المرئي ولهذا هنا قال : ( وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى وجه ربهم إلا رداء الكبرياء ) فدل على أن الكبرياء هو الرداء ، فالذي حجب رؤية الرائين إلى صفة الرب جل وعلا إلى وجهه الكريم هو الرداء ، وكذلك العزة حجبت أن يُرى صفة الرب جل وعلا .
المقصود من ذلك أن هذا هو معنى قوله الرداء هنا وكذلك قوله ( الرداء والإزار ) في غيرها ، وهذا موطن تحتاجه لأن كثيراً من الشراح لم يحسن هذا المقام .
وفي مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع لمحمد جميل زينو (1/ 342)
3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: "العزّ إزاري، والكِبرياء ردائي، فمن نازعني شيئاً منهما عذبته". [رواه مسلم]
(إزاري وردائي): شبه العزَّ والكبرياء بالإِزار والرداء، لأن المتصف بهما يشملانه، كما يشمل الإِنسان الإِزار والرداء وأنه لا يشاركه في إِزاره وردائه، فلا ينبغي أن يشركه فيهما أحد، فضربه مثلاً لذلك، ولله المثل الأعلى [ذكره ابن الأثير في جامع الأصول]