عامة العلماء يفسرون (وليال عشر) بأنه عشر ذي حجة وهو الراجح. لحديث: مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ.
والأيام في لغة العرب تشمل الليالي.
وهناك من قال العشر الأواخر من رمضان وهو قول له وجه سائغ لأن ليلة القدر أفضل أيام العام لكن من قال به أقل كثيرا من الوجه الأول.
وهناك من قال العشر الأوائل من رمضان وهو قول ضعيف.
وهناك من قال عشر موسى عليه السلام التي أتمها الله تعالى له
وهناك من قال العشر الأول من محرم وهو قول ضعيف.


وممن قال بأن المراد عشر ذي الحجة:
ثبت عن أبي الزبير عن جابر موقوفا وهو وإن عنعن لكنه موقوف ويصعب أن يدلس في الموقوفات على جابر فهو معروف به
وثبت عن ابن عباس في شعب الإيمان أنه قال: العشر التي أقسم الله بهن ليالي عشر ذي الحجة، و الشفع يوم الذبح، و الوتر يوم عرفة. وقال: (والفجر) قال: فجر النهار (وليال عشر) قال: عشر في الأضحى.
وصح عن مجاهد كما في الصحيح المسبور (4/ 627): (أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (وليال عشر) قال: عشر ذي الحجة).
وصح عن قتادة كما في تفسير عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال قتادة: هي العشر الأول من ذي الحجة أتمها الله لموسى
ونسبه قتادة إلى من بعده فصح عن قتادة: كنا نحدث أنها عشر الأضحى (كما في فضل عشر ذي الحجة للطبراني انظر تحقيقه لعمار بن سعيد تمالت الجزائري)
ونسب إلى ابن الزبير رضي الله عنه ولم يصح وانظر شعب الإيمان للبيهقي.
ونسب الطبري الإجماع على هذا القول فقال في تفسير الطبري ط هجر (24/ 348): وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: أَنَّهَا عَشْرُ الْأَضْحَى، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَيْهِ
ونسبه القرطبي إلى السدي والكلبي
وصح عن ابن زيد كما في الطبري فهو عن يونس أي ابن عبد الأعلى عن شيخه عبد الله بن وهب عن شيخه ابن زيد لكن صح عنه أيضا القول الآخر بأنه العشر الأول من محرم كما سيأتي
ونسبه ابن الجوزي في زاد المسير أيضا إلى الضحاك ومقاتل
وهو قول البيهقي.
وابن أبي زمنين في تفسيره
وابن تيمية فقد قال في شرح العمدة كتاب الحج (1/ 380): (وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ: اسْمٌ لِمَجْمُوعِ اللَّيَالِي وَأَيَّامِهَا، فَإِنَّ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: («مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ») وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2] وَيَوْمُ النَّحْرِ دَاخِلٌ فِيهَا، وَقَالَ تَعَالَى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَ ا بِعَشْرٍ} [الأعراف: 142] وَيَوْمُ النَّحْرِ هُوَ آخِرُ الْأَرْبَعِينَ).
وابن القيم في الزاد (1/ 56) فقد قال: وَهِيَ الْأَيَّامُ الْعَشْرُ الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: {وَالْفَجْرِ - وَلَيَالٍ عَشْرٍ}
ورجحه ابن كثير في تفسيره
لكن اختار ابن تيمية وابن القيم ولعله مال إليه ابن كثير أن العشر من ذي الحجة أيامها أفضل ورمضان لياليها أفضل ورد ابن رجب في لطائف المعارف على هذا القول وقال كذلك لياليها الفضل
وأيضا ممن اختار أن الليالي العشر هي عشر ذي الحجة: ابن رجب في لطائف المعارف.
ونسبه الشوكاني إلى جمهور المفسرين
ونسبه صديق خان إلى جمهور المفسرين
والقسطلاني ونقل كلام ابن رجب في تفضيل الأيام والليالي على عشر رمضان
والصنعاني
وصاحب مواهب الجليل
والمواردي في الحاوي ونسبه إلى أهل العلم
والدمياطي في إعانة الطالبين
وتفسير الجلالين
ومكي بن ابي طالب ونسبه إلى أكثر المفسرين
والزجاج
ومجير الدين العلمي في فتح الرحمن
وهو اختيار الفراء كما نقل الواحدي
وسهل التستري في تفسيره
ونجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن
وابن الجوزي في تذكرة الأريب
وهو قول الكوراني في غاية الأماني
والفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز
وزكريا الأنصاري في فتح الرحمن
والزمخشري
وصالح الفوزان
والراجحي في فتاوى منوعة وشرح تفسير ابن كثير واختار قول ابن تيمية أن ليالي رمضان أفضل
وعطية سالم في شرح الأربعين
وابو بكر الجزائري في تفسيره
وعبد الله بن زيد آل محمود
وابن عاشور في التحرير والتنوير
والشبكة الإسلامية
وموقع الإسلام سؤال وجواب
وحسام الدين عفانة
وعطية صقر
وعبد الله السعد وقال ثبت عن ابن عباس وعكرمة وجاء عن ابن الزبير ومسروق ومجاهد والضحاك وهو قول الأكثر وصح عن مسروق أن الليالي العشر أفضل أيام السنة
وعبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن بن قاسم في تفسير جزء عم
وفيصل الحريملي في توفيق الرحمن
وسعيد بن وهف القحطاني
ومساعد الطيار
والخضيري في السراج في غريب القرآن
والتفسير الوسيط لمجمع البحوث


قلت: وهناك من قال: بل معنى (وليال عشر) العشر الأوخر من رمضان وممن قال بذلك: نسب إلى ابن عباس رضي الله عنه ورجحه الشيخ العثيمين.


وهناك من قال العشر الأوائل من رمضان: وهو مروي عن ابن عباس، كما حكاه ابن كثير
وحكاه الثعلبي عن الضحاك
ونسب إلى ابن جريج كما في روح المعاني


وقيل هو العشر الأول من محرم:
حكاه ابن جرير عن ابن زيد فقال (حدثني يونس أنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله تعالى: (وليال عشر) قال: أول ذي الحجة, وقال: هي عشر المحرم من أوله) وسنده صحيح عن ابن زيد فيونس بن عبد الأعلى وابن وهب هو عبد الله بن وهب وهو تلميذ لابن زيد فابن زيد صح عنه القولان أنه أول ذي الحجة وأنه أول محرم
وهو قول يمان بن رباب، وقد حكاه عنه الثعلبي في تفسيره


وهناك من قال هي العشر التي أتمها الله لموسى وممن قال بذلك: قتادة
ونسب إلى مجاهد
ففي تفسير عبد الرزاق 3589 - عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2] قَالَ: «هِيَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَتَمَّهَا اللَّهُ لِمُوسَى» وهو سند صحيح
وفي تفسير عبد الرزاق3591 - عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2] , قَالَ: «هِيَ الْعَشْرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ , الَّتِي أَتَمَّهَا اللَّهُ لِمُوسَى» وفيه يزيد بن أبي زياد ضعيف
لكن قال عبد الله السعد: هذا الإسناد فيه ضعف من أجل يزيد بن أبي زياد, فإنه لا يحتج به, ولكن يتسامح في مثل هذا
وابن تيمية قد قال في شرح العمدة كتاب الحج (1/ 380): (وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ: اسْمٌ لِمَجْمُوعِ اللَّيَالِي وَأَيَّامِهَا، فَإِنَّ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: («مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ») وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2] وَيَوْمُ النَّحْرِ دَاخِلٌ فِيهَا، وَقَالَ تَعَالَى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَ ا بِعَشْرٍ} [الأعراف: 142] وَيَوْمُ النَّحْرِ هُوَ آخِرُ الْأَرْبَعِينَ).


قلت: وعلى كل حال قول قتادة وما نسب إلى مجاهد وقول شيخ الإسلام لا يخالف قول الجمهور في أن الليالي العشر هي عشر ذي الحجة


والصحيح أن تفسير (وليال عشر) أي عشر ذي الحجة وأقسم بليالي عشر ذي الحجة فالمقصود ما من أيام أي الأيام بلياليها. وهذا هو الذي ثبت عن الصحابة وجمهور التابعين وعامة العلماء.
أما كون ليلة القدر من ضمن العشر الأواخر فنقول: وليلة النحر وليلة عرفة من ضمن عشر ذي الحجة
فكون ليلة القدر خير من الف شهر فهي افضل ليالي العام بلا شك وأنزل فيها القرآن ولها سورة باسمها هي سورة القدر وهي خير من ألف شهر والاعتكاف وإحياء الليل من أجل ليلة القدر ومن قامها احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
لكن كون ليلة القدر أفضل ليلة في العام لا يعني أن بقية ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة لأن الأيام العشر بلياليها أفضل أيام العام بلياليها ما عدا ليلة القدر
وقال ابن رجب في لطائف المعارف ص267: (والتحقيق ما قاله بعض أعيان المتأخرين من العلماء أن يقال مجموع هذا العشر أفضل من مجموع عشر رمضان وإن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها والله أعلم).


قلت: أو يقال: كلها افضل من العشر الأواخر من رمضان وتخصص ليلة القدر فهي أفضل ليال العام وقد تكون أفضل من مجموع العشر وقد لا تكون كذلك فالله أعلم