تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: إضاءات حول أثر البراءة من الكافرين والولاء للمؤمنين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي إضاءات حول أثر البراءة من الكافرين والولاء للمؤمنين

    البراءة من الكافرين توجب بغضاً وعداوة والموالاة للمؤمنين توجب المحبة

    موالاة الله توجب حُبَّ ما جاء به النبيُ صلى الله عليه وسلم من الدِّين الحقِّ، وحبَّ المؤمنين به، وإظهارَ ذلك
    . وضده بضده؛
    فالبراءة من الشرك والكفر بالطواغيت يوجب البراءة من الكفر وأهله وبغضهم ومعاداتهم.
    قال الله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ }
    قال الشيخ سليمان ابن سحمان
    أتُـحِبُّ أعدَاءَ الحَبِيب وَتَدَّعِـي حُبــــّاً لَــــهُ مَــا ذَاكَ فِي إمـــــكَانِ وَكَذَا تُعَادِي جَــاهِـــداً أحــبَابَـهُ أينَ المَحَــــبَّةُ يَا أخَا الشَّيطَانِ

    إن المؤمنين أولياء الله، وبعضهم أولياء بعض، والكفار أعداء الله، وأعداء المؤمنين، وقد أوجب الله الموالاة بين المؤمنين، وبيَّن أن ذلك من لوازم الإيمان، ونهى عن موالاة الكفار، وبيَّن أن ذلك منتفٍ في حق المؤمنين، وبيَّن حال المنافقين في موالاة الكافرين؛ فأما موالاة المؤمنين فدلائلها كثيرة كقوله: {إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 55) وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: ٥٥ - 56]، وقوله: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72]، إلى قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ} [الأنفال: 75]»«فيجب على المسلمين بعد موالاة الله ورسوله موالاة المؤمنين كما نطق به القرآن»

    وفي مقابل ما سبق «قد دل الكتاب والسنة وإجماع المسلمين على أنه يجب على المسلمين أن يعادوا الكافرين من اليهود والنصارى وسائر المشركين، وأن يحذروا مودتهم واتخاذهم أولياء، كما أخبر الله سبحانه في كتابه المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد؛ بأن اليهود والمشركين هم أشد الناس عداوة للمؤمنين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إلَيْهِم بِالْـمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْـحَقِّ} [الممتحنة: ١]، إلى قوله سبحانه: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: ٤].. والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل دلالة صريحة على وجوب بغض الكفار من اليهود والنصارى وسائر المشركين وعلى وجوب معاداتهم حتى يؤمنوا بالله وحده

    قال شيخ الإسلام: «أمرنَا الله أَن نتأسى بإبراهيم وَالَّذين مَعَه إِذْ تبرءوا من الْمُشْركين وَمِمَّا يعبدونه من دون الله، وَقَالَ الْخَلِيل: {إنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ 26 إلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف: 26 - 27]، والبراءة ضد الْولَايَة، وأصل الْبَرَاءَة البغض، وأصل الْولَايَة الْحبّ، وَهَذَا لِأَن حَقِيقَة التَّوْحِيد أَلّا تحب إِلَّا الله وتحب مَا يُحِبهُ الله لله فَلَا تحب إِلَّا لله وَلَا تبغض إِلَّا لله»انتهى
    و«التأسي هنا في ثلاثة أمور: أولاً: التبرؤ منهم ومما يعبدون من دون الله. ثانياً: الكفر بهم. ثالثاً: إبداء العداوة والبغضاء وإعلانها وإظهارها أبداً إلى الغاية المذكورة حتى يؤمنوا بالله وحده، وهذا غاية في القطيعة بينهم وبين قومهم، وزيادة عليها إبداء العداوة والبغضاء أبداً، والسبب في ذلك هو الكفر، فإذا آمنوا بالله وحده انتفى كل ذلك بينهم».
    وكما أن البراءة من الكافرين توجب بغض الكفر وأهله وإبداء ذلك بحسب القدرة والإمكان، فلا بد في ولاء المؤمنين من حب ما هم عليه من الإيمان، وحبهم لذلك، وإبداء ذلك، ومن ذلك ما أوجبه الله للمؤمن من الحقوق

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: إضاءات حول أثر البراءة من الكافرين

    مكانة البراءة من الكافرين عند المؤمنين:
    إن الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، كما جاءت بذلك الآثار
    ؛ فإذا انتقضت تلك العروة فلا تسل عن محل الإيمان من أهل الزمان.
    وما أجمل ما سطره سطرها أبو الوفاء بن عقيل قائلاً:
    إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان
    فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع،
    ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك!
    وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة

    إن مواطأت أعداء الشريعة تسلب ـ روح الإيمان،
    قال تعالى
    {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون}

    البراءةُ لها مظاهرُها ومقتضيات:
    بغض الشرك والكفر وأَهله، وعداوة الكافرين والمشركين.
    هجر بلاد الكفر، وعدم السفر إِليها إِلا لضرورة مع القدرة على إِظهار شعائر الدِّين.
    عدم التشبه بهم فيما هو من خصائصهم، دينا ودنيا؛ لأَنَّ ذلك يورث نوعا من المودة والموالاة في الباطن، والمحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر.
    أَلا يناصِرَ الكفار، ولا يمدحهم، ولا يعينهم على المسلمين، ولا يَرْكَن إِليهم، ولا يتخذهم بطانة له يحفظون سره، ويقومون بأهم أَعماله.
    أَلا يشاركهم في أَعيادهم وأَفراحهم، ولا يهنئهم عليها، وكذلك لا يعظمهم ولا يخاطبهم؛ بالسيد والمولى، ونحوها.
    أَلَّا يستغفر لهم، ولا يترحم عليهم.
    عدم التحاكم إِليهم، أَو الرضى بحكمهم، وترك اتباع أَهوائهم ومتابعتهم
    إن الولاء والبراء شرط في الإيمان،
    كما قال سبحانه:
    تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
    يقول شيخ الاسلام ابن تيمية عن هذه الآية:
    فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط،
    وجد المشروط بحرف (لو) التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط، فقال: وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء، ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه... .
    والولاء والبراء أوثق عرى الإيمان، كما قال صلى الله عليه وسلم:
    ((أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض
    يقول الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب:
    فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد، أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في دين الله والبغض في الله،
    والمعاداة في الله والموالاة في الله،
    ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة، ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء،
    لم يكن فرقاناً بين الحق والباطل،
    ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
    ويقول الشيخ حمد بن عتيق:
    فأما معاداة الكفار والمشركين
    فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك، وأكد إيجابه وحرّم موالاتهم وشدد فيها،
    حتى إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم
    بعد وجوب التوحيد، وتحريم ضده .
    وقد كان النبي صلى الله عليه وسلـم يبايع أصحابه على تحقيق هذا الأصل العظيم،
    فعن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال:
    أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع،
    فقلت:
    يا رسول الله أبسط يدك حتى أبايعك واشترط علي فأنت أعلم قال:
    ((أبايعك على أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشركين)) .
    وجاء من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده:
    " قلت يا نبي الله ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن - لأصابع يديه - ألا آتيك، ولا آتي دينك، وإني كنت امرءاً لا أعقل شيئاً إلا ما علمني الله ورسوله، وإني أسألك بوجه الله عز وجل بما بعثك ربك إلينا؟
    قال: بالإسلام، قال:
    قلت: وما آيات الإسلام؟
    قال: أن تقول:
    أسلمت وجهي إلى الله عز وجل وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، كل مسلم على مسلم محرم، أخوان نصيران،
    لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعدما أسلم عملاً أو يفارق المشركين إلى .

    معنى الولاء فهو المحبة والمودة والقرب،
    والبراء هو البغض والعداوة والبعد،
    والولاء والبراء من أعمال القلوب، لكن تظهر مقتضياتهما على اللسان والجوارح.
    يقول الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ:
    وأصل الموالاة الحب، وأصل المعادة البغض،
    وينشأ عنهما من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة كالنصرة والأنس والمعاونة، وكالجهاد والهجرة،
    ونحو ذلك من الأعمال .
    والولاء لا يكون إلا لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين قال سبحانه: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة:55].
    فالولاء للمؤمنين يكون بمحبتهم لإيمانهم، ونصرتهم، والنصح لهم، والدعاء لهم، والسلام عليهم، وزيارة مريضهم، وتشييع ميتهم، وإعانتهم، والرحمة بهم، وغير ذلك .
    والبراءة من الكفار تكون ببغضهم - ديناً - ومفارقتهم، وعدم الركون إليهم، ، والحذر من التشبه بهم، وتحقيق مخالفتهم شرعاً، وجهادهم بالمال واللسان والسنان،
    ونحو ذلك من مقتضيات العداوة في الله .
    ولما كانت موالاة الكفار تقع على شعب متفاوتة، وصور مختلفة، لذا فإن الحكم فيها ليس حكماً واحداً،
    فإن من هذه الشعب والصور ما يوجب الردة، ونقض الإيمان بالكلية،
    ومنها ما هو دون ذلك من المعاصي .
    يقول الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ:
    ولفظ الظلم والمعصية والفسوق والفجور والموالاة والمعاداة والركون والشرك ونحو ذلك من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة،
    قد يراد بها مسماها المطلق وحقيقتها المطلقة،
    وقد يراد بها مطلق الحقيقة،
    والأول هو الأصل عند الأصوليين،
    والثاني لا يحمل الكلام عليه إلا بقرينة لفظية أو معنوية،
    وإنما يعرف ذلك بالبيان النبوي، وتفسير السنة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •