تهيئة الأبناء لاستغلال شهر رمضان


أحمد عباس




لابد أن يدرك الآباء والأمهات أهمية استغلال شهر رمضان في ترسيخ العديد من القيم والمعاني النبيلة والخصال الطيبة في نفوس أبنائهم، يكون من الضروري أن يتم إعداد منظومة شاملة من الخطوات والإجراءات للاستفادة من قدوم هذا الشهر الكريم ومحاولة الخروج منه وقد اكتسب الأبناء رصيداً إيحابياً حقيقياً يصب في صالح زيادة إيمانهم وقربهم من ربهم.


الصيام


ومن الخطورة بمكان أن نرى الكثير من أولياء الأمور يكتفون بمحاولة إقناع الأطفال وشحذ هممهم حتى يصوموا أكبر عدد ممكن من الأيام خلال شهر رمضان، وعلى الرغم من أهمية أن يعتاد الأطفال على فريضة الصيام وأن ييشعروا بالسعادة والإنجاز إذا ما كان عدد هذه الأيام التي يتمكنون من صيامها كل عام يزيد عن العام الماضي، إلا أن فرصة شهر رمضان يجب أن تستغل فيما هو أبعد من مفهوم الصيام حيث يمكن الاستفادة من الأجواء العامة التي تغلف الشهر الفضيل في إبراز وتجلية كل المعاني الجميلة في نفوس الأطفال.


القرآن


يتميز شهر رمضان بأنه الشهر الذي يزداد الإقبال فيه على تلاوة القرآن الكريم وتدارسه وتكون القلوب أكثر استعداداً فيه للتعرف على كتاب الله العزيز، مما يعني أنه من الممكن للأم والأب البدء في إشعار الأطفال بأهمية التواصل مع القرآن، وتبدأ علاقة كل طفل مع القرآن بشكل إيجابي وصحي خلال هذا الشهر الكريم، ولا يتوقف هذا الأمر عند حدود تلاوة القرآن وإنما لابد من أن يعتاد الطفل على الاستماع إلى القرآن في ظل حالة من الهدوء والطمأنينة والسلام النفسي، ولا يكفي كذلك التعامل مع القرآن باعتباره آيات متلوة بل يجب أن تحرص الأم على أن تنتقي بعض السلوكيات والآداب المسرودة في كتاب الله تعالى لتبدأ في تعويد طفلها على التمسك بها وممارستها بصورة متصاعدة في حياته اليومية.


الصلة


من الضروري تعزيز أهمية الجوانب الاجتماعية في وجدان الأطفال خلال شهر رمضان لأنه الشهر الذي يمكن أن تصفو فيه النفوس ويستعيد فيه الأهل والأقارب معنى صلة الرحم من خلال التزاور وتبادل المشاعر الطيبة، وعندما ينشأ الطفل على أن شهر رمضان هو الشهر الذي تستعيد فيه الأسر والعائلات تلاحمها وقوة ترابطها وتستعيد فيه القلوب حنينها إلى الدفء العائلي فإن هذا يساهم في جعل الطفل يشعر بتأثير شهر رمضان حتى على الجوانب الاجتماعية.


حسن الخلق


يجب أن يشهد الطفل على أن سلوك والده ووالدته في رمضان قد تغير بشكل واضح من حيث تراجع الحالة الانفعالية واتساع الصدر في المعاملات البسيطة المباشرة داخل المنزل، مما يرسخ في وجدان الطفل أن هذا الشهر هو بالفعل حالة من حالات الطمأنينة والسكينة وتراجع أحاسيس الضيق والغضب والنقمة، وإذا ما حافظ الوالدان على هذه الحالة طوال الشهر فإن تأثيرها سيمتد إلى بقية فترات العام، ويكون شهر رمضان بالفعل فرصة تربوية مثالية.


القيم


ينبغي عليك كأم أن تبادي باستغلال قدوم شهر رمضان في إكساب طفلك العديد من القيم الإنسانية والدينية الطيبة مثل التعاطف مع الفقراء والمحتاجين والشعور بالتضامن مع من حرموا من الكثير من النعم التي لا يقدر قيمتها من يستمتعون بها، كما يجدر بك لفت نظر طفلك طوال شهر رمضان إلى أهمية التحلي بالصبر والتحمل ورباطة الجأش، مع تذكيره بضرورة استشعار معية الله تعالى وقربه من الإنسان والتأكيد له على أن الله وحده هو الذي يعلم ما في داخل كل نفس وهو وحده اذي يفيض برحمته على الإنسان فينقذه من الألم والمعاناة وأنه سبحانه هو الذي يستحق الصبر من أجل الفوز برضاه.