هل أنا حاسدة؟


أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

السؤال:
الملخص:
امرأة كان لها حبٌّ قديم، وبعد أن طُلِّقتْ، رأته وأطفاله، فوقع في نفسها أنها لن تسامحه على تركه إياها، ثم خشيت على أولاده، وفي اليوم التالي توفي ذلك الرجل، وتخشى أن يكون ذلك حسدًا منها، وتسأل: ما النصيحة؟
التفاصيل:
أنا امرأة أبلغ من العمر الخامسة والثلاثين، كنت أحبُّ في مقتبل العشرينيات جارًا لي، لكنه لم يكن من نصيبي، ثم إنه تزوج وأنجب ثلاثة أطفال، وتزوجتُ أنا وطُلِّقتُ، ثم مرت سنون، وفي وقفة العيد رأيته وأطفاله تحت بيتنا، فقلت في نفسي: كان من الممكن أن يكون هذا زوجي يومًا، وهؤلاء الأطفال أطفالي، وقلت بأني لا أسامحه، فهو مَن تركني وتزوج وكوَّن حياةً بعيدًا عني، ثم إنني خِفتُ على أولاده، فدعوت الله لهم، وفي أول يوم العيد كان يلعب الكرة تحت بيتنا فأُغميَ عليه، ونُقل إلى المستشفى، وتُوفِّي هناك، أخشى أن يكون ما حدث له حسدًا مني، رغم أنني لم أكن أراه وهو يلعب الكرة، سؤالي: هل هذا حسد؟ ولو كان هل هناك كفارة لذلك؟

الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
أولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لنا ولكِ الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: العين حقٌّ، وقد ثبت في ضرر العين وخطرها ما في الحلية لأبي نُعيم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين تُدخل الرجل القبر، وتُدخل الجمل القدر)؛ [حسنه الألباني في صحيح الجامع].
وفي مسند الطيالسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أكثر مَن يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين)؛ [حسنه الألباني في صحيح الجامع].
ثالثًا: لا يظهر من خلال رسالتكِ أن الرجل مات بالعين، فهذا شكٌّ وظنٌّ، وليس مؤكدًا، وعلى فرض أنه أُصيب بالعين من قِبلكِ، فهذا بغير عمدٍ، ولا قصد الضرر والإيذاء، فعليكِ التوبة وكثرة الأعمال الصالحة، والدعاء لهذا الرجل بالمغفرة والرحمة.
رابعًا: الواجب عليكِ فيما بعدُ إذا وجدتِ ما يعجبكِ في نفسكِ أو مالكِ أو لغيركِ أن تقولي: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله)، والدعاء بالبركة، فتقولي: (تبارك الله)، أو: (اللهم بارك)، ونحو هذا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من نفسه وأخيه ما يعجبه، فَلْيَدْعُ بالبركة، فإن العين حقٌّ)؛ [رواه الحاكم وأبو يعلى في مسنده].
وفي مسند أحمد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: (علام يقتُل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيتَ ما يعجبك بَرَّكْتَ)؛ [صححه الأرنؤوط].
قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: "وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه وإصابتها للمَعين، فليدفع شرها بقوله: اللهم بارِك عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: (ألَا برَّكْتَ عليه)؛ أي: قلت: اللهم بارك عليه".
ومما يُدفَع به إصابة العين قول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
روى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئًا يعجبه، أو دخل حائطًا من حيطانه قال: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله".
وأخيرًا النصيحة لكِ أيتها الأخت الفاضلة أن تُقبِلي على الله بالطاعات المفروضة، والأعمال الصالحة، وأن تُطَهِّري قلبكِ من هذا التعلق المحرم، وأن تُعلِّقي قلبكِ بالله وحده لا شريك له، وأن تسعي لتعلُّم العلم النافع لكِ في الدنيا والآخرة، وأن تَرضي بقضاء الله وقدره، فقدرُ الله كله خير لمن آمن وصبر واحتسب.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz6oaxtzjtf