تنبيهات لمن تزوج عليها زوجها
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذه تنبيهات لمن تزوج عليها زوجها, جمعتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين, أسأل الله أن ينفع بها.
موقف الزوجة إذا تزوَّج زوجُها بزوجة ثانية:
قال الشيخ رحمه الله: يُؤسِفنا كثيرًا أن بعض النساء إذا تزوَّج زوجُها بزوجة أخرى، فعلت أفعالًا لا تليقُ بها؛ من الصُّراخ، والمقاطعة، والبغضاء، ومطالبة الزوج بالطلاق، أو بفراق الجديدة، وما أشبه ذلك، والذي ينبغي للمرأة أن تُهوِّنَ على نفسها هذا الأمر؛ لأن هذا الأمر وقع من النبي عليه الصلاة والسلام، ومِن سادات المؤمنين من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم إلى يومنا هذا، وإذا كان الله تعالى قد أجاز للرجل أن يتزوَّجَ إلى أربع، فهم أعلمُ وأحكمُ وأرحمُ، فالذي ينبغي للمرأة أن تُهوِّن على نفسِها هذا الأمر، وأن تصبرَ على ما نالها من المشقَّة، وألَّا تُطالِبَ الزوجَ بشيءٍ، وفي ظنِّي أن الزوج إذا وجَدَ أرْضًا لينةً بالنسبة لزوجته الأولى، فسيكون لينًا
الزوجة إذا تزوَّج عليها زوجُها، فصبَرت وتحمَّلَت، فإنها مُثابةٌ مأجُورةٌ:
قال رحمه الله: المرأة إذا تزوَّج عليها زوجُها وصبرَتْ, وتحمَّلَتْ فإنها مُثابةٌ مأجُورةٌ, فكلُّ شيءٍ يُصيبُ المؤمنَ من هَمٍّ أو غَمٍّ حتى الشوكة إذا أصابته، فإن ذلك تكفيرٌ لخطاياه، وإذا صبر واحتسَب الأجرَ، كان ذلك زيادةً في ثوابه ودرجاته.
موقف مُشرِّف لزوجة تزوَّج عليها زوجُها:
وجَّهَتْ زوجةٌ للشيخ سؤالًا تقول فيه: تزوَّجْتُ من رجل متزوِّج، لكنه بعد زواجي منه لا يذهبُ لزوجته الأُولى، وأنا لا أرضى لزوجي العصيانَ، وهو لا يُريدُ أن يُطلِّقَني، فهل أطلُبُ منه الطلاق من أجل المرأة الأخرى؟ أم ماذا أفعلُ؟
فأجاب الشيخ رحمه الله: أقول: جزى الله هذه المرأة خيرًا؛ فإنها من المؤثرين على أنفسهم، حيث تُريدُ من زوجها أن يعدِلَ بينها وبين الزوجة الأُولى، نشكُرها على هذا العمل؛ لأنها تحرِص على مصلحة زوجها.
♦ فائدة: ذكر الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتابه "صفة الصفوة": قصة امرأتين صالحتين ببغداد، تتلخَّص القصة في أن رجلًا متزوج بابنة عمِّه، وكان له منها ولَدٌ، ثم إنه تزوَّج من امرأة ثانية، وأخفى عن زوجته الأولى أمرَ زواجه، وبقي على ذلك أشهر، ثم أن ابنة عمِّه أنكرت منه تغيُّر أحوالِه، فطلَبَتْ من جاريةٍ لها أن تتبعه إذا خرج من السُّوق، فتبِعتْه وهو لا يدري، إلى أن دخل بيت زوجته الثانية، فسألت الجارية الجيران: لمن هذه الدار؟ فقالوا: لامرأة قد تزوَّجَتْ برجل تاجر، فعادتْ إلى سيِّدتها، وأخبرتها بالخبر، فقالت لها: إيَّاكِ أن يعلم بهذا أحَدٌ، ولم تُظهِرْ لزوجها شيئًا، وبعد سنة مَرِضَ الزوجُ ومات، وخلَّفَ ثمانية آلاف درهم، للابن سبعة آلاف درهم، وألف للزوجتين، فعمَدت زوجتُه ابنةُ عمِّه، وقَسَمَتِ الألْفَ نِصْفَينِ، وبعثَتْ إلى زوجته الثانية نصيبها من الألف، وقالت للجارية: اذهبي إليها، وأخبريها أن الرجل تُوفِّي، وأن هذا هو نصيبها من الميراث، فلما ذهبت الجارية إليها، وأخبرتها أن الرجل قد مات، بكَتْ، وقالت لها: عُودي إلى سيِّدتِكِ، وسلِّمي عليها عنِّي، وأخبريها أن الرجلَ قد طلَّقَني ورُدِّي عليها هذا المال، فإني ما أستحقُّ في تركته شيئًا