وجزاكم
وهذه الوقفة الثانية
أبو محمد سلمة بن عاصم النحوي صاحب الفرَّاء
قال ابن الأنباري: كتاب سلمة في "معاني القرآن" للفراء أجود الكتب؛ لأن سلمة كان عالمًا وكان يُراجع الفراء فيما عليه ويرجع عنه.
وكان ثعلب يقول: كان سلمة حافظًا لتأدية ما في الكتب والطوال [كذا] حاذقاً بالعربية، وابن قادمٍ حسن النظر في العلل.
وفي الوافي بالوفيات:
قال الكسائيُّ: كَانَ في أبي محمد سلمة دعابة، سألته يومًا عن شيء فقال لي: عَلَى السقيط خبرتَ، يريد: عَلَى الخبير سقطتَ! اهـ.
[المقصود: الكسائي الصغير محمد بن يحيى]
*** *****
قرأ سلمة بن عاصم على أبي الحارث الليث بن خالد ، وقرأ عليه أبو العباس ثعلب النحوي وغيره.
وليس سلمة بن عاصم (( ضَبِّيًّا )) يعرف هذا كل من يقرأ تراجم الرجل في كتب التراجم كتاريخ بغداد، ومعجم الأدباء رقم 559، وغاية النهاية، وبغية الوعاة رقم 1260 [ولا أدري لم ترك ابن الجزري في كتاب النشر ذكر وفاتِه وشيءٍ من خبره في رواة قراءة الكسائي].
وفي تاريخ بغداد: عن إدريس بن عبدالكريم قال: قال لي سلمة بن عاصم: أريد أن أسمع كتاب العدد من (خلف) فقلتُ لخلف، فقال: فليجئْ، فلمَّا دخل رفعه لأن يجلس في الصدر، فأبى وقال: لا أجلس إلا بين يديك، وقال: هذا حق التعليم.
أما في كتاب معجم الأدباء ت د/ إحسان عباس فقد ورد هذا الخبر كذا:
"وأخذ عن خلف الأحمر وسمع منه كتاب العدد". كذا الأحمر
مع أن المقصود هو خلف بن هشام البزار وليس خلفًا الأحمر.
فخلف الأحمر هذا قديم ومشهور برواية الأشعار.
وخلف بن هشام - رحمه الله - هو الذي كان يملي هذه الفوائد من [اختلاف العدد واختلاف الرسم]؛ ففي زاد المسير لابن الجوزي، والبحر المحيط لأبي حيان:
ابن الأنباري قال : أخبرنا ثعلب قال : أملى عليَّ خلف بن هشام البزار قال : اختلف مصحفا أهل المدينة وأهل العراق في اثني عشر حرفا " ... وذكرهم.
وأنتم تحفظون:
وإسحاق مع إدريس عن خلف تلا
نعود
ليس سلمة بن عاصم منسوبا إلى ضبة.
يعرف هذا أيضًا من قرأ ترجمة ابنه "المفضل بن سلمة" في مقدمة كتاب الفاخر - وقد قرأناه ونحن طلبة في دار العلوم - وأذكر أنَّ المحقّق نبَّه على أنَّ "الضبي" في اسمه خطأ.
ومصدر الخطأ هنا أن اسم المفضل بن سلمة يذكر بالمفضل بن محمد الضبي صاحب المفضليات.
ومع هذا فأنتم ترون كثيرا من المحققين حين يرد ذكر سلمة بن عاصم، وابنه المفضل، وحفيده محمد بن المفضل يقولون: الضبي
يراجع مثلاً:
سير أعلام النبلاء ج 14 الطبقة السابعة عشر رقم 211 ، 212. ت أكرم البوشي
وفيات الأعيان ت: د/ إحسان عباس رقم 579
وفي وفيات الأعيان أيضًا:
وكان المفضل المذكور متَّصلاً بالوزير إسماعيل بن بلبل فقيل له (حاشية 3): إن ابن الرومي الشاعر - قد هجاه، فشق ذلك على الوزير، وحرم ابن الرومي عطاياه، فعمل ابن الرومي في المفضل أبياتًا وهي:
لو تلففت في كساء الكسائي **** وتفريت فروة الفراء
وتخللت بالخليل وأضحى **** سيبويه لديك رهن سباء
وتكونت من سواد أبي الأسـ **** ـود شخصًا يكنى أبا السوداء
لأبَى الله أن يعدك أهل الـ **** ـعلم إلا من جملة الأغبياء
[أقول: قال المحقق في حاشية 3: ر ن : فنقل إليه .... ..... لا أدري لم عدل عنها المحقق، وهي الأقرب للصواب، وذلك أن ابن الرومي مدح إسماعيل بن بلبل أبا الصقر فلم يفهم أمدحه أم هجاه، وراجِعوا هذه القصة في تاريخ الأدب العربي - العصر العباسي الثاني لشوقي ضيف ومراجعه، وراجِعوا قصيدة دار البطيخ، وفيها:
قالوا أبو الصَّقرِ من شَيبانَ قلتُ لهمْ **** كلاَّ لَعَمْرِي ولكنْ منهُ شَيبانُ
فلعل المفضل بن سلمة - رحمه الله - ممن لم ينصر ابن الرومي عند الوزير، وظن أنه هجاه،، والعلم عند الله]
ما بين المعقوفات في النقول من كلامي ... المليجي