ذِكرُ أقوال أهل اللغة والاستشهاد بها:
كالجوهريِّ والزجاج[1]، وسيبويه والفراء، والأصمعي والخليل[2] وغيرهم؛ فمن أمثلة ذلك:
ما جاء عند تفسير الآية: ﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 59]، قال ابن كثير: "والجلباب: هو الرداء فوق الخمار... قال الجوهري: الجلباب: الملحفة؛ قالت امرأة من هُذيل ترثي قتيلًا لها:
تَمْشِي النُّسورُ إليه وَهْيَ لاهَيِةٌ *** مَشْيَ العَذارى عليهنَّ الجلابيبُ"[3].
وعند تفسير الآية: ﴿ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ ﴾ [الصافات: 93]، قال: "قال الفراء: معناه مال عليهم ضربًا باليمين، وقال قتادة والجوهري: فأقبل عليهم ضربًا باليمين"[4].
وعند تفسير الآية: ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾ [ق: 45]، قال: "وما أنت بمجبرهم على الإيمان، إنما أنت مبلِّغ، قال الفراء: سمعت العرب تقول: جبر فلان فلانًا على كذا؛ بمعنى أجبَرَه"[5].
وعند تفسير الآية: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا ﴾ [النبأ: 14]، قال: "أي من السحاب.... وقال الفراء: هي السحاب التي تتحلب بالمطر ولم تُمطِرْ بعدُ، كما يقال: امرأة معصر؛ إذا دنا حيضها ولم تَحِضْ"[6].
وعند تفسير الآية: ﴿ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ﴾ [سبأ: 10]، قال: "أي سبِّحي معه... وقال أبو القاسم ابن إسحاق الزجاجي في كتابه الجمل في باب النداء منه: ﴿ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ﴾؛ أي: سِيرِي معه بالنهار كله، والتأويب: سَيرُ النهار كله، والإسآدُ: سَيرُ الليل كله، وهذا لفظه، وهو غريب جدًّا لم أجده لِغيره، وإن كان له مساعدة من اللفظ في اللغة، لكنه بعيدٌ في معنى الآية هاهنا، والصواب أن المعنى في قوله تعالى: ﴿ أَوِّبِي مَعَهُ ﴾؛ أي: رَجِّعي مسبِّحةً معه، كما تقدَّم، والله أعلم"[7].
وعند تفسير الآية: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ [البقرة: 79]، قال: "والويل: الهلاك والدمار، وهي كلمة مشهورة.... وقال الخليل بن أحمد: الويل: شدة الشرِّ، وقال سيبويه: ويل لمن وقع في الهلكة، وويح لمن أشرف عليها، وقال الأصمعي: الويل تفجُّع، والويح ترحُّم، وقال غيره: الويل الحزن، وقال الخليل في معنى وَيْل: وَيْح ووَيْس ووَيْه ووَيْك ووَيْب، ومنهم من فرَّق بينها"[8].
------------------
[1] هو إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج، عالم بالنحو واللغة، وُلد ومات في بغداد، كان في فتوته يخرط الزجاج، ومال إلى النحو فعلمه المبرد، وطلب عبيدالله بن سليمان (وزير المعتضد العباسي) مؤدبًا لابنه القاسم، فدَلَّه المبرد على الزجاج، فطلبه الوزير، فأدَّب له ابنه إلى أن ولي الوزارة مكان أبيه، فجعله القاسم من كتابه فأصاب في أيامه ثروة كبيرة، وكانت للزجاج مناقشات مع ثعلب وغيره، من كتبه: معاني القرآن، والاشتقاق، والأمالي، والمثلث، وغيرها، توفي سنة 311هـ. الأعلام 1 /40.
[2] هو الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي، أبو عبدالرحمن، من أئمة اللغة والأدب وواضع علم العروض، أخذه من الموسيقا وكان عارفًا بها، وهو أستاذ سيبويه في النحو، ولد ومات في البصرة، وعاش فقيرًا صابرًا، كان شعث الرأس، شاحب اللون، مغمورًا في الناس لا يُعرَف، له كتاب العين في اللغة، ومعاني الحروف، والعروض، وغيرها، توفي سنة 170هـ. الأعلام 2 /314.
[3] انظر: تفسير القرآن العظيم 3 /637.
[4] المرجع نفسه 4 /18.
[5] المرجع نفسه 4 /371.
[6] انظر: تفسير القرآن العظيم 4 /546.
[7] المرجع نفسه 3 /647.
[8] التفسير 1 /148-149.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/144316/#ixzz6jVNQjRuK