بسم الله الرحمن الرحيم
1- قال الامام مالك: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ أَقْبَلَ مِنَ الشَّأْمِ فِي رَكْبٍ مُحْرِمِينَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَجَدُوا لَحْمَ صَيْدٍ فَأَفْتَاهُمْ كَعْبٌ بِأَكْلِهِ قَالَ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرُوا ذلِكَ لَهُ فَقَالَ: مَنْ أَفْتَاكُمْ بِهذَا؟ قَالُوا: كَعْبٌ قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أَمَّرْتُهُ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا ثُمَّ لَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ مَرَّتْ بِهِمْ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَأَفْتَاهُمْ كَعْبٌ أَنْ يَأْخُذُوهُ وَيَأْكُلُوهُ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرُوا ذلِكَ لَهُ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُفْتِيَهُمْ بِهذَا؟ قَالَ: هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ هُوَ إِلَّا نَثْرَةٌ حَوَتْ يُنْثُرُهُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ. ه
موطأ مالك 1284 وعبد الرزاق 8350 والبيهقي في الكبرى 9914
قلت: اسناده صحيح
2- قال أبو بكر ابن ابي شيبة: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: الْجَرَادُ نَثْرَةُ حُوتٍ. ه
مصنف ابن ابي شيبة 24580
3- قال أبو داود: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ جَابَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ. ه
سنن ابي داود 1855
4- قال أبو الشيخ: ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا أَبُو الصِّدِّيقِ النَّاجِي أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ حَجَّ وَكَعْبٌ فَجَاءَ جَرَادٌ فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِسَوْطِهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ أَلَسْتَ مُحْرِمًا؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنَّهُ صَيْدُ الْبَحْرِ قُلْتُ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: خَرَجَ أَوَّلُهُ مِنْ مِنْخَرِ حُوتٍ. ه
العظمة لابي الشيخ 5/1792
ورواه مسدد عن يحيى بن سعيد القطان عن سالم بن هلال عن أبي الصديق عن أبي سعيد مثله. (المطالب العالية لابن حجر 1277)
5- قال محمد بن عبد الرحمن المخلص: حدثنا ابنُ منيعٍ حدثنا محمدٌ حدثنا أبوخالدٍ يوسفُ السَّمتيُّ البصريُّ عن سلمةَ بنِ بُختٍ عن عبدِ اللهِ بنِ داره عن كعبٍ قالَ: الجرادُ نفحةُ حوتٍ في الأرضِ فصارَ جراداً ولا ذَكاةَ له. ه المخلصيات 3/162
6- قال عبد الرزاق: عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ فِي الْجَرَادِ: إِنَّمَا هُوَ نَثْرُ حُوتٍ. ه
مصنف عبد الرزاق 8752
خبر آخر عن كعب
1- قال الامام مالك: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَسَأَلَهُ عَنْ جَرَادَةٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: تَعَالَ حَتَّى نَحْكُمَ فَقَالَ كَعْبٌ: دِرْهَمٌ فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: إِنَّكَ لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ. ه
موطأ مالك 1573
2- قال عبد الرزاق: عَنْ مَعْمَرٍ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ كَعْبًا سَأَلَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَيْنَا نَحْنُ نُوقِدُ جَرَادَةً قَذَفْتُهَا فِي النَّارِ وَأَنَا مُحْرِمٌ فَتَصَدَّقْتُ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّكُمْ يَا أَهْلَ حِمْصَ كَثِيرَةٌ أَوْرَاقُكُمْ تَمْرَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَرَادِكُمْ. ه مصنف عبد الرزاق 8247
قلت: اسناده صحيح إلى الأسود بن يزيد النخعي
3- قال الطحاوي: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِعُمَرَ: إِنَّ قَوْمًا اسْتَفْتُونِي فِي مُحْرِمٍ قَتَلَ جَرَادَةً فَأَفْتَيْتُهُم ْ أَنَّ فِيهَا دِرْهَمًا فَقَالَ: إِنَّكُمْ يَا أَهْلَ حِمْصَ كَثِيرَةٌ دَرَاهِمُكُمْ تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ. ه أحكام القران للطحاوي 1718
4- قال يوسف عن أبيه: عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّاد عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: خَرَجَ كَعْبٌ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُرِيدُونَ الْحَجَّ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أُهْدِيَ لَهُمْ لَحْمُ صَيْدٍ صَادَهُ حَلَالٌ وَقَدْ أَحْرَمُوا فَقَالَ كَعْبٌ لِامْرَأَتِهِ بِالرُّومِيَّةِ : اصْنَعِيهِ فَاجْبِدِي صَنْعَتَهُ ثُمَّ ائْتِ بِهِ فَلَمَّا جَاءَتْ بِهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا فَأَبَوْا أَنْ يَأْكُلُوا فَلَمَّا أَمْسَوْا قَعَدُوا يَصْطَلُونَ عَلَى نَارٍ لَهُمْ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ جَرَادَةٌ فَأَخَذَهَا وَهُوَ نَاسٍ لِإِحْرَامِهِ فَأَلْقَاهَا فِي النَّارِ فَقَالَ أَصْحَابُهُ: لَحْمُ صَيْدٍ بِالنَّهَارِ وَجَرَادَةٌ بِاللَّيْلِ فَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ لِكَفَّارَةِ الْجَرَادَةِ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ: صَنَعْتَ مَاذَا؟ قَالَ: أَكَلْتُ وَلَمْ يَأْكُلُوا قَالَ: لَوْ لَمْ تَأْكُلْ لَمْ تَفْقَهْ قَالَ: وَصَنَعْتَ فِي الْجَرَادَةِ مَاذَا؟ قَالَ: صَنَعْتُ أَنْ تَصَدَّقْتُ بِدِرْهَمٍ قَالَ: فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ إِنَّكُمْ يَا أَهْلَ حِمْصَ كَثِيرٌ دَرَاهِمُكُمْ تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ. ه
الاثار لابي يوسف 504
5- قال مسدد: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ يَقُولُ أَقْبَلْتُ مَعَ مُعَاذِ بْنِ جبل وكعب رَضِيَ الله عَنْهما مُحْرِمَيْنِ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وأميرنا معاذ رَضِيَ الله عَنْه وَأَمْرُنَا إِلَيْهِ وَهُوَ يَؤُمُّنَا فَلَمَّا كان بِبَعْضِ الطَّرِيقِ تبرر معاذ رَضِيَ الله عَنْه لِحَاجَتِهِ وَخَالَفَهُ رجل بحمار وحش قَدْ عَقَرَهُ فَأَخَذَهُ كَعْبٌ فَأَهْدَاهُ إِلَى الرفقة قَالَ فَلَمْ يَرْجِعْ مُعَاذٌ إِلَّا وَقُدُورُ الْقَوْمِ تَغْلِي فِيهَا مِنْهُ فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ فَقَالَ لَا يُطِيعُنِي أَحَدٌ إِلَّا كفأ قِدْرَهُ قَالَ فكفأ كعب والقوم قُدُورَهُمْ فَلَمَّا كنا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَكَعْبٌ يُصَلِّي عَلَى نَارٍ إِذْ مَرَّتْ بِهِ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَأَخَذَ جَرَادَتَيْنِ فَقَتَلَهُمَا ونسي إحرامه ثم ذكر إِحْرَامَهُ فَرَمَى بِهِمَا فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ دَخَلَ الْقَوْمُ على عمر رَضِيَ الله عَنْه وَدَخَلْتُ مَعَهُمْ فَقَالَ كَعْبٌ كَيْفَ تَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَصَّ عَلَيْهِ قِصَّةَ الْجَرَادَتَيْن ِ قَالَ وَمَا بَأْسٌ بِذَلِكَ يَا كَعْبُ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنَّ حِمْيَرَ تُحِبُّ الْجَرَادَ وَمَاذَا جَعَلْتَ فِي نَفْسِكَ قَالَ دِرْهَمَيْنِ قَالَ دِرْهَمَانِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ جَرَادَةٍ اجْعَلْ مَا جَعَلْتَ فِي نَفْسِكَ. ه (المطالب العالية 1276)
قلت: اسناده صحيح إلى ابن أبي عمار واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار وقال بعضهم: عبد الله بن أبى عمار. (انظر التاريخ الكبير 5/301 وتهذيب الكمال 15/326)
6- قال الشافعي: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَقْبَلَ مَعَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ فِي أُنَاسٍ مُحْرِمِينَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِعُمْرَةٍ حَتَّى إذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَكَعْبٌ عَلَى نَارٍ يَصْطَلِي مَرَّتْ بِهِ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَأَخَذَ جَرَادَتَيْنِ فَمَلَّهُمَا وَنَسِيَ إحْرَامَهُ ثُمَّ ذَكَرَ إحْرَامَهُ فَأَلْقَاهُمَا فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ دَخَلَ الْقَوْمُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَدَخَلْت مَعَهُمْ. فَقَصَّ كَعْبٌ قِصَّةَ الْجَرَادَتَيْن ِ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ مَنْ بِذَلِكَ أَمَرَك يَا كَعْبُ قَالَ: نَعَمْ قَالَ إنَّ حِمْيَرَ تُحِبُّ الْجَرَادَ قَالَ مَا جَعَلْت فِي نَفْسِك؟ قَالَ دِرْهَمَيْنِ قَالَ: بَخٍ دِرْهَمَانِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ جَرَادَةٍ اجْعَلْ مَا جَعَلْت فِي نَفْسِك. ه
رواه الشافعي في مسنده ص135 وفي الام 2/215 والبيهقي في معرفة السنن والاثار 10684 وفي السنن الكبرى 10011 والمحلى لابن حزم 5/59
قلت: هذا الخبر فيه مخالفة للخبر الأول عن كعب.
ففي الخبر الأول يرى كعب أن الجراد من صيد البحر فليس في قتله شيء ويعلل ذلك بأنه نثرة من الحوت. وبذلك أخبر عمر بن الخطاب لما سأله.
أما الخبر الثاني ففيه أن كعباً قتل جرادة وقد نسي أنه محرم فتصدق كفارة لما فعل وهذا يعني أن الجراد من صيد البر. ثم أخبر عمر بذلك فأقره على اخراج الكفارة ولكنه استكثر أن تكون من الدراهم.
وليس في المرويات التي وقفت عليها ما يرفع هذا الاختلاف. اللهم إلا أن يقال بأن كعباً في الخبر الأول أخبر عمر بالذي عنده من أخبار أهل الكتاب.
وفي الثاني عمل كعب بما تعلمه من أحكام الاسلام من عمر أو غيره بأن الجراد من صيد البر ولا يجوز للمحرم قتله.
قال أبو الوليد الباجي: وَإِنَّمَا أَقَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَعْبَ الْأَحْبَارِ عَلَى قَسْمِهِ بِحَضْرَتِهِ أَنَّهُ نَثْرَةُ حُوتٍ إمَّا لِرَأْيٍ رَآهُ أَوْجَبَ تَوَقُّفَهُ عَنْ زَجْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ قَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْلُغْنَا وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَدْ رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْفُتْيَا وَحَكَمَ مَعَ عُمَرَ عَلَى مُحْرِمٍ أَصَابَ جَرَادَةً بِسَوْطٍ فَحَكَمَ فِيهَا كَعْبٌ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إنَّكَ لَكَثِيرُ الدَّرَاهِمِ لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ فَتَجَاوَزَ حَدَّ الْمَنْعَ لِاصْطِيَادِهِ إلَى أَنْ حَكَمَ فِي جَرَادَةٍ بِدِرْهَمٍ. ه
المنتقى شرح الموطأ 2/245
لكن كي يصح هذا التأويل فلابد أولاً من اثبات تعدد الواقعة وأنها ليست واقعة واحدة. ثم معرفة التاريخ وأن الخبر الثاني هو آخر ما استقر عليه كعب وفي هذا نظر وليس عندي دليل يثبته.
والمشهور عن كعب هو القول الأول والله أعلم.
قال البغوي: وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَرَادِ فَرَخَّصَ فِيهِ قَوْمٌ لِلْمُحْرِمِ وَقَالُوا: هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَالْأَكْثَرُون َ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ فَإِنْ أَصَابَهَا فعليه صدقة. ه تفسير البغوي 2/86
مقارنة ودراسة:
1- قال أبو داود: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ جَابَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ. ه
سنن ابي داود 1853 والطب النبوي لأبي نعيم 892 والبيهقي (10015)
قلت: ميمون بن جابان وثقه العجلي وقال ابن حجر مقبول. وقد وهم في رفع الحديث كما قال أبو داود وإنما هو من كلام كعب الأحبار.
2- قال أبو داود: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَصَبْنَا صِرْمًا مِنْ جَرَادٍ فَكَانَ رَجُلٌ مِنَّا يَضْرِبُ بِسَوْطِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا لَا يَصْلُحُ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْر.
سنن ابي داود (1855) وأحمد (8060) وابن ماجه (3222) والترمذي (850) والبيهقي (10016) والضعفاء للعقيلي (4/383)
قال أبو داود: أَبُو الْمُهَزِّمِ ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثَانِ جَمِيعًا وَهْمٌ.
ثم قال أبو داود: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ جَابَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ. ه
سنن ابي داود (1855)
قال الأستاذ شعيب الأرناؤوط في الحديث المرفوع: إسناده ضعيف جداً أبو المهزِّم متروك الحديث.
قلت: وكذا ضعفه الترمذي والعقيلي والبيهقي وأبو داود وأشار بأن الصواب فيه أنه من قول كعب.
وقال الدارقطني: وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجَرَادِ فَقَالَ: هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ.
فَقَالَ: يَرْوِيهِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ. فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ عَنْ حَمَّادِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ جَابَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ عَنْ حَمَّادٍ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ. ه العلل (2222)
قلت: الذي روي عن حماد من وجه آخر موقوفاً على كعب وليس أبي هريرة والله أعلم. وبنحو كلام الدارقطني قاله ابن عبد البر في الاستذكار 4/131-132
3- قال ابن ماجه: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ إِذَا دَعَا عَلَى الْجَرَادِ قَالَ: اللَّهُمَّ أَهْلِكْ كِبَارَهُ وَاقْتُلْ صِغَارَهُ وَأَفْسِدْ بَيْضَهُ وَاقْطَعْ دَابِرَهُ وَخُذْ بِأَفْوَاهِهَا عَنْ مَعَايِشِنَا وَأَرْزَاقِنَا إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَدْعُو عَلَى جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ اللَّهِ بِقَطْعِ دَابِرهِ قَالَ: إِنَّ الْجَرَادَ نَثْرَةُ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ. قَالَ هَاشِمٌ: قَالَ زِيَادٌ: فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الْحُوتَ يَنْثُرُهُ. ه
سنن ابن ماجه (3221) والترمذي (1823)
قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ قَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَهُوَ كَثِيرُ الْغَرَائِبِ وَالْمَنَاكِيرِ وَأَبُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثِقَةٌ وَهُوَ مَدَنِيٌّ. ه
وقال الأستاذ شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لابن ماجه: إسناده ضعيف جدًا ومتنه منكر جدًا موسى بن محمَّد بن إبراهيم التيمي منكر الحديث.
وقال الألباني: حديث موضوع (السلسلة الضعيفة 112)
وأخرج نحوه الطبراني في الأوسط 7731 وهو حديث طويل باطل وفي اسناده مجاهيل. (انظر السلسلة الضعيفة والموضوعة 292)
وقد روي نحوه عن علي بن أبي طالب:
قال عبد الرزاق: عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ: مُغِيرَةُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْجَرَادُ مِثْلُ صَيْدِ الْبَحْرِ. ه
مصنف عبد الرزاق 8760
وهذا الرجل صرَّح به علقمة في رواية ابن أبي شيبة:
قال ابن أبي شيبة: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنِ الْجَرَادِ فَقَالَ: هُوَ طَيِّبٌ كَصَيْدِ الْبَحْرِ. ه مصنف ابن أبي شيبة 24573
قلت: عبد الملك بن الحارث مجهول والأثر ضعفه ابن عبد البر في الاستذكار 4/132
ورواه عبد الرزاق 8761 عن ابن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: فِي كِتَابِ عَلِيٍّ الْجَرَادُ وَالْحِيتَانُ ذَكِيٌّ. وهو أصح.
وقد اختلفت الروايات عن ابن عباس في المسألة:
قال الشافعي: أخبرنا مُسْلِمٌ وسَعيدٌ عن ابن جُرَيج عن بُكَيْرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ عن القاسم عن ابن عباس: أنَّ رَجُلاً سَأله عن مُحْرِمٍ أصاب جَرَادةً فقال: يتصدَّقُ بِقُبْضَةٍ من طعام وقال ابنُ عباسٍ: ولَيأخُذَنَّ بِقُبْضَةٍ جَرَادَاتٍ. ه مسند الشافعي 846- 847
قال عبد الرزاق: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ صَيْدِ الْجَرَادِ فِي الْحَرَمِ فَنَهَى عَنْهُ فَإِمَّا قُلْتُ وَإِمَّا قَالَ الرَّجُلُ مِنَ الْقَوْمِ: فَإِنَّ قَوْمَكَ يَأْخُذُونَهُ وَهُمْ مُحْتَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: لَا يَعْلَمُونَ. ه
مصنف عبد الرزاق 8243 ومسند الشافعي 849 وأخبار مكة للأزرقي 2/141 والفاكهي 3/354 والبيهقي في الكبرى 10013
قلت: اسناده صحيح عن ابن عباس.
قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَان ثنا يَعْلَى ثنا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْجَرَادُ نَثْرَةٌ مِنْ حُوتٍ فِي الْبَحْرِ. ه
تفسير ابن أبي حاتم 8868
وقال ابن قتيبة: يرويهِ وَكِيع عَن سُفْيَان عَن أبي خَالِد الوَاسِطِيّ عَن رجل عَن ابْن عَبَّاس. غريب الحديث 2/361
قلت: رواية ابن قتيبة أصح ورواية يعلى بن عبيد عن سفيان الثوري ضعيفة. (انظر تهذيب الكمال 32/391)
فعلى هذا الأثر ضعيف لأنه من رواية مجهول عن ابن عباس.
لكن ورد نحوه عن ابن عباس باسناد أصح من هذا:
قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أَبِي ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا أَبُو خَلْدَةَ حَدَّثَنِي مَيْمُونٌ الْكُرْدِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ رَاكِبًا فَمَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ فَضَرَبَهُ فَقِيلَ لَهُ: قَتَلْتَ صَيْدًا وَأَنْتَ حُرُمٌ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ. ه
تفسير ابن أبي حاتم 6831
فهذا إن صح فلعله مما أخذه من كعب الأحبار. لكن الذي عليه مذهب ابن عباس ونقل عنه بالاسناد الصحيح هو الفتيا بالمنع من صيد الجراد للمحرم.
الخلاصة:
هذا الخبر من كلام كعب الأحبار ولا يصح مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وجمهور أهل العلم على أن الجراد من صيد البر ولا يجوز للمحرم صيده والله أعلم. (انظر الاستذكار 4/133)
كتبه
أحمد فوزي وجيه
3/11/2020