عناد الزوجة .. السير في الاتجاه المعاكس
رشا عرفة
يتهم الزوج زوجته بالعناد فتتهمه بالاستبداد، هو يشكو من عدم الانسجام وهي تشكو من عدم الاحترام، هو يعاني من كثرة الخلافات وهي تعاني من كثرة التهديدات.
تتعدد الشكاوى وتكثر الاتهامات ويحمل كل طرف الطرف الآخر المسؤولية عن المشكلة، التي يصبح "عناد الزوجة" لها عنوان - بغض النظر عن الأسباب - وتكون النتيجة مشاكل مستمرة، وخلافات دائمة تلقي بظلالها على حياتهم الزوجية التي أضحت في خطر بعد أن أصبح كل طرف يسير في الاتجاه المعاكس للطرف الآخر. لكن ترى لماذا تلجأ بعض الزوجات إلى العناد مع أزواجهن؟ وهل عناد الزوجة طبع فيها أم للزوج دور في لجوء الزوجة للعناد؟ وكيف يتعامل الزوج مع زوجته العنيدة؟
هذا ما ستحاول "رسالة المرأة" الإجابة عنه من خلال هذا التحقيق:
عناد الزوجة وتصلب رأيها شكوى يعاني منها بعض الأزواج، لأنها تعكر صفو حياتهم، بل وقد تدفع بالحياة الزوجية ـ في كثير من الأحيان ـ إلى طريق شائك، ولاسيما إذا كان العناد من طباع الزوجة، ويعد عناد الزوجة مؤشرا خطيرا على عدم التوافق والتكيف بين الزوجين، وعدم قدرتهما على مواجهة المشاكل التي تعترض حياتهما الزوجية، إذ تشير الأبحاث الاجتماعية إلى أن العناد بين الزوجين أحد الأسباب الرئيسة لتفاقم المشكلات بينهما، وأنه يلقي بظلال نفسية وتربوية وانفعالية على الزوجين، وقد تمتد إلى أولادهم.
وفي دراسة أعدتها الدكتورة زينب عبد الجليل الأستاذ المشارك بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، والدكتورة هنية السباعي مشرفة قسم الإسكان وإدارة المنزل بالجامعة نفسها تبيِّن أن عناد الزوجة وتهور الزوج أحد أهم أسباب ارتفاع معدلات الطلاق في السعودية.
الزوج متهم
وتتهم العديد من الزوجات أزواجهن بالمسؤولية عن عنادهن، تقول "هيام. م": "كثيرا ما ألجأ للعناد مع زوجي، فنحن لا نتفق في كثير من الأمور، وطباعنا مختلفة، علاوة على تسلطه الدائم ورفضه مشاورتي والأخذ برأيي في أمور كثيرة، فرأيي بالنسبة له لا يعنيه، بل وكثيرا ما يلجأ إلى أسلوب الاستهزاء والتحقير عند الحديث معه".
وتابعت: "لكن هناك بالطبع نساء عنيدات بطباعهن، بمعزل عن معاملة أزواجهن لهن، لذا لا نستطيع أن نعمم، وإن كنت أعتقد أن الزوج متهم دائما".
أما "هبة الله. ط ": فترى أن الزوجة التي تلجأ للعناد تكون ذات شخصية ضعيفة، لا تثق بنفسها، وبالتالي تحاول من خلال عنادها إثبات ذاتها أمام زوجها، ويحدث هذا بكثرة عند المرأة التي لا يعطي زوجها قيمةً لشخصيتها، ولا يظهر لها الاحترام الكافي كامرأة، فيبقى العناد الوسيلة الوحيدة لديها لإثبات شخصيتها للزوج.
في حين أشارت "فاطمة. و" إلى أن شك الزوجة في زوجها قد يدفعها للعناد، وقد تتخذ العناد أيضا وسيلة للدفاع عن نفسها ومواجهة ظلم الزوج لها.
وتابعت: "عندما تشعر المرأة بقوة الرجل واستبداده بالرأي.. وأنها مخلوق ضعيف لا يقوى على الصراع، تلجأ إلى الرفض السلبي لما تراه لا يتوافق مع أسلوبها ومشاعرها، وهو ما يطلق عليه الزوج العناد، ومن هنا تبدأ المشاكل التي قد تؤدي للطلاق".
الأسباب
لكن ما هو رأي المختصين في ظاهرة عناد الزوجة؟
يقول علماء النفس إن عناد الزوجة قد يكون سمة أصيلة فيها استمدته من مراحل حياتها الأولى نتيجة التربية الخاطئة، حيث يلبي الأهل لها كافة متطلباتها تحت سيف العناد، وبالتالي تعتقد أن العناد هو الأسلوب الأمثل لتحقيق المطالب، كذلك قد تكون الزوجة نشأت في بيت تتحكم فيه الأم فتحاول أن تحذو الحذو نفسه في بيتها ومع زوجها.
وأشاروا إلى أن الزوجة قد تكتسب صفة العناد من أسلوب العقاب القاسي في الصغر، أو قد يكون عناد الزوجة بسبب التعزيز الأسري لهذه الصفة في مرحلة الطفولة عندما تكرر أسرتها أمامها أنها عنيدة، فترسخ هذه الصفة في داخلها، ثم تستغلها في تحقيق أغراضها.
وأوضحوا أن شعور الزوجة بالنقص يعد من أهم العوامل المؤدية للعناد، وقد يكون هذا الشعور لدى المرأة قبل الزواج نتيجة المعاملة الأسرية التي لا تتسم بالاحترام والتقدير وبث الثقة في النفس، وقد يكون وليد ظروف الزواج، فالمعاملة القاسية للزوجة وعدم تقديرها واحترامها قد يدعم ذلك الشعور لديها فتلجأ للعناد للتغلب على هذا الإحساس، وقد تلجأ الزوجة للعناد عندما لا تستطيع التكيف مع الزوج.
وبينوا أن للزوج دور في لجوء الزوجة للعناد عندما يكون متسلطا، ولا يستشيرها في أمور المعيشة، ودائما ما يستهزئ برأيها مما يدفعها للعناد.
مزيدا من الحب
ولتقليص العناد وتذويبه لدى الزوجة، تصف ناهد الخراشي -وهي استشارية تنمية بشرية- روشتة لعلاج عناد الزوجة قائلة: "لا شك أن للزوج دورا هاما في علاج عناد زوجته، ليتم التوازن النفسي، ويتحقق الاستقرار الأسري، وذلك من خلال ما يلي:
أولا: تجنب الأسباب المؤدية للعناد، أما إذا كان العناد طبعا فيها فليصبر الزوج ويحاول قدر المستطاع تجنب مواطن النزاع حتى تتخلص من هذه الصفة.
ثانيا: منح الزوجة مزيدا من الحب والاهتمام والتقدير والاحترام.
ثالثا: التصرف بذكاء وهدوء عند عناد الزوجة وامتصاص غضبها وتأجيل موضوع النقاش إلى وقت مناسب يسهل فيه إقناعها إذا كانت مخطئة.
رابعا: التعود على أسلوب الحوار واحترام الرأي الآخر ونسيان المواقف السلبية والتعامل بروح التسامح، وليتنازل كل من الزوجين حتى تسير الحياة في أمان واستقرار.
بقي أن نقول إن نجاح الحياة الزوجية يتطلب قدرًا من التفاهم وقليلا من الاحترام ومزيدا من الحب، وتقديم بعض التنازلات والتجاوز عن الهفوات، والتغاضي عن الزلات والتعالي على الأنانية والعناد وتصيد الأخطاء.