رسالة إلى كل أم مسلمة: أخلصي النية في عملك المنزلي
رفعت محمد بروبي


سيدتي الأم الفضلى: إن إتقان العمل بعامة ومراقبة الله فيه لهو المطلوب حتى يُبارك الله في هذا العمل وحتى يُثاب العامل عليه بكل الخير في الحياة الدنيا والآخرة·

وكل عمل لا يُراد به وجه الله عز وجل ولا تُخلص فيه النية لله لا يُقبل من صاحبه، فقد قال عز وجل في الحديث القدسي: >أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه< رواه الإمام مسلم·
وهذا يُرشدنا لضرورة إخلاص النية لله في كل الأعمال وحتى الأعمال المنزلية التي تقوم بها الأم في منزلها ورعاية أطفالها وزوجها، يجب أن تتسم كل هذه الأعمال بنية صادقة وخالصة لله عز وجل وأن يكون العمل خالصاً لوجه الله تعالى وبنية صافية، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: >إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه<، وهذا الحديث يرشدنا إلى أمر عظيم وهو إخلاص النية لله عز وجل، فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، وقد وصف الإمام الشافعي رضي الله عنه هذا الحديث الشريف بأنه >ثلث العلم<، لأنه يدخل في >سبعين< باباً في الفقه والتشريع، وإخلاص النية لله في كل الأعمال وهي استجابة لقول الله عز وجل (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) البينة:5، وقوله تعالى: (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين) الزمر:11·
فعليك أيتها الأم أن يكون هدفك من الأعمال والأفعال التي تقومين بها هو وجه الله عز وجل، حتى ولو كانت الأعمال المنزلية، فالأعمال المنزلية إنما هي من أجل راحة أطفالك وزوجك وهي رسالة سامية القيام بها منوط بك ومن تفلح في رسالتها السامية يكن لها خير الجزاء الذي يُقدمه الخالق عز وجل، وهو التنعم في جنات الله الواسعة وإنه لخير الجزاء ونعم المآل·
وهذه النية الصادقة في العمل والتوجه به خالصاً لوجه الله تعالى تنسحب إيجاباً على سلوك أولادك مستقبلاً، فنجد أن ابنتك حينما تكبر في السن وتشق طريقها في الحياة، ستتخذ نهجك هذا في العمل نهجاً لها هي الأخرى، لأنها قد تشرَّبت منك هذا السلوك الحسن وهذا التوجه السليم، وتكون قد تعلَّمت شيئاً يفيدها في حياتها ما يجعل سلوكها امتداداً لسلوكك حتى لأحفادك فيما بعد، سيدتي الأم الفضلى، الطفل الصغير يشب على ما شاهده من سلوك الأم والأب معاً، ويتنبأ به ويطيب له تقليد هذا السلوك، لأنه سيصير بالنسبة له النموذج الذي يجب أن يحذو حذوه ويتخذه مثالاً صادقاً له في حياته·
سيدتي الأم الفضلى: إن كل عمل منزلي تقومين به خالصاً لله عز وجل له الثواب العظيم حتى ولو كان هذا العمل من أمور الدنيا >من مأكل ومشرب وملبس<، فإن الإنسان يُثاب عليه إذا نوى بذلك نية صالحة ابتغاء مرضاة الله عز وجل القائل: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) الأنعام:162·
ولك في النهاية نعم الثواب وخير الجزاء أيتها الأم المؤمنة الصابرة العاملة على تخريج الجيل الطالع لحياة الدنيا والمتمتع بأطيب السلوكيات والتوجهات الصحيحة الصادرة عنك ليكون الجيل الباني والمعمِّر لمجتمع إسلامي فاضل وخيِّر إن شاء الله·