..................إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم
ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما
أما بعد
فهذا تلخيص ما استخلصته من قراءتي لكتاب " فتح الباري " فأتيت على جل فوائده بلا تطويل ممل ولا تقصير مخل انتقيت أهم فوائده ودرره بالرغم مما حواه كتابه إلا إني حاولت قدر المستطاع بعدم الإخلال بمقصده
وأردت أن أجمعه في هذه الأوراق لتكون لي .مرجع .. وأرجع إليها عندما أجد في نفسي حاجة اليها .
وقد توخيت في هذا التلخيص أن أبين أهم الفوائد والدرر من تلخيصات لأهمها فبدأت بفتح الباري لكثرة الفوائد وكثرة الاستدلالات للمذاهب والآراء وبينت ذلك في هذا المختصر من منهج
وقد كان مما لا بد لي أن أشير الى بعض النقاط المهمة واختصارات ملمة من تلخيصاتهم " للجامع الصحيح "
ولا اريد بذلك شهرة ولا فضلا في هذا العمل فإنما أنا متبع ولست بمبتدع وقد سرت على ضوء ما تركه لنا الأولون من أهل العلم والفضل ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحشرنا في زمرتهم " .
............
وكما أن هذا السفر الكبير والموسوعة العلمية الفريدة حوت في طياتها أصول العلم وفيه من الفوائد والفرائد الجزيلة مع تنوع الابواب واختلافها والأمر الذي جال في خاطري وكان يلازمني جل الوقت الامر الذي يحول
بين طالب العلم والاستفادة من هذه الموسوعة العلمية الفقهية " كبر حجمه وضخامة الشرح وكثرة الفوائد والدرر وقد شرح في أكثر من خمسة عشر سفرا من المجلدات الضخمة . ربما كان سببا يحول بين الراغبين والمنتسبين الى العلم في دراسة إلا أن كبر حجمه حالت دون الاستفادة عند الاغلب منهم فحاولت قدر المستطاع تلخيصه وبيان ما حواه من الفوائد والدرر وفتح بابا مغلقا لطلبة العلم لضيق وقتهم وربما لانشغالاتهم . وقلة الراغبين .
ومما لفت نظري واسترعى انتباهي واستوقفني في اثناء القراءة لهذا السفر الجليل " فتح الباري " والحمد لله فقد ختمته " 4 " مرات ولله الحمد والمنة مما رأيت المؤلف يستنبط الأحكام ويقرر القواعد والمفاهيم ويبرز المعاني ويشرح ويوجه ويرجح آثرت أن أختصر كتابه لعلي قد اسديت معروفا لمن اشغلته الدنيا بحذافيرها فقمت بتلخيص بعض شروحات " الجامع الصحيح " فبدأت " بفتح الباري " لما حواه وانتفع به الخلق ويليه " عمدة القاري " لطوله ونفعه وما دار بينه وبين ابن حجر وتبعته " ب " فتح الباري " لابن رجب ثم " إرشاد الساري " وبعد شرح ابن بطال والكرماني والسيوطي وغيرهم
واستعنت بالله على هذا المبتغى وعقدت نيتي على اختصاره فهو نعم المولى ونعم النصير "
................
ومن هنا كان اختصاري لشروحات " الجامع الصحيح " حاجة علمية ملحة وخدمة للعلم وطلبة العلم
كما أن هذا العمل يحتاج الى بحث دوؤب لمعرفة المواطن الذي ينتقى منه على الغرض المطلوب خاصة اختلاف الشراح في كتبهم ومقاصدهم وكل منهما قد حدد لنفسه منهجا لشرح الحديث ومقصدا وغاية لشرحهم
وكل على حسب اجتهاده وعلمه
ومن هنا فإن هذه المطولات احيانا تحتاج الى خدمة علمية أو مشروع عمل يختص باقتناص وتلخيص جل فوائدها فرأيت أن أحظى بشرف خدمة هذا " الجامع الصحيح " وتلخيص هذه " الشروحات " من المطولات ليسهل نيل المراد منها ويلبي رغبة الباحثين الذين يتمنون ان لو اختصرت هذه الشروح بأبين طريقة "
والله ولي التوفيق .
......................
ومما واجهت من الصعوبات التي حاولت قدر المستطاع تفاديها هذه المسائل من تفريعات وتشعبات وأحرص قدر الامكان أن لا يفوتني شيء من المسائل المهمة بالاضافة الى ان هذا النمط من التلخيصات نمط جديد من ناحية الاقتصار على المهم الأهم ووضعها في ثنايا الكتاب
,,,,
وقد كنت حريصا على عدم الاساءة للكتاب بأي شكل من الاشكال في الاختصار المخل والتطويل الممل فابن حجر رحمه الله قد صنعه على مثال لم يسبق له حيث قال " وقد استخرت الله تعالى في ان أضم اليه نبذا شارحة لفوائده موضحة لمقاصده كاشفة عن مغزاه في تقييد أوابده واقتناص شوارده وأقدم بين يدي ذلك مقدمة تبين قواعده وتزين فرائده جامعة وجيزة دون الاسهاب وفوق القصور سهلى المأخذ تفتح المستغلق وكذلك الصعاب وتشرح الصدور ) انتهى
وقد اقتصر عملي في هذا على تلخيص الفوائد الفقهية والحديثية وحذف الكلام المتعلق بعلوم مصطلح الحديث وحذف الاقوال المتعلقة برجال الاسناد ومسائل الجرح والتعديل والاستطرادات في تعدد الروايات واختلافها وبيان علل الحديث
وذكرت الاحاديث التي ذكرها الحافظ ابن حجر ولم يخرجها ولم أعمد الى تخريجها خشية الاطالة أو لم يحكم عليها بالقبول أو الرد فاكتفيت بذكر كلام الحافظ عليها ..
ومن تواضع الحافظ ابن حجر رحمه الله قوله ( لست راضيا عن شيء من تصانيفي لأني عملتها في ابتداء الامر ثم لم يتهيأ لي من يحررها معي سوى " شرح البخاري " ومقدمته " ....." ا ه ومن تواضع لله رفعه " وهذا دليل على تواضعه الجم وإلا فمصنفاته انتفع بها القاصي والداني وغزيرة الفوائد والفرائد كثيرة النفع لتنوع اهتماماته في
كل الفنون رحمه الله " ا ه .
.............
ولمن طالع " الفتح " وأدمن على مطالعته عرف عن الحافظ في نقله من كتب الحديث قدرته الفائقة على الاختصار لذا قال عنه – فتح الباري – " لولا خشية الاعجاب لشرحت ما يستحق أن يوصف به هذا الكتاب لكن لله الحمد على ما أولى وإياه أسال ان يعين على إكماله مناّ وطولا " وأن بعض الاقوال تحتاج الى خلاصة واختصار وبعض الاقوال تحتاج الى تهذيب وتشذيب مع العلم له القدرة على التصرف في النقول وصياغة الاسلوب مع المحافظة على محتواها وفحواها ورونق اسلوبها "
..............
كما حرصنا في هذه الشروحات على مدى تناسق وتناغم الكلام وترابطه كمثل الخرزة في السلسلة متسلسلا بحيث إذا قريء اتضح المعنى دون أن يكون هناك تباين واختلاف في التلخيص والاسلوب
..........
وسنلخص اهم الشروحات التي ذاعت وانتشرت على " الجامع الصحيح " نسأل الله أن التوفيق والتيسير "ومن بينها :
* أعلام الحديث " للخطابي (388 ه)
وهو إمام فقيه محدث عرف بجودة تصانيفه وبديع تآليفه ومن أشهر مصنفاته " معالم السنن " شرح سنن أبي داود و ( أعلام الحديث ) شرح صحيح البخاري فأفاد وأجاد
قال الحافظ الذهبي: "فإذا وقفَ منصفٌ على مصنفاته، واطلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته، تحقّق إمامته وديانته فيما يورده وأمانته، وكان قد رحل في الحديث وقراءة العلوم، وطوَّف، ثم ألف في فنون من العلم، وصنف، وفي شيوخه كثرة، وكذلك في تصانيفه".اه
وكتاب " أعلام الحديث " للإمام الخطابي يعدّ أول شرح للجامع الصحيح، واختلاف الروايات
ذكر الإمام الخطابي مقدّمة لكتابه بيّن فيها سبب تأليف الكتاب, ومنهجه فيه, فقال:
"... وإن جماعة من إخواني ببلخ كانوا سألوني عند فراغي لهم من إملاء كتاب "معالم السنن" لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني -رحمه الله- أن أشرح لهم كتاب الجامع الصحيح لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله- .
•- وأن أفسّر المشكل من أحاديثه.
•- وأبيّن الغامض من معانيها.
وذكروا أن الحاجة إليه كانت أمسّ, والمؤنة على الناس فيه أشدّ, فتوقفتُ إذ ذاك عن الإجابة إلى ما التمسوه من ذلك, إذ كنتُ أستصعبُ الخطّة وأستبعدُ فيه الشقّة لجلالة شأن هذا الكتاب فإنه كما قيل: "كل الصيد في جوف الفرى".
ولما يشتمل عليه من صِعاب الأحاديث وعضل الأخبار في أنواع العلوم المختلفة التي قد خلا عن أكثرها كتاب المعالم؛ إذ كان معظم القصد من أبي داود في تصنيف كتابه ذكر السنن والأحاديث الفقهية, صاحب هذا الكتاب إنما هو ذكر ما صحّ عن رسول الله r من حديث في جليل من العلم أو دقيق, ولذلك أدخل فيه كل حديث صحّ عنده في تفسير القرآن, وذكر التوحيد والصفات, ودلائل النبوّة, ومبدأ الوحي,وشأن المبعث, وأيام رسول الله r وحروبه ومغازيه, وأخبار القيامة...
فأصبح هذا الكتاب كنزاً للدين, وركازاً للعلوم, وصار بجودة نقدِه وشدّة سبكه, حكمَاً بين الأمة فيما يراد أن يُعلم من صحيح الحديث وسقيمه, وفيما يجب أن يُعتمد ويعوّل عليه منه.
ثم إني فكّرتُ بعد فيما عاد إليه أمر الزمان في وقتنا هذا من نضوج العلم, وظهور الجهل, وغلبة أهل البدع, وانحراف كثير من أنشاء الزمان إلى مذاهبهم وإعراضهم عن الكتاب والسنة, وتركهم البحث عن معانيهما, ولطائف علومهما, ورأيتهم حين هجروا هذا العلم وبُخِسوا حظاً منه, ناصبوه وأمعنوا في الطعن على أهله فكانوا كما قال الله عز وجلّ: {وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم}.
ووجدتهم قد تعلّقوا بأحاديث من متشابه العلم قد رواها جامع الكتاب وصحّحها من طريق السند والنقل, لا يكاد يعرف عوامّ رواة الحديث وجوهها ومعانيها, إنما يعرف تأويلها الخواصّ منهم, الراسخون في العلم, المتحققون به, فهُم لا يزالون يعترضون بها عوامّ أهل الحديث, والرجل والضعفَة منهم, فإذا لم يجدوا عندهم علماً بها ومعرفة بوجوهها اتخذوا سلّماً إل ما يريدون من ثلب جماعة أهل الحديث والوقيعة فيهم, ورموهم عند ذلك بالجهل وسوء الفهم, وزعموا أنهم مقلّدون يروون ما لا يدرون, وإذا سئلوا عنه وعن معانيه ينقطعون
فحضرتني النيّة في إطلابهم ما سألوه من ذلك, وثابت إليّ الرغبة في إسعافهم بما التمسوه منه, ورأيت في حق الدّين وواجب النصيحة لجماعة المسلمين أن لا أمنع ميسور ما أسبغ له من تفسير المشكل من أحاديث هذا الكتاب وفتق معانيها, حسب ما تبلغه معرفتي, ويصل إليه فهمي, ليكون ذلك تبصرة لأهل الحق, وحجّة على أهل الباطل والزيغ, فيبقى ذخيرة لغابر الزمان, ويخلد ذكره ما اختلف الملَوَان.
والله الموفق لذلك, والمعين عليه, والعاصم من الزلل فيه بمنّه ورأفته.
وقد تأمّلت المشكل من أحاديث هذا الكتاب والمستفسر منها, فوجدت بعضها قد وقع ذكره في كتاب "معالم السنن" مع الشرح له, والإشباع في تفسيره, ورأيتني لو طويتها فيما أفسّره من هذا الكتاب وضربت عن ذكرها صفحاً اعتماداً مني على ما أودعته ذلك الكتاب من ذكرها كنت قد أخللتُ بحقّ هذا الكتاب, فقد يقع ها عند من لا يقع عنده ذاك, وقد يرغب في أحدهما من لا يرغب في الآخر, ولو أعدت فيه ذكر جميع ما وقع في ذلك التصنيف كنتُ قد هجّنتُ هذا الكتاب بالتكرار, وعرّضتُ الناظر فيه للملال, فرأيتُ الأصوب أن لا أخليها من ذكر بعض ما تقدم شرحه وبيانه هناك متوخياً الإيجاز فيه, مع إضافتي إليه ما عسى أن يتيسّر في بعض تلك الأحاديث من تجديد فائدة وتوكيد معنى زيادةً عل ما في ذلك الكتاب, ليكون عوضاً عن الفائت, جبراً للناقص منه.
ثم إنّي أشرح بمشيئة الله الكلام في سائر الأحاديث التي لم يقع ذكرها في "معالم السنن" وأوفيها حقّها من الشرح والبيان.
فأما ما كان فيه ن غريب الألفاظ اللغوية, فإني أقتصر من تفسيره على القدر الذي تقع به الكفاية في معارف أهل الحديث الذين هم أهل هذا العلم, وحملته دون الإمعان فيه والاستقصاء له على مذاهب أهل اللغة, من ذكر الاشتقاق والاستشهاد بالنظائر ونحوها من اليان, لئلا يطول الكتاب, ومن طلبَ ذلك وجد العلّة فيه مراضَةً بكتاب أبي عبيد, ومن نحا نحوه في تفسير غريب الحديث..."أهـ
المرجع " أعلام الحديث " ( 1/105-106)
التعريف بالشروح الحديثية المقتبس منها فتح الباري ( ص 18-19 ) محمد عبد الله القناص .
وطبع كتاب " أعلام الحديث " للخطابي بتحقيق الدكتور : محمد بن سعد بن عبد الرحمن آل سعود جامعة أم القرى 1409 ه في خمس مجلدات " انتهى .
....................(3 )
" الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري " للكرماني (786 ه)
قال الحافظ ابن حجر في " الدرر الكامنة " ( 4/310-311) :
" وهو شرح مفيد على أوهام فيه في النقل لأنه لم يأخذ إلا من الصحف وقد عاب في خطبة شرحه على شرح ابن بطال ثم على شرح القطب الحلبي وشرح مغلطاي ) ا ه
قال حاجي خليفة في " كشف الظنون " (1/546) :
" وشرح العلامة شمس الدين : محمد بن يوسف الكرماني شرح وسط مشهور جامع لفرائد الفوائد وزوائد الفرائد وسماه " الكواكب الدراري .." فشرح الألفاظ اللغوية ووجه الأعاريب النحوية البعيدة وضبط الروايات وأسماء الرجال والقاب الرواة ووفق بين الأحاديث المتنافية وفرغ منه بمكة المكرمة سنة خمس وسبعين وسعمائة " أ ه .
ولقد طبع الكتاب بعنوان " الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري " المطبعة المصرية في ( 4 مجلدات ) .
ينظر إلى :
* دليل مؤلفات السنة (1/277)
* منهج الكرماني في كتاب " الكواكب الدراري " أحمد منجي جامعة أم القري 1416 هجري
* التعريف بالشروح الحديثية المقتبس منها في فتح الباري
( ص 38- 39)