قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فى الاصول الثلاثة:
مِلَّةَ إِبْراهِيمَ -: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ، وَبذَلكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ وَخَلَقَهُمْ لَهَا؛
قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}
قوله : (أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) هذا هو معنى الحنيفية التي أمر الله بها.
والإخلاص معناه
تخليص الأعمال من الشرك بالله ، وإفراد الله تعالى وحده بالعبادة .
ومن أخلص العبادة لله فهو من المسلمين الموعودين بدخول الجنة والنجاة من النار.
ومن لم يخلص لله تعالى فهو مشرك كافر مخلد في عذاب جهنم.
فالإخلاص في العبادة هو إفراد الله تعالى بها ، بأن يؤديها لله وحده لا شريك له، تقرباً إليه جل وعلا بامتثال أمره ورجاء ثوابه وخوف عقابه.
ومن عبد الله وحده فقد أخلص العبادة لله جل وعلا، وصفاها ونقاها من عبادة غيره جل وعلا، وهذا هو التوحيد المأمور به.
وأما من صرف عبادة من العبادات لغير الله تعالى فهو غير مخلص لله في العبادة، وإنما أشرك معه غيره، فيستحق على شركه العذاب الشديد والحرمان مما جعله الله لعباده المخلصين من الثواب العظيم ، وهذا هو الخسران المبين
قوله: (وَخَلَقَهُمْ لَهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وَمَعْنَى يَعْبُدُونِ: يُوَحِّدُونِ).
أي خلقهم الله لعبادته كما قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
هذا الأسلوب في لسان العرب يسمى الحصر ، فالله حصر الغاية من خلق الجن والإنس في عبادته جل وعلا وحده لا شريك له.
فمن لم يفعل ذلك لم يؤدِّ ما خلق لأجله؛ فيستحق العذاب على تركه ما خلق لأجله.
أما من امتثل هذا الأمر فعبد الله وحده لا شريك له فقد أدَّى ما خُلِق لأجله، وقد جعل الله له الثواب العظيم الجزيل، ووعده أن يدخله الجنة خالداً فيها في النعيم المقيم ،
فالغاية من خلق الجن والإنس هي عبادة الله وحده لا شريك له.
قوله : (وَمَعْنَى يَعْبُدُونِ: يُوَحِّدُونِ) هذا تفسير باللازم، لأن العبادة إذا لم تكن خالصة لله تعالى فهي باطلة، ليست بشيء ، ويجعلها الله يوم القيامة هباء منثوراً كما قال الله تعالى عن المشركين: {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} .
فعلم أن العبادة التي تنفع صاحبها إنما هي العبادة المقبولة التي أخلص بها العبد لربه جل وعلا ، فهذه العبادة لا تصح إلا من الموحدين الذين حققوا الشهادتين علما وعملا واعتقادا - شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فتكون عباداتهم خالصة لله تعالى صواباً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك تكون مقبولة عند الله نافعة لهم.[من شرح ثلاثة الاصول-للداخل -بتصرف]