السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا تخريج لحديث «إِنِّي أُبْغِضُ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا تَجُرُّ ذَيْلَهَا تَشْكُو زَوْجَهَا»
ورد من حديث أم سلمة ، وزيد بن ثابت ، ومرسل الحسن البصري أو سعيد بن المسيب
حديث أم سلمة له طريقان:-
الطريق الأول:مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيد أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ عن يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُبْغِضُ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا تَجُرُّ ذَيْلَهَا تَشْكُو زَوْجَهَا»
أخرجه الطبرانى فى "الكبير" (739) ، و"الأوسط" (6007) ، وابن صاعد فى "أماليه" (12) ، وهذا إسناد تالف فيه يحيى بن يعلى الأسلمى ضعيف ، وسعد الإسكاف متروك الحديث.
ولكن جاء فى "العلل" للدارقطني (237/15): ((وسئل عن حديث أبي عبد الله الجدلي، عن أم سلمة، جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها فقال: إني لأبغض المرأة تجر ذيلها تشكو زوجها.فقال: يرويه يحيى بن يعلى الأسلمي، واختلف عنه؛
فرواه عباد بن يعقوب، عن يحيى بن يعلى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ، عَنْ أبي عبد الله الجدلي، عن أم سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وخالفه أبو هشام الرفاعي؛
فرواه عن يحيى، عن سعد أبي الحسن الإسكاف، عن عبد الملك بن أبي سليمان، وأسقط من الإسناد أبا صادق، وزاد فيه سعدا.
ورواه عيسى بن أبي حبيب، عن يحيى بن يعلى ... ، جميعا، ويحيى بن يعلى ليس بالقوي.)) انتهى.
وقال المحقق: أن عيسى بن أبي حبيب خطأ تصحيف ، والصواب هو حسين بن أبي بردة.
وقال ابن القيسراني فى "أطراف الغرائب والأفراد" (398/5): ((غَرِيب من حَدِيث سَلمَة بن كهيل عَنهُ، تفرد بِهِ يحيى بن يعلى الْأَسْلَمِيّ عَن سعد أبي الْحسن الأسكاف عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَن سَلمَة وَرَوَاهُ عباد بن يَعْقُوب [عن] يحيى بن يعلى فَلم يذكر فِيهِ سَعْدا وَزَاد فِيهِ أَنا صَادِق وَتَابعه حُسَيْن بن أبي بردة عَن يحيى.)) انتهى.
قلت: أبو هشام الرفاعى ضعيف ، وعباد بن يعقوب صدوق ، وحسين بن أبي بردة قال الذهبي: مجهول ، وقال العقيلى: فى حديثه وهم.
فرواية عباد بن يعقوب وحسين بن أبي بردة أولى بالقبول ، ويحيي بن يعلى ذكروا فى شيوخه عبد الملك بن أبي سليمان فسماعه منه متحقق ، وسلمة بن كهيل سمع من أبي صادق ، فهى الرواية الصواب إن شاء الله ، ويكون الإسناد ضعيفاً فقط لضعف يحيى بن يعلي.
الطريق الثانى: أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الأزدي ، ثنا محمد بن عبد الله بن صالح ، ثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق ، حدثني أبي ، عن عمار بن أبي معاوية الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن أبي عبد الله الجدلي ، حدثتني أم سلمة ، قالت : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة تشكو زوجها ، فقال : " إني لأبغض المرأة المسلمة أن لا تزال رافعة ذيلها تشكو زوجها "
أخرجه أبو العباس ابن عقدة فى "جزء من حديثه" (63) ، وأحمد بن عبد الرحمن بن محمد الأزدى لم أجده ، والظاهر أنه يوجد سقط والصواب هو أبو أحمد الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الأزدى له ترجمه فى "الكنى" لأبى عبد الله الحاكم (331/1) ، و"فتح الباب فى الكنى والألقاب" لابن منده (ص59) ، ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً فهو مجهول ، ومحمد بن عبد الله بن صالح لم أعرفه ، وباقي الإسناد رجاله ثقات.
وأخرجه عن أم سلمة الديلمي فى "الفردوس" (178) ، ولم أجده مسنداً فى "الغرائب الملتقطة"
حديث زيد بن ثابت
أخرجه البيهقي فى "شعب الإيمان" (8360) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْغُضَائِرِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحُنَيْنِيُّ، نا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الدَّهَّانُ، نا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، حَدَّثَنِي مَنْ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنَتِهِ: " فَإِنِّي أَبْغَضُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَشْكُو زَوْجَهَا "، وَقَالَ: " تَشْكُو الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا "
وإسناده ضعيف فيه رجل مبهم بين مسلم بن صبيح وزيد بن ثابت لم يُسم.
مرسل الحسن البصري أو سعيد بن المسيب
أخرجه سعيد بن منصور فى "سننه" (1412) قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَوِ الْحَسَنِ - شَكَّ حَمَّادٌ - أَنَّ بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو زَوْجَهَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعِي، فَإِنِّي أَكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَجُرَّ ذَيْلَهَا تَشْكُو زَوْجَهَا»
وهذا إسناد ضعيف لضعف على بن زيد بن جدعان والإرسال ، وإن كان من مرسل سعيد بن المسيب فمرسلاته جيدة صحيحة عند العلماء ، أما إن كان من مرسل الحسن البصري فمرسلاته ضعيفة جداً.
وجاء فى كتاب "إشعار المتزوج" لمحمد المختار بن عابدين بن المختار بن محمد الشنقيطي المالكي (ص113): ((وقال [الرسول] رضى الله عنه: إِنِّي أُبْغِضُ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا تَجُرُّ ذَيْلَهَا تَشْكُو زَوْجَهَا ، وقال ابن فارس: وقد جاءت رقية بنته - صلى الله عليه وسلم- تعتب على عثمان رضى الله عنه فقال [الرسول] رضى الله عنه: ما أحب للمرأة أن تكثر شكاية بعلها ، انصرفى إلى بيتك))
قلت: المفترض أن يقول "صلى الله عليه وسلم" بدل "رضى الله عنه"!! ، وقول ابن فارس يفسر ويوضح بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التى جاءت مبهمة فى روايات الحديث ، وهى أنها رقية.
والحديث قابل للتحسين بمجموع طرقه ، والله أعلم.