هذا كتابٌ مهمٌّ جمعَ مِنْ علوم القرآن قدراً وفيراً، واستقاه مؤلِّفُه من مصادر كثيرة تجاوزتْ (٥٠٠) مصدر.
وقد فرغ منه يومَ السبت ١٣ من شوال سنة (٨٧٨)، (ولم يبلغ الثلاثين من عمره) سوى أشياء ألحقها بعد ذلك، كما جاء في نسخة تلميذه العلامة الداودي، التي هي أصلُ النسخة الموجودة في وزارة الأوقاف بالكويت.
وقد كُتبتْ منه نسخٌ في حياة مؤلفه، وطُلب من البلاد[1].
ومن النُّسخ التي وصلتْ إلينا نسخة كتبها تلميذُ المؤلف جَرامُرْد الناصري -وهو مِنْ مماليك السلطان الأشرف قايتَباي-، وكان مِنْ محبي السيوطي وطلابه وملازميه والأوفياء له، وقد قرأ عليه "ألفية الحديث"، و"اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" (في إبرازته الثانية)، وكان حاضراً عند السيوطي حين أملى آخر كتابٍ له -وهو "التنقيح في مسألة التصحيح"- قبل موته بأيام، (كما جاء في نسخة جستربيتي)، وكانت وفاته (أعني السيوطي) سنة (٩١١).
♦♦♦♦♦
سقتُ هذا لأقول:
إنَّ جَرامُرْد الناصري هذا قرأ كتابَ "الإتقان في علوم القرآن" على مؤلِّفه في (٦٩) مجلساً، وأجاز له روايته عنه، وإجازةً عامةً في ذي القعدة سنة (٨٨٣)، ووصفه بأوصاف عالية، منها أنه نادرةُ أبناء جنسه.
وتقع نسخته في (٤٧٢) صفحة، في كل صفحة (٢٩) سطراً، فيكون قرأ في كل مجلس (٧) صفحات تقريباً.
وقد طُبِعتْ في (٢٤٥٧) صفحة -مع التعليق- فيكون نصيب كل مجلس (٣٥) صفحة ونصفاً.
وعلى حواشي النسخة زياداتٌ، يبدو أنها التي كان المؤلِّفُ يلحقها، وهذا يدلُّ على حرصِ جَرامُرْد ودقتهِ ومتابعتهِ لمسيرة الكتاب.
♦♦♦♦♦
آلتْ هذه النسخةُ النفيسةُ بخط جَرامُرْد إلى المكتبة الآصفية بحيدر آباد في الهند، (وسيرُ المخطوطات في الأرض عجيبٌ)، واتخذَها مركزُ الدراسات القرآنية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة أصلاً في طبعتهم، ومنها أفدتُ وصفَها.
وأدعو نفسي وإخواني إلى قراءة هذا الكتاب في شهر رمضان، ولنعتمدْ هذه الطبعة فهي أفضلُ طبعاتهِ.


♦♦♦♦♦
وأعودُ إلى وصول هذه النسخة إلى (الهند) فأقول:
إنَّ وزير ملك الهند العالم نعمة الله اليزدي سافر إلى مصر سنة (٨٨٩)، وبقي إلى سنة (٨٩٠)، وزارَ السيوطي في بيته في "الروضة" -على شاطئ النيل-، وقرأ عليه، واشترى (الإتقان) وأخذَه معه، فهل يُحتمل أن تكون النسخة التي اشتراها هي نسخة جَرامُرْد؟ رُبما، والله تعالى أعلم.
♦♦♦♦♦


وأقولُ أخيراً: رحمَ اللهُ السيوطي وتلميذَه المخلصَ جَرامُرْد، وكتب لهما أجرَ بثِّ العلم ونشرهِ.[2]
-------------------
[1] ومن أفضل الدراسات عنه ما كتبه الشيخ الدكتور حازم سعيد حيدر في رسالته للدكتوراه: "علوم القرآن بين البرهان والإتقان".
[2] ليلة الخميس ٧ من شهر رمضان المبارك ١٤٤١ه.


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/140216/#ixzz6MPTC98Bv