قال الامام ابن باز رحمه الله
فأما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها لا تضاعف من جهة العدد، ولكن تضاعف من جهة الكيفية، أما العدد فلا، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا [الأنعام:160].
فالسيئات لا تضاعف من جهة العدد، لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرها، بل السيئة بواحدة دائمًا، وهذا من فضله سبحانه وتعالى وإحسانه. ولكن سيئة الحرم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم إثمًا من السيئة فيما سوى ذلك، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثمًا من سيئة في جدة والطائف مثلًا، وسيئة في رمضان وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب أو شعبان ونحو ذلك.
فهي تضاعف من جهة الكيفية لا من جهة العدد، أما الحسنات فهي تضاعف كيفية وعددًا بفضل الله سبحانه وتعالى، ومما يدل على شدة الوعيد في سيئات الحرم وأن سيئة الحرم عظيمة وشديدة، قول الله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25].
فهذا يدل على أن السيئة في الحرم عظيمة، حتى إن في الهم بالسيئة فيه هذا الوعيد. وإذا كان من هَمَّ بالإلحاد في الحرم متوعدًا بالعذاب الأليم، فكيف بحال من فعل في الحرم الإلحاد بالسيئات والمنكرات؟ فإن إثمه يكون أكبر من مجرد الهم، وهذا كله يدلنا على أن السيئة في الحرم لها شأن خطير.
https://binbaz.org.sa/fatwas/
قال ابن عثيمين رحمه الله :
فالحسنة تضاعف بالكم وبالكيف . وأما السيئة فبالكيف لا بالكم .
لأن الله تعالى قال في سورة الأنعام وهي مكية :{ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } الأنعام/160 . وقال : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } الحج/25 .
ولم يقل : نضاعف له ذلك . بل قال : ( نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) فتكون مضاعفة السيئة في مكة أو في المدينة مضاعفة كيفية .( بمعنى أنها تكون أشد ألماً ووجعاً ) لقوله تعالى : وقال : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } الحج/25 .اهـ
[ "الشرح الممتع" (7/262) ].