قال الامام ابن باز رحمه الله:
وهكذا جزاء السيئة سيئة مثلها، والله عز وجل لطيف حكيم، وقد يعجل العقوبة بسبب ما أقدم عليه العبد من الحيل والمكر وقد يؤجلها لحكمة بالغة؛ فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بوجود المجرمين والمحتالين والكافرين ويقول إن الله سبحانه لم يعاقبهم؛ فإنه لو عجل العقوبة للجميع ما بقي على وجه الأرض أحد هلك الناس: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ) [النحل:61] (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ) [فاطر:45] ولكنه سبحانه له الحكمة البالغة، فهذا تعجل له العقوبة، وهذا يعجل له بعضها، وهذا يملى له وينظر إلى وقت ما، وهذا ينظر إلى الآخرة فيكون عذابه أشد، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بمن فعل الإجرام وأمهل فإن ربك سبحانه له الحكمة البالغة، ولهذا يقول جل وعلا في كتابه العظيم: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [إبراهيم:42] ويقول جل وعلا: (سَنَسْتَدْرِجُ ُم مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ) [الأعراف:182] (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) [الأعراف:183] ويقول جل وعلا: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود:102]

فأغلب الخلق اغتر بإمهال الله، يقول هذا فلان ما جرى عليه شيء، وهذه الطائفة الفلانية ما جرى عليها شيء، وهذه الدولة ما جرى عليها شيء، لا تغتر بهذا، ربك حكيم في إملائه وإنظاره، فعليك الحذر وأن تبتعد عن أسباب الهلاك، ولا يهمنك كون بعض الناس قد أملي له، قد أنظر فلله الحكمة البالغة، عليك نفسك احذر أن تصيبك المصيبة إما عاجلًا وإما آجلًا ثم ماذا لو متعت أيضًا وأمهلت كما أمهلوا ثم صارت لك النار يوم القيامة ويش ينفعك هذا الإمهال؟! (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [إبراهيم:42] فالعاقل يحذر ولا يغتر بإمهال الله وإنظاره ووجود الظلمة والكفرة، لا، عليك نفسك احذر، ثم ماذا لو أنظرت وحصل لك ما حصل لهم من الإنظار ثم صرت إلى النار فما الفائدة؟ نسأل الله العافية!.


المصدر تعليقات الشيخ على كتاب أغاثة اللهفان
https://binbaz.org.sa/audios/2943/06...B1%D9%87%D8%A7