وسئلت عائشة رضي الله عنها عن الفأرة فقالت : ما هي بحرام ، وقرأت هذه الآية{قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً}
ما صحة هذا الأثر؟
وسئلت عائشة رضي الله عنها عن الفأرة فقالت : ما هي بحرام ، وقرأت هذه الآية{قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً}
ما صحة هذا الأثر؟
ذكره ابن المنذر وغيره في كتاب الإشراف (8/154)،ولعله مروي بالمعنى وفي تفسير المنار (8/132) عزي إلى ابن المنذر وغيره أنه أخرجه بلفظ:
"عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا سُئِلَتْ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ تَلَتْ (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا) الْآيَةَ". اهـ.
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (4/259) فقال: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ:
كَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا سُئِلَتْ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، قَالَتْ: «لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا» ثُمَ تَقُولُ: «إِنَّ الْبُومَةَ لَيَكُونُ فِيهَا الصَّقْرَةُ». اهـ.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه [8074] فقال: عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سُئِلَتْ عَائِشَةُ ، عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، فَتَلَتْ:
{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا{، فَقَالَتْ: قَدْ نَرَى فِي الْقِدْرِ صُفْرَةَ الدَّمِ ". اهـ.
وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (2/761) فقال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ، يَقُولُ: كَانَتْ عَائِشَةُ ... إلخ". اهـ.
وأخرج أبو طاهر الذهبي في المخلصيات (1/298) فقال: حدثنا سعيدُ بنُ يحيى الأُمويُّ: حدثنا أبومعاويةَ الضريرُ: حدثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن القاسمِ، عن عائشةَ قالتْ: فذكره.
وأخرج أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ (ص: 434) من طريق يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ رَحِمَهَا اللَّهُ ... إلخ". اهـ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ.
وأخرج أبو جعفر الطبري في تفسيره (3/635) فقال: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُّ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ فذكره.
وورد في علل الدارقطني (14/234) :
سئل عن حديث القاسم، عن عائشة؛ أنها سئلت عن لحوم السباع، فلم تر بها بأسا، وقرأت: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما} الآية.
فَقَالَ: يَرْوِيهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ ، وَاخْتُلِفَ عنه؛
فرواه ابن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن عائشة.
ورواه اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة. وقول الليث أشبه بالصواب.
وكذلك رواه إسماعيل بن أبي حكيم، عن القاسم، عن عائشة ". اهـ.
وأخرج أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ (1/435) من طريق يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ مَا تَقُولُ فِي لَحْمِ الْفِيلِ؟ فَقَالَ: " قَالَ اللَّهُ عز وجل: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُه} الآيَةَ ".
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ كُلُّهَا تُعَارِضُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الثَّابِتَةِ عَنْهُ.
فَأَمَّا مُعَارَضَتُهَا فَإِنَّ الْحَدِيثَ الْمُسْنَدَ الَّذِي فِيهِ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَبْقَ لِي شَيْءٌ أُطْعِمُهُ أَهْلِي إِلا حُمُرٌ لِي قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحُمُرُ وَحْشِيَّةً وَيَكُونُ أَكْلُهَا جَائِزًا وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَلَّهَا لَهُ عَلَى الضَّرُورَةِ كَالْمَيْتَةِ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي فِيهِ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا يُنَادِي بِمَا نَادَى بِهِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ " فَإِنَّهَا رِجْسٌ "، فَالرِّجْسُ بِالْحَرَامِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْحَلالِ، وَفِيهِ " فَكُفِئَتِ الْقُدُورُ " وَالْحَلالُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْلَبَ وَالَّذِي تَأَوَّلَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُخَالِفُ فِيهِ.
وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ يُقَالُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ قَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتْعَةَ وَلُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ، وَقَالَ بِتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ وَأَكْلِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ وَمَعَ هَذَا فَلَيْسَ لأَحَدٍ مَعَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلامُ حُجَّةٌ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: " لَا يَحِلُّ أَكْلُ لُحُومِ الْخَيْلِ "، فَقَدْ أَخْرَجَ الْخَيْلَ مِنَ الآيَةِ وَالْحُمُرُ أَوْلَى " وَقَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ بِأَنَّ الآيَةَ مُحْكَمَةٌ وَأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ دَاخِلَةٌ فِيهَا قَوْلٌ نَظَرِيٌّ لأَنَّ التَّذْكِيَةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ تَوْقِيفًا فَكُلُّ مَا لَمْ تُوجَدْ تَذْكِيَتُهُ بِالتَّوْقِيفِ فَهُوَ مَيْتَةٌ دَاخِلٌ فِي الآيَةِ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنْ يُضَمَّ إِلَى الآيَةِ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلٌ حَسَنٌ فَيَكُونُ دَاخِلا فِي الاسْتِثْنَاءِ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ كَذَا أَوْ كَذَا وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَلا تَرَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَقُولُ بِتَحْلِيلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَتَّى قَدِمَ الشَّامَ فَلَقِيَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيَّ فَحَدَّثَهُ عَنْ، أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ حَرَّمَ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ.
وَكَذَا صَحَّ قَالَ مَالِكٌ لَمَّا سُئِلَ عَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ فِيهِ نَهْيًا وَهُوَ عِنْدِي حَلالٌ وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَحْرِيمُ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ غَيْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَقَعْ إِلَى مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَعُذِرَ بِذَلِكَ وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ الآيَةَ جَوَّابُ قَوْلٍ حَسَنٍ صَحِيحٍ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ لأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ جَوَابًا فَقَدْ أُجِيبُوا عَمَّا سَأَلُوا عَنْهُ وَثَمَّ مُحَرَّمَاتٌ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْهَا فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِحَالِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا جَوَّابٌ أَنَّ قَبْلَهَا {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ} وَمَا مَعَهُ مِنَ الاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ.
وَهَذَا الْقَوْلُ الْخَامِسُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ شَيْءٌ قَدْ ذَكَرَهُ قَوْمٌ هُوَ مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ بِمَعْزِلٍ وَلَكِنَّا نَذْكُرُهُ لِيَكُونَ الْكِتَابُ عَامَّ الْفَائِدَةِ ". اهـ.
وقال ابن حزم في المحلى (6/80) :
فَإِنْ ذَكَرُوا: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ احْتَجَّتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةَ؟
قُلْنَا: لَمْ يَبْلُغْهَا التَّحْرِيمُ وَلَوْ بَلَغَهَا لَقَالَتْ بِهِ، كَمَا فَعَلَتْ فِي الْغُرَابِ، وَلَيْسَ مَذْكُورًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ ". اهـ.
والله أعلم.
جزاكم الله خيراً.