حياتنا بين اليأس والأمل



للكاتب: سالم الناشي




- حياتنا كثيرةَ التقلُّب، لا تستقيم لأحد على حال، ولا تصفو لمخلوق مِن الكدَر؛ ففيها خير وشر، وصلاح وفساد، وسُرور وحزن، وأملٌ ويأس، ويأتي الأمل والتفاؤل ليَبعثان في النفس البشرية الجدَّ والمُثابرة، ويعلمناها الجلَد والمُصابَرة.

- والإسلام يدعو إلى التفاؤل والأمل في الله، وينهى عن التشاؤم واليأس: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ»، قَالَ: وَمَا الفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ». (متفق عليه)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ، وَيَكْرَهُ الطِّيَرَة» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.


- فهذا أيوب -عليه السلام- ابتلاه ربه بذَهاب المال والولد والعافية، ثم ماذا؟ قال الله -تعالى-: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣)فَاسْتَجَبْن َا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (٨٤)}(الأنبياء).

- وهذا نبي الله يعقوب -عليه السلام- فقَد ابنَه يوسفَ -عليه السلام- ثم أخاه، ولكنه لم يتسرَّب إلى قلبه اليأسُ، ولا سرَى في عروقه القنوطُ، بل أمَّل ورَجا وقال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}(يوسف : 83)، وما أجمله من أمل تُعزِّزه الثقةُ بالله -سبحانه وتعالى- حين قال: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}(ي وسف: 87).

- ولقد عاب النبي صلى الله عليه وسلمعلى الذين يُنفِّرون الناس، ويَضعونهم في موقع الدُّونيَّة والهزيمة النفسيَّة؛ فقال صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : «إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلَكهم»، قال أبو إسحق: لا أدرى «أهلكَهم» بالنَّصْب الكاف، أو «أهلكُهم» بالرفع؟

ونهى صلى الله عليه وسلم عن التشاؤم واليأس؛ لأنه سوء ظن بالله: قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» (متفق عليه). فماذا تظن بربك؟! فعلى نوع ظنك يكون حالك.

- فرق كبير بين كلمتي (اليأس - والأمل)، وفرق عظيم بين رجل يعيش بروح التفاؤل والأمل، وبين رجل بات ضحية اليأس والقنوط، الفارق بين الاثنين، هو أن الرجل الذي ينظر إلى الحياة بأمل وفأل حسن، تنبعث فيه روح هائلة من القوة والحركة.

- وحين تغيب الصورة المشرقة من عقل الإنسان؛ فإنه يصبح يائساً قانطاً، ضعيف الهمة، ضعيف النفس، لا يقدر على صنع شيء.

إننا اليوم بحاجة إلى مَن يبثُّ في النفوس الأمل، ويُيسِّر لهم طريق الخير؛ فاليأس لا يقدم حلولاً، ولا يصنع شيئاً سوى مزيد من الآلام والمصاعب، ويسهم في تضخيم الصورة السلبية عن نفسك وظروفك وأحوالك.