بين الزوجين: السكوت ليس دليل الرضا
نبيلة الوليدي
إذا رأيت نيوب الليث بارزة *** فلا تظنن أن الليث يبتسم !
وأنا أقول لك: إذا كان زوجك صامتا
فلا تظني أن الصمت علامة الرضا.
(عمار وأسماء) زوجان يعيشان حياة هادئة منذ عدة سنوات.. عمار يحب الطعام الذي تعده زوجته هكذا كانت دائما تقول ولم يسبق له أن أبدى أي تعليق، لكنها فوجئت به ذات يوم يقلب طبق البيض على مائدة الإفطار قائلا: لا أحب أكل البيض المطهو بهذه الطريقة !.
قالت: ولكنك كنت تنهي طبقك دائما..عجبا كنت أظنك تحبه هكذا !.
(سناء وأمجد) زوجان رائعان هكذا يقول كل من عرفهما عاد أحمد ذات يوم من العمل فوجد سناء قد غيرت قصة شعرها التي لم تغيرها منذ زواجهما قبل عدة سنوات.. وقف متأملا وأخذ يداعب خصلات شعرها قائلا: أنت أكثر جمالا اليوم.. لو تعلمين كم كنت أكره تسريحة شعرك القديمة، كانت لا تعجبني بالمرة !.
(ياسر ومروة) متزوجان منذ أكثر من عشر سنوات، حياتهما مستقرة لدرجة الرتابة...
ذات يوم استمعت لبرنامج يحث الزوجين على الحوار الصريح.. كان في نفسها الكثير مما ترغب بالبوح به لزوجها.. دخل عليها ياسر وهي منهمكة في متابعة البرنامج، أطفأت الجهاز بعد انتهاء البرنامج ووجدتها فرصة لتطبيق الفكرة خاصة أنه يوم إجازة وقبل أن تفقد حماسها للأمر..
شرحت له الفكرة وحتى لا تبدوا غير منصفة عرضت عليه أن يبدأ هو بسرد مآخذه عليها وكانت شبه متأكدة أنه لن يجد ما يقوله..
حاول الهروب وتأجيل الكلام لوقت آخر فما كان منها إلا أن حاصرته فهي متحمسة جدا لهذه الفرصة النادرة لتحسين سير حياتهما معا.. ما إن بدأ زوجها القنوع الراضي كما كانت تصفه دائما الكلام حتى ذهلت وهي تسمعه يسرد لها مآخذه عليها ويبدي تعليقات في أدق تفاصيل تعاملها معه.. وما إن انتهى حتى سألته والدهشة تملأ وجهها:
كل هذا تحمله في نفسك وتخفيه عني.. لماذا؟ وانفجرت باكية...
مروة كانت محظوظة، فقد سنحت لها هذه الفرصة لتنقذ مكانتها في قلب زوجها وتتدارك أركان علاقتهما قبل أن تتهاوى.. فماذا عنك ؟
فوهة بركان
إذا كان زوجك من الرجال الصامتين في البيوت فاعلمي أنك تعيشين على فوهة بركان قد ينفجر في أي لحظة وقد آن لي أن أقرع على مسامعك أجراس الخطر فتنبّهي...
كثيرا ما سمعنا أن فلانة طلقها زوجها بعد عشرة طويلة دامت عشر سنوات أو أكثر..
كانت حياتهما مستقرة وهادئة، كانت دائما تقول: زوجي طيب وقنوع.. يالغدر الأزواج..
وأخرى أصيبت بانهيار عصبي بعد أن فوجئت بزواج زوجها من أخرى.. لم تكن تتوقع ذلك.. كانا على وفاق ووئام لم يسبق له الشكوى منها.. فعلا لا تأمن الرجال إلا من أمنت الماء في الغربال.. ومثل هذا كثير..
لا أظنك تريدين أن يفاجئك زوجك بما لا تحمد عقباه.. واعلمي أنه كلما قدم وبعد تاريخ زواجكما وكانت حياتكما باردة ورتيبة كان ذلك أدعى لسرعة التحرك والتغيير.. اصنعي فرصة للمصارحة اختاري وقتا مناسبا لاستثارته وإخراجه من صمته.. قولي له بصراحة: أشعر أن حياتنا أصبحت رتيبة ومملة، وعواطفنا خبت ولفها البرود، لا بد من وجود أسباب أوصلتنا لما نحن فيه اليوم، نريد أن نتحسس سويا مواطن الضعف في علاقتنا، أنا مازلت أحبك وأتمنى أن تحيا معي أروع أيام حياتك وسأبذل كل الجهد في سبيل ذلك..
هو قد يحاول التملص وتخدير القضية، ربما لا يريد بذل أي مجهود إضافي، لقد اعتاد على العيش كهذا! لا تستسلمي وتستسهلي الهروب من المواجهة فحياتك تستحق أن تتعبي قليلا لتحييها في سرور ومتعة.. أنت شجاعة أثق أنك ستفعلين، لكن احذري فقد تتفاجئين بسماع ما لم تتوقعيه.
فاضبطي نفسك واحتفظي بهدوئك وتقبلي النقد بروح رياضية واستعملي سلاحك الذي لا يقهر (ضعفك ورقتك) لأن هذا سيجعله يبدي تعاطفا معك وسوف يشعره أنه ربما كان متعسفا فيما يطلبه منك، وأعلم أنك ذكية فلن يحملك تعاطفه معك وتنازله على عدم أخذ كلامه مأخذ الجد حتى لو بدا متطلبا أو متعسفا فبمجرد أن يرى تجاوبك ومحاولتك إصلاح ما انتقده فيك وبذلك الجهد في محاولة إسعاده ستشتعل مشاعر حبك في قلبه، وقد يفاجئك بأنه لم يكن جادا وأنك تعجبينه كيفما كنت..
لكن لا تتوقفي واستمري في التغيير.. وهنا لا تظني أني أطالبك بعدم البوح له بما في نفسك من مآخذ عليه، ولكن فقط أجليها حتى تصلي به لمرحلة لا بأس بها من الرضا عنك والامتنان..
وحينها سيكون طوع بنانك وربما أنك لن تحتاجي للبوح لأن عملك في التغيير إلى الأفضل سينسحب عليه وسيصلح ما بينكما من تجاف وتباعد وفتور..
سعادتك بيدك
ماذا لو كنت تعيشين باعتقاد أن هذا الرجل هو أسوأ زوج ولا يمكن أن يتغير ؟
ماذا لو كنت ممن ترى بيت الزوجية كسفينة يقودها ربّان سيّئ في وسط محيط متلاطم بالأمواج وتنتظر أول فرصة تسنح لتركب قارب النجاة وتنفذ بجلدها ؟
كم أنت مثيرة للشفقة بإمكاني رثاؤك إلى مالا نهاية.. أنت تعيسة ومثيرة للشفقة لأنك اخترت التعاسة.. بإمكانك بكاء نفسك إلى مالا نهاية لكن ماذا بعد ذلك ؟
الآن استجمعي ما بقي من قواك واستحضري كل شجاعتك وقرري أن تغيري حياتك. معتقداتك عن ذاتك.. اختاري السعادة.. اختاري حب ما لديك.. اختاري الرضا بما لديك..
الليلة قومي وصلي بخشوع في الهزيع الأخير من الليل وناجي الحبيب في سجودك: إلهي اخترت أن أحب ما لدي لئلا أفعل مالا تحبه.. اخترت أن أرضى بما لدي لئلا أفعل مالا يرضيك..
إلهي اخترت أن أغير ما بنفسي ابتغاء مرضاتك فغير لي أحوالي مع زوجي وشريك حياتي ومن ملكته أمري واجعله قرة عين لي في الدنيا والآخرة.
لا تترددي فأنت ترين أن أجمل سني عمرك تذهب في انتظار ما لم يحدث وربما لن يحدث أبدا.. لماذا يقولون: إن السعادة في الرضا؟ ذلك لأن الإنسان عندما يرضى فإنه يكون قد اختار.. وشعوره بأنه مختار وبكامل إرادته يملؤه ثقة ويزيده قوة فيشعر كم هو حر فيحيا حياة الإصرار بانشراح صدر وسكينة وطمأنينة.. وقد تتفاجأين عندما يصبح بإمكانك بعدها اكتشاف جوانب كانت خافية عنك في شخصية زوجك لأنك صرت أكثر هدوءا واستبصارا.
نفسك أمانة لديك فلا تعذبينها..
ثقي بكلامي فبعدما تختارين حب ما لديك والرضا به.. ستتتحول ذات السفينة التي أردت القفز منها..
إلى مركب هانئ يبحر في نهر هادئ وطيور بيضاء تحلق في سمائه وأشجار وارفة تتناثر على ضفافه، ورفيق عمر يستحق أن تبادليه مودة أو على الأقل رحمة فهو إما صحيح الطباع يستحق الحب أو سقيمها يستحق الرحمة..
أنت امرأة ميزتك الدهاء وزينتك الرقة والليونة بإمكانك أن تفعلي الكثير لتحيي بكنف دافئ ومع رضا الله ومحبته فلا تتخاذلي فقد قيل:
إن كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة *** فإن فساد الرأي أن تترددا
والله يلوم على العجز.. أثق أنك لن تعجزي ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا.