هدايات سورة المائدة
أحمد ولد محمد ذو النورين
بطاقة تعريفها:
- اسمها: سورة المائدة لاشتمالها على قصة نزول المائدة من السماء، وسورة العقود لاستهلالها بالأمر بالوفاء بالعقود، والمنقذة لأنها تنقذ صاحبها من ملائكة العذاب [1]، وسورة الأحبار لتكرر ذكرهم فيها [2]، كما تسمى سورة الأخيار [3].
- عدد آياتها: مائة وعشرون عند الكوفيين، ومائتان واثنتان وعشرون عند أهل الحجاز والشام، ومائتان وثلاث وعشرون في عد البصريين [4].
- ما اختلف نزولا عن السورة: مدنية كلها [5].
- ترتيبها نزولا: عدت السورة الحادية والتسعين في عدد السور على ترتيب النزول، حيث نزلت بعد سورة الأحزاب وقبل سورة الممتحنة [6].
- فضلها: تعتبر سورة المائدة من طوال سور القرآن، ومن أجلها منزلة وأعلاها مكانة، وكغيرها من السور المدنية تناولت القضايا التشريعية، كما هو شأن سورة البقرة، والنساء، والأنفال، إلى جانب احتضانها موضوع العقيدة، وقصص أهل الكتاب، قال أبو ميسرة: "المائدة من آخر ما نزل من القرآن، ليس فيها منسوخ وفيها ثمان عشرة فريضة، وكذلك يقول ابن تيمية: "سُورَةُ الْمَائِدَةِ أَجْمَعُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ لِفُرُوعِ الشَّرَائِعِ مِنْ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: (هِيَ آخِرُ الْقُرْآنِ نُزُولًا فَأَحِلُّوا حَلَالَهَا وَحَرِّمُوا حَرَامَهَا) وَلِهَذَا اُفْتُتِحَتْ بِقَوْلِهِ: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وَالْعُقُودُ هِيَ الْعُهُودُ وَذُكِرَ فِيهَا مِنْ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْإِيجَابِ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِي غَيْرِهَا" [8].
وقد جاء عن أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها- قالت: "إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ نزلت عليه المائدة كلها، وكادت من ثقلها تدق عضد الناقة" [9].
كما جاء من حديث عبد الله بن عمرو قال: "أنزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها" [10].
وذكر النقاش- في التنويه بإعجاز القرآن عامة وهذه السورة خاصة- أن أصحاب الكندي قالوا له: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال: نعم أعمل مثل بعضه فاحتجب أياماً كثيرة، ثم خرج فقال: "والله ما أقدر، ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف فخرجت سورة " المائدة "، فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلاً عاماً، ثم استثنى استثناء بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين (ولا) يقدر أحد أن يأتي بهذا إلا في أجلاد" [11].
ومما جاء في فضلها بشكل عام: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأن السبع الأول التي اعتبر النبي -صلى الله عليه وسلم- آخذها حبرا: ((من أخذَ السبعَ الأُوَلَ من القرآنِ فهو حبرٌ))[12]، والمائدة من هذه السبع، كما أنها من السبعِ الطِّوالِ التي أوتيها النبي -صلى الله عليه وسلم- مكانَ التوراة: كما ورد في حديث واثلةَ بنِ الأسقعِ -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أُعطيتُ مكانَ التوراةِ السبعَ...))[13].
- ظروف نزولها: نزلت سورة المائدة منصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الحديبية، وهي الفترة التي بدأت فيها الدولة الإسلامية تشهد هيبتها، ولهذا كان التركيز فيها قويا على بناء فسطاط المنهج الرباني الذي يعصم حملته من الزلل، ويرسم لهم طريق القوة والاستقرار، فاحتوت كثيراً من الأحكام التشريعية خاصة في ميدان العلاقات الخارجية وتصنيف الخصوم والبت في بعض الأحكام للدلالة الواضحة على رسو سفينة الدولة الإسلامية وتشييد أركانها وقيام سلطانها، وفي إطار ذلك أمر الله - تعالى -المؤمنين بالإيفاء بالعقود بكافة صنوفها سواء كانت إسلاميةً أم جاهلية، وقد سأل فرات بن حنان العجلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن حلف الجاهلية فقال: "لعلك تسأل عن حلف تيم الله" قال: نعم يا نبي الله. قال: "لا يزيده الإسلام إلا شدة". وقال -صلى الله عليه وسلم- في حلف الفضول وكان شهده في دار عبد الله بن جدعان: "ما أحب أنّ لي به حمر النعم ولو أدعى به في الإسلام لأجبت" وكان هذا الحلف أنّ قريشاً تعاقدوا على أنْ لا يجدوا مظلوماً بمكة من أهلها أو من غير أهلها إلا قاموا معه حتى ترد مظلمته، وسمت ذلك الحلف حلف الفضول[14].
وقد تضمنت السورة أنماطا من معاملة أهل الكتابين، فنزل فيها تحليل أكل أطعمتهم ونكاح نسائهم، كما بينت حقيقة المسيح -عليه السلام- وأنه ليس إلا بشرا، سوى أنه أحد رسل الله وأنبيائه، لتؤكد وجوب الإيمان بجميع الكتب المنزلة، ثم تشدد على الأمر بالعدل في كل الظروف وفي معاملة كل الناس، ثم تجزم في تحريمها للخمر ولحم الخنزير، ثم تعلن إباحتها لجميع الطيبات وحظرها لجميع الخبائث، مختتمة بقصة المائدة التي طلبها الحواريون من عيسى -عليه السلام- تعزيزا لصدق نبوته، فنسبت إليها السورة؛ لما فيها من امتنان الله -تعالى- على عبده ورسوله عيسى -عليه السلام-، ولما فيها من الإعجاز الباهر والحجة القاطعة[15].
قال القرطبي واصفا الأجواء الربانية لنزول السورة: الأصح: "أنها نزلت في يوم جمعة، وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقف بعرفة على ناقته العضباء، فكاد عضد الناقة ينقد من ثقلها فبركت" [16]، في تلك الظروف الميمونة وذلك المحيط الإيماني العبق وعلى مشارف انتهاء تلك الرحلة الدعوية المظفرة نزلت السورة المباركة، لتلخص لنا عائشة -رضي الله عنها- موقف المسلم من التطبيق العملي للواجبات والأوامر الواردة فيها؛ كما نقل عنها جبير بن نُفَيْر، حيث قال: حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي: "يا جبير، تقرأ المائدة"؟ فقلت: نعم. فقالت: "فإنها من آخر ما أنزل الله، فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه"[17].
مقدمة عامة عن السورة:
استهلت هذه السورة بنداء المؤمنين خاصة، لاشتمالها على كثير من التشريعات التطبيقية المستلزمة للصبغة الإيمانية، تلك الصبغة المبنية على الاستجابة المطلقة والتسليم الكامل اعتقاداً وحركة وعملاً وممارسة. ولذلك تكرر هذا النداء مقرونا بتلك الصفة في ثنايا السورة ستة عشر مرة، تنويها بما على المؤمن من واجب تحمّل مسؤولية التزاماته التعاقدية والتعاهدية، التي لا يجوز له نقضها ولا الانحراف عنها، حتى تتأسس حياته الذاتية والاجتماعية وهي مرتكزة على قاعدة ثابتة من الوفاء بالعهود والمواثيق التي نشأت عن عهده مع الله وهو لا يزال في عالم الذر، ذلك العهد الذي اقتضت بنوده السير على خط الإيمان بالله وحده، وفرضت احترام التعامل والتعاون مع الآخرين، ذلك أن الالتزام الذي تخرج حيثيات الوفاء به عن حيز نطاق التعامل البشري، باعتباره امتدادا لالتزام إيماني يعتقد معتنقه المثول أمام الخالق الديان. الأمر الذي يجعله حريصا على الوفاء طاعةً لله - تعالى -، وبعيداً عن الغدر وجلا من الوقوع في معصية الله - عز وجل -، بهذه النظرة يتميز المجتمع الإسلامي بان بناء التعامل فيه على أسس راسخة من تأكيد الثقة والاحترام والثبات وقوة الكلمة، التي ما تفتأ بإيمانيتها أن تتحول إلى قانون يلزم صاحبه شرعاً، فيؤديه وهو يستشعر رقابة الله - تعالى -، بعيداً عن كل قضايا الخوف والرجاء على مستوى الواقع البشري، فتتكون الشخصية الإسلامية ومدلولها الداخلي على الالتزام بالكلمة والوفاء بالعهد واحترام الأمانة، فيأمنها الناس على مصالحهم ويثقون بها في قضاياهم ويسعدون بها في علاقاتهم، ويقبلون بها شريك وفاء بالشروط والعهود. وهذا من شأنه أن يركز العلاقات التعاقدية والتعاهديّة بين الناس، على قواعد من العدل المؤسسي والإحسان الاجتماعي، بدلاً من معادلة موازين القوّة والضعف، ذلك أن الله -تعالى- يريد إخضاع مسألة العقود للإيمان والتقوى لتقوية أمر الوفاء بين المسلمين سواء كانوا في مرحلة قوة أو في موقف ضعف، أو كان الشريك مؤمنا أو كافرا، فلا فرق في كل ذلك في وجوب الالتزام بالعهد والوفاء به، كما أنه لا فرق في وجوب الوفاء بالعقد وضرورة الالتزام به بين بقاء المصلحة الشخصية أو زوالها، بل حتى ولو ترتب على الوفاء بالتعاقد ضررٌ شخصيٌ بفعل تغيرات قد تطرأ لسبب ما فإن ذلك لا يجيز نقض العهد، إذ الإسلام حريص على تشييد قواعد الاستقرار وإشاعة الثقة في التعامل مع النّاس كافة.
لقد شيدت السورة الكريمة قواعد العهود وبينت وجوب الالتزام والوفاء، تهيئة لتقديم باقة من الأحكام تناولت الذبائح، والصيد، والإِحرام، ونكاح الكتابيات، والردة، وقضايا الطهارة، وحدّي الحرابة والسرقة، وجزاء البغاة وأهل الإفساد، ثم تناولت تحريم الخمر والميسر، وكفارة اليمين، وقتل الصيد في الإِحرام، والوصية عند الموت للمغترب، ثم أجهزت على جوانب راسخة في المعتقد الجاهلي تبطلها تتعلق بالبحيرة والسائبة.
وفي ثنايا تلك الباقة التشريعية كانت السورة الكريمة تعرض جملة من القصص للاتعاظ والاعتبار، فذكرت تمرد وطغيان بني إسرائيل على شريعة الله -تعالى-، وما كان من عصيانهم وقولهم لموسى -بعد المنن الوافرة التي امتن الله بها عليهم-: (اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ)[المائدة: 24]، وما حصل لهم بعد ذلك من التشرد والضياع والتيه. ثم عرضت قصة ابني آدم لتعالج من خلالها رزمة من الأمراض النفسية الخبيثة كداء الغل والحسد، إنها أمراض شعشعت وفرخت في الذهنية الدينية لحملة الكتابين من قبل، فولدت دجلا دينيا وشعوذة اعتقادية جاءت السورة لتقدم البراهين الساطعة والأدلة القامعة على تهافتها، ثم عمدت إلى تعرية بعض خسائس اليهود خاصة لكثرة دسائسهم وشدة تغلغلهم في المجتمعات، وسردت قبل الختم تلك القصة العجاب، إنها قصة المائدة التي أنزل الله على عيسى ابن مريم وحوارييه بإعجازها ودلالاتها، ثم خلصت السورة الكريمة إلى تصوير نهاية الخلائق وما ينتظر الصادقين من حسن المرجع وكرم المآب.
أهم محاور السورة:
من الواضح أن محاور سورة المائدة توزعت بعدد النداءات الإيمانية الواردة فيها، والتي بلغت ستة عشر نداء.
- المحور الأول: أمره -تعالى- المؤمنين بملازمة طريق الوفاء في العقود، والمواساة في المعاملات، والمحافظة على العهود، والإحسان إلى الخلطاء، والاكتفاء بالطيبات من المآكل والمناكح لإقامة أسس الحياة، من غير تجاوز لما أحل الله - تعالى -إلى ما حرم، أو تقصير فيما فرض، أو تعد على ما حد(ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) (آية: 1).
- المحور الثاني: الأمر بإجلال حرمات الله - تعالى -وتعظيم شعائر دينه، وإفشاء العدل في معاملة عباده، فهو الذي أكمل دينه وأتم نعمته (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (آية: 2).
- المحور الثالث: لما كانت الصلاة أول بنود الميثاق المأخوذ على بني إسرائيل، والتي لم يرعوها حق رعايتها، جعلها الله تعلى من أعظم شعائر هذه الأمة المجتباة، فحدد أحكام الطهارة الواجبة لها بعد أن ذكر الطيبات من الأطعمة والمناكح لبيان الارتباط الوثيق بين هذه الطيبات وطهارة الروح والبدن؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (آية: 6).
- المحور الرابع: اقتضاء الميثاق المأخوذ على أهل الإيمان بالله - تعالى -المؤلهين له وحده أن يجسدوا قيم العدل ويبذلوه للعدو والصديق، تلك القيم المثمرة للاستقامة على الحق والحكم والأمر به، اعتصاما من الظلم وتحصنا من اتباع الهوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (آية: 8).
- المحور الخامس: تذكيره - تعالى -لعباده المؤمنين بآلائه ونعمه عليهم في شرعه لهم هذا الدين العظيم، وإرساله إليهم هذا الرسول الكريم وما أخذ عليهم من العهد والميثاق في مبايعته على متابعته ومناصرته ومؤازرته، والقيام بدينه وإبلاغ شرعه، كما ذكرهم جل شأنه بقبوله منهم الطاعة والإنابة بعد أن رغبهم في قبُول التكاليف وترك العصيان، وامتن عليهم بحفظه لهم من شرور الأعْدَاء الذين يُرِيدُونَ إيْقَاعَ الْبَلاَء بِهِمْ، فكلأهم - تعالى -برعايته ومنع أعداءهم من إيصالِ الشَّرِّ إلَيْهِمْ، وحثهم على التوكل عليه - سبحانه - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آية: 11).
- المحور السادس: إن قسوة القلوب من أشر ما يفتك بشعب الإيمان؛ لما تسببه من البعد عن الله - عز وجل -، تلك القسوة التي حلت ببني إسرائيل حين أعرضوا عن منهج الله - تعالى -فحاقت بهم لعنته بعدما أدمنوا نقض العهود وتوارثوه، فأراد جلت عظمته لهذه الأمة أن تبتغي وسيلة ترقق القلوب وتعين على الوفاء بالعهود وتقوي نوازع الإيمان، فدعاها إلى التقوى والجهاد في سبيل إعلاء كلمته ونصرة دينه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آية: 35).
- المحور السابع: الدعوة إلى أن تكون للمسلمين هوية خاصة بعيداً عن التقليد الأعمى لليهود والنصارى، وقصدا إلى وصدا باب موالاتهم حذر - تعالى -عباده المؤمنين بعدما بيَّن لهم أحوال أولائك وما لهم من ذميم الصفات وخسيس الفعال، من اتخاذهم لهم أولياء. ذلك أنهم الأعداء على الحقيقة ولا يبالون بضر المسلمين، بل لا يدخرون من مجهودهم شيئا لإضلالهم، فلا يتولاهم إلا من استحب الكفر على الإيمان، وتربية القرآن للمسلم على شخصيته المتميزة تأبى له ذلك، وترسيخا لقيم التميز تلك طفقت السورة تبصر المؤمن بعيوب أعدائه وتكشف له حقائقهم، وتجلي له حقيقة المعركة التي يخوضها معهم ويخوضونها معه، وتبين له أنهم لم يعادوه إلا لعقيدة ولم يحاربوه إلا لدين، لا من أجل أرض أو مصالح اقتصادية، إنما هو عداء العقيدة الذي لا يهدأ ولا يتوقف (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (الآيات: 51-53).
- المحور الثامن: إخباره - تعالى -للمؤمنين أنهم إن ارتد بعضهم فإن خزائن الله - تعالى -تعج بمن هم أفضل وأجل في حميد خصالهم وكريم فعالهم من المرتدين، فمن كمال صفات البدل ذلهم للمؤمنين، وتواضعهم لهم وحنوهم عليهم، وقسوتهم على الكافرين وشدتهم عليهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (الآية: 54).
- المحور التاسع: بعد وعيد الله - تعالى -للذين ينقضون العهود بالاستبدال بغيرهم حذر - سبحانه - المؤمنين من مغبة اتخاذ المستهزئين بدين الإسلام من أهل الكتاب أو من غيرهم أولياء، وقرن ذلك بالتقوى ليؤكد أنه لا مساومة ولا مجاملة ولا تساهل مع من يستهزئ بالدين عقيدة وشريعة وتطبيقاً، أحرى أن يتخذ وليا أو صاحبا، إن مصافاة الساخرين من شعائر الإسلام المستهزئين بالصلاة من السفه والحماقة بمكان؛ لأن السخرية من العبادات واتخاذها مادة للتسلي والضحك! لا تكون إلا من خليع سافل لا يعرف ربه، ولا يرقب ما عنده، فأي نفع يرجى من مصادقته وأي فائدة تنتظر من مخالطته؟؟؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (آية: 57).
- المحور العاشر: تنبيه فقهاء الأمة وعلمائها إلى وجوب الاحتراز من القول بتحريم شيء لم يقم الدليل على تحريمه، والنهي عن استحلال المحرمات؛ ذلك أن التحريم والتحليل من خصائص الله - تعالى -وحده، ومن المحرمات الخطيرة الاعتداء على حقوق الناس، أو على حقوق الله - تعالى -في أمره ونهيه، كتناول الخنزير أو الميتة. وهذا النهي عن الاعتداء في سياق العموم يعم جميع جنسه مما كانت عليه الجاهلية من العدوان، ومنه تجاوز حدود المباحات إلى المحظورات، إذ في ما أذن الله فيه من الطيبات والملاذ غنية عن إتيان الخبائث والمحرمات، فلا بد من الوقوف عند حد الأمر والنهي من غير استنكاف في ذلك أو اعتداء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (آية: 87).
- المحور الحادي عشر: أن من مقتضيات عهد الله - تعالى -مع عبده المسلم تركه للموبقات، فلا يجوز له أن يعاقر خمرا ولا أن يتعاطى قمارا ولا يزاول ميسرا ولا يعبد أنصاباً ولا يستقسم بزلم، فذلك مقتضى عهد الإيمان بالله - تعالى -والتصديق برسوله - صلى الله عليه وسلم - والعمل بشرعه، وحكمة الله - تعالى -في ذلك بالغة، فكل مسكر يغطي العقل فيفقد الإنسان آدميته، وكل ميسر وقمار ومراهنة تصدٌّ عن ذكر الله وتثمر الغبن وأكل المال بالباطل، وكل تعظيم لنصب بذبح أو غيره يعد عبادة له وتقربًا إليه، الأمر الذي يتنافى مع التوحيد ويؤدي إلى الشرك، كما أن كل استقسام بزلم أو احتظاظ بقدح يفضي إلى الطيرة والاعتياف الذي هو من سمات الجاهلية المنافية للإسلام. فما أحكم هذا الشرع المبارك وما أجل هذا الدين القويم؛ إذ منع كل ما تستقذره النفوس الكريمة، وترفضه العقول السليمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آية: 90).
- المحور الثاني عشر: ينبه الله - تعالى -المؤمنين إلى حالة قد يسبق فيها حرصُهم حذَرَهم وشهوتُهم تقواهم. وهي حالة ابتلاء وتمحيص، يَظهر فيها مدى تمسّكهم بوصايا الله - تعالى -، إنها تحريمه عليهم الصيد في حالين: حال كون الصائد محرِماً، وحال كون المصيد من صيد الحرم، ولو كان الصائد حلالاً؛ والحكمة في ذلك أنّ الله - تعالى -عظّم شأن الكعبة من عهد إبراهيم - عليه السلام - وأمره بأن يتّخذ لها حمى يفيض حرمة وأمانا، فكانت بيت الله وحماه، وبقعته المحترمة بأقصى ما يعدّ حرمة وتعظيماً، وأمناً للخلق يطال كل شيء حتى يشمل الحيوان العائش في حرمه وكنفه، بحيث لا يرى الناس للبيت إلاّ أمنا للعائذ به وبحرمه، وكان في ذلك امتحان وابتلاء نجحت فيه هذه الأمة، وإن فشل قبلها اليهود حين ابتلوا بالصيد البحري يوم السبت، ولم يكن ذلك بدعا من نجاحات هذه الأمة، ولا بدعا من إخفاقات بني إسرائيل. الذين ما فتئت تلك الإخفاقات والرسوبات تتقاذفهم حتى نزع الله منهم الخلافة في الأرض وائتمن عليها هذه الأمة الناجحة. ومكن لها في الأرض ما لم يمكن لأمة قبلها. ما حالفها النجاح في إقامة منهج الله الذي لم يتمثل تمثلاً كاملاً في نظام واقعي يحكم الحياة كلها كما تمثل في خلافتها يوم أن طبقته شريعة وحياة، وعلمت أنها مؤتمنة على هذه الأمانة الضخمة؛ وأنها وصية على البشرية لتقيم فيها منهج الخالق الديان، لكنها أشعرت في الوقت نفسه بعظم المهانة وشدة العقوبة عند استبدال المنهج أو مخالفته أو التخلي عنه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُ مُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (آية: 94).
- المحور الثالث عشر: لقد جعل الله - تعالى -حفظ مكانة الكعبة وحرمتها أصل الحكمة في حرمة الصيد، وتمرين المسلم نفسه على التقوى في كل أحواله، وتعويدها الوقوف عند حدود الله - عز وجل - فلا تتجاوزها، بل تظل مؤمنة أن مرجعها ومحشرها إلى خالقها وحده، الذي أنزل شرعه لرعاية مصالح تلك النفس بتخليصها من الشرك ودرء المفاسد عنها، وفي ذلك الإطار ورغم هذا التحريم العام للصيد فقد أذن الله - تعالى -في استئصال شأفة كل ما يؤذي ولو كان من جنس ما حرم، كما جاء في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جُنَاح: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور" [18]. هذا ولما كان الاصطياد يتم بحشر المصيد إلى حيث يعجز عن الخلاص، وكانت حالة الإحرام أشبه شيء بحالة الحشر في التجرد عن المخيط والإعراض عن الدنيا وتمتعاتها، ذكر الله - تعالى -عباده بالعرض عليه يوم المحشر والمآب للمواظبة على طاعته والاحتراز عن معصيته ومخالفة أمره، خاصة في منطقة الأمان التي يقيمها - عز وجل - للبشر في زحمة الصراع في جنبات الكعبة الحرام، والأشهر الحرام، لتطفئ جانبا من أوار المعركة المستعرة في أجواء الخصومة والحرب على فتات فان، ولتلطف جزءا من الصراع والتزاحم على لعاعة من الدنيا، وتضفي على الحياة رونقا من السكينة والدعة يتفيأ ظلاله الأحياء من جميع الأنواع والأجناس، فتحل الطمأنينة محل الخوف، ويحل التآخي محل القطيعة والخصام، وترف أجنحة من الحب والإخاء والأمن والسلام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) (الآية: 95).
- المحور الرابع عشر: لقد جعل الله - تعالى -أعظم الناس ذنبا من كان سببا في تضييق أو تشديد لشيء من أحكام الشريعة، كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أعظم المسلمين جرماً: من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته" [19]، فإذا كان هذا فيمن تسبب إلى تحريم الشارع صريحاً بمسألته عن حكم ما سكت عنه، فكيف بمن حرم المسكوت عنه أو أحل المحرم بقياسه ورأيه، فلو التزم الناس شرع الله - تعالى -إباحة وتحريما وأخذوا الأمور باليسر الذي شاءه الله لعباده ما كان التشدد، وما احتمل الناس تبعة التقصير والكفران، ولقد ذكر الله - تعالى -في سورة البقرة كيف أن بني إسرائيل حينما أمرهم الله أن يذبحوا بقرة بلا شروط ولا قيود، كانت تجزيهم أية بقرة، وكيف صاروا إلى أعظم الحرج حين أخذوا يسألون عن أوصافها ويدققون في تفصيلات تلك الأوصاف، فكان التشديد يأتيهم تباعا كلما غالوا في المسألة، ولو تركوا السؤال لما كان ذلك، وهكذا كان شأنهم في السبت الذي طلبوه ثم لم يطيقوه!.. وقد ظلت تلك سجيتهم دائماً حتى حرم الله عليهم أشياء كثيرة تربية لهم ولغيرهم وعقوبة على تعنتهم، فينبغي أن يحذر المسلم مسالكهم، ولا يضيّق على نفسه أو غيره بالسؤال عما لا يعنيه أو بالتفيهق والتعالم والتقول بما لم يشرعه الله - تعالى -(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (آية: 101).
- المحور الخامس عشر: تأكيد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عكسا لما قد يتوهمه الجاهل من ظاهر قوله - تعالى -: (لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)، والتي تحمل إشارة إلى أن ذلك فيما إذا بلغ جهده فلم يقبل منه المأمور، وهذا في قوله: (إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)؛ لأن من ترك الأمر بالمعروف لا يكون مهتديا أبدا، وجملة ما عليه أهل العلم في ذلك أن الأمر بالمعروف متعين متى ما أمل الناصح القبول، أو توقع رد المظالم، ولو بجهد، ما لم يخف ضررًا يلحقه في خاصته، أو فتنة يدخلها على المسلمين، إما بشق عصًا، وإما بضرر يصيب طائفة من الناس، كما جاء عن أبي أمية الشعباني أنه قال: سألت عنها-أي الآية المذكورة- أبا ثعلبة الخشني، فقال لي: سألت عنها خبيراً، سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع العوام" [20]. وبلغ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أن بعض الناس تأول الآية بسقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) وإنكم تضعونها على غير موضعها وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه يوشك الله أن يعمهم بعقابه، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده" [21]، فلا وجه لإسقاط تبعة كفاح الشر، ومقاومة الضلال ومحاربة الطغيان، وحين يحكم الباطل قبضته تضيق الدائرة، ورغم ذلك لابد من حفظ عهود الله - تعالى -في خاصة النفس مهما بلغت صولة الضلال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (آية: 105).
يتبع