بسم الله الرحمن الرحيم ،
مسألة تحيرني .. كانت العلة التي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - هي : "دعه لا يقول الناس أن محمداً يقتل أصحابه" ..
سؤالي هو : هل معنى هذا أن كل من كان يقترف الكفر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يدعي الإسلام ، كان يُترك بسبب هذه العلة ؟؟
وهذه هي الرواية :
وإن كانت هذه حكماً عاماً ، فلماذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل رأس الخوارج في زمانه ؟عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -؛ قال : « أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بالجعرانة منصرفه من حنين ، وفي ثوب بلال فضة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبض منها يعطي الناس ، فقال : يا محمد ! اعدل . قال : ويلك ! ومن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ ! لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل . فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق . فقال : "معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي ! إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن ، لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية » .
رواه الإمام أحمد ، ومسلم ، والنسائي ، وابن ماجه .
عن أبي بكرة - رضي الله عنه - : « أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ برجل ساجد وهو ينطلق إلى الصلاة ، فقضى الصلاة ورجع عليه وهو ساجد ، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من يقتل هذا ؟ . فقام رجل ، فحسر عن يديه ، فاخترط سيفه وهزّه وقال : يا نبيّ الله ، بأبي أنت وأمي ، كيف أقتل رجلاً ساجداً ، يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ؟ ثم قال : من يقتل هذا ؟ . فقام رجل ، فقال : أنا . فحسر عن ذراعيه ، واخترط سيفه فهزّه حتى أرعدت يده ، فقال : يا نبيّ الله ، كيف أقتل رجلاً ساجداً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : والذي نفسي بيده ، لو قتلتموه ، لكان أول فتنة وآخرها » .
رواه الإمام أحمد والطبراني ، وإسناد أحمد صحيح على شرط مسلم .وهناك روايات أخرى تفيد قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن كان يستحق القتل حداً ..أو أمره بذلك ..وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : « أن أبا بكر الصديق - رضي الله - عنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال : يا رسول الله ! إني مررت بوداي كذا وكذا ؛ فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اذهب إليه فاقتله". قال : فذهب إليه أبو بكر - رضي الله عنه -، فلما رآه على تلك الحال ؛ كره أن يقتله ، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر : "اذهب فاقتله". فذهب عمر - رضي الله عنه -، فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر . قال : فكره أن يقتله . قال : فرجع . فقال : يا رسول الله ! إني رأيته يصلي متخشعًا ، فكرهت أن أقتله . قال : "يا علي ! اذهب فاقتله". فذهب علي - رضي الله عنه -، فلم يره ، فرجع علي - رضي الله عنه -، فقال : يا رسول الله ! لم أره . قال : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه ؛ فاقتلوهم ؛ هم شر البرية » .
رواه الإمام أحمد . قال الهيثمي : "ورجاله ثقات".
فكيف إذن نوفق بين هذه الروايات ورواية : "دعهم لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" ؟