دعوة المرسلين
يوسف الزين
المرسلون عليهم الصلاة والسلام أفرادٌ اصطفاهم الله عز وجل ، واختارهم (وربك يخلق ما يشاء ويختار) ليقوموا بمهمة عظيمة ، ووظيفة شريفة (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيما) مبشرين ومنذرين ، هكذا كان عملهم عليهم الصلاة والسلام، فكانت حياتهم هي الدعوة إلى الله تعالى ، وكانت دعوتهم جميعاً – عليهم الصلاة والسلام – (ياقومِ اعبدوا الله مالكم من إله غيره)
وانطلقت دعوتهم لإصلاح الحياة كلها ، وربطها، وتعليقها بالله جل جلاله، وقد ظهر واضحاً في قصصهم التي قصها الله علينا في كتابه أن العقيدة التي دعوا إليها عليهم السلام ليست كلاماً يقال على اللسان ، أو نظرية مجردة يعتقدها المرء دون أن يكون لها أثرٌ واقعي ملموس ؛ بل هي حياة كاملة بكل ما تحمله كلمة حياة من معنى، كما قال عز وجل: (وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق) رداً على قول المشركين (مالِ هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل عليه ملكٌ فيكون معه نذيراً أو يلقى إليه كنزٌ أو تكون له جنة يأكل منها)،
فكيف يمكن لأي رسول أن يدعو الناس دون أن يخالطهم ، ويجالسهم؛ بل ويكون منهم أي من جنسهم يحس بأحاسيسهم، ويدرك آلامهم، وآمالهم ،ويعرف نوازعهم ، وأشواقهم، ومن ثم يعطف على ضعفهم، ونقصهم، ويسير بهم خطوة خطوة وهذا سيؤدي بدوره إلى الاقتداء به بخلاف ما لم يكن مخالطاً لهم ، ومن جنسهم لأنهم سيجدون فيه القدوة الكاملة، فتكون حياته، وحركاته ،وأعماله معروضة لهم ، فتهفو نفوسهم إلى تقليدها لأنهم يرونها بأبصارهم سلوكاً حياً يتمثل أمامهم،
ومن هذا المنطلق جاءت هذه الزاوية، - دعوة المرسلين - لنسلِّط الضوء على حياة أشرف الخلق، وأنصح الخلق للخلق – عليهم الصلاة والسلام - حيث أن دعوتهم وقصصهم تمثل التطبيق العملي للعقيدة، ويظهر بوضوح لمن يقرأها أن العقيدة والحياة أمران مرتبطان ، وأنه لا يمكن لإنسان مهما كان أن يحيا بدون عقيدة وستكون منهجية المقالات المنشورة وفق ما يلي:
أولاً : تعريف مختصر بالرسول المراد.
ثانياً : الدروس العقدية، والإيمانية، المستفادة من سيرة ذلك الرسول ، ومحاولة ربط ذلك بالواقع المعاصر قدر الإمكان؛ مع ملاحظة أن الزاوية لن تعتني كثيراً بالجوانب التاريخية التفصيلية، وكذا بالمرويات عن بني إسرائيل في هذا الشأن؛ بل سيكون التركيز قدر الإمكان على ما جاء في كتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مع الاستنارة بآراء أهل العلم من المفسِّرين وغيرهم، وقبل الختام ننوّه إلى أن الزاوية تستقبل المشاركات، والملحوظات والاستفسارات حول ما يُطرح فيها، سائلين المولى القدير أن يمدَّ الجميع بعونه وتوفيقه، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.