الآن.. الآن.. وليس غداً!
بقلم: رثعاء المقيم
هل تؤخرين عمل اليوم إلى الغد ؟؟
إذا كان الجواب نعم فلا شك أنك لا تحبذين القلق الذي يوافق هذا التأخير.. فإذا تأخرت عن عمل أي شيء اليوم - كالمذاكرة مثلا - على أمل أن تقومين بذلك مستقبلاً لأنك تجدين صعوبة في البدء في ذلك في وقته، فإن عدم البدء أصعب لما يترتب على ذلك من نتائج غير مرغوب فيها.
أتمنى.. أرغب.. أو ربما
ثلاث كلمات مرضية يستعملها من يؤخر واجباته ويدعم بها استمراره في تلك العادة، فهذه الكلمات تمهد الطريق للتأخير طالما أنك ترغبي وتتمنى فأنت تتخذي من ذلك مبرراً لعدم ممارسة أي عمل الآن. وكلها مضيعة للوقت فهي وسيلة للهروب من أن تشمري عن سواعدك وتبدأي في عمل ما يجب عليك عمله.
تستطيعين أن تقومي بعمل أي شيء تريدينه لأنك قوية وليس للضعف طريق إليك. أما تأخير عمل الأشياء فيعني انسحابا من المسؤولية.
كيف يحدث التأخير؟
يقول الخبراء: إن التأخير يعني إرجاء عمل شيء معين إلى المستقبل مع القدرة على عمله الآن، وتلك الوعود فارغة؛ لأنك شخص كسول ولا تستطيع عمل أي شيء.
يمارس الناس عادة التأخير بأساليب مختلفة ومن ذلك: الانتظار إلى آخر لحظة ثم إنجاز ما هو مطلوب منهم بطريقة سطحية في موعده المحددة، وفي هذه الطريقة إيهام لنفسك لأنك تعرف أن إنجازها هذا العمل يستغرق فترة محدودة من الوقت ولكنك انتظرت حتى اللحظات الأخيرة قبل موعد تسليمه ثم أنجزته، ولكن ليس على الطريقة المطلوبة، وعندما تسأل عن سبب رداءة هذا العمل تجيب: ((لم يكن لدي وقت كاف)).
من المعروف أن الأشخاص الذين يؤخرون عمل الأشياء هم الذين يركنون إلى الراحة، وهو في الغالب أكثر من ينتقد الآخرين، حيث من السهل أن تكون ناقداً بدلاً من بذل الجهد والمغامرة وما يتطلبه ذلك من نشاط وعمل.
الملل أحد دوافع التأخير
الحياة لم ولن تكن مملة ، ولكن الناس يختارون أساليب مملة في حياتهم تقودهم إلى الضجر، وفكرة الملل تنطوي على عدم القدرة على استغلال الوقت فيما هو مفيد، والفراغ دائماً يقود إلى الملل ومع ذلك يختاره الكثير من الناس!
لذلك عليك أن تقضي على الملل باستغلال طاقتك الجسمية والنفسية في عمل ما هو متيسر لك، واستعملي عقلك واعملي ما تريدينه الآن واكتشفي طرقا جديدة للقضاء على الفراغ، وبعدها لن تجدي للملل أثراً.
قد يحتج البعض ويقول: إذا لم يكن هناك الكثير من الأشياء التي يمكن عملها فكيف أقضي على الفراغ؟ هذا السؤال يبدو منطقياً ولكن التمعن فيه يوحي بضعفه كحجة؛ وذلك لسببين:
الأول: أن الإنسان يستطيع دائماً أن يوجد لنفسه عمل شيء ما للقضاء على الفراغ مهما كانت الظروف.
الثاني: أن الملل يعاني منه حتى من يعيش في أرقى الحضارات وأكثرها رفاهية مثلما يعاني منه رجل الصحراء؛ وذلك لأن الملل شيء تختاره أنت بالتقليل من ملائمة ظروف البيئة لك مهما كانت الظروف.
أسباب استمرار الفرد في التأخير:
إيهام النفس، فقد تشعر بالراحة جراء إيهام نفسك، والكذب على نفسك يحميك من الاعتراف بأنك كسول.
الهروب من المسؤولية وما يترتب عليه من عوائد نفسية ومرضية يجنيها الكسالى، التأخير يعطيك فرصة التخلص من الأعمال المتعبة أو الأشياء التي تخاف من نتائجها إلى درجة وقوعك في مشكلة التردد.
استخدام النقد يعطيك نوعا من الأهمية الوهمية.
تكسبين الشفقة والعطف من الآخرين وتحسين بالأسف على نفسك لمعاناتك الألم والقلق نتيجة لعدم إنجازك ما عليك.
التأخير يؤدي إلى استغلال الآخرين للظروف؛ لأن تأخيرك عن العمل يدفع شخص آخر إلى أدائه بدلاً منك.
كيف تستعيدين نشاطك؟
حاولي القيام بشيء لم تعمله منذ مدة طويلة: اقرئي كتاب.. احفظي آيات من القرآن.. سوف تندهشين عندما تجدين أن تأخيرك لم يكن له أي مبرر، وأن ما تقومين به شيء مفيد، وتذكري أن أصعب ما في العمل هو البدء فيه فقط.
اسألي نفسك: ما هو أسوأ شيء ممكن حدوثه لو أنني بدأت الآن بعمل ما أخرت عمله؟
فكري في نفسك كشخص لا يستحق معاناة القلق الذي يوافق التأخير، وتذكري أن الناس الذي يحبون أنفسهم لا يحرجونها بهذه الطريقة.
إذا كنت تخافين من الإقدام على ممارسة أعمال جديدة تذكري أن إرغام نفسك لمرة واحدة سوف يقضي على كل مخاوفك.
تذكري أن الخوف من ممارسة عمل ما قد يجعلك تحسين بالتعب أو المرض.
تخلصي من الكلمات الثلاث المشهورة (أتمنى، أرغب، ربما) لأن تلك الكلمات تساعد على التأخير، واقتدي بحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم –: "اعقلها وتوكل".
وأخيراً: إذا كنت تريدين أن يتغير وضعك وتتحسني فلا تشتكي قط، بل قومي بعمل شيء مفيد، وسوف تلاحظين النتائج، واستعيني بالله. وتذكري أنك لو صدقت مع نفسك وأخضعتها لنظرية "لن أعيش إلا هذا اليوم" فسوف تستغلين كل لحظة في حياتك في بناء كيانك وتنمية مواهبك.