يبدو العنوان من أول وهلة غريبا ، لكني أعنيه ، فقد شاعت تلك الحرفة المذمومة في الأوساط في هذا الزمان كثيرا ، والأعجب أنك تجد من يذكر لك حديث : (تُصُدِّقَ اليوم على غَنِيٍّ ، على سارق ، على زانية) ؛ ليَستدل به المستدل على جواز الانخداع ، وليس في الحديث ذلك ، بل الحديث يطمئن من خدع بالحيلة أن أجره عند الله ما ضاع ، لكن مع ذلك لا يجيز الانخداع ، فالمؤمن ليس بالخِبِّ ولا الخب يخدعه ، وقد بوب البخاري رحمه الله بابا عنون له ب (إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهُوَلاَ يَعْلَمُ) ، انظر وتأمل (وهو لا يعلم) ، وقد جاءني من يومين شاب فتي تظهر عليه أمارات الهلع والفزع والرعب الشديد ، وتكاد أنفاسه تنقطع ، يقول : (الماكنة قطعت مني بنزين وممعاييش فلوس عاوز ستة جنيه وربع ضروري يا شيخ) ، فقلت له يسر الله لي ولك ، وفي نفس المكان والوقت الذي آتيه كل يوم لإحضار أولادي من معهدهم ، جاءني هذا الشاب بنفس الوجه والحالة التي أتاني بها أمس ، قائلا نفس الكلمات ، فقلت له : (هي آطعة من امبارح؟) ، فلما عرف أني أعرفه ، هرب فارا من أمامي.
إخواني الكرام ـ ليس الأمر يتعلق بأموال تنفق على نصابين اعتادوا ذلك ، لكن من النصب والاحتيال صور ، منها : اختطاف الشخص نفسه وقتله والتجارة بأعضائه ، وغير ذلك ، فالحذر الحذر ، وهذه جملة من القرائن التي تكشف لك المتسول المخادع :
1 - اعتياد رؤيته في مكان واحد أوعدة أماكن كثيرا.
2 - سؤال الحاجة بمسكنة زائدة.
3 - السؤال بكلمات تشعر وكأنه يحفظها.
4 - استخدام العاهة كالحرق ، والبتر ، والعرج (أبو عكاز بيضع في عكازه الفلوس اللي بيلمها) ، والصغار ....في التبرير والإقناع ، وكثير من تلك العاهات عِيرَة مش حقيقية.
5 - عدم استشعارك حرجه من السؤال ، وفي الصحيحين : (ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ، ولا اللقمة واللقمتان ، لكن المسكين الذي يتعفف) ، وفي القرآن : (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ، تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا) ، قال السعدي -رحمه الله- ، في الجمع بين (الجاهل) ، و(تعرفهم) : (فإن الجاهل بحالهم ليس له فطنة يتفرس بها ما هم عليه ، وأما الفطن المتفرس فمجرد ما يراهم يعرفهم بعلامتهم) ، فكن فطنا أخي.
6 - غالبا من يعرض لك أوراق المرض ، وإيجار الشقة المكسور عليه في الأتوبيس أو المترو محتال ، فانتبه.
هذا غيض من فيض ، والموضوع للإدلاء بالرأي والمشاركة.