عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَيْزَارِ، قَالَ: لَقِيتُ شَيْخًا بِالرَّمْلِ مِنَ الأَعْرَابِ كَبِيرًا فَقُلْتُ لَهُ: لَقِيتَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: مَنْ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " احْرِزْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا ". اهـ.
ورد هذا في " زوائد مسند الحارث " للهيثمي (ق 130/ 2) من طريق فقال : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ثنا أَبُو عَمْرٍو الصَّفَّارُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَيْزَارِ به.
وإسناده موقوف ضعيف، لعلل منها :
- لـجهالة الراوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص .
- أبو عمر[و] الصفار هو أبو عمر الصفار حماد بن واقد "ضعيف" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب وقال عنه البخاري : "منكر الحديث"
وقد يحتمل زيد بن مسلم "صدوق فيه لين" كذا قال الحافظ في التقريب وقال الذهبي : "وثقه الناس وضعفه ابن القطان".
- عبد الله بن العيزار هو [عبيد] الله بن العيزار قال البخاريُّ: قال يحيى القطان: كان ثقةً. "التاريخ الكبير" 5/ 1272.
- أبو عبد الرحمن المقرئ هو عبد الله بن يزيد العدوي وهو "ثقة فاضل" كذا قال الحافظ في التقريب.
وقد رواه الأخرون عن عبد الله بن العيزار عن عبد الله بن عمرو بن العاص مباشرة :
- ابن قتيبة الدينوري في غريب الحديث (1/286) فقال :
حَدثنِي السجسْتانِي ثَنَا الْأَصْمَعِي عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عبيد الله بن الْعيزَار عَن عبد الله بن عَمْرو أنه : بلفظ "احرث لدنياك ... فذكره ".
السجستاني وهو سهل بن محمد أبو حاتم "صدوق" كذا قال الحافظ في التقريب.
- وورد في الأمالي الخميسية للشجري من طريق أبي العيناء وهو محمد بن القاسم اليماني قَالَ:
حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعِيزَارِ ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ[و]: بلفظ " اعْمَلْ لِلدُّنْيَا، ... إلخ". اهـ.
- وورد عند ابن أبي الدنيا في إصلاح المال بإسناد فيه أبي بكر الكليبي وهو عباد بن صهيب "أحد المتروكين" كذا قال الحافظ في التقريب.
حدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ [عبد الواحد بن واصل]، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْكُلَيْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعِيزَارِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ[و] " احْرُثْ لَدُنْيَاكَ ... ". اهـ.
وعلى ذلك فالإسناد منقطع بين عبيد الله بن العيزار وعبد الله بن عمرو بن العاص.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ
وورد في السلسلة الضعيفة للألباني رحمه الله قال :
ورواه ابن المبارك في "الزهد" من طريق آخر فقال : أنا محمد ابن عجلان أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : فذكره موقوفا , وهذا منقطع .
وقد روي مرفوعا . أخرجه البيهقي في سننه من طريق أبي صالح : ثنا الليث عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله أنه قال فذكره في تمام حديث أوله :
"إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق , ولا تبغض الى نفسك عبادة ربك , فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى , فاعمل عمل امرئ يظن أن لن يموت أبدا , واحذر حذر امرئ يخشى أن [يموت] غدا"
وهذا سند ضعيف , وله علتان , جهالة مولى عمر بن عبد العزيز وضعف أبي صالح , وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث ". اهـ.
قلتُ: وأنبه أنه ورد في الزهد لابن المبارك موقوفًا بصيغة الجمع "فأوغلوا...لا تبغضوا...فإن المنبت لا بلغ بعدا...أن لا يموت هرما..." ومرفوعًا في السنن الكبرى للبيهقي بصيغة المفرد والشعب للبيهقي "أن [تموت] غدا".
وربما مولى عمر بن عبد العزيز هو بعينه الشيخ الكبير الذي بالرمل من الأعراب في " زوائد مسند الحارث " للهيثمي (ق 130/ 2).
فإن عبيد الله بن العيزار كان يحضر خطبة عمر بن عبد العزيز فلعله رأى مولى عمر وروى عنه فقد ورد في الحلية [5 : 298] لأبي نعيم فقال :
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيّ ُ، ثَنَا زَائِدَةُ بْنُ أَبِي الرُّقَادِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَيْزَارِ، قَالَ:
خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالشَّامِ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ طِينٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ أَصْلِحُوا سَرَائِرَكُمْ تَصْلُحْ عَلانِيَتُكُمْ، وَاعْمَلُوا لآخِرَتِكُمْ تُكْفَوْا أَمْرَ دُنْيَاكُمْ ". اهـ.
وإلا كان مولى عمر مجهولًا ءاخر يصلح لمتابعة لحديث الشيخ الأعرابي المجهول أيضًا موقوفًا الذي في إسناده أبو عمر الصفار مشابهًا أبا صالح كاتب الليث في كثرة سوء حفظهما إلا أن أبا صالح جعله مرفوعًا بسبب وهمه ورواه الثقات كحماد بن سلمة وحماد بن زيد كلاهما عن عبد الله بن العيزار وكمحمد بن عجلان موقوفًا على عبد الله بن عمرو بن العاص وتوبع على وقفهما من الأخرين.
فيصير الحديث حسنًا موقوفًا على عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــ
قلت: ويشهد له ما ثبت نحوه عن كعب الأحبار ما ورد في الحلية لأبي نعيم [6 : 31] قال:
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ [ابن متويه الأصبهاني]، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ [الهمداني]، ثنا ابْنُ وَهْبٍ [القرشي]، أَخْبَرَنِي عُمَرُ[و] بْنُ الْحَارِثِ [الأنصاري]، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ [بل هو ابن عبيد بن عمير]، عَنْ رَاشِدٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " اعْمَلْ عَمَلَ الْعَبْدِ الَّذِي لا يَرَى أَنَّهُ يَمُوتُ إِلا هَرَمًا وَاحْذَرْ حَذَرَ الْمَرْءِ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ يَمُوتُ غَدًا ". اهـ.
إسناده حسن رجاله ثقات عدا أحمد بن سعيد الهمداني وهو "صدوق" كذا قال الحافظ في التقريب.
والله أعلم.