هل تساءلت يومًا: هل أنا من أهل القرآن؟ فإنه قد جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ))[1]، فهذا التساؤل عاملٌ أساسيٌّ في تقويم النفس.
إن من أفضل الأعمال قراءةَ القرآن تلاوةً، وحفظًا، والاشتغال به تعلُّمًا وتعليمًا؛ كما جاء عن عثمان رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))[2]، كما أن الاشتغال بحفظ القرآن، وتعليمه رفعة في الدنيا والآخرة، وقال أبو عبدالرحمن السلمي رحمه الله تعالى، وقد جلس في تعليم القرآن قرابة أربعين عامًا، قال: ما أجلسني هذا المجلس إلا حديثُ عثمان.
إنك إن أقبلت على حفظ القرآن، فإن الله سيُيسِّره لك؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، يقول السعدي رحمه الله: «أي: ولقد يسَّرنا، وسهَّلنا هذا القرآن الكريم؛ ألفاظه للحفظ والأداء، ومعانيه للفهم والعلم؛ لأنه أحسن الكلام لفظًا وأصدقه معنى».
على المسلم أن يجعل له وردًا من القرآن، لا يُفرِّط فيه، وأن يلزم نفسه به، فإذا اعتاده الإنسان، فلا يمكن أن يتركه، أو يُفرِّط فيه، ولو على حساب راحته، ووقت منامه.
من المنهجية في جدولة قراءة القرآن ومراجعته، أن تجعل لكل وقت صلاة ما يناسبك فيها من صفحات، تقرؤها لا تتخلَّى عنها، بحيث تدورُ جدولتُك للقرآن مع الأوقات الخمسة، فعلى سبيل المثال: لو قرأت مع كل وقتِ صلاة جزءًا من القرآن ختمتَ في كل ستة أيام، ولو قرأتَ نصفَ جزء مع كل وقت صلاة، لختمت في اثني عشر يومًا، وبهذه المنهجية تكون محاسبًا لنفسك في الإقلال، أو الإكثار من قراءة كتاب الله العزيز.
وهل فكرت يومًا في حفظ القرآن أو شيء منه؛ فإن التفكير أول خطوات العمل، وما هي إلا أيام قلائل، ويكون هذا التفكير أمرًا محسوسًا، فلا يأس، فمن أصحاب الهمم من بدأ بالحفظ وعمره (85) عامًا، فحفظه في (12) سنة، فاعقد العزم على هذا المشروع المبارك.
إن استشعارك لآلاف الحسنات؛ بل الملايين - بإذن الله تعالى - في قراءتك سيزيدك حرصًا، وإقبالًا على القراءة، وثباتًا عليها، ورغبةً وترغيبًا فيها، فالحسنة تجلب الحسنة؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى ﴾ [محمد: 17].
استحضرْ - حال قراءتك للقرآن - الجوانب التالية: الثواب، والثبات، والاستشفاء، والعلم، والعمل، والتدبُّر، والهداية، والمناجاة، ونحوها، فستحصل من خلال عمل واحد على أجور متعددة، وهذا من الفقه.
استثمر ذهابك وإيابك في ظروفك اليومية وغيرها في قراءة ما تحفظه من القرآن الكريم، فإن هذا خير عظيم، واستشعر شهادة هذه البقاع التي تمشي عليها لك يوم القيامة، فإن هذا يدفعك إلى الإكثار من ذلك.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ
[1] أخرجه أحمد في المسند برقم (12292) 19/ 305، وابن ماجه في سننه برقم (215) 1/ 146، والنسائي في السنن الكبرى برقم (7977) 7/ 263، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع برقم (2165) 1/ 432.
[2] أخرجه البخاري في صحيحه برقم (5027) 6/ 192.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/132366/#ixzz5du6BwjE7