تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تنوع الإعراب النحوي وأثره في فهم النص النبوي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,556

    افتراضي تنوع الإعراب النحوي وأثره في فهم النص النبوي

    تنوع الإعراب النحوي


    وأثره في فهم النص النبوي


    د. سعد فجحان الدوسري (*)



    ملخص البحث:


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى "أله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

    فالسنة النبوية لها أهمية بالغة في كثير من العلوم، ومنها: علم العربية "لا سيما ما يتعلق بالنحو وما يعرف ب إعراب الحديث النبوي" الذي قد تم تعريفه بأنه "علم يبحث في تخريج تراكيب الحديث النبوي على القواعد النحوية المحررة".
    وكان لذلك الأعراب تاريخ حافل، كانت بدايته من فصاحة الرسول صلي الله عليه وسلم، ثم تتابعت جهود العلماء في بيان المعاني والمفردات التي كانت في أكثرها منصبة على تفسير الغريب، وبعض الصرف والإعراب، إلى أن جاء الإمام أبو البقاء العكبري في كتابه
    المشهور بـــ"إعراب الحديث النبوي"، ثم تتابعت جهود العلماء بعد ذلك في مؤلفات بديعة.

    وتظهر أهمية إعراب الحديث النبوي بأمثلة واقعية من السنة النبوية، تم استعراض ستة أمثلة، منها: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (ذكاة الجنين ذكاة أمه)، وحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال (عليكم السكينة، فإن البر ليس بالإيضاع)، وغيرهما.
    لقد أفضى اجتهاد العلماء عند إعراب الحديث النبوي في بعض الأحيان إلى وجود اختلاف بينهم في إعراب كلمة أو جملة، وهذا الاختلاف بين المعربين قد يتعلق به - أحيانا - تنوع في فهم الحديث لذا ينبغي الاعتناء بتوجيهات هامة قبل تناول النص النبوي بالإعراب، وهي ستة: مراعاة تعدد الروايات عند الأعراب، والالتزام بصحة الحديث وقبوله، ثم العناية بمعنى الحديث قبل إعرابه، ومراعاة ما تقتضيها الصنعة النحوية، والخامس محاولة استيفاء جميع الأوجه الإعرابية الظاهرة التي يحتملها اللفظ النبوي، وأخيرا: الانتباه إلى الخلاف النحوي بين النحاة.


    مقدمة:


    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف النبيين وإمام المرسلين، نبينا محمد وعلى "أله وصحبه أجمعين.
    أما بعد، فإن الله تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وجعل هذه الرسالة قائمة على أصلين عظيمين بهما قوام الدين، كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
    ولقد اهتم العلماء المتقدمون في قواعد العربية بالقران الكريم في تقعيد قواعد النحو، وإثراء العربية بالأمثلة منه، والسنة النبوية في ذلك مما لا تقل عن القرآن منزلة، ولا تنقص عنه أمثلة، وكذلك بالنسبة لأهميتها وحاجة الناس إليها، فهي وحي مثله، كلاهما من الله تعالى، (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) أن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (النجم: 3-4).
    ولقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم فصاحة وبيانا، وهي صفة ملازمة له، يعرفها عنه كل من خاطبه أو سمع كلامه، وكذلك كل من قرأ أحاديثه ووقف على عباراته، بل هي من خصائصه وفضائله صلى الله عليه وسلم التي اختص بها عن غيره من الأنبياء عليهم السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فضلت على الأنبياء بست، - وفي حديث آخر: أعطيت خمسا- أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون) رواه مسلم ([1])، وجه الدلالة من الحديث على فصاحته صلى الله عليه وسلم أنه أعطي جوامع الكلم والمقصود به كما قال الجاحظ في البيان والتبيين "هو الكلام الذي قل عدد حروفه، وكثر عدد معانيه، وجل عن الصنعة، ونزه عن التكلف"([2]).
    وبما أن الرسول صلى الله عليه وسلم عربي، وكلامه هو الفصاحة والبيان كله فقد امتلأت السنة النبوية بالقواعد العربية والأمثلة النحوية التي أثرت كتب الإعراب ومؤلفات النحو، وإن وجد ذلك متأخرا - نوعا ما - مقارنة بالقران الكريم، لكنها وبلا شك أثرت هذه المؤلفات إثراء كبيرا، بل ووضعت كتب مستقلة في إعراب الاحاديث النبوية خاصة، وملأ شراح الاحاديث مؤلفاتهم من إعراب النص النبوي، وبيان النحو فيه عند الحاجة إليه،، وقد أفضى ذلك في بعض الأحيان إلى اختلاف بينهم في إعراب كلمة أو إعراب جملة وردت في الحديث، لان اللغة العربية واسعة، وتعدد الأوجه الإعرابية فيها وارد.
    وتعدد الطرق أو الروايات باختلاف الإعراب، ثم الاختلاف بين المعربين هو موضوع بحثي الموسوم بـــ (تنوع الإعراب النحوي وأثره في فهم النص النبوي).
    أهمية الموضوع


    تكمن أهمية الموضوع في معرفة الأوجه الإعرابية لمفرد أو جملة في النص النبوي، والذي قد يترتب عليه خلاف في الفهم، أو تنوع في الاستنباط، مع بيان بعض التوجيهات التي ينبغي أن يتنبه لها المعرب للأحاديث النبوية.

    كذلك تكمن أهمية الموضوع في قوة النص النبوي، وحضوره بوضوح في قواعد العربية والنحو " بحيث يمنحها إثراء في الامثلة والتطبيق النحوي.
    مشكلة البحث


    تتمثل مشكلة البحث في كثرة الأمثلة النحوية التي تكون في النصوص الحديثية؛ التي ملأت منها كتب الشروح الحديثية وكتب الإعراب الحديثي، لكن الصعوبة تكمن فيما يهمنا في بحثنا منها " وهو وجود الاختلاف الإعرابي في نصوصها.
    قضية البحث


    تكمن قضية البحث في التحقق من كون هذا الاختلاف الإعرابي يترتب عليه تنوع في الفهم والاستنباط.
    أهداف البحث


    الوقوف على أهمية السنة النبوية في تأصيل وترسيخ قواعد العربية.
    بيان الإعراب النحوي وأهميته في فهم النص النبوي خصوصا.
    معرفة الفهم الناتج من تنوع الأعراب والأمثلة الواردة في ذلك.
    محاولة وضع توجيهات هامة قبل تناول النص النبوي بالإعراب.
    الدراسات السابقة


    وجدت دراسات سابقة تتعلق بموضوع الإعراب والحديث النبوي، ومن هذه الدراسات ما يأتي:
    "بناء الجملة في الحديث النبوي الشريف في الصحيحين" أطروحة دكتوراه للدكتور عودة خليل أبي عودة، الجامعة الأردنية، كلية الآداب، 1988 م.
    "الحديث النبوي في النحو العربي"، للدكتور محمود فجال، طبع مكتبة أضواء السلف 1997 م.
    "التأويل النحوي في كتب إعراب الحديث النبوي " للباحثة عائشة بنت مرزوق اللهيبي، أطروحة مقدمة من الباحثة لنيل درجة الماجستير من جامعة أم القرى، كلية اللغة العربية في سنة 1423 ه.
    "تاريخ الإعراب للأحاديث النبوية الشريفة"، للدكتور فخر الدين قباوة، مجلة الوعي الإسلامي، 1424 ه.
    "التأويل النحوي في الحديث الشريف" أطروحة دكتوراه مقدمة من الدكتور / فلاح إبراهيم الفهدي في جامعة بغداد، كلية الآداب، سنة 2006 م.
    "القضايا النحوية في المخطوطات وكتب الحديث وإعرابه"، للدكتور سليمان القضاه، طبع دار الكتاب الثقافي للطباعة والنشر.
    لكنني لم أجد مؤلفا خاصا يتعلق بتنوع الإعراب النحوي وأثر ذلك في فهم النص النبوي.
    منهج البحث:


    عزو الآيات بذكر اسم السورة ورقم الآية.
    إذا كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما فأكتفي بالعزو له دون غيره من المراجع، وذلك بذكر اسم الكتاب والباب ورقم الحديث، كما أني أذكر إسناده وأكتفي بذلك دون دراسة له.
    أما إذا كان الحديث في غير الصحيحين، فإن كان في السنن الأربعة ومسند أحمد فأكتفي بالعزو لها، وإن كان خارج السنن والمسند، فأخرجه من مصادره الأصلية الأخرى، وأورد إسناده مع دراسة له، ثم أختمه بالحكم عليه بالقبول أو الرد.
    التعريف بمصطلحات فن الحديث وإعرابه من المصادر المختصة.
    توثيق جميع النصوص التي يتم نقلها من مصادرها الرئيسة.
    دراسة أسانيد غير الصحيحين، والحكم عليها بناء على هذه الدراسة.


    خطة البحث


    ستكون خطة البحث إن شاء الله تعالى على النحو الاتي:

    المقدمة، وفيها بيان أهمية الموضوع، وسبب اختياره، وخطته، ومنهج البحث فيه، ثم المبحث التمهيدي، وفيه: تعريف إعراب الحديث النبوي باعتباره علما مركبا، وأهمية اللغة العربية للسنة النبوية، وأهمية الإعراب وأثره في المعنى، وتعدد الأوجه الإعرابية في إعراب الجمل والنصوص الشرعية.
    ثم المبحث الأول: إعراب الحديث النبوي، وفيه:
    المطلب الأول: تاريخ إعراب الحديث النبوي
    المطلب الثاني: المصنفات في إعراب الحديث النبوي
    ثم المبحث الثاني: أمثلة على تنوع الإعراب وأثره في فهم الحديث النبوي، وفيه:
    المثال الأول: حديث (ذكاة الجنين ذكاة أمه).
    المثال الثاني: حديث (رويدا أيها الناس، عليكم السكينة)
    المثال الثالث: حديث (وإذا تطاول رعاة الإبل البهم)
    المثال الرابع: حديث (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
    المثال الخامس: حديث (إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم)
    المثال السادس: حديث (فما الصلاة؟ قال: (خير موضوع)
    ثم المبحث الثالث: توجيهات هامة قبل تناول النص النبوي بالإعراب، وفيه:
    التوجيه الأول: مراعاة تعدد الروايات عند الأعراب.
    التوجيه الثاني: الالتزام بكون الحديث مقبولا، صحيحا كان أو حسنا بخلاف الضعيف.
    التوجيه الثالث: العناية بمعنى الحديث قبل إعرابه.
    التوجيه الرابع: مراعاة ما تقتضيه الصنعة النحوية
    التوجيه الخامس: محاولة استيفاء جميع الأوجه الإعرابية الظاهرة التي يحتملها اللفظ النبوي
    التوجيه السادس: الانتباه إلى الخلاف النحوي بين النحاة وأثره في إعراب الأحاديث
    ثم الخاتمة: وفيها أعرض أهم النتائج والتوصيات
    ثم المصادر والفهارس.
    والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    المبحث التمهيدي


    أ-تعريف إعراب الحديث النبوي باعتباره علماً مركباً.
    إن الناظر إلى كتب إعراب الحديث النبوي أو البحوث التي تختص بهذا الموضوع يجد أنها لم تورد تعريف إعراب الحديث النبوي باعتباره علما ولقبا لهذا الفن، وإنما يتم تعريف كل لفظ على حدة، فيعرف الإعراب، ويعرف الحديث.
    لكني يمكن أن أستخلص تعريفا جامعا لهذا النوع من الفن بأن أقول: إعراب الحديث النبوي "هو علم يبحث في تخريج تراكيب الحديث النبوي على القواعد النحوية المحررة"([3]).
    ويتضح من خلال هذا التعريف ما يأتي:
    أنه يبحث في تراكيب الحديث النبوي، لا في مفرداته، فهذا له فن مستقل اسمه: "غريب الحديث".
    يهتم بإيجاد الوجوه المناسبة لتراكيب لفظ الحديث النبوي وتوجيهها.
    هذا العلم مقيد بقواعد نحوية ثابتة، تمثل الأسس لهذا العلم.
    يراعى حمله على أفصح الوجوه، لا على جميع ما يحتمله اللفظ من وجوه.
    ب-أهمية اللغة العربية للسنة النبوية

    لقد كان لعلماء الحديث عناية بالعربية وقواعدها، وحث الناس عليها وتعلمها، لكي يتم صيانة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من اللحن والزلل، ومن النقص والخطل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أفصح الناس؛ وأعظمهم بيانا.
    لأجل ذلك كانت معرفة العربية شرطا من الشروط التي يجب توافرها في المحدث كما قال ابن الصلاح رحمه الله: "فحق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به من شين اللحن والتحريف ومعرتهما"([4]).
    وروى الخطيب البغدادي عن الإمام شعبة بن الحجاج قوله: "من طلب الحديث ولم يبصر العربية كمثل رجل عليه برنس وليس له رأس"([5]).
    وروى الخليلي في "الإرشاد" عن العباس بن المغيرة عن أبيه قال: جاء عبد العزيز الدراوردي في جماعة إلى أبي ليعرضوا عليه كتابا، فقرأ لهم الدراوردي، وكان رديء اللسان، يلحن لحنا قبيحا، فقال أبي: "ويحك يا دراوردي، أنت كنت إلى إصلاح لسانك قبل النظر في هذا الشأن أحوج منك إلى غير ذلك"([6]).
    وروى -أيضا -عن حماد بن سلمة قال: "مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة ولا شعير فيها".
    ومما يدل على أهمية العربية عند علماء الحديث: قصة تعلم سيبويه للعربية، فقد كان بمشورة وأمر من حماد بن سلمة الإمام المحدث رحمه الله.
    كان سيبويه يحضر مجلسه ويستملي الحديث منه، وسأل يوما حماد بن سلمة فقال له: أحدثك هشام ابن عروة عن أبيه في رجل رغف في الصلاة، بضم العين، فقال له حماد: أخطأت، إنما هو رعف بفتح العين، فانصرف سيبويه إلى الخليل، فشكا إليه ما لقيه من حماد، فقال له الخليل: صدق حماد، ومثل حماد يقول هذا، ورعف بضم العين لغة ضعيفة ([7]).
    ثم يتكرر الموقف مرة أخرى، فبينما هو يستملي على حماد بن سلمة حديث (ما أحد من أصحابي إلا وقد أخذت عليه، ليس أبا الدرداء) ([8])، فقال سيبويه: " ليس أبو
    الدرداء"، فقال: لحنت يا سيبويه، فقال سيبويه: لا جرم! لأطلبن علما لا تلحنني فيه أبدا، فطلب النحو، ولم يزل يلازم الخليل"([9]).
    إن اللغة العربية والإعراب لها إسهام بين في فهم السنة النبوية المطهرة فهما دقيقا صحيحا في معانيها وأحكامها؛ "لأنه لا تفهم معانيها على صحة إلا بتوفيتها حقوقها من الإعراب، وهذا ما لا يدفعه أحد ممن نظر في أحاديثه"([10]).
    ج-أهمية الإعراب وأثره في المعنى

    الإعراب في اللغة العربية له أثر بين في تأدية المعنى وكشفه وإزالة اللبس عنه ([11])، وهذا لم يكن لأي لغة في الدنيا إلا للغة العربية، مما يوحي بعلو شأنها على جميع اللغات، كيف لا وهي لغة القرآن كلام الرحمن؟!.
    يقول ابن جني في بيان أن الإعراب يوضح المعاني: "الإعراب هو: الإبانة عن المعاني بالألفاظ، ألا ترى إنك إذا سمعت: "أكرم سعيد أباه، وشكر سعيدا أبوه، علمت برفع أحدهما ونصب الأخر الفاعل من المفعول، ولو كان الكلام شرجا ([12]) واحدا لاستبهم أحدهما من صاحبه"([13]).
    كذلك يرى الإمام السيوطي أن بالإعراب تميز المعاني، ويزال الإبهام الذي يمكن أن يحدث للمتكلم؛ خاصة في الجملة المتشابهة في ألفاظها، فيقول: "فأما الإعراب – فبه تميز المعاني، ويوقف على أغراض المتكلمين. وذلك أن قائلا لو قال: ما أحسن زيد غير معرب، أو ضرب عمر زيد غير معرب" لم يوقف على مراده. فإن قال: ما أحسن زيدا أو ما أحسن زيد، أو ما أحسن زيد "أبان بالإعراب عن المعنى الذي أراده"([14]).
    ومن الأمثلة على أهمية الإعراب في بيان المعنى قوله تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ أن اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (البقرة: 132).
    فالعطف هنا في قوله (ويعقوب) يوقع القارئ في حيرة لا ينقذه منها إلا الإعراب، لان يعقوب يحتمل أن يكون موصيا كإبراهيم وهو المراد، ويحتمل أن يكون موصى كأبناء إبراهيم، ولم يحسم هذا الإشكال إلا الإعراب بالرفع عطفا على إبراهيم وليس بنيه ([15]).
    ومما ورد في دلالة الإعراب على المعنى: ما قيل: إن عتبان الحروري حضر عند عبد الملك بن مروان، فقال عبد الملك: أنت القائل:
    فإن يك منكم كان مروان وابنة وعمرو ومنكم هاشم وحبيب

    فمنا حصين والبطين وقعنب ومنا أمير المؤمنين شبيب؟!
    فقال: إنما قلت: ومنا أمير المؤمنين شبيب، على النداء فأعجبه وأطلقه ([16]).

    د-تعدد الأوجه الإعرابية في إعراب الجمل والنصوص الشرعية

    إن علماء العربية عندما يعربون في بعض الأحيان كلمات أو جملا قد تختلف أراؤهم، وتتعدد أقوالهم في الإعراب، وذلك يعود إلى اختلاف اجتهادهم في تطبيق وتنزيل قواعد العربية على الأمثلة، فتجد قولين أو ثلاثة أو أكثر في إعراب كلمة واحدة.
    وقد التمس العلماء أسباب تعدد الأوجه الإعرابية، فلخصها الدكتور محمد حسنين صبرة ([17]) وقسمها إلى قسمين:
    أسباب تتصل بتراكيب اللغة وهي:
    طبيعة التراكيب بأن تكون تراكيب مشكلة أو أن يكون ترتيب الكلمات فيه تقديم وتأخير.
    الاتباع أو الاستئناف، بأن تكون الكلمة تابعة لما قبلها أو أن تكون منقطعة عما قبلها ومستأنفة.
    تعدد المتبوع، فقد يكون هناك تراكيب تشتمل على كلمتين تصلح كل منهما لان تكون متبوعة، ولكل منهما إعراب، فيؤدي إلى اختلاف إعراب التابع.
    تعدد وظائف بعض الكلمات، ككان مثلا، فقد تأتي ناقصة، وقد تأتي تامة، أو زائدة، فتختلف الكلمات المعمول فيها من بعدها باختلاف وظيفة العامل.
    غياب الإعراب، ففي العربية كلمات لا تظهر عليها علامات الإعراب، إما بسبب البناء أو التعذر، كالاعتلال والثقل مثلا.
    أسباب تتصل بمنهج النحاة، كاختلافهم في مسائل نحوية كثيرة كما بين البصريين والكوفيين "كالخلاف القائم في جواز تقديم الفاعل على الفعل وغيرها.
    ولشهرة هذه الخلافات ألفت فيها كتب ككتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" لابن الأنباري ([18]).
    المبحث الأول: إعراب الحديث النبوي

    المطلب الأول: تاريخ إعراب الحديث النبوي
    من الأوصاف التي تحلى بها رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: وصف البلاغة وجوامع الكلام، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون"([19]).
    ثم تتابعت جهود علماء العربية في بيان المعاني والمفردات ككتاب "الغريبين" لأحمد بن محمد الهروي، و"الفائق" للزمخشري، والنهاية لابن الأثير، والتي كانت في أكثرها منصبة على تفسير الغريب من المفردات، وشرح العبارات، مع شذرات من التحليل الصرفي، ومعاني الأدوات، ونادر من الإعراب.
    إلا أن الخطوة الأولى في التحليل النحوي للأقوال النبوية المباركة كانت على يد الفقيه النحوي الإمام أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري المتوفى سنة 616 ه ([20])، فقد ألف كتابه: "إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث" المعروف ب "إعراب الحديث النبوي"، حين رغب إليه جماعة من طلبة الحديث أن يملي مختصرا في إعراب ما يشكل من الألفاظ الواقعة في الأحاديث الشريفة، فكان اعتماده على "جامع المسانيد" لابن الجوزي، إذ تناول من ذلك مادة وافرة للمسائل النحوية جعلها تحت عنوان "إعراب الحديث النبوي". وقد عرض فيه كثيرا من الإعراب بما تحتمله بعض المفردات من الوجوه والروايات، وقليلا من الصرف ومعاني الأدوات.
    ثم جاء بعد ذلك: إمام النحو والحديث الإمام ابن مالك الأندلسي، في كتابه "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح"، حيث جمع من صحيح البخاري ما يستشكل من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في قواعد العربية، فأزال مشكلاتها، ووجه إعرابها مؤيدا ذلك من أقوال العرب في الشعر والنثر. ثم تتابع العلماء بعد ذلك في مؤلفات مستقلة وشروح مضمنة نأتي عليها في المطلب الثاني أن شاء الله.
    المطلب الثاني: المصنفات في إعراب الحديث النبوي

    لم يكن الاهتمام منصبا كثيرا على إعراب النص النبوي وبيان نحوه، إلا أن يكون ذلك في أثناء شرح حديث ما في كتب شروح الحديث أو في كتب غريب الحديث، لكن هذا النوع من العلم لم يخل من التأليف كما سبق بيانه، بل ألف فيه مصنفات وان كانت في بدايتها متأخرة نوعا، وهي على الترتيب الزمني كما يأتي ([21]):
    "إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث "المعروف ب "إعراب الحديث النبوي " للإمام أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري المتوفى سنة 616ه، فقد أملاه إملاء على طلابه، أورد فيه أحاديث كثيرة معربا لها، ومبينا الأوجه النحوية في بعض نصوصها.
    "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح" للعلامة جمال الدين، محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك، أبي عبد الله الطائي الجياني الإمام النحوي الشهير، صاحب "الألفية" في النحو والصرف، المتوفى سنة 672 ه.
    وهذا الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور طه محسن، وهو عبارة عن جزء لطيف يحوي تعليقات ونكتا نحوية ولغوية على بعض المواضع في "صحيح البخاري".
    "عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد" للحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، السيوطي، المتوفى سنة: 911 هـ، حققه وقدم له: د. سلمان القضاة.
    قال السيوطي في مقدمة كتابه: "وقد استخرت الله تعالى في تأليف كتاب في إعراب الحديث، مستوعب جامع، وغيث على رياض كتب المسانيد والجوامع هامع، شامل للفوائد البدائع شاف. كافل بالنقول والنصوص كاف، أنظم فيه كل فريدة، وأسفر فيه النقاب عن وجه الخريدة، وأجعله على مسند أحمد، مع ما أضمه إليه من الأحاديث المزيدة، وأرتبه على حروف المعجم في مسانيد الصحابة، وأنشئ له من بحار كتب العربية كل سحابة"([22]).
    أمالي السهيلي أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الأندلسي المتوفى سنة 581 ه. صاحب كتاب الروض الأنف في السيرة النبوية. وقد حقق الكتاب الأستاذ محمد إبراهيم البنا، وتناول أربعا وسبعين مسألة في النحو واللغة؛ هي أجوبة للسهيلي، تناولت مشكلات وقعت في بعض الأحاديث. والكتاب يقع في 158 صفحة.
    "التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح" لبدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي المصري المتوفى سنة 794 ه، وهو كتاب تناول فيه مؤلفه ما وقع في صحيح البخاري من لفظ غريب أو إعراب غامض، أو ما يتعلق بنسب وتسمية الرواة، وغير ذلك. والكتاب طبع بتحقيق يحي بن محمد علي الحكمي في ثلاثة مجلدات، وأيضا بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية ببيروت.
    "مصابيح الجامع" للقاضي بدر الدين محمد بن أبي بكر بن عمر الدماميني القرشي الإسكندراني المتوفى سنة 827 ه، والكتاب عبارة عن شرح للجامع الصحيح للإمام البخاري، تناول فيه مؤلفه في الغالب المباحث اللغوية والنحوية، مع ما تضمنه من ضبط للرواة وتسمية للمبهمين وغير ذلك. وقد طبع الكتاب في عشرة مجلدات، من قبل وزارة الأوقاف القطرية بتحقيق نور الدين طالب.
    أما بالنسبة للبحوث والدراسات التي تناولت هذا الجانب، فقد تقدمت في مقدمة هذا البحث.

    المبحث الثاني: أمثلة علي تنوع الاعراب النحوي واثره في فهم النص النبوي

    المثال الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (ذكاة الجنين ذكاة أمه) ([23]).



    اختلف العلماء ([24]) في ضبط كلمة "ذكاة" الثانية، فأجاز بعضهم الإعراب بالرفع، وأجاز بعضهم الإعراب بالنصب، فالرفع باعتباره خبرا للمبتدأ ذكاة الأول، والنصب بنزع الخافض ([25])، والتقدير ذكاة الجنين كذكاة أمه، أي: يذكي مثل ذكاة أمه، فحذف الجار وانتصب الاسم بعده، أو على تقدير يذكي تذكية مثل ذكاة أمه، فحذف المصدر وصفته، وأقام المضاف إليه مقامه، فلا بد عنده من ذبح الجنين إذا خرج حيا ([26]).
    وبناء على هذين الأعرابيين انقسم الفقهاء تجاه هذه المسألة إلى فريقين:
    1-الجمهور، وهم: المالكية والشافعية والحنابلة، وأخذ به أبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية ([27]) ذهبوا إلى الاكتفاء بذكاة الأم عن ذكاة جنينها الذي في بطنها، استدلالا بالحديث برفع ذكاة الثانية، وأن المعنى: أن ذكاة الجنين الذي في بطن أمه تغني عنه ذكاة أمه، ولأنه جزء من أجزائها، وذكاتها ذكاة لجميع أجزائها، ولان هذا إجماع من الصحابة ومن بعدهم، فلا يعول على ما خالفه، ولان الجنين متصل بها اتصال خلقة، يتغذى بغذائها، فتكون ذكاته ذكاتها ([28]).
    قال الطيبي رحمه الله: (لعل أصل الكلام ذكاة الأم بمنزلة ذكاة الجنين في الحل، أي مغنية عن ذكاة الجنين، فقدم وأخر كقوله: "لعاب الأفاعي القاتلات لعابه". ونحوه قول العرب في الحلف: "سلمى سلمك، وحربي حربك، وهدامى هدمك") ([29]).
    2-وذهب الإمام أبو حنيفة وزفر والحسن بن زياد إلى أن الجنين الميت لا يحل إلا أن يخرج حيا؛ فيذكى كذكاة أمه.
    واستدلوا في ذلك بنصب (ذكاة) بنزع الخافض، وأصل الكلام: "ذكاة الجنين كذكاة أمه"، أي: يذكي مثل ذكاة أمه، بمعنى أنه لا تغني ذكاتها عن ذكاته.
    واستدل أيضا بالأصل، وهو قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (المائدة: 3)، والجنين الذي لم يدرك حيا بعد تذكية أمه ميتة، ومما يؤكد ذلك أن حياة الجنين مستقلة، إذ يتصور بقاؤها بعد موت أمه، فتكون تذكيته مستقلة ([30]).
    وقد ألف ابن جني في إعراب هذا الحديث رسالة نقل السيوطي عنه قوله فيها: "قد تنوع القول في هذا الحديث، وأولاها بالصواب وأجراها على مقاييس العربية وصناعة الإعراب: ما ذهب إليه أبو حنيفة من أن تقديره: ذكاة الجنين مثل ذكاة أمه، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فأعرب حينئذ إعرابه، ومثل ذلك في حذف المضاف كثير، وذلك أن قوله (ذكاة الجنين) مبتدأ محتاج إلى خبر، وخبره إذا كان مفردا – أعني غير الجملة - فلا بد أن يكون هو المبتدأ في المعنى بما ذكرنا، وذلك قولك للنائب عنك: قبضك قبضي، وعقدك عقدي، أي قبضي قبضك، وعقدي عقدك، أي قبضك يقوم مقام قبضي، وعقدك يقوم مقام عقدي لو عقدت، فثبت قبض مخاطبك وعقده حقيقة، وقبضك وعقدك أي مجازا لا حقيقة، بل تكون منفية عنك"([31]).
    اختيار الباحث


    لكن الذي يظهر -والله تعالى أعلم -أن القول الأول هو الراجح، وأن قوله: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" جملة خبرية، جعل الخبر فيها مثل المبتدأ في الحكم والمعنى، فهي كقولك: "غذاء الجنين غذاء أمه".
    كما أن للحديث سبب ورود أيد رواية الرفع "وأن ذكاة الأم تغني عن ذكاة جنينها، وهي من ضمن روايات الحديث، والتي رواها الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ([32]) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنين؟ فقال: كلوه إن شئتم". وفى لفظ: "يا رسول الله، ننحر الناقة، ونذبح البقرة والشاة، فنجد في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ قال: كلوه أن شئتم. فإن ذكاته ذكاة أمه".
    والشاهد في هذا المثال: أن تنوع الإعراب النحوي لكلمة في الحديث كان له تأثير واضح على تنوع الفهم بين العلماء لمعنى الحديث؛ بحيث تعددت الأقوال في مسألة ذكاة الجنين بتعدد الإعراب النحوي للحديث.

    المثال الثاني: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: " كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة، قال: فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع حطمة الناس خلفه قال: " رويدا أيها الناس، عليكم السكينة، فإن البر ليس بالإيضاع ..."([33]).

    الشاهد هو قوله "عليكم السكينة"([34])، ف"السكينة" يكون الأعراب فيها: إما بالنصب على الأغراء، بمعنى: "الزموا السكينة"، واما أن يكون بالرفع على أنه مبتدأ مؤخر؛ وخبره ما قبله ([35]).
    قال السيوطي رحمه الله: "الوجه: أن تنصب السكينة على الإغراء " الزموا السكينة، كقوله: (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) (المائدة: 105)، ولا يجوز الرفع" لأنه يصير خبرا، وعند ذلك لا يحسن أن يقول: رويدا أيها الناس؛ لأنه لا فائدة فيه"([36]).
    اختيار الباحث


    الأعراب بالنصب، لأنه الأقرب للمعنى، والمقصود من الحال، ويؤيد ذلك رواية البخاري "عليكم بالسكينة"([37]) فالباء للاستعانة، وهي تؤدي معنى الجملة الإنشائية من الأمر بالسكينة والحث عليها.
    المثال الثالث: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس، فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟ قال: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، وبلقائه، ورسله وتؤمن بالبعث". قال: ما الإسلام؟ قال: "الإسلام: أن تعبد الله، ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان". قال: ما الإحسان؟ قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، قال: متى الساعة؟ قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها، واذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان..."([38]).
    الشاهد في هذا المثال هو قوله: البهم، فيجوز في إعرابه الرفع والجر ([39])، فالرفع نعت للرعاة، والجر نعت للإبل.
    على الإعراب الأول وهو الرفع بحيث يكون نعتا للرعاة يكون وصفهم بالبهم إما:
    لأنهم مجهولو الأنساب، ومنه: أبهم الأمر فهو مبهم إذا لم تعرف حقيقته.
    أو لأنهم سود الألوان، لان الأدمة غالب ألوانهم.
    وقيل: معناه: لا شيء لهم، كقوله عليه الصلاة والسلام: "يحشر الناس حفاة عراة بهما"([40])، ولا يرد على هذا إضافة الإبل لهم؛ لأنها إضافة اختصاص لا ملك على هذا، والغالب أن الراعي يرعى لغيره بالأجرة، وأما المالك فقل أن يباشر الرعي بنفسه. وعلى الإعراب الثاني وهو الجر بحيث يكون نعتا للإبل فوصف الإبل بالبهم، أي: السود، قيل: "لأنها شر الألوان عندهم، وخيرها الحمر التي ضرب بها المثل، فقيل: خير من حمر النعم"([41]).
    فتأمل كيف تنوع الإعراب في كلمة واحدة فتغير المعنى تماما، لا سيما أنه يتعلق بعلامة من علامات الساعة.
    والمقصود من التأويل: انقلاب الأوضاع وصيرورة رعاة الإبل الفقراء أغنى الناس؛ حتى إنهم يتكبرون على الخلق فيتعالون عليهم في البنيان.
    اختيار الباحث


    يختار الباحث الرفع في البهم، أنها صفة للرعاة، والسبب في وصف الرعاة بالبهم هو قلة مالهم، وأنهم لا يملكون شيئا.
    ويؤيد ذلك رواية النسائي ([42]) بلفظ: "إذا رأيت الرعاء البهم يتطاولون في البنيان" المثال الرابع: عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه -أو قال لجاره -ما يحب لنفسه"([43]).
    وجه الشاهد قوله: "حتى يحب"، هل (يحب) بالنصب أو بالرفع، فالنصب على أنها منصوبة بأن المضمرة وجوبا بعد حتى ([44])، والجملة الفعلية كلها في محل جر بحتى، أو أنها مرفوعة على اعتبار حتى عاطفة، ويكون المعطوف عليه (يؤمن) وهو مرفوع، والعطف على المرفوع مرفوع مثله.
    وقد رجح الحافظ ابن حجر والعيني أن الفعل يحب منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد حتى، لان المعنى المراد يقتضي ذلك، وهو أن ما بعد حتى يقتضي خلاف ما قبلها، فالمؤمن ينبغي أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وعدم المحبة يقتضي عدم الإيمان.
    قال الحافظ ابن حجر: "(يحب) بالنصب، لان (حتى) جارة، "وأن بعدها مضمرة"، و "ولا يجوز الرفع على أن (حتى) عاطفة، فلا يصح المعنى" إذ عدم الإيمان ليس سببا للمحبة"([45]).
    وقال العيني: "قوله (حتى) ههنا جارة لا عاطفة، ولا ابتدائية، وما بعدها خلاف ما قبلها، وأن بعدها مضمرة" ولهذا نصب يحب، ولا يجوز رفعه ههنا "لان عدم الإيمان ليس سببا للمحبة"([46]).
    اختيار الباحث


    الإعراب يقتضي أن تعرب يحب بالنصب لا بالرفع، لان المعنى والسياق يدل على ذلك.
    والشاهد فيه: أن اختلاف الإعراب قد يغير المعنى المراد في النص النبوي، كما أن المعنى المراد قد ينبني عليه تحدد الإعراب.
    المثال الخامس: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم"([47]).
    الشاهد في هذا المثال هو قوله: "أهلكهم"، فقد روي هذا الحديث على وجهين ([48])، بفتح الكاف في "أهلكهم"، وضمها.
    قال أبو إسحاق -راوي صحيح مسلم -: "لا أدرى أهلكهم بالنصب، أو أهلكهم بالرفع"([49]).
    على كلا الضبطين بفتح الكاف في "أهلكهم" أو وضمها يختلف الإعراب والمعنى، وذلك كالاتي:
    فعلى ضبط الفتح يكون "أهلكهم" فعلا ماضيا، ومعناه: الغالين الذين يؤيسون الناس من رحمة الله، يقولون: "هلك الناس"، أي: استوجبوا النار بسوء أعمالهم، فإذا قال الرجل ذلك فقد أيسهم، وحملهم على ترك الطاعة والانهماك في المعاصي، فهو الذي أوقعهم في الهلاك ([50])، وقيل: معناها: هو جعلهم هالكين، لا أنهم هلكوا في الحقيقة ([51]).
    وعلى ضبط الضم يكون "أهلكهم" خبر على صيغة أفعل التفضيل، مرفوع وعلامة رفعه: الضمة الظاهرة على الكاف في أهلكهم.
    ومعناه: أكثرهم هلاكا " لأنه يولع بعيوب الناس، ويذهب بنفسه عجبا، ويرى أن له عليهم فضلا ([52])، فيستحق الهلاك بسبب ذلك، والعياذ بالله.


    اختيار الباحث


    يختار الباحث رواية الرفع، وقد رجحها الحميدي والنووي ([53]) لأنها أشهر، ويؤيدها رواية الإمام أحمد في المسند ([54]) ولفظها: "إذا سمعتم رجلا يقول: قد هلك الناس فهو أهلكهم، يقول الله: إنه هو هالك".
    ورواه أبو نعيم في الحلية ([55]) بلفظ: "فهو من أهلكهم" أي: من أشدهم هلاكا.
    ووجه الاستدلال بهذه الرواية:

    أن المقصود بوصف الهلاك في الرواية الأولى هو القائل نفسه وذلك بتصريح تعيينه في الرواية الثانية والثالثة.
    فمن خلال هذا المثال يتبين أهمية الإعراب في تحديد المعنى المناسب للحديث، والذي قد يتبين بالقرائن الأخرى، كالروايات الأخرى، أو الأشهر في الرواية أو المعنى.
    المثال السادس: حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست إليه، فقال لي: يا أبا ذر، هل صليت؟ قلت: لا. قال: قم فصل... إلى أن قال: قلت: يا رسول الله، فما الصلاة؟ قال: خير موضوع، فمن شاء أكثر ومن شاء أقل ..."([56]).
    الشاهد هو قوله: "خير موضوع"، فيمكن أن يروى بضبطين:
    (خير موضوع) بالضم دون صرف لـــ"خير" على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أو مبتدأ لخبر محذوف، وهو مضاف؛ و"موضوع" مضاف إليه.
    (خير موضوع) بصرف خير بالضم، واعتباره منعوتا، ونعته ما جاء بعده "موضوع".
    قال الخطابي: "يروى على وجهين: أحدهما أن يكون "موضوع" نعتا لما قبله، يريد أنها خير حاضر، فاستكثر منه. والوجه الأخر: أن يكون الخير مضافا إلى الموضوع، يريد أنها أفضل ما وضع من الطاعات، وشرع من العبادات"([57]).
    كلا هذين الإعرابين محتمل، فالنعت وارد، وفيه ترغيب أكيد في الاستكثار من الخير الحاضر على حد قوله سبحانه: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) (المائدة: 48).
    كما أن الإعراب الثاني وهو الإضافة وارد، لا سيما أن من أغراض الإضافة التعبير عن التفضيل المطلق كقولهم: "زيد أحسن العمال".
    يتبع




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,556

    افتراضي رد: تنوع الإعراب النحوي وأثره في فهم النص النبوي

    تنوع الإعراب النحوي


    وأثره في فهم النص النبوي


    د. سعد فجحان الدوسري (*)

    اختيار الباحث


    الذي يظهر -والله تعالى أعلم -أن الأقرب هو الإعراب بالإضافة، لما فيه من تفضيل للصلاة على غيرها من الأعمال، حيث وردت نصوص كثيرة في تفضيلها على غيرها، كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها) قلت: ثم أي؟ قال: (بر الوالدين) قلت: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) متفق عليه ([58]).
    ومع النعت وترك الإضافة لا يحصل به المقصود، حيث تشترك معها العبادات كلها.
    وهذا ما رجحه سليمان بن عمر الجمل، حيث قال: "وهو بالإضافة؛ ليظهر به الاستدلال على فضل الصلاة على غيرها، وأما ترك الإضافة - وان صح – فلا يحصل معه المقصود، لان ذلك موجود في كل قربة"([59]).
    المبحث الثالث: توجيهات هامة قبل تناول النص النبوي بالإعراب

    وستكون هذه التوجيهات كالتالي ([60]):
    التوجيه الأول: الالتزام بكون الحديث مقبولا صحيحا كان أو حسنا بخلاف الضعيف

    فيجب على المعرب عند إعراب الحديث أن يتثبت من صحة الحديث، حتى لا يضيع عمله سدى، وقد وجد كثير من الأحاديث التي يستشهد بها النحاة على قواعد النحو في ثبوتها نظر، بل أن بعضهم يجتهد في توجيه الرواية وهي ضعيفة.
    ومن أمثلة ذلك: حديث "حبب إلى من دنياكم ثلاث؛ النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة"([61])، يذكر عند الحديث على التغليب، حيث غلب هنا المؤنث في مخالفة العدد ثلاث للمعدود.

    والحقيقة: أن هذا الحديث مشهور معروف بدون لفظ (ثلاث)، "حبب إلى من الدنيا النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة"([62])، بل لم يرد في كتب السنة النبوية المعتبرة هذا اللفظ أبدا حسب حدود بحثي.

    قال الزركشي: "لم يرد فيه لفظ ثلاثة، هكذا رواه النسائي والحاكم من حديث أنس وزيادة "الثلاثة" مخلة للمعنى، فإن الصلاة ليست من الدنيا"([63]).

    ومن الأمثلة أيضا: لفظ حديث: (ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم من أيام العشر) ([64])، حيث ذكره سيبويه في الكتاب، وابن عقيل في شرحه على ألفية ابن مالك ([65]) عند الكلام على أفعل التفضيل عندما يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه؛ فيرفع ظاهرا قياسا مطردا، وذلك في كل موضع وقع فيه أفعل بعد نفي أو شبهه، وكان مرفوعة أجنبيا مفضلا على نفسه باعتباريه.


    التوجيه الثاني: العناية بمعنى الحديث قبل إعرابه

    فالعناية بذلك يساعد كثيرا في اختيار الإعراب وتوجيهه، حتى لا يخطئ المعرب فيراعي ما يقتضيه ظاهر الصناعة النحوية، ولا يراعي المعنى، وكثيرا ما يخطئ المعرب في إعراب مفرد أو جملة قبل أن يتدبر معنى الحديث والمراد منه.
    قال الزركشي: "ويجب عليه (أي المعرب) مراعاة أمور: أحدها: -وهو أول واجب عليه -؛أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه - مفردا كان أو مركبا - قبل الإعراب، فإنه فرع المعنى"([66]).
    وقال الزجاجي عن السنة النبوية: " لا تفهم معانيها على صحة إلا بتوفيتها حقوقها من الإعراب، وهذا ما لا يدفعه أحد ممن نظر في أحاديثه"([67]).

    وسأل أبو حيان ابن هشام الأنصاري ([68]): "علام عطف (بحقلد) من قول زهير ([69]):
    تقي نقي لم يكثر غنيمة... بنهكة ذي قربى ولا بحقلد
    فقلت: حتى أعرف ما الحقلد؟ فنظرناه فإذا هو سيء الخلق، فقلت: هو معطوف على شيء متوهم، إذ المعنى ليس بمكثر غنيمة فاستعظم ذلك"([70]).
    ومن الأمثلة على ذلك من الحديث النبوي: حديث أسامة بن زيد في حجة الوداع، وفيه: "فلما سمع حطمة الناس خلفه قال: "رويدا أيها الناس، عليكم السكينة"([71]). قال السيوطي رحمه الله: "الوجه أن تنصب السكينة على الإغراء" الزموا السكينة، كقوله (عليكم أنفسكم)، ولا يجوز الرفع؛ لأنه يصير خبرا، وعند ذلك لا يحسن أن يقول: رويدا أيها الناس، لأنه لا فائدة فيه"([72]).
    وكما سبق في حديث "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"([73]). في أن" (يحب) بالنصب، لان (حتى) جارة، "وأن بعدها مضمرة"، و "ولا يجوز الرفع على أن (حتى) عاطفة، حيث لا يصح المعنى، إذ عدم الإيمان ليس سببا للمحبة.
    التوجيه الثالث: مراعاة ما تقتضيه الصنعة النحوية، والفصاحة العربية، فلا يخرج عن قواعدها بأوجه إعرابية شاذة أو بعيدة.

    كحديث "من عال ابنتين أو ثلاث بنات، أو أختين أو ثلاث أخوات، حتى يمتن أو يموت عنهن، كنت أنا وهو كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى"([74]). فقوله (أنا وهو)، فيه تقديم وتأخير، فإن "جاء" فيه ضمير يعود إلى "من"، وقوله "هو" تأكيد له، وقوله "أنا" معطوف عليه. وتقديره: هو وأنا، ثم قدم "أنا" إما لكونه صلى الله عليه وسلم أصلا في تلك الخصلة، أو قدم في الذكر لشرفه"([75]). وقد رد ذلك السيوطي بقوله: ليس هذا الإعراب بسديد، لان تقديم المعطوف على المعطوف عليه لا يجوز، والأولى أن يجعل "أنا" مبتدأ، و "هو" معطوف عليه، و"كهاتين" الخبر. والجملة حالية بدون الواو نحو: (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) (البقرة: 36) ([76]).
    التوجيه الرابع: محاولة استيفاء جميع الأوجه الإعرابية الظاهرة التي يحتملها اللفظ النبوي، لان ذلك مهم جدا، فاللغة العربية واسعة، ولا يحيط بها إلا نبي، كما بينه الشافعي رحمه الله ([77]).

    وقال ابن هشام: "فليذكر الأوجه المحتملة من غير تعسف، وان أراد مجرد الإغراب على الناس، وتكثير الأوجه فصعب شديد"([78]).
    قال ابن فارس في كتابه الصاحبي: "قال بعض الفقهاء: " كلام العرب لا يحيط به إلا نبي"([79]).
    وهذا كلام حري أن يكون صحيحا. وما بلغنا أن أحدا ممن مضى ادعى حفظ اللغة كلها"(4).
    ومن ذلك ما ذكره العيني في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد.) ([80]): "قوله (انتزاعا) يجوز في نصبه أوجه
    الأول: أن يكون مفعولا مطلقا عن معنى (يقبض)، نحو: رجع القهقرى، وقعد جلوسا.

    الثاني: أن يكون مفعولا مطلقا مقدما على فعله، وهو ينتزعه، ويكون ينتزعه حالا من الضمير في (يقبض)؛ تقديره أن الله لا يقبض العلم حال كونه ينتزعه انتزاعا من العباد.

    الثالث: أن يكون حالا من العلم، بمعنى منتزعا، تقديره: إن الله لا يقبض العلم حال كونه منتزعا، أن قلت: على هذا ما يقع ينتزعه قلت: قيل: يكون ينتزعه جوابا عما يقال ممن ينتزع العلم، وفيه نظر والأصوب: أن يكون في محل النصب صفة إما لانتزاعا أو لمنتزعا من الصفات المبينة"([81]).

    التوجيه الخامس: مراعاة تعدد الروايات عند الإعراب، فإن لها أثرا بينا في توجيه الإعراب وتبيينه، فعندما تتعدد طرق رواية الحديث بوجوه مختلفة يجد شراح الحديث أنفسهم مضطرين إلى تقديم تفسير يتلاءم مع الأصول والقواعد النحوية، وهو ما نجده في توجيه القراءات القرآنية المتواترة وغيرها، فعندما تتعدد رواياتها يتكلفون أوجها من التأويل تبدو أحيانا متعسفة، وذلك عندهم خير من أن يردوا النصوص أو يخطئوها "لذلك نرى النحويين الذين تصدروا لإعراب الحديث وشرحه يحاولون أن يجدوا النظائر من القرآن الكريم لتراكيب وردت في الحديث الشريف.

    فمن ذلك على سبيل المثال: ما قاله العيني عند شرحه لحديث تعبير رؤية اللبن في المنام (قالوا: فما أولته؟ قال:(العلم) ([82]): "قوله (العلم) بالنصب والرفع روايتان، أما وجه النصب فعلى المفعولية" والتقدير أولته العلم، وأما وجه الرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف، أي المؤول به العلم"([83]).
    وكما سبق بيانه في المثال الخامس، وهو حديث أبي هريرة رضي الله "إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم"([84]) في تعدد أعراب (أهلكهم) بالفتح أو الضم، فقد تم ذكر ترجيح رواية الرفع لما ورد من رواية "فهو من أهلكهم".
    التوجيه السادس: الانتباه إلى الخلاف النحوي بين النحاة وأثره في إعراب الأحاديث، فإن بعض قواعد النحو قد وقع فيها خلاف بين النحاة، فالمعرب للنص النبوي ينبغي عليه أن يراعي مثل هذه الخلافات.

    ومن ذلك ما ذكره العكبري في إعرابه حديث (إذا كان أحدكم في صلاة فلا يرفع بصره إلى السماء أن يلتمع بصره) ([85])، إذ يقول: "تقديره: مخافة أن يلتمع بصره، فهو مفعول له، كقوله تعالى: (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (النساء: 176)، أي مخافة أن تضلوا أو كراهية، والكوفيون يقدرونه: لئلا يلتمع بصره، والمعنى واحد"([86]).

    الخاتمة

    الحمد لله أولاً وأخراً، لقد تبين لي من خلال هذا البحث عدة نتائج مهمة، هي كالتالي:
    أولا: بيان التعريف المختار لإعراب الحديث النبوي، وأنه: "علم يبحث في تخريج تراكيب الحديث النبوي على القواعد النحوية المحررة"، حيث لم يرد له إعراب قبل هذا البحث.

    ثانيا: عدم إمكان الاستغناء عن الإعراب النحوي في فهم النص النبوي، حيث لا يمكن معرفة مدلولات بعض الأحاديث إلا بمعرفة توجيهاتها النحوية.

    ثالثا: الوقوف على أهم التوجيهات والضوابط في إعراب الأحاديث النبوية التي ينبغي مراعاتها عند الكلام على إعراب نصوص السنة النبوية " حتى لا يجنح في معرفة مدلولات الأحاديث إلى الفهم الخاطئ.

    رابعا: مراعاة توجيهات العلماء النحوية، وضرورة العناية بها في فهم النص النبوي.

    خامسا: ضرورة العناية بالروايات وألفاظها للحديث الواحد، حيث تساعد كثيرا في التوجيه الإعرابي للحديث النبوي.

    ب-وأما التوصيات، فأوصي بما يأتي:

    ضرورة العناية بالإعراب عند الكلام على الحديث النبوي حتى يتسنى فهم المقصد النبوي.
    زيادة تسليط الضوء على إعراب الحديث وبخاصة ما وقع فيه خلاف.

    إيجاد دراسة استقرائية لعموم السنة النبوية والأوجه النحوية فيها، وبيان التنوع الأعرابي منها.
    وفي الختام: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن يجعلنا وإياكم على الصراط المستقيم، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.


    المصادر والمراجع


    أثر اختلاف الإعراب في تفسير القرآن الكريم للدكتور باسل عمر مصطفى، رسالة ماجستير في الجامعة الإسلامية بغزة، كلية أصول الدين، قسم التفسير وعلوم القرآن -الاختيارات الفقهية لتقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق علي بن محمد بن عباس البعلي الدمشقي، طبع دار المعرفة، بيروت، لبنان، 1397 ه، 1978 م.
    الإرشاد في معرفة علماء الحديث لابي يعلي الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني، تحقيق د. محمد سعيد عمر إدريس، طبع: مكتبة الرشد -الرياض، 1409 ه.
    الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة لنور الدين علي بن محمد بن سلطان المشهور بالملا على القاري، تحقيق: محمد الصباغ، طبع مؤسسة الرسالة، بيروت 1391 ه، 1971 م.
    الإعلام لخير الدين الزركلي، طبع دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر.
    إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث النبوي للإمام محب الدين أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري الحنبلي، تحقيق د. عبد الحميد هنداوي، طبع: مؤسسة المختار للنشر والتوزيع -مصر / القاهرة الطبعة الأولى، 1420 ه، 1999 م.
    إعراب القرآن، لعبد الرحمن بن إسحاق الزجاج، تحقيق: إبراهيم أبياري، طبع دار الكتاب المصري ودار الكتب اللبناني، 1420 ه.
    إنباه الرواة على أنباه النحاة لعلي بن يوسف القفطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، طبع دار الفكر العربي -القاهرة، 1406 هـ-1982 م.
    الإيضاح في علل النحو لابي القاسم الزجاجي، تحقيق مازن المبارك، طبع دار النفائس، بيروت 1982 م – 1402 ه.
    البرهان في علوم القرآن لبدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، طبع دار إحياء الكتب العربية وعيسى البابي الحلبي وشركائه 1376ه.
    بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، طبع المكتبة العصرية، لبنان.
    التأويل النحوي في الحديث الشريف لفلاح إبراهيم الفهدي رسالة دكتوراه في جامعة بغداد، كلية الآداب (2006).
    التبيان في إعراب القرآن لابي البقاء العكبري، تحقيق: علي محمد البجاوي، نشر مكتبة عيسى البابي الحلبي وشركاه.
    التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية لمحمد محي الدين عبد الحميد، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية -قطر، 1428 ه-2007 م.
    تعدد الأوجه الإعرابية وأثرها في المعنى من خلال إعراب القرآن للنحاس للباحثة رجاء أحمد الصاعدي، طبع جامعة أم القرى، كلية اللغة العربية، 1432 ه.
    تعدد التوجيه النحوي (مواضعه، أسبابه، نتائجه)، تأليف محمد حسنين صبرة، طبع دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، 2008 م.
    تهذيب اللغة موافقا للمطبوع لمحمد بن أحمد الأزهري، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي -بيروت -2001 م، الطبعة: الأولى.
    الجامع الصحيح المختصر لمحمد بن إسماعيل البخاري -تحقيق د. مصطفى ديب البغا -طبع دار ابن كثير، بيروت 1407 ه -1987 م.
    الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع لابي بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي، تحقيق محمود الطحان، طبع دار المعارف.
    الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث، لأحمد بن عبد الكريم الغزي العامري، تحقيق فواز أحمد زمرلي، طبع دار ابن حزم.
    الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم لمحمد بن فتوح الحميدي، تحقيق: د. علي حسين البواب، طبع دار ابن حزم -لبنان بيروت -1423 هـ-2002 م.
    حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، لشمس الدين محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، طبع دار الفكر.
    حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لابي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني -طبع دار الكتاب العربي 1405 ه، الطبعة الرابعة.
    الخصائص لابي الفتح عثمان بن جني، تحقيق: محمد علي النجار، طبع عالم الكتب -بيروت.
    سنن ابن ماجه لمحمد بن يزيد بن ماجه القزويني -تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي -طبع دار الفكر، بيروت.
    سنن الترمذي لمحمد بن عيسى الترمذي -تحقيق أحمد محمد شاكر وأخرين -طبع دار إحياء التراث العربي، بيروت.
    سنن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني -تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد -طبع دار الفكر.
    سنن الدارمي عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي -تحقيق فواز أحمد زمرلي، خالد السبع العلمي -طبع دار الكتاب العربي، بيروت 1407 -الطبعة الأولى.
    سير أعلام النبلاء، لابي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط، طبع مؤسسة الرسالة.
    شذرات الذهب في أخبار من ذهب لعبد الحي بن أحمد الدمشقي المعروف بابن العماد الحنبلي -طبع دار الكتب العلمية بيروت.
    شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، طبع دار التراث -القاهرة، الطبعة العشرون 1400 هـ-1980 م.
    شرح الزرقاني على مختصر خليل لعبد الباقي بن يوسف الزرقاني، تحقيق عبد السلام محمد أمين.
    شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن) لشرف الدين الحسين بن عبد الله الطيبي، تحقيق د. عبد الحميد هنداوي، طبع مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1417 هـ -1997 م.
    شرح صحيح مسلم المعروف بـــــ (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج) لابي زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، طبع دار إحياء التراث العربي – بيروت 1392 ه.
    شرح علل الترمذي لعبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي -تحقيق همام عبد الرحيم سعيد -طبع مكتبة المنار الزرقاء الأردن الطبعة الأولى 1407 ه.
    الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها، لأحمد بن فارس الرازي، تحقيق أحمد حسن بسج، طبع دار الكتب العلمية، 1418 ه -1997 م.
    الصحاح في اللغة، لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، نشر دار العلم للملايين.
    الصحيح لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري -تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. الطبعة: الأولى، 1419 ه -1998 م.
    عشرة النساء للنسائي، تحقيق: علي بن نايف الشحود، برنامج المكتبة الشاملة.
    عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، تحقيق د. سلمان القضاة، طبع دار الجيل، بيروت -لبنان، 1414 هـ -1994 م.
    علم إعراب القرآن: تأصيل وبيان، للدكتور يوسف بن خلف العيساوي، طبع دار الصميعي، الطبعة الأولى، 1428 ه.
    علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح) لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري المعروف بابن الصلاح -طبع دار الكتب العلمية، بيروت 1978 م.
    عمدة القارئ شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني -طبع دار إحياء التراث، بيروت.
    فتح الباري شرح صحيح البخاري لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني –تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، محب الدين الخطيب -ط دار المعرفة بيروت 1379 ه.
    فتح القدير، لكمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، طبع دار الفكر.
    فتح المغيث بشرح ألفية الحديث لمحمد السخاوي -تحقيق علي حسين علي-طبع دار الإمام الطبري.
    القاموس المحيط للفيروز آبادي -طبع مؤسسة الرسالة، بيروت.
    كتاب الأموال لابي عبيد القاسم بن سلام، تحقيق خليل محمد هراس، طبع دار الفكر -بيروت.
    كتاب الأموال لحميد بن زنجويه، تحقيق: شاكر ذيب فياض، طبع مركز فيصل للبحوث.
    اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة المعروف ب (التذكرة في الأحاديث المشتهرة) لابي عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، طبع دار الكتب العلمية -بيروت، 1406 هـ -1986 م.
    لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري -طبع دار صادر بيروت -الطبعة الأولي.
    المبسوط لمحمد بن أبي سهل السرخسي -طبع دار المعرفة، بيروت 1406 م.
    المجتبى من السنن (سنن النسائي الصغرى) لأحمد بن شعيب أبي عبد الرحمن النسائي -تحقيق عبد الفتاح أبو غدة-طبع مكتب المطبوعات الإسلامية حلب 1406 ه -1986 م.
    مجلة العلوم الإنسانية والاقتصادية، جامعة السودان (ص /29) العدد الأول يوليو 2012 م.
    مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لعلي بن أبي بكر الهيثمي -طبع دار الريان للتراث، دار الكتاب العربي القاهرة، بيروت 1407 ه.
    المجموع شرح المهذب لمحيي الدين بن شرف النووي -تحقيق محمود مطرحي-طبع دار الفكر بيروت 1417 -1996 الطبعة الأولي.
    المستدرك على الصحيحين لمحمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري -تحقيق مصطفى عبد القادر عطا-طبع دار الكتب العلمية بيروت 1990-الطبعة الأولي.
    المسند للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق السيد أبو المعاطي النوري، طبع عالم الكتب -بيروت.
    مشارق الأنوار للقاضي عياض اليحصبي -طبع المكتبة العتيقة.
    معجم الأدباء لياقوت الحموي، تحقيق إحسان عباس، طبع دار الغرب الإسلامي 1993 م.
    المعجم الوسيط من عمل مجمع اللغة العربية بالقاهرة -طبع مكتبة الشروق الدولية.
    معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس -تحقيق عبد السلام هارون -ط مصطفى الحلبي القاهرة.
    معرفة الصحابة، لابي نعيم الأصفهاني، تحقيق عادل بن يوسف العزازي، نشر دار الوطن، سنة النشر: 1419 -1998.
    مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لعبد الله بن هشام الأنصاري، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، طبع دار إحياء التراث العربي، بيروت.
    المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني لعبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي-طبع دار الفكر بيروت 1405 ه-الطبعة الأولي.
    النهاية في غريب الأثر لابي السعادات المبارك بن محمد الجزري -تحقيق طاهر أحمد الزاوي -طبع المكتبة العلمية، بيروت 1399 ه.
    نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار لمحمد بن علي الشوكاني -طبع مصطفى البابي الحلبي.

    [·] مدرس بقسم التفسير والحديث -كلية الشريعة والدراسات الإسلامية -جامعة الكويت

    [1] الجامع الصحيح، كتاب المساجد، باب المساجد (1195).

    [2] البيان والتبيين (ص / 221)، وانظر عمدة القاري (35 / 376).

    [3] وقد استخلصته من تعريف إعراب القرآن الكريم عند العيساوي في كتابه "علم إعراب القرآن" (ص /27).

    [4] مقدمة ابن الصلاح (ص / 400)، ومعرتهما مثنى معرة، وهي: الجناية، كما في لسان العرب (4 / 555) مادة عرر.

    [5] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2 / 26).

    [6] الإرشاد (1 / 302)، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2 / 26).

    [7] معجم الأدباء (3 / 1199).

    [8] هذا الحديث لم أجد له ذكرا في كتب الحديث، وإنما ذكر في الترغيب في تعلم النحو والعربية لأداء الحديث بالعبارة السوية في كتاب الجامع للخطيب البغدادي (2 /67).

    [9] أخرجه الخطيب في الجامع (2 /67)، وإنباه الرواة على انباه النحاة (2 /350).

    [10] الإيضاح في علل النحو للزجاجي، تحقيق مازن المبارك (ص / 95)، الطبعة الخامسة، 1406 ه.

    [11] هذا هو قول جمهور علماء العربية من المتقدمين والمتأخرين، وخالفهم في هذا من المتقدمين الإمام قطرب محمد بن المستنير، ومن المتأخرين الدكتور إبراهيم أنيس وبعض المستشرقين، حيث أنكروا أي دور للإعراب في المعنى، وإنما وجد في اللغة لعلل أخرى. انظر بحث "الأعراب وأثره في المعنى" للدكتور فضل الله النور علي، مجلة العلوم الإنسانية والاقتصادية، جامعة السودان (ص/ 29) العدد الأول يوليو 2012 م.

    [12] يعني مفهوما، والشرج الأمر المستوي والضرب أو النوع الواحد، انظر لسان العرب (2 /305).

    [13] الخصائص (1 /35).

    [14] المزهر في علوم اللغة وأنواعها (1 / 260).

    [15] انظر أعراب القرآن للزجاج (1 / 339)، التبيان للعكبري (1/118).

    [16] سير أعلام النبلاء (4 /148).

    [17] انظر تعدد التوجيه النحوي (ص / 219). وانظر رسالة تعدد الأوجه الأعرابية وأثرها في المعنى من خلال إعراب القرآن للنحاس للباحثة رجاء احمد الصاعدي (ص /17).

    [18] أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الشافعي النحوي، له مصنفات في الفقه والأصول والعربية، توفي سنة 577 ه.
    انظر شذرات الذهب (6 / 425)، وبغية الوعاة (2 / 86).

    [19] أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب المساجد، حديث (1195).

    [20] عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، أبو البقاء، محب الدين: الإمام العالم، أصله من عكبرا (بليدة على دجلة) ومولده ووفاته ببغداد من كتبه: شرح ديوان المتنبي واللباب في علل البناء والأعراب والتبيان في إعراب القرآن وغيرها، توفي سنة 616 ه. انظر سير أعلام النبلاء (22 /93)، الإعلام للزركلي (4 / 80).

    [21] هذا ما استطعت الوقوف عليه من كتب إعراب الحديث النبوي.

    [22] عقود الزبرجد على مسند الإمام احمد (1/10).

    [23] أخرجه أبو داود في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث (2829)، والترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث (1476)، وابن ماجه في كتاب الذبائح، باب ذكاة الجنين ذكاة امه، حديث (3199) و، احمد (11343) كلهم من طريق مجالد بن سعيد عن ابي الوداك عن ابي سعيد به. وإسناد الترمذي يقول فيه: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد به محمد بن بشار هو ابن عثمان العبدي البصري أبو بكر المعروف ببندار، قال ابن حجر في التقريب: "ثقة "، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين، روى له أصحاب الكتب الستة. يحيى بن سعيد هو ابن فروخ التميمي أبو سعيد القطان البصري، قال ابن حجر في التقريب (ص / 591):"ثقة متقن حافظ إمام قدوة"، مات سنة ثمان وتسعين ومائة. ومجالد هو ابن سعيد الهمداني، ضعفه يحيى بن سعيد القطان كما في الجرح والتعديل (8/362) واحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو حاتم كما في الجرح والتعديل (8/ 362)، وقال النسائي: "ليس بالقوي" كما في الضعفاء (ص /223) ووثقه مرة كما في تهذيب التهذيب (10/37)، وقال ابن عدي كما في الكامل في ضعفاء الرجال (6/ 421): "له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة، وعن غير جابر: وعامة ما يرويه غير محفوظة "، لذا قال ابن حجر كما في التقريب (ص / 520): "ليس بالقوي". وأبو الوداك بفتح الواو وتشديد الدال هو: جبر بن نوف الهمداني البكالي، روى له أصحاب الكتب الستة إلا البخاري، كما في التقريب (ص /137)، ووثقه ابن معين، كما في تاريخ ابن معين -رواية الدارمي (ص /88)، وقال النسائي: "صالح" ومرة قال: "ليس بالقوي" كما في تهذيب الكمال (4 / 495)، وذكره ابن حبان في الثقات (4 /117)، لذا قال ابن حجر في التقريب (ص/ 137): "صدوق يهم". وأبو سعيد هو الخدري رضي الله عنه، صحابي مشهور. وهذا الحديث بهذا الأسناد ضعيف، فيه مجالد، ضعفه العلماء، لكن له متابعات وشاهدان يرتقي بهما إلى الحسن لغيره، فقد تابع مجالدا يونس بن ابي إسحاق السبيعي كما عند الإمام احمد (11361)، ومن طريقه الدار قطني (4 /374)، والبيهقي (9 / 335)، ويونس -وان تكلم فيه بأنه صدوق يهم قليلا، كما في التقريب (ص /613) -إلا إن الإمام مسلما احتج به. كما أن أبا الوداك تابعه في الرواية عن ابي سعيد الخدري عطية العوفي عند الإمام احمد (3/ 45)، وأبي يعلى (1206) والطبراني في المعجم الصغير (242)، و(467)، وعطية العوفي "صدوق يخطئ كثيرا" كما في التقريب (ص /393). وللحديث شاهدان: الأول: من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، يرويه عنه أبو الزبير، أخرجه أبو داود في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث (2830)، والدارمي في سننه، كتاب الأضاحي، باب: في ذكاة الجنين ذكاة امه (2 / 84)، والدار قطني في سننه، كتاب الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك (4734) والحاكم في المستدرك، كتاب الأطعمة (4 / 114) والبيقهي في سننه، كتاب الضحايا، باب ذكاة ما في بطن الذبيحة (9 / 334 -335) من طرق عنه. وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم". وأبو الزبير صدوق مدلس، كما في التقريب (ص /506). وقد اعله ابن حزم في "المحلى" (7/ 419) بهذا. الثاني: من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عند الطبراني في "الأوسط" (7865) والحاكم، كتاب الأطعمة (4 / 128) كلاهما من طريق محمد بن إسحاق عن نافع مولى ابن عمر عنه، وقال الزيلعي (4/190): "ورجاله رجال الصحيح، وليس فيه غير ابن إسحاق، وهو مدلس، ولم يصرح بالسماع، فلا يحتج به". لذا هذا الحديث حديث ابي سعيد الخدري بمجموع هذه المتابعات وهذه الشواهد يرتقي لان يكون حسنا لغيره، وقد صححه ابن حبان، كتاب الذبائح، ذكر الزجر عن ترك قطع الودج عند الذبح (13/206) والحاكم،، كتاب الأطعمة (4/128)، والمنذري كما في نصب الراية (4/189) ، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، وقد روى من غير هذا الوجه عن أبي سعيد"، بل قال الحاكم: "ومن تأمل هذا الباب من أهل الصنعة قضى في العجب أن الشيخين رضي الله عنهما لم يخرجاه في الصحيحين"، لكن هذا الكلام فيه نظر، لان الحديث بجميع طرقه كلها مع متابعاتها وشواهدها لا تخلو من مقال، فكيف تنهض بأن تكون من احاديث الصحيحين!؟.

    [24] انظر النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (2/411)، وعقود الزبرجد على مسند الأمام احمد للسيوطي (1/256).

    [25] نيل الأوطار للشوكاني (9/19).

    [26] انظر النهاية في غريب الأثر (2/ 411).

    [27] المبسوط للسرخسي (12/ 8)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (3 / 42)، المجموع للنووي (9/127)، المغني لابن قدامة (11/52).

    [28] المغني لابن قدامة (11/52).

    [29] شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن) (9/2813).

    [30] الهداية للمرغيناني (4 /67).

    [31] عقود الزبرجد على مسند الأمام احمد (1 /257).

    [32] مسند الإمام احمد (11343)، سنن ابي داود، كتاب الضحايا، باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث (2829)، وسنن الترمذي، كتاب الصيد والذبائح، باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث (1550)، سنن ابن ماجه، كتاب الذبائح، باب ذكاة الجنين، ذكاة امه، حديث (3199).

    [33] أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب امر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة عند الإفاضة، وإشارته إليهم بالسوط، حديث (1671)، وأخرجه مسلم، كتاب الحج، باب استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر، حديث (3149) من رواية ابن عباس عن الفضل بن عباس، وأخرجه الإمام احمد في مسنده (22103) من حديث أسامة بن زيد، وهذا لفظه. والمقصود بالايضاع هو نوع من السير كما في لسان العرب (8/159).

    [34] وقد جاء مثل هذا اللفظ في غير هذا الحديث الذي في الحج كحديث: " "إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها تسعون، وأئتوها تمشون، عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" كما في البخاري حديث (908) ومسلم (1389)، وحديث: "انه رأى جنازة يسرعون بها فقال: "لتكن عليكم السكينة" أخرجه احمد (19710).

    [35] الكواكب الدراري لشمس الدين الكرماني (6/ 25)، عمدة القاري لبدر الدين العيني (10/ 98)، عقود الزبرجد للسيوطي (1/5).

    [36] عقود الزبرجد (1/5)، والمقصود بقول السيوطي: "يصير خبرا"، يعني أن يكون جملة خبرية لا انه خبر للمبتدأ، وكونه جملة خبرية غير مقصود، إذ هو جملة إنشائية كما في إعرابه بالنصب على الإغراء.

    [37] صحيح البخاري، كتاب الحج، باب امر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة عند الإفاضة، وإشارته إليهم بالسوط، حديث (1671).

    [38] أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلم الساعة، حديث (50) واللفظ له، وأخرجه مسلم، وهو الرواية السابعة في أول كتاب الإيمان، باب الإيمان ما هو، وبيان خصاله، حديث (106).

    [39] انظر عقود الزبرجد للسيوطي (2 / 486).

    [40] أخرجه مسلم، كتاب الجنة، باب فناء الدنيا، وبيان الحشر يوم القيامة، حديث (7377) من حديث عائشة.

    [41] فتح الباري (1/123) بتصرف.

    [42] السنن، كتاب الإيمان وشرائعه، باب صفة الإيمان والإسلام، حديث (4991) بإسناد صحيح.

    [43] أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، حديث (13)، وأخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، حديث (179).

    [44] انظر مغنى اللبيب (1/122)، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (4 /8).

    [45] فتح الباري (1 /57).

    [46] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 378).

    [47] أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب النهى عن قول هلك الناس، حديث (6850).

    [48] النهاية ابن الأثير (5 / 269)، عقود الزبرجد (2 /491).

    [49] صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب النهى عن قول هلك الناس، حديث (6850).

    [50] النهاية في غريب الأثر (5 / 269).

    [51] شرح صحيح مسلم للنووي (16/175).

    [52] النهاية لابن الأثير (5 / 269).

    [53] انظر الجمع بين الصحيحين للحميدي (3 /219)، شرح صحيح مسلم للنووي (8/463).

    [54] المسند (7685)، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن سهيل، عن أبيه، عن ابي هريرة. عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن سهيل، عن أبيه، عن ابي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم رجلا يقول: قد هلك الناس، فهو اهلكهم، يقول: إنه هو هالك. عبد الرزاق هو بن همام الصنعاني، الإمام الثقة المشهور صاحب المصنف، أوثق الناس في حديث معمر بن راشد، عمي في أخر حياته، فتغير، وكان فيه تشيع، توفي سنة 211ه، انظر ميزان الاعتدال (2/610)، وتقريب التهذيب (ص/ 354). ومعمر هو ابن راشد الأزدي مولاهم، أبو عروة البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت، من أوثق الناس في الزهري، قال احمد: كما في تهذيب الكمال (28/303) "ليس يضم إلى معمر أحد إلا وجدته فوقه"، لكن في بعض روايته عن ثابت والأعمش وقتادة وهشام بن عروة شيئ كما في ميزان الاعتدال (4/154)، والحديث هذا يرويه عن سهيل، فلا إشكال، روى له الجماعة. توفي سنة 154 ه كما في تقريب التهذيب (ص / 541). وسهيل هو ابن ابي صالح ذكوان السمان أبو يزيد المدني، وقد وقع في حاله خلاف بين العلماء ، فجرحه بعضهم وعدله بعضهم، فممن جرحه: ابن معين حيث قال: "سهيل بن ابي صالح والعلاء بن عبدالرحمن حديثهما قريب من السواء، وليس حديثهما بحجة " كما في تاريخ ابن معين - رواية الدوري (3 / 262) وتهذيب الكمال (4 / 231)، وأبو حاتم كما في الجرح والتعديل (4 /47 2) فقد قال: "يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو احب إلي من العلاء"، وممن عدله: سفيان بن عيينة كما في الكامل (3/448) حيث قال: "كنا نعد سهلا ثبتا في الحديث"، وقال احمد بن حنبل كما في الجرح والتعديل (4 /247): "ما اصلح حديثه!". والذي يظهر أن جرحه ليس شديدا، بل هو في دائرة الصدوق أن لم يكن الثقة، لذا قال النسائي: "ليس به بأس"، بل قد عاب على البخاري عدم احتجاجه به في صحيحه، كما في سؤالات السلمي للدار قطني (ص /13)، حين سأل السلمي الدار قطني: "لم ترك محمد بن إسماعيل البخاري حديث سهيل بن ابي صالح في الصحيح؟ فقال: لا اعرف له فيه عذرا، فقد كان أبو عبد الرحمن احمد بن شعيب النسائي إذا مر بحديث لسهيل، قال: سهيل، والله، خير من ابي اليمان، ويحيى بن بكير وغيرهما، وكتاب البخاري من هؤلاء ملاء، وقال: قال احمد بن شعيب النسائي: ترك محمد بن إسماعيل البخاري حديث سهيل بن ابي صالح في كتابه، واخرج عن ابن بكير، وأبي اليمان، وفليح بن سليمان، لا اعرف له وجها، ولا اعرف فيه عذرا". قال ابن حجر في التقريب (ص / 259): "صدوق تغير حفظه بأخرة"، روى له أصحاب الكتب الستة إلا البخاري روى له مقرونا وتعليقا. وذكوان هو أبو صالح السمان الزيات المدني، مجمع على توثيقه، روى له أصحاب الكتب الستة، توفي سنة 101 ه، انظر تقريب التهذيب (ص /203). والحديث بهذا الإسناد صحيح، صححه ابن حبان، كتاب الغيبة، ذكر البيان بأن المزدري غيره من الناس كان هو الهالك دونهم، حديث (5762)، كما أن أصل الرواية هو في صحيح مسلم كما سبق بيانه في تخريج حديث المثال.

    [55] حلية الأولياء (7/ 141) بإسناد مثل رواية احمد.

    [56] أخرجه احمد (21546) وكذا الطيالسي (480) والبزار (4034) كلهم من حديث ابي ذر رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست، فقال: يا أبا ذر، هل صليت؟ قلت: لا. قال: قم فصل قال: فقمت فصليت ثم جلست، فقال: يا أبا ذر، تعوذ بالله من شر شياطين الأنس والجن قال: قلت: يا رسول الله، وللإنس شياطين؟ قال: نعم. قلت: يا رسول الله، الصلاة؟ قال: حير موضوع، من شاء اقل، ومن شاء أكثر... وإسناد احمد كالآتي: حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، أنبأني أبو عمر الدمشقي، عن عبيد بن الخشخاش، عن ابي ذر به. وكيع هو ابن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي، اتفقوا على ضبطه وحفظه، وكان الإمام احمد يثني عليه جدا حتى قال ذات مرة: "ما رأيت رجلا قط مثل وكيع في العلم والحفظ والإسناد والأبواب، مع خشوع وورع " كما في تهذيب الكمال (30/473)، روى له الجماعة، وتوفي سنة 197 ه انظر تقريب التهذيب (ص / 581). المسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله ابن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي المسعودي، قال عنه ابن حجر في التقريب (ص/344): "صدوق، اختلط قبل موته؛ وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط من السابعة مات سنة 160 ه، وقيل سنة 165 ه، روى له الأربعة والبخاري تعليقا. أبو عمر الدمشقي، قال عنه الدار قطني: "متروك" كما في سؤالات البرقاني للدار قطني (ص / 77)، وقال عنه الذهبي في الميزان (2/455): "واه"، وقال عنه ابن حجر في التقريب (ص / 660) "ضعيف". عبيد بن الخشخاش، ذكره ابن حبان في الثقات (5 / 136)، وقال عنه الذهبي في الميزان (3/5): "لا يعرف"، وقال عنه ابن حجر في التقريب (ص/376): "لين". وهذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف. وروى الحديث من غير طريق ابي ذر، بشواهد كلها لا تخلو من مقال، كالذي أخرجه احمد (22288) والطبراني (7871) من طريق معان بن رفاعة، عن علي بن يزيد، عن القاسم ابي عبد الرحمن، عن ابي إمامة به، وفيه معان بن رفاعة قال عنه ابن حجر في التقريب (ص /537): "لين كثير الإرسال"، وعلي بن يزيد وهو الالهاني، وهو: "ضعيف" كما في التقريب (ص /406). وأخرجه الطبراني في الأوسط (241) من طريق ابي مودود عبد العزيز بن ابي سليمان المدني عن محمد بن كعب القرظي عن ابي هريرة، وأبو مودود "مقبول" كما في التقريب (1 /83)، وهو يعني انه مجهول الحال. والحديث بهذه الشواهد يمكن أن يرتقي إلى الحسن لغيره، لذا صححه ابن حبان في الصحيح (360) والحاكم في المستدرك، كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، ذكر نبي الله وروحه عيسى ابن مريم صلوات الله وسلامه عليهما (2/282) والمباركفوري في تحفة الأحوذي (8/184)، وحسنه الألباني كما في صحيح الجامع (3870)

    [57] غريب الحديث للخطابي (3 /227)، وكتابه الآخر إصلاح غلط المحدثين (ص / 29).

    [58] صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، حديث (526)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، حديث (264).

    [59] حاشية الجمل على شرح منهج الطلاب (4/341).

    [60] بعضها مستفاد من كتاب التأويل النحوي في الحديث الشريف لفلاح إبراهيم الفهدي (ص/15)، وكتاب أثر اختلاف الإعراب في تفسير القرآن الكريم لباسل عمر مصطفى (ص / 95).

    [61] انظر حاشية العلامة الصبان على شرح الشيخ الأشموني على ألفية الإمام ابن مالك (1/112)، الحاوي للفتاوي للسيوطي (2/256).

    [62] أخرجه النسائي، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، حديث (3939)، واحمد (12319) كلاهما من طريق عفان بن مسلم عن سلام ابي المنذر، عن ثابت، عن انس به. وعفان بن مسلم هو ابن عبدالله الصفار أبو عثمان البصري، ثقة ثبت كما في التقريب (ص /393) ، لكن قال يحيى بن معين وأبو خيثمة كما في تاريخ بغداد (12/277): "انكرنا عفان في صفر لأيام خلون منه سنة تسع عشرة - وفي رواية: سنة عشرين ومئتين - ومات عفان بعد أيام"، وهذا التغير الذي لم يوجد معه رواية لا يضر، كما قال الذهبي معلقا على قول يحيى وأبي خيثمة في سير أعلام النبلاء (10/254): "كل تغير يوجد في مرض الموت فليس بقادح في الثقة، فإن غالب الناس يعتريهم في المرض إلحاد نحو ذلك، ويتم لهم وقت السياق وقبله اشد في ذلك، وإنما المحذور أن يقع الاختلاط بالثقة فيحدث في حال اختلاطه بما يضطرب في إسناده أو متنه فيخالف فيه. وإما قوله: فتوفي بعد أيام في سنة تسع عشرة، فوهم، فأنه قد روي في الحكاية عينها أن ذلك كان في سنة عشرين، وهذا هو الحق فإن عفان كاد أبو داود أن يلحقه، وإنما دخل أبو داود بغداد في سنة عشرين، وقد قال: شهدت جنازة عفان"، وقال في الميزان (3/82): "هذا التغير من تغير مرض الموت، وما ضره؛ لأنه ما حدث فيه بخطأ"، لذا قال سبط ابن العجمي في كتابه الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط (ص /250) بعد ذلك: "وما ينبغي أن يذكر مع هؤلاء". وقال ابن حجر في التقريب: "ربماوهم"، وقد أدرجه ابن عدي في الكامل (5/384) حتى قال الذهبي في الميزان (3/81) معلقا على ذلك: "فأذى ابن عدى نفسه بذكره له في كامله، وأجاد ابن الجوزي في حذفه". فبناء على ما ذكر يتبين أن أكثر العلماء على الثناء على عفان وان تغيره قبل موته لا يضر، روى له أصحاب الكتب الستة، توفي سنة 119 ه، تقريب التهذيب (ص /393). سلام ابن سليمان المزني أبو المنذر القارئ النحوي البصري نزيل الكوفة، قال عنه ابن معين وأبو داود: "لا بأس به"، كما في تهذيب الكمال (12/ 289)، وسؤالات الآجري لابي داود (ص / 309)، وقال أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (4/259): "صدوق صالح الحديث"، وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" (6/416)، وقال ابن حجر في التقريب (ص / 261): "صدوق يهم". ثابت هو ابن اسلم البناني، أبو محمد البصري، من اوثق الناس في انس بن مالك رضي الله عنه، قال عنه الإمام احمد كما في الجرح والتعديل (2/ 449): "ثابت ثبت في الحديث، من الثقات المأمونين، صحيح الحديث، وكان يقص " ووثقه أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (2/449)، والعجلي كما في الثقات (1/ 259) والنسائي كما في تهذيب الكمال (4/347)، وذكره ابن عدي في الكامل (2/101)، وقال عقب ترجمته: "وما هو إلا ثقة صدوق، واحاديثه احاديث صالحة مستقيمة إذا روى عنه ثقة وله حديث كثير وهو من ثقات المسلمين وما وقع في حديثه من النكرة فليس ذاك منه إنما هو من الراوي عنه؛ لأنه قد روى عنه جماعة ضعفاء ومجهولون وإنما هو في نفسه إذا روى عن من هو فوقه من مشايخه فهو مستقيم الحديث ثقة"، مات سنة بضع وعشرين وروى له الجماعة. انظر تقريب التهذيب (ص / 132). والحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ نظرا لوجود سلام ابي المنذر، لكن تابعه في الرواية عن ثابت جعفر بن سليمان عند النسائي (3940) والحاكم (2/174)، وجعفر صدوق زاهد كما في التقريب (ص/140) لذا الحديث حسن لغيره، وقد صحح هذا الحديث: الإمام الحاكم، والضياء في المختارة (1473)، وابن حجر في فتح الباري (3/15).

    [63] التذكرة في الأحاديث المشتهرة (ص /181).

    [64] أخرجه الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في العمل في أيام العشر، حديث (763)، وابن ماجه، كتاب الصيام، باب صيام العشر، حديث (1728) كلاهما من طريق مسعود بن واصل، عن النهاس بن قهم، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابي هريرة به. أبو بكر بن نافع البصري: هو محمد بن احمد بن نافع، صدوق، توفي بعد الأربعين ومئتين كما في التقريب (ص /467) وعمر بن شبة بن عبيدة النميري، أبو زيد البصري، صدوق، كما في التقريب (ص /413)، توفي سنة اثنتين وستين ومائتين. ومسعود بن واصل، هو العقدي البصري الأزرق، قال أبو داود: "ليس بذاك " كما في تهذيب الكمال (27/ 481)، وذكره ابن حبان في كتاب" الثقات (9 / 190)، وقال ابن حجر في التقريب (ص / 528): "لين الحديث". والنهاس بن قهم، هو القيسي، أبو الخطاب البصري، ضعفه يحيى بن سعيد القطان، كما في العلل ومعرفة الرجال (2 /497)، والنسائي، كما في الضعفاء والمتروكين (ص /237)، وابن حجر كما في تقريب التهذيب (ص / 566) والذهبي كما في الكاشف (2/326)، وقال يحيى بن معين وأبو حاتم: "ليس بشيء" كما في تهذيب الكمال (30 /28)، وقتادة، هو ابن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري، اتفقوا على توثيقه وإمامته إلا انه مشهور بالتدليس، وصفه به النسائي وغيره، كما في طبقات المدلسين لابن حجر (ص /43)، وذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين الذين أكثروا من التدليس، فلا يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا ما صرحوا فيه بالسماع، روى له أصحاب الكتب الستة، تقريب التهذيب (ص /453). وسعيد بن المسيب، وهو ابن حزن القرشي المخزومي أحد العلماء الأثبات، والفقهاء الأخيار، اتفقوا على إمامته وفضله، روى له أصحاب الكتب الستة، وتوفي بعد سنة 90 هـ. تقريب التهذيب (ص / 241). والحديث ضعيف، فيه النهاس ضعيف، وله شاهد عن ابن عباس في صحيح البخاري، في أبواب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق، حديث (969)، فيرتقي به إلى الحسن لغيره الكتاب لسيبويه (2/ 32)، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (3/181).

    [65] البرهان في علوم القرآن (1/302).

    [66] الإيضاح في علل النحو للزجاجي (ص / 95).

    [67] هو الإمام العلامة؛ عبد الله بن يوسف بن احمد بن عبد الله بن هشام، أبو محمد الأنصاري النحوي، المعروف بــ (ابن هشام)، أتقن العربية ففاق الناس، وانفرد بالفوائد الغريبة، والمباحث الدقيقة، والاستدراكات العجيبة، له مصنفات كثيرة. توفي سنة (761 ه) انظر الدرر الكامنة (2/308)، وبغية الوعاة (2/68).

    [68] هو الشاعر زهير بن ابي سلمى ربيعة بن رياح المزني المضري، حكيم الشعراء في الجاهلية، ولد في بلاد مزينة بنواحي المدينة، فكان له من الشعر ما لم يكن لغيره، كان ينظم القصيدة في شهر، ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تسمى الحوليات. توفي سنة (13 ق.ه). انظر كتاب الأغاني للأصفهاني (10/298) والإعلام، الزركلي (3/52)

    [69] مغني اللبيب (ص / 680).

    [70] سبق تخريجه (ص/19).

    [71] عقود الزبرجد (1 / 5).

    [72] سبق تخريجه (ص / 21).

    [73] أخرجه الإمام احمد في مسنده، حديث (12498)، وهذا لفظه، والحديث أخرجه -كذلك-مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب فضل الإحسان إلى البنات، حديث (6864) بلفظ: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو" وضم أصابعه.

    [74] عقود الزبرجد (1/ 172)، ونسب السيوطي هذا التوجيه للشيخ أكمل الدين محمد البابرتي المتوفى 786 هـ في كتابه تحفة الأبرار في شرح مشارق الأنوار في الجمع بين الصحيحين، وهو مخطوط لم يطبع، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، رقم الحفظ: 9 34.

    [75] عقود الزبرجد (1/172).

    [76] انظر الرسالة (ص / 42) قال رحمه الله: "ولسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها الفاظا ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي".

    [77] مغني اللبيب (2/ 275).

    [78] الصاحبي في فقه اللغة (ص / 6).

    [79] الصاحبي (ص / 26).

    [80] أخرجه البخاري، كتاب العلم، كيف يقبض العلم، حديث (100)، ومسلم، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه، حديث (6971).

    [81] عمدة القاري (3/219).

    [82] أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب فضل العلم، حديث (82)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر رضى الله تعالى عنه، حديث (6341).

    [83] عمدة القاري (3 /100).

    [84] سبق تخريجه في (ص / 22).

    [85] أخرجه النسائي، كتاب السهو، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، حديث (1194) واحمد (15737) كلاهما من طريق يونس، عن ابن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن رجل من أصحاب رسول الله. علي بن إسحاق هو السلمي، المروزي، الداركاني، الترمذي، ثقة، توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين، انظر تقريب التهذيب (ص/398). سويد بن نصر هو ابن سويد المروزي، أبو الفضل راوية ابن المبارك، ثقة، توفي سنة أربعين ومائتين، انظر التقريب (ص/260). عبد الله، يعني ابن المبارك المروزي الحنظلي مولاهم، الإمام المشهور المتفق على ثقته وجلالته، توفي سنة إحدى وثمانين ومائة، روى له الجماعة، انظر التقريب (ص / 320). ويونس: هو ابن يزيد الأيلي أبو يزيد، مولى معاوية بن ابي سفيان، ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهم قليل كما في التقريب (ص/614)، وقال الذهبي في الكاشف (2/404): "أحد الأثبات عن الزهري والقاسم وعكرمة"، روى له الجماعة وتوفي سنة 159 ه، وانظر تهذيب الكمال (32/551)، تهذيب التهذيب (11/396). وقد تابعه في الرواية عن ابن شهاب الزهري: يزيد بن ابي حبيب عند الطبراني في المعجم الأوسط حديث (319)، ومعمر بن راشد عن ابن شهاب عند عبد الرزاق في المصنف حديث (3257). ابن شهاب الزهري: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري أبو بكر الفقيه الحافظ، قال ابن حجر في التقريب (ص / 506): "متفق على جلالته وإتقانه وثبته"، مات سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين" روى له الجماعة. وقد تابعه في الرواية عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن جريج عند عبد الرزاق في المصنف (3258). عبيد الله بن عبد الله بن عتبة هو ابن مسعود الباهلي، أبو عبد الله المدني، الفقيه الأعمى، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، اتفقوا على جلالته وإمامته، روى له الجماعة، وتوفي سنة 95 ه انظر تقريب التهذيب (ص / 372). والحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لمجيئه من طريق يونس الايلي عن الزهري، وروايته عن الزهري فيها ضعف، لكنه يشهد له ما عند عبد الرزاق في "المصنف" (3257) عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرسلا. وكذلك ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (5436)، والأوسط (321) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن ابي حبيب، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابي سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يرفع بصره إلى السماء، لا يلتمع "فسمى الصحابي أبا سعيد، غير ان في الإسناد عبد الله بن لهيعة -وهو ضعيف -كما في الكاشف للذهبي (1/590). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابي سعيد إلا يزيد بن ابي حبيب، تفرد به ابن لهيعة. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2/82)، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف. كما أن للحديث شاهدا من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم". أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب النهى عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، حديث (559). فبناء على ذلك كله الحديث يكون حسنا لغيره.


    [86] إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث النبوي (ص / 88).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •