تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: آثر تخصيص العام بالمصلحة المرسلة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي آثر تخصيص العام بالمصلحة المرسلة

    آثر تخصيص العام


    بالمصلحة المرسلة




    د. حسن محمد عبدالله المرزوقي ([*])




    ملخص البحث:


    العام عند الأصوليين هو: اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له، بحسب وضع واحد، دفعة واحدة من غير حصر.

    وأما العموم : فهو القول المشتمل على شيئين فصاعدا.
    والعام أنواع :
    1- عام يراد به العموم قطعا، مثل قوله تعالى: (ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)، 6 - هود.
    2 - عام يراد به الخصوص قطعا. مثل قوله تعالى: (ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً)، 97- آل عمران .
    والتخصيص هو: قصر العام على بعض أفراده بدليل مستقل مقارن، أي قصر العام المطلق على بعض أفراده بدليل مستقل مقارن مسالم له من حيث القطعية والظنية أو قوة الدلالة.
    المصلحة هي: كل منفعة قصدها الشارع الحكيم لعباده ، من حفظ دينهم ونفوسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم ، أو كانت ملائمة لمقصودة، وفقا لشروط معينة.
    وتخصيص العام بالمصلحة المرسلة موضع خلاف بين الفقهاء، وقد ذهب الجمهور إلى جواز تخصيص العام بالمصلحة المرسلة؛ استنادا إلى مجموع النصوص والقواعد الكلية.
    ومن الأمثلة على جواز التخصيص ؟ امتناع عمر بن الخطاب رضي الله عنه من توزيع الأراضي المفتوحة - في العراق - على الفاتحين إذ الأصل أنها غنيمة توزع توزيع الغنائم ، وعمر رضي الله عنه توقف في توزيع الأراضي فقط، حيث رأى المصلحة في ذلك؛ لزيادة موارد الدولة ، ولعدم حرمان الأجيال اللاحقة من هذه النعمة ، وهذا تخصيص للعام، أقره الصحابة رضي الله عنهم.

    وهذا التخصيص ليس قصرا على مذهب دون غيره ، بل جل المذاهب أخذت به.



    مقدمة:


    الحمد لله الذي انزل على عبده القران ، ولم يفرط فيه من شيء، وجعل السنة له بيانا، وفرق بهديه بين الحق والباطل فرقانا، وبالصالحات امر ومدح فاعليها، وعن المفاسد نهى وذم مقترفيها، ومصالح الأنام جميعها مراعاة باتباع أمره، والمفاسد جميعها مدروأة بامتثال نهيه.
    والصلاة والسلام على خير الأنام المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى اله وصحبه أجمعين. وبعد:
    فإن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، حيث إن الله أودع فيها من الأحكام ما يمكنها أن توجه به أفعال المكلفين أينما كانوا وحيثما كانوا، ففي الشريعة يكمن تطور الإنسان، وفي اتباعها الفوز بسعادة الدنيا والآخرة، ولاشك أن فهم الدين ومقصود الشارع يتوقف على فهم النصوص الشرعية ، ولا سبيل إلى فهم معناها فهما صحيحا يؤهل إلى استنباط الأحكام إلا بالتعرف على المعاني التي وضعت الألفاظ لإفادتها من حيث عمومها وخصوصها وإطلاقها وتقييدها وغير ذلك.
    ومن هنا غني الأصوليون باستقراء الأساليب العربية، وكذلك أساليب القران والسنة وبيانها للأحكام؛ لما فيها من ألفاظ وضعت لتستغرق جميع ما تصلح له من أفراد أو صفات تعرف بألفاظ العموم ، وان العموم قد يطرا عليه ما يخرج بعض أفراده التي يشملها في اصل الوضع ، أو يرد ما يظهر أن العموم غير مراد، أو يظهر ما يعارض العموم من مصلحة تتفق مع مقصود الشارع ونحو ذلك، كل ذلك جعل علماء الأصول يبحثون في مخصصات العموم، وقد اختلفوا فيها؛ مما أدى إلى الاختلاف في كثير من الأحكام؛ لذلك رغبت في بحث هذا الموضوع: أثر تخصيص العام بالمصلحة. وتقديمه في دراسة مستقلة، تجمع شتاته ، وتحلل الأقوال والآراء.

    وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة وأربعة مباحث، والطريقة التي سرت عليها ما يلي:

    المقدمة:

    المبحث الأول : تعريف العام والخاص ودلالته ، وتعريف التخصيص والمخصصات .

    المبحث الثاني : تعريف المصلحة وأقسامها وضوابطها وأدلة مشروعيتها.
    المبحث الثالث : تخصيص العام بالمصلحة المرسلة.

    المبحث الرابع : تطبيقات تخصيص العام بالمصلحة المرسلة.
    الخاتمة : تضمنت نتائج البحث وخلاصته.
    وقد سلكت في هذا البحث المنهج الاستقرائي ، وذلك بتتبع الأقوال والأدلة والمسائل المتعلقة بتخصيص المصلحة، وقرنت ذلك بالمنهج التحليلي.
    أسأل الله عز وجل أن يكون هذا البحث قد أصاب الحق فيما ذهب إليه، وأن يكون خالصا لجهه الكريم . وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.


    المبحث الأولى


    تعريف العام والخاص


    في هذا المبحث سأتحدث عن العام من حيث تعريفه ودلالته وتعريف الخاص وأنواع المخصصات في مطلبين:

    المطلب الأولى


    تعريف العام في اللغة والاصطلاح

    العام في اللغة: اسم فاعل من عم بمعنى شمل، وهو مشتق من العموم، وهو الشمول والإحاطة. ومنه: قولهم: "عمهم الخير، ومطر عام، وخصب عام " إذا عم الأماكن كلها، وشملهم وأحاط بهم ([1]).

    ويأتي العام بمعنى الكثرة ، ومنه : قولهم : " عامة الناس " أي : لكثرتهم في البلاد ([2])، والعموم يشتمل على معنيين : استيعاب الشيء وشموله ، والكثرة والاجتماع ([3]).
    المطلب الثاني


    تعريف العام في الاصطلاح


    اختلف الأصوليون في تعريف العام؛ لاختلافهم في اشتراط الشمول والاستغراق في العموم ، أو الاجتماع والكثرة فقط ([4])، وجرت بينهم مناقشات حول التعريف الجامع المانع.

    ولعل ابرز تعريف للعام هو : اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له، بحسب وضع واحد، دفعة واحدة، من غير حصر ([5]).

    وأما العموم : فهو القول المشتمل على شيئين فصاعد ([6]).

    والفرق بينهما: ان العام هو اللفظ المتناول، والعموم هو تناول اللفظ لما صلح له، فالعموم مصدر، والعام اسم فاعل مشتق منه، وهما متغايران؛ لأن المصدر الفعل ، والفعل غير الفاعل ([7]).

    المطلب الثالث


    أنواع العام ودلالاته


    يتنوع العام باعتبار علاقته بالخاص إلى ثلاثة أنواع ([8])، وهي كما يلي:

    1- عام يراد به العموم قطعا: وهو العام الذي وجدت معه قرينة تنفي احتمال تخصيصه، فهذا العام يجب العمل بعمومه، ولا يجوز تخصيصه، كما في قوله تعالى: (ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) ([9])، فقد قررت هذه الآية سنة إلهية عامة ، لا تتبدل ولا تتغير، ولا تتخصص، فالعام فيها قطعي الدلالة على العموم ، ولا يحتمل أن يراد به الخصوص .
    وهذا النوع لا خلاف بين العلماء انه يتناول جميع أفراده قطعا.

    2 - عام يراد به الخصوص قطعا: وهو العام الذي وجدت معه قرينة تنفي بقاءه على عمومه ، وتدل على انه يراد منه بعض أفراده لا كلهم، كقوله تعالى: (ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً) ([10])، وقوله تعالى: (وأَقِيمُوا الصَّلاةَ)([11])، وقوله : (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)([12]).

    فلفظ " الناس " ، وضمير الجماعة في (أقيموا)، و(من) من ألفاظ العموم ولكن يراد بها بعض المكلفين لا كلهم؛ لأن العقل يقضي بإخراج الصبيان والمجانين ونحوهم من عديمي الأهلية من واجب التكليف، ومن حكم هذا النص وهذا النوع لا خلاف فيه في انه لا يتناول الباقي من أفراده - ولو على سبيل الظن - وإنما يراد به الخصوص، فدلالته دلالة الخاص، أي دلالة قطعية.
    3- عام مخصوص: وهو العام المطلق الذي لم تصحبه قرينة تنفي احتمال تخصيصه، ولا قرينة تنفي دلالته على العموم، ويوجد هذا النوع من العام في كثير من النصوص التي وردت فيها صيغ العموم مطلقة من القرائن اللفظية، أو الفعلية، أو العرفية التي تعين العموم أو الخصوص، وهذا ظاهر في العموم حتى يقوم الدليل على تخصيصه ، وذلك مثل قوله تعالى: (والْمُطَلَّقَا ُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)([13]).

    وهذا النوع اختلف العلماء في دلالته، هل هي دلالة قطعية أو دلالة ظنية، علي قولين:

    ذهب جمهور الأصوليين إلى أن دلالة العام على شمول جميع أفراده. دلالة ظنية لا قطعية قبل التخصيص وبعده، بمعنى أن العموم راجح من اللفظ، والخصوص محتمل احتمالا مرجوحا، فدلالة العام على جميع أفراده دلالة ظنية لا قطعية، فهي تحتمل الخصوص الناشيء عن دليل ([14]).
    قالوا : لأن الغالب في العام تخصيصه ، وعلى هذا دل استقراء النصوص الشرعية التي وردت فيها لفاظ العام، فما من عام إلا وقد خصص إلا في القليل النادر، حتى شاع بين أهل العلم : انه ما من عام إلا وقد خص منه البعض، فإن كان تخصيص العام هو الغالب الشائع ، فإن إحتمال تخصيصه يكون قريبا، لا وهما ولا توهما، وبالتالي لا تكون دلالته على الاستغراق قطعية.

    2- ذهب اكثر الحنفية إلى أن دلالة العام على جميع أفراده دلالة قطعية لا ظنية ، ما لم يخصص، فإذا خصص صارت دلالته على ما بقي من أفراده ظنية لاقطعية ([15]).

    قالوا: لأن اللفظ العام وضع لغة لاستغراق جميع أفراده ، وهذا هو المعنى الحقيقي للفظ العام ، فيلزم حمله عليه عند إطلاقه ، ولا يجوز صرفه عنه إلا بدليل يدل على تخصيصه وقصره على بعض أفراده .
    وبناء على هذا: تكون صيغة العام لا تنصرف عن العموم إلا بدليل ، ولا دليل هنا؛ لأن الكلام في صيغة العام المجرد عن القرائن، والخاص مثل العام في ذلك، فإنه يثبت به ما وضع له على سبيل القطع، ولا ينصرف عنه إلى غيره إلا إذا قام الدليل على ذلك.
    المطلب الرابع


    تعريف الخاص والتخصيص في اللغة والاصطلاح


    أولاً- تعريف الخاص:
    الخاص في اللغة : هو المنفرد من قولهم : اختص فلان بكذا، أي انفرد به.

    الخاص في الاصطلاح: اللفظ الدال على مسمى واحد أو كثرة مخصومة ([16])، أي: اللفظ الذي وضع واحداً للدلالة على معنى واحد على سبيل الانفراد، أو على كثير محصور ([17]).

    ثانيا - تعريف التخصيص:

    التخصيص في اللغة: بخلاف العموم والتعميم بمعنى الإفراد، يقال: اختص فلان بكذا، إذ انفرد به دون غيره، ويقال: خصني فلان بكذا، أي أفردني به؛ لأن الخاص معناه المنفرد ([18]).

    والتخصيص مصدر خصص يرد لغة لمعنى ، هو: تمييز بعض الجملة بحكم، ولذا يقال: اختص فلان بكذا، إذا تميز به دون غيره، ومن هذا المعنى قولهم: خاصة الشيء: وهي كل ما يختص بذلك الشيء، ولا توجد في غيره كلا، أو بعضا، فيكون الحكم ثابتا بذلك المخصص لذلك الشيء منفيا عما سواه ([19]).

    ويعلل ابن فارس انفراد الشيء إذا خصصته بأن ذلك يعود لأصل دلالة "خص" على الفرجة؛ لأنه إذا افرد واحد، فقد أوقع فرجة بينه وبين غيره، والعموم بخلاف ذلك ([20]).

    التخصيص في الاصطلاح: اختلف الأصوليون في تحديد معنى التخصيص.

    1 - عرفه الحنفية بأنه : قصر العام على بعض أفراده بدليل مستقل مقارن ([21])،

    أي: قصر العام المطلق على بعض أفراده بدليل مستقل مقارن مساو له من حيث القطعية والظنية أو قوة الدلالة ([22]).

    2 - عرفه جمهور الأصوليين بأنه : قصر العام على بعض مسمياته بدليل ([23])، أي: صرف العام عن عمومه، وقصره على بعض ما يتناوله من الأفراد لدليل يدل على ذلك ([24])، دون النظر إلى نوعية الدليل من حيث كونه قطعيا أو ظنيا، مستقلا أم غير مستقل، مقارنا في الزمن أم غير مقارن ([25]).

    ومن خلال تعريف التخصيص عند الحنفية والجمهور يتبين اتفاقهم على جواز صرف العام عن عمومه إلى إرادة بعض أفراده بدليل، إلا أن الخلاف وقع بينهم فيما يجب توافره في الدليل الذي يدل على هذا الصرف؛ ليكون ذلك تخصيصا، فالتخصيص عند الجمهور بيان وتفسير للعام، لا يقوم على أساس المعارضة بين الخاص والعام؛ لعدم تساويهما من حيث قوة الدلالة ، فالعام ظني الدلالة، والخاص قطعي، ولا يستوي ظني وقطعي، وبالتالي لا يقوى الظني على الوقوف أمام القطعي ومعارضته ، فيقدم القطعي - وهو الخاص - على الظني وهو العام - مطلقا، سواء أكان الخاص متأخرا عن العام أم متقدما في تاريخ تشريعه، أم جهل التاريخ، وسواء أكان كلاما مستقلا بنفسه، قائما بذاته ، مفيدا لمعناه، أم كان غير مستقل ، بأن كان جزءا من كلام سابق ، كالاستثناء والصفة، والغاية والشرط ([26]).

    أما الحنفية : فيرون أن التخصيص نوع من البيان؛ لأنه يقوم على دليل يبين إرادة الشارع الخصوص ابتداء، ولكنه يتضمن معنى المعارضة؛ لأن العام والخاص دليلان قطعيان تدافعا بحكمهما في القدر الذي اختلفا فيه، واشترطوا في الدليل المخصص ثلاثة شروط هي ([27]):

    1- أن يكون دليل التخصيص مستقلا: أي: لا يكون جزءا من النص العام، فإن كان دليل التخصيص غير مستقل، بأن كان جزءا من النص لا يفهم له معنى إلا بضم سابقه إليه كالاستثناء والشرط والغاية فلا يعتبر تخصيصا للعام .

    2 - أن يكون مقارنا للعام في زمن تشريعه، أو تاريخ نزوله، أو وروده ، أو صدوره، لا متراخيا عنه: فلو صدر المخصص مستقلا، ولكنه غير مقارن للعام ، أو غير صادر معه في وقت واحد: فلا يسمى قصر العام به على بعض أفراده تخصيصا، بل يكون نسخا.
    3 - ان يكون مساويا للعام: من حيث القطعية والظنية، أو قوة الدلالة.

    هذا ويقصد بالمخصصات الأدلة التي تخرج العام عن عمومه إلى الخصوص ، سواء أكان الدليل المخصص نصا، أم كان غير ذلك، ويختلف عدد هذه المخصصات كثرة وقلة عند كل فريق من الأصوليين ، تبعا لاختلافهم في مفهوم التخصيص وشروطه التي تفرعت عن ذلك.

    وقسم جماهير الأصوليين المخصصات إلى قسمين:

    القسم الأول: المخصصات المتصلة (غير مستقلة ): وتكون بما لا يستقل بنفسه، بل يتعلق معناه بما قبله من اللفظ المرتبط به، ويكون جزءا من النص المشتمل على العام ، وتشمل المخصصات التالية ([28]):

    الاستثناء: كما في قوله تعالى: (قُمِ اللَّيْلَ إلاَّ قَلِيلاً)([29]) فقد اخرج الله سبحانه وتعالى من عموم الليل بعضه، فكان هذا القليل مخصصا من استغراق العام بأداة دالة على الاستثناء.

    الشرط : وذلك بتعليق امر بأمر، بإحدى أدوات الشرط الموضوعة في اللغة ، كما في قوله تعالي: (ولَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ ولَدٌ)([30]) فالشرط قصر استحقاق الزوج نصف ميراث زوجته في كل حال على حالة عدم وجود الولد، ولولاه لأفاد النص استحقاقهم للنصف في جميع الحالات .

    الصفة : وهي كل ما كان فيها وصف لما قبلها، وتوجب قصر العام على ما توجد فيه فقط، كما في قوله تعالى: (ومَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ)([31]) فقد قصر جواز نكاح الإماء بالمؤمنات فهن دون غيرهن ولولا هذه الصفة لجاز نكاح أي أمة في حال العجز عن نكاح الحرائر المسلمات .

    الغاية: وذلك لمجيء حرف دال على الانتهاء بعد اللفظ العام لينهي حكم العام، كما في قوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ)([32]) فقد قصرت الغاية وجوب الصيام على النهار فقط، وما بعده يكون حكمه في الوجوب بخلاف حكمه.

    القسم الثاني: المخصصات المنفصلة (المستقل) : وهو ما استقل بنفسه، ولا يكون جزءا من الكلام الذي اشتمل على اللفظ العام ، وتشمل المخصصات التالية ([33]):

    العقل : فهو يخرج من العموم بعض أفراد العام ، فيمصر الحكم عنهم، كما في قوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)([34]) فلفظ (من) اسم موصول من صيغ العموم ، يدل على التكليف عام، ولكن العقل خصصه ، إذ يقضي بإخراج من ليس أهلا للتكليف كالصبيان والمجانين لاستحالة تكليف من لا يفهم الخطاب .

    العرف : فإذا جاء عرف الناس على إرادة بعض الأفراد من العام ، فإن هذا العام يحمل على ما يقضي به العرف وعلى هذا فإذا أوصى رجل بجميع دوابه، وكان الموصي في بلد يقضي العرف فيه بإطلاق الدابة على الخيل خاصة ، فإن العرف يخصص الموصي بالخيل دون غيرها من الدواب ([35]).

    النص : سواء أكان موصولاً بالعام، أي مذكورا عقبه ، كقوله تعالى: (وأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وحَرَّمَ الرِّبَا)([36])، فإن لفظ (البيع) عام يشمل كل ما هو مبادلة مال بمال، فيدخل في عمومه الربا؛ لأن الربا مبادلة مال بمال أيضاً، ولكن خص منه الربا بنص مستقل عن جملته موصول به في النزول وهو قوله سبحانه: (وحرم الربا)، وبهذا النص صار البيع غير شامل لجميع أفراده بالنسبة لحكمه وهو الحل، أم منفصلا عنه، كقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ)([37])، فلفظ (الميتة) عام يشمل كل ميتة سواء أكانت من ميتة حيوان البر أو البحر، وقد خصص هذا العام بقوله صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" ([38])، فصارت الميتة المحرم كلها لا تشمل ميتة البحر.

    القياس: كقوله تعالى: (فَإذَا أُحْصِنَّ فَإنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ)([39]) فهذه الآية وردت في الأمة إذا زنت، فإنه ينتصف عليه الحد، فقاس العلماء العبد عليها لتساويهما في الرق، وخصصوا بهذا القياس عموم قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)([40]).

    الإجماع : كحرمان الابن الرقيق من ميراث أبيه الحر، المخصص لعموم قوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)([41]).

    المصلحة المرسلة : وهذا ما سنبحثه في هذا البحث.

    وهناك مخصصات أخرى كالدليل السمعي، والمفهوم، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره وقول الصحابي والسبب ونحو ذلك ([42]).


    المبحث الثاني


    المصلحة

    نظر علماء الشريعة الإسلامية نظرة فاحصة واسعة فهداهم نظرهم إلى أن الشريعة تهدف إلى تحقيق مصالح العباد، وذلك استنباطا من مصادرها الأصلية والتبعية.
    لذا : يقول الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات: (استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد استقراع لا ينازع فيه)([43]).
    وبهذا المعنى قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (إن الشريعة الباهرة مبناها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها ...)([44]).
    ونقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب وهي كما يلي:

    المطلب الأول


    تعريف المصلحة


    أولاً - تعريفها لغة ([45]):

    المصلحة لغة: من الفعل صلح، والصلاح ضد الفساد والمصلحة كالمنفعة وزنا ومعنى، فهي إما مصدر بمعنى: الصلاح كالمنفعة، بمعنى النفع ، وإما اسم للواحدة من المصالح، ويقال في الأمر مصلحة أي: خير.

    والمنفعة: هي اللذة تحصيلا أو إبقاء، والمراد بالتحصيل جلبها، وبالإبقاء المحافظة عليها.

    ثانياً - تعريفها اصطلاحا:

    عرفها الغزالي ([46]) رحمه الله تعالى بقوله: "أا المصلحة : فهي عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو دفع مضرة ، ولسنا نعني به ذلك، فإن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم ، لكنا نعني بالمصلحة، المحافظة على مقصود الشرع ، ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة، واذا اطلقنا المعنى المخيل أو المناسب في باب القياس أردنا به هذا الجنس".
    ومن المعاصرين ([47]) من عرف المصلحة بأنها: وصف للفعل يتحصل به الصلاح أي النفع منه غالبا، أو دائما للجمهور، أو الآحاد.
    ويلخص الدكتور بوركاب في كتابه المصالح المرسلة ([48]):
    بأن المصلحة هي: "كل منفعة قصد الشارع الحكيم لعباده من حفظ دينهم ونفوسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم، أو كانت ملائمة لمقصودة وفق شروط معينة ".
    المطلب الثاني


    أقسام المصلحة


    قسم الأصوليون المصلحة عدة تقسيمات وباعتبارات مختلفة واقتصر على ذكر أهمها حسب طبيعة البحث.

    أولاً: من حيث اعتبار الشارع لها وعدم اعتباره لها، أو السكوت عنها.

    وبهذا الاعتبار تنقسم إلى ثلاثة أقسام :

    القسم الأول - المصالح المعتبرة:

    وهي التي قام الدليل الشرعي على اعتبارها إما نصا أو إجماعا أو بترتيب الحكم على وفقها في صورة بنص أو إجماع، وهذه المصالح يجوز التعليل بها وبناء الحكم عليها، وذلك باتفاق القائلين بحجية القياس .
    وهي بهذا المعنى حجة لا إشكال فيها من حيث الصحة عند الجميع – لذا يقول الإمام أبو حامد الغزالي ([49]) رحمه الله تعالى: "إن المصلحة يرجع حاصلها إلى القياس، وهو اقتباس الحكم من معقول النص، أو الإجماع، والدليل قائم باعتباره، فإنه نظر في كيفية استثمار الأحكام من الأصول المثمرة".
    ومثال ذلك: حفظ العقل وذلك بتحريم كل مسكر من مشروب، ومأكول ابتداء أو تبعا.
    وهي تتنوع من حيث قوتها في ذاتها إلى ثلاثة أنواع: مصالح ضرورية، ومصالح حاجية، ومصالح تحسينية.
    النوع الأول - المصالح الضرورية:
    وهي التي تتوقف عليها حياة الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وتنحصر في المحافظة على الأمور الضرورية أي الأساسية الجوهرية وهي الخمسة: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال.

    النوع الثاني - المصالح الحاجية: وهي:

    الأمور التي شرعت للتيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، وهي جارية في العبادات والعادات والمعاملات والجنايات كالتخفيف ورفع الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب.

    النوع الثالث: المصالح التحسينية ([50]): ويقال لها التكميلية والتنزينية وهي: الأمور الكمالية التي ترجع إلى المروءة ومكارم الأخلاق ومحاسن العادات.

    القسم الثاني - المصالح الملغاة:

    وهي التي : قام الدليل الشرعي على إلغائها وعدم اعتبارها، وهذ المصالح الملغاة لا يصح التعليل بها وبناء الحكم عليها، وذلك باتفاق الفقهاء، وإن ظهر للعقل صلاح فيها؛ لأن فتح هذا الباب يؤدي إلى تغيير حدود جميع التشريعات وعندها لا يصبح للشرع أي اعتبار ([51]).
    ومثال ذلك: الانتحار: فإنه قد يجلب لصاحبه مصلحة تتمثل في التخلص مما يعانيه المنتحر من ألم مرضي ، أو ألم حرمان ، أو ظلم حاكم ، إلا أن الشارع لم يعتبر هذا النوع من المصالح؛ لأنه يفوت مصلحة اكبر منها وهي القضاء على النوع البشري من ناحية أخرى ، خاصة إذا كان ذا مكانة علمية عالية، بالإضافة انه لا يملك روحه حتى يزهقها، ولذا نص الشارع على إلغائه بصريح الكتاب والسنة كما في قوله تعالى: (ولا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّّهِ يَسِيرًا)([52]).
    القسم الثالث - المصالح المرسلة:

    وهي المصالح التي سكت عنها الشارع فلم يشهد لها بالاعتبار ولا بالإلغاء.

    لذا عبر العلماء عن المصلحة المرسلة بعدة مصطلحات :

    فبعضهم عبر عنها بالمناسب المرسل ([53])، وبعضهم بالاستصلاح ([54])، والآخر بالاستدلال ([55]).

    والمراد بالمصلحة المرسلة ([56]): هي كل منفعة لم يشهد لها نص خاص بالاعتبار أو الإلغاء، وكانت ملائمة لمقصود الشارع وما تفرع عنه من قواعد كلية استقرأت من مجموع نصوص شرعية.
    ويتضح من التعريف أن المصالح المرسلة لا تكون إلا في الوقائع التي سكت الشارع عن بيان كلها وليس لها أصل معنى تقاس عليه، إلا أنها تلائم تصرفات الشارع بحيث يوجد لذلك المعنى جنس اعتبره الشارع في الجملة بغير دليل معنى ([57]).
    المطلب الثالث


    الأدلة على اعتبار المصلحة المرسلة

    ويمكن الاستدلال على حجية العمل بالمصلحة المرسلة بالأدلة الآتية:

    1 - قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ)([58]).
    وجه الاستدلال في قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا) فهو أمر بالمجاوزة، والاستدلال بكون الشيء مصلحة على كونه مشروعا مجاوزة، فوجب دخوله تحت النص ([59]).

    2 - قوله تعالى: (ومَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ([60]).
    وجه الاستدلال: إنما يكون إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة لهم إذا كانت الشريعة التي بعث بها إليهم وافية بمصالحهم متكلفة بإسعادهم وإلا لم تكن بعثته رحمة بهم ([61]).
    ثانياً- السنة:

    ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ - رضي الله عنه – لما أرسله إلى اليمن: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟" قال: أقضي بما في كتاب الله، قال: "فإن لم يكن في كتاب الله؟" قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "فإن لم يكن في سنة رسول الله ؟" قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدر معاذ وقال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرضي رسول الله" ([62]).

    وجه الاستدلال ([63]): إن النبي صلى الله عليه وسلم أقر معاذاً على الاجتهاد بالرأي إذا لم يجد في الكتاب أو السنة، ومعلوم أن اجتهاده يكون في إطار ما تقتضيه القواعد الكلية ومجموع النصوص من جلب المصالح ودرء المفاسد، والمصالح المرسلة لا يخرج عن هذا؛ لأنه تشريع للحكم الذي يحقق المصلحة العامة للناس ، وتحقيق المصالح هو المقصود للشارع من تشريع الأحكام .
    ثالثا إجماع الصحابة وعملهم ([64]):

    إن الصحابة قد بنوا كثيرا من الأحكام على المصلحة المرسلة، ولو لم تكن حجة شرعية ما بنى الصحابة عليها كثيرا من الأحكام من ذلك : اتفاقهم علي جمع المصاحف في عهد أبي بكر رضي الله عنه، وكذلك: اتفاقهم على تدوين الدواوين، وقتل الجماعة بالواحد وتضمين الصناع وغيرها من القضايا والمسائل والأحكام التي المصلحة فيها ظاهرة.
    رابعاً- الأدلة العقلية ([65]):

    حيث إن الحياة في تطور مستمر ومن خلال هذا التطور تتجدد مصالح الناس، وان هذه المصالح الدنيوية المشروعة ووسائلها غير منضبطة وغير محدودة ، فقد تتغير بتغير الزمان ، فلو اقتصرنا على المصالح المنصوص عليها ولم نعتبر المصالح المرسلة لأدى ذلك إلى عدم مسايرة التشريع لمصالح الناس وجموده عن الاستجابة لها وقصوره عن ضروريات حياتهم وذلك لا يتفق مع مقاصد الشرع الذي جاء في الأساس لجلب المصالح ودرء المفاسد.

    وإذا كانت المصلحة ملائمة لمقاصد الشارع ومن جنس ما أقره؛ فإن الأخذ بها يكون موافقا لمقاصده، وإهمالها إهمال له، ولا يجوز أن تهمل مقاصد الشرع فيما شرع فيجب الأخذ بالمصلحة على اعتبار أنها أصل متلاق مع أصول الشرع ، غير منافر لأصوله ولا خارج عنها ([66]).
    المطلب الرابع


    ضوابط العمل ي بالمصلحة المرسلة

    دعت الشريعة الإسلامية إلى تحصيل المصالح والمحافظة عليها، ونهت عن إضاعتها والتفريط بها سواء تمثلت المصالح بجلب المنافع أو دفع المفاسد، حتى تكون المصالح شرعية وحقيقية ينبغي أن تضبط بضوابط تميزها وهي:

    1- أن لا تخالف المصلحة دليلا من أدلة الشرع القطعية : أي أن تكون المصلحة ملائمة لمقاصد الشارع فلا تخالف أصلا من أصوله ولا تنافي دليلا من أدلة أحكامه بل تكون من جنس المصالح التي قصد الشارع تحصيلها أو قريبة منها، فإن خالفت المصلحة دليلا من هذه الأدلة لم يصح العمل بها ([67])، وعلى هذا لا يصح اعتبار المصلحة التي تقتضي مساواة البنت والابن في الميراث لتساوي الابن والبنت في القرابة، وذلك لقيام الدليل الشرعي على إلغائها وهو قوله تعالى: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ)([68]).
    هذا وقد يرد على هذا الشرط انه لا يتمشى على أصول الحنفية، بان دلالة العام قطعية فكيف نخصص العام ؟

    والجواب : إن المشهور عن الحنفية انهم لا يأخذون بدليل المصلحة أصلاً، ولكن المتتبع لاجتهاداتهم يرى انهم يخصصون العام بالمصلحة المرسلة أحياناً، وذلك إذا كانت المصلحة في مستوى الضرورة ، لأنها حينئذ تكون في حكم القطعية، كقبولهم شهادة التسامع في عشرة مواضع مبينة في كتبهم ، وخصصوا بها قول النبي صلى الله عليه وسلم للسائل لما سئل عن الشهادة: "هل ترى الشمس؟" قال: نعم. قال: " على مثلها فاشهد وإلا فدع"([69])0 الذي يوجب العيان في تحمل الشهادة في جميع الشؤون عامة، مثل: الشهادة على ثبوت الوقف ([70]).

    2- أن تكون المصلحة محققة : أي يتحقق جلب المنفعة أو دفع المفسدة قطعا أو غالبا، إذا كانت المصلحة متوهمة أو مظنونة فلا يجوز العمل بها؛ لأن جلب المنفعة ودفع المضرة أمر متوهم غير متحقق، وإذا كان الأمر كذلك فلا يصح بناء الحكم عليها، كالمصلحة التي تتوهم في سلب الزوج حق طلاق زوجته وجعل الطلاق بيد القاضي في جميع الحالات، فإن الضرر الذي يترتب على ذلك يفوق المنفعة المترتبة على اعتبارها، وهو تجريد الرجل من القوامة وسلب سلطاته ([71]).
    3- أن تكون المصلحة عامة: أي أن يكون بناء الحكم عليها يحقق المنفعة لأكبر عدد من الناس أو يدفع المضرة عنهم كالمصلحة التي تترتب على التسعير لمحاربة غلاء الأسعار الناشيء من الاحتكار وتحكم التجار، أما إذا كانت المصلحة خاصة وتريب على بناء الحكم عليها جلب مصلحة أو منفعة لفرد معين أو أفراد مخصوصين ودفع مفسدة عنهم – كطائفة العمال أو الرأسماليين دون باقي الأمة فلا يعمل بها ولا يصح تشريع الحكم بناء عليها.

    4- أن تكون المصلحة معقولة في ذاتها: أي أن تكون جارية على الأوصاف المناسبة المعقولة التي تتلقاها أصحاب العقول بالقبول، فإن كانت المصلحة غير معقولة فلا يصح اعتبارها وبناء الحكم عليها ([72]).

    المبحث الثالث


    تخصيص العام بالمصلحة المرسلة

    المطلب الأول


    علاقة المصلحة المرسلة بالنصوص الشرعية


    تنقسم النصوص الشرعية إلى قسمين:

    1- نصوص عامة: وهي القواعد الكلية العامة التي استنبطت من استقراء النصوص كقاعدة: (الأمور بمقاصدها) ([73])، وقاعدة : (المشقة تجلب التيسير) ([74])، وقاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات) ([75]) وغير ذلك من القواعد، فالمصالح المرسلة يجب أن تكون ملائمة للنصوص العامة، وإلا فلا يؤخذ بها.

    2 - نصوص خاصة: وهي نصوص القران الكريم والسنة، وعلاقة المصالح المرسلة بهما تتوقف على نوعية دلالة هذه النصوص :

    أ- إذا كان النص قطعي الثبوت والدلالة: وهو القران والسنة المتواترة، فيجب أن تكون المصلحة المرسلة موافقة للنص، فإن عارضت المصلحة النص، تكون مصلحة باطلة ملغاة؛ لأن النص القطعي مقدم على النص الظني؛ لأن المشرع إذ شرع النص القاطع في مسألة معينة، فقد أشار إلى أن المصلحة التي تتعلق به حقيقة دائمة، لا تتغير بتغير الظروف، أو البيئة، أو العصر؛ لأنها في جوهرها من صميم مفهوم العدل، أو تنطوي عليه قيمة إنسانية خالدة، حرص الشارع الحكيم على ترسيخها في المجتمع بنص قطعي صريح واضح محكم، فاستبعده بذلك من مجال التخصيص والتأويل والاجتهاد بالرأي ([76]).

    وكل مصلحة مرسلة تعارض نصا قطعيا، ليس في الواقع مصلحة حقيقية، بل وهمية لا تقوم على أساس؛ ولذا أطلق عليها الأصوليون اصطلاح: المصلحة الملغاة، فمثلا: جلد الزاني في قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) ([77]) معارض لمصلحة كلية ، وهي حفظ النفس؛ لأن حفظ النفس مقدم على حفظ النسل، ولكن هنا قدم حفظ النسل على حفظ النفس، وأوجب الجلد الذي فيه إيلام للنفس، وقد يؤدي إلى ذهابها كليا من الوجود.

    المصلحة الكلية - وهي حفظ النفس - مصلحة غير معتبرة هنا؛ لمعارضتها لنص قطعي، وهو وجوب الجلد؛ لأن المصلحة في إثبات العقوبة، وليس في تركها زجر عن إتيان الفاحشة؛ لما يترتب عليه من مفاسد: كقطع النسل والنسب وفساد المجتمع؛ لأن الزاني إن ترك بلا عقوبة تمادى في الزنا، فيؤدي ذلك إني انتشاره بين المجتمع من غير نكير، فتشيع الفاحشة، وتظهر الأمراض كمرض الإيدز ونحوه.
    والانتحار وقتل النفس قد يجلب لصاحبه مصلحة تتمثل في التخلص مما يعانيه المنتحر من ألم مرض مزمن، أو ألم حرمان ، أو خوفا من فضيحة ، أو ظلم حاكم ، ولكن هذه المصلحة وهمية ملغاة غير معتبرة ، تعارض النصوص القطعية كقوله تعالى: (ولا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا)([78])، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل نفسه بحديدة ، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا" ([79])؛ ولأنها تفوت مصلحة اكبر منها، تتمثل في القضاء على العنصر البشري، وحرمان المجتمع من نفعه، لا سيما إذا كان ذا مكانة علمية عالية.

    ب - إذا كان النص قطعي الثبوت ظني الدلالة : كما في قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وبَنَاتُكُمْ)([80]) والمصلحة المترتبة على هذا التحريم تآلف الأسر المؤدي إلى الترابط والتناصر، ولفظ (البنات) في الآية لفظ عام؛ لأنه ورد بلفظ الجمع، وهو مضاف، والجمع المضاف يفيد العموم. ظني الدلالة؛ لأنه يحتمل أن يكون قوله: (بناتكم) بناتكم لغة، فتدخل فيه بنت الزنا، أو بناتكم شرعا فلا تدخل فيه بنت الزنا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"([81]). وهذا مجال للاجتهاد للوصول إلى مقصود الشارع.
    جـ - إذا كان النص ظني الثبوت : وهو خبر الآحاد، وعارض ما استندت عليه المصلحة المرسلة من قواعد كلية أو قريبة منه، فهذا ينقسم إلى قسمين:
    1 - أن يكون النص الظني مستندا إلى أصل قطعي: فيعتبر مطلقا، ويقدم على المصلحة المرسلة، وعليه عامة أخبار الآحاد؛ لأنه وان كان ظنيا في ثبوته فإن رجوعه إلى الأصل القطعي يقويه.
    2 - أن يكون النص الظني معارضاً لأصل قطعي، ولا يشهد له أصل قطعي، وهو على قسمين:
    أ- أن تكون مخالفته للأصل قطعية ومفوتا للمصلحة: وهذا يجب رده؛ لأنه مخالف لأصول الشريعة، فمثلا حديث: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله" ([82]) يعارض المصلحة الكلية المترتبة على النعيم والفوز والنجاة من الجحيم، وفي نفس الوقت معارض لأصل قطعي، وهو قوله تعالى: (أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى (38) وأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى). ([83])
    ولهذا ردت عائشة رضي الله عنها هذا الحديث فقالت : رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه"، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه"، وقالت: حسبكم القرآن ([84]): (أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى).

    ب - أن تكون مخالفته للأصل ظنية : وهذا الظن إما أن يتطرق من جهة الدليل الظني ، وإما من جهة كون الأصل لم يتحقق كونه قطعيا، وهذا الموضع مجال للبحث والاجتهاد في ترجيح أحدهما على الآخر([85]).
    المطلب الثاني


    أقوال الفقهاء في تخصيص العام بالمصلحة المرسلة


    المصالح المرسلة التي اختلف الفقهاء في تخصيصها للعام ليست مجردة عن الدليل، فهي وإن لم تشهد النصوص الخاصة لعينها، فإن مجموع النصوص والقواعد الكلية قد شهد لجنسها، وهذا وحده كاف لإلحاقها بقسم المعتبر، كما أشار إلى ذلك الشاطبي رحمه الله تعالى حين قال: (كل أصل شرعي لم يشهد له نص معين، وكان ملائما لتصرفات الشرع ومأخوذا معناه من أدلته، فهو صحيح يبنى عليه، ويرجع إليه، إذا كان ذلك الأصل قد صار بمجموع أدلته مقطوعا به ... ويدخل تحت هذا الضرب الاستدلال المرسل الذي اعتمده مالك والشافعي، فإنه وان لم يشهد للفرع اصل معين فقد شهد له اصل كلي، والأصل الكلي إذا كان قطعيا قد يساوي الأصل المعين، وقد يربو عليه، بحسب قوة الأصل المعين وضعفه، كما انه قد يكون مرجوحا في بعض المسائل ...)([86]).
    وقال العز بن عبدالسلام رحمه الله تعالى: (ومن تتبع مقاصد الشرع في جلب المصالح ودرء المفاسد حصل له من مجموع ذلك اعتقاد أو عرفان، بأن هذه المصلحة لا يجوز إهمالها، وان هذه المفسدة لا يجوز قربانها، وإن لم يكن فيها إجماع ولا نص ولا قياس خاص، فإن فهم الشرع يوجب ذلك) ([87]).
    لقد اختلف العلماء في تخصيص العام بالمصلحة المرسلة على قولين:
    1 - ذهب جمهور الفقهاء ([88]) وبعض المعاصرين كالشيخ الزرقا ([89])، والدريني([90])، وشلبي([91]) والدواليبي([92]) وغيرهم إلى جواز تخصيص العام بالمصلحة المرسلة المستندة إلى كلي الشرع وما تفرع عنه من قواعد كلية، واستدلوا بما يلي:

    أ- أن المصلحة المرسلة هي التي لم تشهد النصوص الخاصة باعتبارها أو إلغائها، ولكن القاعدة الكلية المستنبطة من مجموع النصوص تشهد لجنسها، وبناء على ذلك فالمصلحة المرسلة في حقيقة الأمر ما هي إلا إجراء للقاعدة الكلية على عمومها، فهي فرد من أفرادها؛ لأن العموم يثبت من جهة الصيغ. ومن جهة استقراء مواقع المعنى حتى يحصل منه في الذهن أمر كلي عام، فيجري في الحكم مجرى العموم المستفاد من الصيغ([93]).
    فالتعارض بين النص العام والمصلحة المرسلة الملائمة لمقصود الشارع، هو في حقيقة الأمر تعارض بين عامين، عام مستفاد من الصيغ وهو النص العام - قرانا كان أو سنة - وعام مستفاد من استقراء مجموع النصوص، وهو القاعدة الكلية التي تعتبر المصلحة المرسلة جزئية من جزئياتها ([94]).
    ب - المصلحة قاعدة كلية : فعند القول بتخصيصها بالأدلة فإن ذلك يكون بعد النظر في المصلحة المخصصة للدليل الثابت أصلاً، ثم النظر في المصلحة الناتجة عن الدليل، فإذا كانت المصلحة المرسلة راجحة على المصلحة المترتبة على الدليل، فإنها تقدم عليها بطريق التخصيص، هذا إنما تكون المصلحة المرسلة راجحة على المصلحة الناتجة عن الدليل إذا لم تتحقق شروط العمل بالدليل ، أو لم توجد أسبابه، أو كانت هناك موانع ([95]).
    ج - إن رعاية المصلحة المرسلة أمر متفق عليه ، والأمر المتفق عليه يكون حجة، وإذا كان حجة فهو حجة قاضية، والحجة القاضية إذا اتفقت مع المصلحة فإنها تخصص الدليل العام، وتكيدا لذلك فإن الإمام الغزالي رحمه الله تعالى أشار إلى ما يفهم منه أن المصلحة المرسلة المجمع عليها تخصص العموم، حيث قال: (فالزنديق المتستر إذا تاب فالمصلحة في قتله، وأن لا تقبل توبته ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"([96])، فماذا ترون ؟ قلنا: هذه المسألة في محل الاجتهاد، ولا يبعد قتله إذا وجب بالزندقة قتله، وإنما كلمة الشهادة تسقط القتل في اليهود والنصارى؛ لأنهم يعتقدون ترك دينهم بالنطق بكلمة الشهادة، والزنديق يرى التقية عين الزندقة، فهذا لو قضينا به فحاصله استعمال مصلحة في تخصيص عموم ، وذلك لا ينكره أحد) ([97]).

    د - أن تخصيص العام بالمصلحة المرسلة الملائمة لمقصود الشارع وما تفرع عنه من قواعد كلية، رفعا للحرج، وجلبا للتوسعة على الأمة، مأخوذ من قاعدة اعتبار المآل: ذلك أن النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا سواء أكانت الأفعال موافقة أو مخالفة ([98]).
    وينبني على هذا الأصل قواعد ذكرها الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى منها: (قاعدة الاستحسان ، وهو مذهب مالك الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلي، ومقتضاه : الرجوع إلى تقديم الاستدلال المرسل على القياس، فإن من استحسن لم يرجع إلى مجرد ذوقه وتشهيه، وإنما رجع إلى ما علم من قصد الشارع في الجملة في أمثال تلك الأشياء المفروضة، كالمسائل التي يقتضي فيها القياس أمراً، إلا أن ذلك الأمر يؤدي إلى فوت مصلحة من جهة أخرى، أو جلب مفسدة كذلك) ([99]).
    يفهم من كلامه رحمه الله تعالى: أن استثناء فرد من أفراد العموم بالمصلحة الملائمة لمقصود الشارع - إنما رجع إلى ما علم من قصد الشارع في الجملة في أمثال تلك الأشياء المفروضة - جائز شرعا، فلا مانع إذا من تخصيص العام بالمصلحة المرسلة ([100]).
    2 - ذهب بعض المعاصرين كالبوطي ([101]) وحسين حامد ([102]) وخليفة با بكر ([103]) إلى منع التخصيص بالمصلحة المرسلة؛ لأن مفهوم المصلحة هو المحافظة على مقصود الشارع، ومقصود الشرع هو ما عرف بالدليل، أي أن المصلحة هي ما كانت ناتجة عن دليل شرعي ، واستدلوا بما يلي:

    أ- من شروط اعتبار المصلحة المرسلة أن تكون ملائمة لمقصود الشارع، وألا تعارض وتصادم النصوص الشرعية، فإذا تعارضت معها تكون ملغاة، وبالتالي ليست هي بدليل شرعي ، والتخصيص مصادمة للنص، والمصادمة تخرجها عن الإرسال، فلا تكون مخصصة للنص الشرعي ([104]).

    وأجيب عنه: أن القول: بأن المصلحة لا يمكن أن تخصص النص؛ لأن بمجرد معارضتها ومصادمتها له تعتبر ملغاة غير صحيح؛ لأن شرط الملاءمة وعدم تعارض ومصادمة النص حتى تعتبر، هي في الصريحة، أما المحتملة فيمكن من خلالها الجمع بين الدليلين، وبخاصة إذا كانت جزئية، كتعارض العام والخاص، وهي في حقيقة الأمر لا تعد مصادمة ؛ لأن دلالة العام على جميع أفراده ظنية ، ودلالة الخاص قطعية ، والقطعي يخصص الظني ([105]).
    ثم إن القياس القطعي يخصص العام ، مع العلم أن من شروط اعتباره: ألا يصادم نصا أو إجماعا، والمصلحة داخلة في باب القياس؛ لأن المصلحة ما هي إلا مرتبة من مراتب المناسب المعتبر في باب القياس .
    ب- لم ينقل عن واحد من الأئمة انه يجيز التخصيص بها، لا في أصوله ولا في فروعه، وفي هذا يقول البوطي: (والواقع ان أحدا من الأئمة الأربعة لم يقل - لا في أصوله وقواعده، ولا في جزئيات فتواه واجتهاداته: بأن المصلحة المرسلة تخصص عاما، وتقيد مطلقا، وكل ما تلقفه بعضهم مما أوهم ظاهره أنه تخصيص، أو تقييد للنص بالمصلحة، هو في الحقيقة قائم على أساس غير الذي توهموه) ([106]).

    وأجيب عنه: بأن جمهور الأئمة لم يجعلوا المصلحة المرسلة دليلا مستقلا، وإنما أدرجوها تحت باب القياس أو الاستحسان.
    قال الإمام القرافي رحمه الله تعالى: (وأما المصلحة المرسلة فالمنقول أنها خاصة بنا، واذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا وفرقوا بين المسألتين ، لا يطلبون شاهدا بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة ، وهذا هو المصلحة المرسلة ، فهي حينئذ في جميع المذاهب) ([107]).

    فكلام القرافي رحمه الله تعالى صريح في عمل جميع المذاهب بالمصلحة المرسلة، وإنها داخلة في باب القياس، عندما تكون العلة مستنبطة بطريق مسلك المناسبة.
    وقال الشوكاني نقلاً عن ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: (الذي لاشك فيه أن لمالك ترجيحا على غيره من الفقهاء في هذا النوع – المصلحة المرسلة - ويليه احمد بن حنبل ، ولا يكاد يخلو غيرهما عن اعتباره في الجملة، ولكن لهذين ترجيح للاستعمال لها على غيرهما) ([108]).
    فابن دقيق العيد رحمه الله تعالى يثبت القول بالمصلحة المرسلة عند الجميع على سبيل التفاوت في العمل بها.
    والبوطي نفسه اثبت أن جمهور الأئمة من شافعية وحنابلة وحنفية يحتجون بالمصالح المرسلة لا كدليل خاص، وإنما تحت باب القياس ([109]).
    أما المالكية فقد جعلوا المصلحة المرسلة دليلا مستقلا، كما صرح بذلك الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى عندما قال: (قاعدة الاستحسان – وهو مذهب مالك - الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلي، ومقتضاه الرجوع إلى تقديم الاستدلال المرسل على القياس ...) ([110])، والإمام ابن العربي رحمه الله تعالى عندما قسم الاستحسان إلى أربعة أقسام، وعد من أقسامه ترك مقتضى الدليل في بعض أفراده للمصلحة فقال: (فمنه ترك الدليل للعرف، كرد الأيمان إلى العرف، وتركه إلى المصلحة، كتضمين الأجير المشترك ...) ([111]).
    وقال أيضاً: (الاستحسان عندنا وعند الحنفية، هو العمل بأقوى الدليلين، فالعموم إذا استمر والقياس إذا اطرد، فإن مالكا وأبا حنيفة يريان تخصيص العموم بأي دليل كان، من ظاهر أو معنى، ويستحسن مالك أن يخص بالمصلحة ...) ([112]).

    جـ- عدم إمكان تخصيص المصلحة للنص الناشئ عن الشروط التي وضعها الأصوليون في المخصص، فأصوليو الحنفية يشترطون في المخصص المقارنة لما يخصصه ، بينما أصوليو المتكلمين يشترطون في المخصص عدم التراخي، ومع وجود احد الشرطين لايمكن للمصلحة أن تخصص النص؛ لأنها دائما تكون مستمدة تبعا لما يستمد من أحداث ([113]).
    أجيب عنه: بأن اشتراط المقارنة وعدم التراخي إنما يكون للدليل الجزئي الخاص، سواء أكان من الكتاب أم السنة، أما مثل القياس والمصلحة فيكفي أن يكون داخلاً تحت دليل كلي، بمعنى متى تحققت فيه شروطه المطلوبة، وتوافرت أسبابه الداعية، وانتفت امتناعاته المرجوة اصبح كأنه مقارن، والقول بغير ذلك يلزم منه أن لا يوجد تخصيص بكثير من المخصصات التي عدها الأصوليون ([114]).
    د- المخصص في حقيقة الأمر هو مجموع النصوص، أو القاعدة الكلية التي استندت إليها هذه المصلحة المرسلة ، وليس هو المصلحة المرسلة المجردة؛ لأنها لا تقوى على التخصيص ([115]).
    أجيب عنه : بأن المصلحة التي تخصص العام ليست مجردة عن الدليل والقواعد العامة، بل تستند إلى مجموع النصوص والقواعد الكلية، وهذا وحده كاف لإلحاقها بقسم المعتبر وتخصيصها للعام .

    ثم إن القياس الذي هو محل اعتبار عند الجميع ليس هو المخصص بحد ذاته للعام، وإنما المخصص هو ما استند إليه من نص، ومثله سائر الأدلة التبعية، كالعرف، فالنصوص التي اعتبرت هذه الأدلة هي المخصصة، فالقياس والمصلحة المرسلة لا يعتبر كل منهم إذا تجرد عن المستند والدليل ([116]).

    قال الإمام القرافي رحمه الله تعالى : (واذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا وفرقوا بين المسألتين، لا يطلبون شاهدا بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة ، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي إذن في جميع المذاهب) ([117]).
    وقال الدكتور حسين حامد - وهو من الذين لا يقولون بتخصيص العام بالمصلحة - في مسألة ضرب المتهم وسجنه عند المالكية : (واذا كان الأمر كذلك، فإن الذي خصص نص الحديث ليس هو المصلحة المجردة التي راها المجتهد، بل هي النصوص التي شهدت للأصل الكلي والقاعدة العامة، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة) ([118]).
    وقال في مكان أخر: (وعلى فرض أن هذه النصوص تدل على عدم قبول شهادة الصبيان مطلقا، فإن المخصص لها ليس هو المصلحة المجردة، وإنما المصلحة الملائمة لجنس تصرفات الشرع التي تدخل تحت اصل اعتبره الشارع بجملة نصوص ومجموع أدلة، هذا الأصل هو اصل حفظ الدماء...) ([119]).
    وهذا عين ما نقول به، من ان المصلحة المجردة عن الدليل لا تخصص العام، بل لابد ان تستند إلى دليل كلي.
    الترجيح:

    الراجح في هذه المسألة هو: جواز تخصيص النص العام بالمصلحة المرسلة المستندة إلى مجموع النصوص والقواعد الكلية؛ لقوة الأدلة التي استدل بها القائلون بجواز ذلك؛ ولأن الاستقراء دل على ذلك، فكثير من العلماء قد خصصوا العمومات بالمصلحة.

    يتبع


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: آثر تخصيص العام بالمصلحة المرسلة

    آثر تخصيص العام


    بالمصلحة المرسلة




    د. حسن محمد عبدالله المرزوقي ([*])

    المبحث الرابع


    تطبيقات على تخصيص العام


    بالمصلحة المرسلة


    بعد ذكر الخلاف في تخصيص العام بالمصلحة المرسلة ، نبحث في هذا المبحث بعض المسائل الفقهية التي اخذ بها الفقهاء تخصيصا للعام .
    المسالة الأولى: عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عام الفتح وهو بمكة: "إن الله حرم بيع الخمر والخنزير والأصنام"([120]).

    وتحريم الأصنام عام في كل صنم، وعلة التحريم - كما ذكرها الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى -: أنها لا منفعة فيها مباحة ([121])، فعدم وجود المصلحة في الصنم هي التي منعت من بيعه ، فهذا نص عام يخصص بالمصلحة، وهي ما إذا وجد في بيع الأصنام منفعة ومصلحة ، كبيع بعض الأصنام التي تساعد على معرفة تاريخ الأمم السابقة التي يستفاد منها في دراسة التاريخ، وكذلك مثل بيع الدمى للأطفال .

    المسالة الثانية: امتناع عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن توزيع الأراضي المفتوحة على الفاتحين:

    إن الأراضي التي فتحها المسلمون تعتبر غنيمة للمسلمين ، كالغنائم المنقولة من ذهب وفضة وسلاح وأنعام وغيرها، وتلك الغنائم يكون الخمس منها لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وأربع أخماسها للغانمين، لقوله تعالى: (واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ)([122])، فقوله تعالى: " من شيء" لفظ عام، يشمل الأراضي وغيرها، والذي يؤكد هذا العموم فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث امضى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحكم موافقا لما بينه الله تعالى في الآية المذكورة، فكان صلى الله عليه وسلم إذا غنم شيئا اخذ الخمس ، وقسم الباقي على المسلمين ، ولم يؤخر منه شيئا، مثل ما فعل بخيبر، حيث قسم أرضها على المقاتلين المسلمين ([123]).

    وفي عهد عمر رضي الله عنه قسم المنقولات دون الأموال الثابتة كالأراضي، حيث رأى المصلحة في عدم تقسيم الأموال الثابتة؛ لزيادة موارد الدولة، لسد حاجيات البلدان التي ستفتح في المستقبل، ولحماية أمنها وثغورها، ولعدم حرمان بقية المسلمين حاضرهم، أو من يأتي بعدهم من هذه النعمة، وهذه المصالح هي التي جعلت عمر رضي الله عنه يخصص عموم الآية بالأراضي المفتوحة عنوة، فلا يقسمها على الفاتحين، وإنما يجعلها فيئا لجميع المسلمين ([124]).
    قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: (لم يختلف العلماء أن قوله: "واعلموا أنما غنمتم من شيء" ليس على عمومه، وانه يدخله الاختصاص ... ومما خص به أيضا: الأرض ، والمعنى : ما غنمتم من ذهب وفضة وسائر الأمتعة والسبي، وأما الأرض فغير داخلة في عموم هذه الآية ) ([125]).
    وقال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: (وظاهر مذهب أحمد وأكثر نصوصه على أن الإمام مخير فيها تخيير مصلحة، لا تخيير شهوة، فإن كان الأصلح للمسلمين قسمتها قسمها، وإن كان الأصلح أن يقفها على جماعتهم وقفها، وان كان الأصلح قسمة البعض ووقف البعض فعله) ([126]).
    فهذا مثال على تخصيص العام بالمصلحة المرسلة ، ولم يستند التخصيص إلى نص خاص من الكتاب أو السنة، وإنما استند إلى جلب المصالح ودرء المفاسد.
    المسالة الثالثة : استثناء المرأة الشريفة من الإرضاع عند المالكية:
    يجب علي المرأة إرضاع ولدها، لقوله تعالى: (والْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)([127])، وهذا خبر في معنى الأمر المؤكد، والتقدير: والوالدات يرضعن أولادهن في حكم الله الذي أوجبه، وهذا الأمر ليس أمر إيجاب، وإنما هو أمر ندب واستحباب، لأن تربية الطفل بلبن الأم أصلح له من لبن غيرها، ولكمال شفقتها عليه.
    والذي يدل على الندب قوله تعالى: (فَإنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) ولو وجب عليها الرضاع لما استحقت الأجرة ، ويكون واجبا إذا لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه، أو لم توجد له ظئر، أو كان الأب عاجزا عن الاستئجار([128]).
    وقوله : "والوالدات " لفظ عام، يستغرق جميع أفراده ، يشمل الوالدة الشريفة وغيرها، لكن المالكية ([129]) خصصوا عموم هذه الآية بالمرأة الشريفة بالمصلحة؛ لأن في إرضاعها مخالفة لما اعتيد في قومها، فلو فعلت لحقها أذى من تعيير، أو أنفة زوج، أو غير ذلك، أي: إذا كانت تتأذى بالإرضاع لعلو منزلتها، ولجريان عرف قومها عملا بعدم الإرضاع، فلا يجب ذلك عليها، دفعا للضرر عنها، ودفع الضرر مصلحة.
    جاء في المدونة : قال : وسألت مالكا عن المرأة ذات الزوج أيلزمها إرضاع ابنها؟ قال: نعم يلزمها إرضاع ابنها على ما أحبت أو كرهت، إلا أن تكون ممن لا تكلف ذلك، فقلت لمالك: ومن التي لا تكلف ذلك؟ قال: المرأة ذات الشرف واليسار الكثير، التي ليس مثلها ترضع وتعالج الصبيان ، فأرى ذلك على أبيه وإن كان لها لبن) ([130]).
    وقال ابن العربي رحمه الله تعالى : (ولمالك في الشريفة راي خصص به الآية ، فقال: إنها لا ترضع إذا كانت شريفة ، وهذا من باب المصلحة) ([131]).
    فهذا المثال دليل على تخصيص العام بالمصلحة المرسلة التي تستند إلى دليل كلي، وهو هنا العرف القولي.
    المسالة الرابعة: شهادة الصبيان:

    يشترط في الشهادة العدالة، ومن شروط العدالة : البلوغ ، لقوله تعالى: (واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ)([132])، وقوله تعالى : (وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ)([133]).
    قوله: "من رجالكم" أي: من رجال المؤمنين، والحرية والبلوغ شرط مع الإسلام، فلا تقبل شهادة الصبيان عند جمهور الفقهاء([134])، وأجاز المالكية ورواية عن الإمام احمد وابن أبي ليلى شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح في أماكنهم الخاصة قبل أن يتفرقوا أو يعلموا ([135])؛ مراعاة لمصلحة حفظ الدماء.
    وقبول شهادتهم يعتبر تخصيصا لقوله تعالى: (واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ)، وقوله: (وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ)؛ لأنه إذا لم تقبل شهادتهم ضاع حق بعضهم ، طالما انه لا يوجد من تقوم بهم البينة، والغالب من حالهم في لعابهم واجتماعهم انهم لا يحضرهم الكبار، فهي مصلحة لا يشهد لعينها نص خاص، ولكن شهد لجنسها مجموع النصوص التي اعتبرت صون الحقوق، خاصة إذا تعلقت بالدماء ([136]).
    قال ابن رشد رحمه الله تعالى : (وإجازة مالك لذلك هو من باب قياس المصلحة) ([137]).
    وقال الإمام الباجي رحمه الله تعالى : (والدليل على ما ذهب إليه علي ومن تابعه، ما احتج به شيوخنا من أن الدماء يجب الاحتياط لها، والصبيان في غالب أحوالهم ينفردون في ملاعبهم، حتى لا يكاد أن يخالطهم غيرهم، ويجري بينهم من اللعب والترامي ما ربما كان سببا للقتل والجراح ، فلو لم يقبل بينهم إلا الكبار وأهل العدل لأدى ذلك إلى هدر دمائهم وجراحهم، فقبلت شهادتهم بينهم على الوجه الذي يقع على الصحة في غالب الحال) ([138]).
    المسالة الخامسة : ميراث المسلم من الكافر:

    اتفق الفقهاء على أن الكافر لا يرث المسلم شيئا، إذا كان السبب المقتضى للإرث هو الزوجية، أو القرابة، وقد بقي الكافر على كفره حتى قسمت التركة على مستحقيها، واخذ كل وارث نصيبه منها، فالزوجة الكافرة لا ترث من زوجها المسلم ، والابن الكافر لا يرث من أبيه المسلم ، والقريب الكافر - سواء كانت القرابة أخوة، أو عمومة، أو نحو ذلك - لا يرث من قريبه المسلم ([139]). لقوله صلى الله عليه وسلم: "لايرث المسلم من الكافر، ولايرث الكافر من المسلم "([140]).
    واختلف الفقهاء في إرث المسلم من الكافر، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن المسلم لا يرث من الكافر شيئا مطلقا، سواء أكان قريبا، أم زوجا، أو حربيا، أو ذميا، أو مرتدا ([141])، واستدلوا بأدلة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المسلم من الكافر، ولا يرث الكافر من المسلم " حيث دل الحديث على منع ميراث المسلم من الكافر، والكافر من المسلم مطلقا، وهذا حكم عام لا يجوز أن يخص منه شيء إلا بدليل ([142]).
    وذهب بعض الفقهاء إلى أن المسلم يرث من الكافر، ولا يرث الكافر من المسلم ([143])، وقالوا: إن عموم الحديث خص بالمصلحة، فإن المصلحة توجب تخصيص العموم، والمصلحة في توريث المسلمين منهم ترغيبا في الإسلام، لمن أراد الدخول فيه من أهل الكفر، فإن كثيرا منهم يمنعهم من الدخول في الإسلام، خوف أن يموت أقاربهم، ولهم أموال فلا يرثون منهم شيئا، فإذا علم أن إسلامه لا يسقط ميراثه ضعف المانع من الإسلام، وصارت رغبته فيه قوية، وهذا وحده كاف في التخصيص.
    وهذه المصلحة ظاهرة يشهد لها الشارع بالاعتبار في كثير من تصرفاته، وقد تكون مصلحتها اعظم من مصلحة نكاح نسائهم ، وليس في هذا ما يخالف الأصول ([144]).
    والقول بتخصيص عموم الحديث بالمصلحة هو الأرجح ، خصوصا ما نراه في البلاد الغربية في هذا الزمان، فإن كثيرا ممن يدخل في الإسلام يكون بحاجة إلى المال؛ نظرا لفقرهم، فإذا منعناهم من الميراث فقد يؤدي إلى رجوعهم عن التمسك بالإسلام ، وقد يكون القول بعدم الميراث مانعا من الدخول في الإسلام في بعض الحالات، وقياسا على فعل النبي صلى الله عليه وسلم من العطاء للكفار أحيانا، ولحديثي العهد بالإسلام كثيراً؛ بقصد ترغيب الناس في هذا الدين ([145])، ولعل هذه هي الغاية من تشريع إعطاء الزكاة للمؤلفة قلوبهم في قوله تعالى: ( إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ والْمَسَاكِينِ والْعَامِلِينَ عَلَيْهَا والْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وفِي الرِّقَابِ والْغَارِمِينَ وفِي سَبِيلِ اللَّهِ وابْنِ السَّبِيلِ)([146]).
    المسالة السادسة: قتل الزنديق المستتر إذا تاب:

    الزنديق هو الذي يظهر منه على كفر يسره، وهو مع ذلك يدعي الإسلام، والأصل في حكمه انه لا يقتل إذا تاب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم"، فمعنى الحديث: أن الكفار المحاربين بجميع أنواعهم مأمور بقتالهم، ولا يكف القتل عنهم إلا بقولهم: لا إله إلا الله ، فهذا الحديث عام.
    وقد اختلف في قتل الزنديق ، فذهب بعض الفقهاء كالمالكية وأبو يوسف وبعض الشافعية إلى أنه يقتل ولا تقبل توبته إن ظهر عليه ، إلا أن يجيء قبل الإظهار عليه تائبا، فتقبل توبته ولا يقتل؛ لأن توبة الزنديق جزء من صلب عمله يمارس بها مبدأه الذي اخذ نفسه به ([147]).
    قالوا : إن عموم الحديث مخصوص بغير الزنادقة ، فالمصلحة تقتضي قتله ودفع أذاه عن المسلمين، وهي مصلحة ضرورية تتعلق بحفظ الدين، وحفظ الدين مقصود للشارع، فرجحت هذه الكلية؛ لأنها كليته، لأن ضرر الزنديق عام يقع على جميع المسلمين، وفي قتله إزالة لهذا الضرر، فهو مصلحة ضرورية؛ لجميع المسلمين، لأنها متعلقة بإحدى الضروريات الخمس، بل أهمها وهو حفظ الدين، وقطعية؛ لأننا نقطع أن بقتله يأمن المسلمون من غائلته.
    والحديث فيه عصمة دم الكافر إذا تشهد، والزنديق قد فعل ذلك لم يعصم دمه، لأن وصف الزندقة لم يرتفع بالنطق بالشهادة ، بل لايزال ملازما له؛ لأن قول الزنديق: لا إله إلا الله، هو عين الزندقة، وإظهار خلاف ما يبطن ([148]).
    قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: (فإن قيل: فالزنديق المتستر إذا تاب فالمصلحة في قتله، ولا تقبل توبته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله " فماذا ترون ؟ قلنا: هذه مسألة في محل الاجتهاد، ولا يبعد قتله، إذ وجب بالزندقة قتله، وإنما كلمة الشهادة تسقط القتل في اليهود والنصارى؛ لأنهم يعتقدون ترك دينهم بالنطق بكلمة الشهادة، والزنديق يرى التقية عين الزندقة، فهذا لو قضينا به فحاصله استعمال مصلحة في تخصيص عموم ، وذلك لا ينكره احد) ([149]).
    المسالة السابعة: استخدام العقاقير الطبية التي يدخلها المخدر

    نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالمحرمات، فقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله لم يجعل شفاء امتي فيما حرم عليها"([150])، ولكن لكثرة الأمراض في هذا الزمان وضرورة حفظ النفس من الهلاك، أصبح الناس بحاجة إلى التداوي بأدوية يدخل فيها مواد تخدر الجسم ، حتى لا يشعر بشىء من الألم، فمثلا يحتاج المريض لإجراء عملية جراحية إلى تعاطي بعض الأدوية المخدرة؛ حتى لا يحس بالآلام المترتبة على العملية، مثل الأمراض العصبية والدماغ والقلب، مع أن المخدر من المسكرات المحرمة شرعا، ولكن يباح للمريض أن يتعاطى هذا المخدر للتداوي للضرورة؛ للمحافظة عليه من الموت والتهلكة إذا لم يستخدم المخدر.

    والقول بجواز استعمال المخدر فيه تخصيص لحديث النبي صلى الله عليه وسلم للمصلحة، وهي حفظ النفس.
    المسالة الثامنة: تولي بعض المناصب في ظل دولة ظالمة أو محتلة كافرة:

    الأصل أن قبول المناصب أو الولاية في ظل دولة ظالمة أو محتلة كافرة لا يجوز، لأنه مظهر من مظاهر الولاء للظلمة والكفار، لقوله تعالى: (ولا تَرْكَنُوا إلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ومَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ)([151])، فقد نهى الله عز وجل عن الميل إلى الذين ظلموا والعمل معهم ومحبتهم والرضي بأعمالهم ([152]). ولكن يجوز تولى بعض المناصب إذا كان فيه مصلحة، كدفع الظلم عن الناس، أو تخفيفه عنهم.

    فهذا نص عام خص بالمصلحة، وهي رفع الظلم عن الناس، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (الولاية إذا كانت من الواجبات التي يجب تحصيل مصالحها من جهاد العدو، وقسم الفيء، وإقامة الحدود، وأمن السبيل، كان فعلها واجبا، فإذا كان ذلك مستلزماً لتولية بعض من لا ينبغي ولا يمكنه ترك ذلك صار هذا من باب ما لا يتم الواجب أو المستحب إلا به، فيكون واجبا أو مستحبا إذا كانت مفسدته دون مصلحة ذلك الواجب أو المستحب، بل لو كانت الولاية غير واجبة وهي مشتملة على ظلم ومن تولاها أقام الظلم حتى تولاها رجل قصده تخفيف الظلم فيها ودفع كثره باحتمال أيسره كان ذلك حسنا مع هذه النية، وكان فعله بما يفعله من السيئة بنية دفع ما هو أشد فيها جيدا) ([153]).
    وقال العز بن عبدالسلام رحمه الله تعالى: (ولو استولى الكفار على إقليم عظيم فولوا القضاء لمن يقوم بمصالح المسلمين العامة، فالذي يظهر إنفاذ ذلك كله؛ جلبا للمصالح العامة، ودفعا للمفاسد الشاملة، إذ يبعد عن رحمة الشارع ورعايته لمصالح عباده تعطيل المصالح العامة وتحمل الفاسد الشاملة؛ لفوات الكمال فيمن يتعاطى توليتها لمن هو أهلها) ([154]).


    الخاتمة


    الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وتعالى، وأصلي واسلم على سيد الخلق سيدنا محمد وعلى اله وصحبه، واسأل الله سبحانه أن يختم لنا بالباقيات الصالحات.

    في نهاية هذا البحث الموجز، أود التذكير بأهم المسائل والنتائج التي خرجنا بها في نهاية البحث، أوجزها في النقاط التالية:
    1- اختلف الأصوليون في تعريف العام ، لاختلافهم في اشتراط الشمول والاستغراق في العموم، أو الاجتماع والكثرة فقط.
    2 - يتنوع العام باعتبار علاقته بالخاص إلى عام يراد به العموم قطعا، وإلى عام يراد به الخصوص قطعا، والى عام مخصوص .
    3 - اختلف الجمهور مع الحنفية في دلالة العام، هل هي دلالة قطعية، أو دلالة ظنية، حيث يرى الجمهور أن دلالة العام على جميع أفراده ظنية، بينما يرى الحنفية أن دلالة العام على أفراده قطعية ما لم يخصص، فإذا خصص صارت دلالته على ما بقي من أفراده ظنية.
    4 - اتفق الجمهور مع الحنفية على جواز صرف العام عن عمومه إلى إرادة بعض أفراده بدليل، واختلفوا في الدليل الذي يدل على هذا الصرف ليكون ذلك تخصيصا.
    5 - قسم جمهور الأصوليين المخصصات إلى مخصصات متصلة، أي غير مستقلة، وإلى مخصصات منفصلة، أي مستقلة، وهي ما استقلت بنفسها، ولا تكون جزءا من الكلام الذي اشتمل على اللفظ العام .
    6 - قسم الأصوليين المصلحة إلى عدة تقسيمات وباعتبارات مختلفة: فمن حيث اعتبار الشارع لها وعدم اعتباره لها تنقسم إلى: مصالح معتبرة، ومصالح ملغاة، ومصالح مرسلة.
    7- للعمل بالمصلحة المرسلة ضوابط لابد من توافرها أهمها: أن لا تخالف دليلاً من أدلة الشرع القطعية، وأن تكون محققة وعامة.
    8- تنقسم النصوص الشرعية إلى نصوص عامة، وهي القواعد الكلية العامة التي استنبطت من استقراء النصوص، وإلى نصوص خاصة وهي نصوص القرآن والسنة.
    9- إذا عارض النص الظني الثبوت المستند إلى أصل قطعي، مصلحة مرسلة مستندة إلى قواعد كلية، قدم النص الظني على المصلحة المرسلة.
    10- إذا عارض النص الظني المعارض لأصل قطعي، مصلحة مرسلة مستندة إلى قواعد كلية، قدمت المصلحة عليه، أما إذا عارض النص الظني لأصل ظني مصلحة مرسلة فهذا موضع بحث واجتهاد في ترجيح أحدهما على الآخر.
    11- المصالح المرسلة التي اختلف الفقهاء في تخصيصها للعام ليست مجردة عن الدليل، فهي وان لم تشهد النصوص الخاصة لعينها، فإن مجموع النصوص والقواعد الكلية قد شهد لجنسها، وهذا وحده كاف لإلحاقها بقسم المعتبر.
    12- اختلف الفقهاء في تخصيص العام بالمصلحة على قولين : قول قائل بجواز تخصيص العام بالمصلحة المستندة إلى كلي الشرع ، وما تفرع عنه من قواعد كلية، وقول بعدم جواز تخصيص العام بالمصلحة.
    13- تخصيص العام بالمصلحة لا يختص بالمذهب المالكي فقط، ولكن جميع المذاهب أخذت به.
    وختاما، اسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم،فما أصبت فمن الله عز وجل وحده، وما أخطأت فمن نفسي والشيطان. وصلى وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.


    فهرس المصادر والمراجع


    أولا-: القرآن الكريم وعلومه:

    أحكام القران ، لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي ،، تحقيق علي محمد البجاوي ، (بيروت: دار الفكر).
    أحكام القران ، لأبي بكر احمد بن علي الرازي الجصاص ، ضبط عبد السلام محمد شاهين ، (الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث ).
    التحرير والتنوير، للشيخ الطاهر بن عاشور، (تونس)، ط 1.
    تفسير القرآن العظيم ، لأبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي، (القاهرة: دار الحديث، 1408-1988)، ط 1.
    تفسير الخازن المسمى لباب التأويل في معاني التنزيل، لعلاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم البغدادي الشهير بالخازن، ضبط عبد السلام محمد شاهين، (بيروت: دار الكتب العربية، 1415-1995)، ط 1.
    تفسير النسفي المسمى مدارك التنزيل وحقائق التأويل، للإمام عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، ضبط الشيخ زكريا عميرات، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1415-1995)،ط1.
    تيسير الكريم الرحمن، للشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي ، (الرياض: دار الافتاء)، السعودية.
    الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبدالله محمد بن احمد الأنصاري القرطبي، (بيروت: مؤسسة مناهل العرفان ).
    المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لعبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي، تحقيق عبد السلام عبد الشافي محمد، (بيروت: دار الكتب العلمية،1413/1993)، ط1.
    ثانيا - الحديث الشريف وعلومه:

    الاستدكار، لأبي عمر يوسف بن عبدالله بن عبد البر النمري الأندلسي، تحقيق حسان عبد المنان، ود. محمود احمد القيسية ، (أبوظبي: مؤسسة الندى، 1423- 2003) ط 4.
    الجامع الصحيح المسمى بسنن الترمذي ، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، (مصر: مطبعة مصطفى البابي الحلبي،1388/1968)، ط 2.
    سبل السلام شرح بلوغ المرام، لمحمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الكحلاني الصنعاني، (الرياض: مطبوعات جامعة الإمام ).
    سنن ابن ماجه، لأبي عبد الله محمد بن ماجه القرزويني، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، (استانبول: المكتبة الإسلامية).
    سنن أبي داود، لسليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي، راجعه محمد محي الدين عبد الحميد، (الرياض: مكتبة الرياض الحديثة ).
    صحيح البخاري، لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري ، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1412-1992)، ط 1.
    صحيح مسلم، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، صحيح مسلم، (الرياض: دار السلام، 1419/ 1998)، ط1.
    فتح الباري شرح صحيح البخاري ، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، (بيروت: دار الفكر).
    المنتقى شرح موطأ الإمام مالك ، لأبي الوليد سليمان بن خلف المعروف بالباجي، (بيروت: دار الكتاب العربي، 1332/1913).
    المستدرك على الصحيحين في الحديث ، لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري، تحقيق مصطفى عبدالقادر عطا، (بيروت: دار الكتاب العلمية ).
    الموطأ، مالك بن أنس بن مالك الأصبحي، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، (بيروت: دار إحياء الكتب العربية، 1370/1951).
    نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار، لمحمد بن علي بن محمد الشوكاني، (بريوت: دار القلم).
    ثالثاً - كتب الفقه الإسلامي:

    المذهب الحنفي:

    البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، زين الدين بن إبراهيم بن محمد بن بكر المشهور بابن نجيم ، (بيروت: دار المعرفة)، ط2.
    حاشية رد المحتار على الدر المختار، شرح تنوير الأبصار، محمد أمين بن السيد عمر عابدين ، (بيروت: دار الفكر، 1386/1966)، ط 2.
    شرح فتح القدير على الهداية ، كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام، (بيروت: دار إحياء التراث).
    المبسوط، لمحمد بن احمد بن أبي سهل السرخسي ، (بيروت: دار المعرفة )، ط2.
    مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر، لعبد الرحمن بن الشيخ محمد بن سليمان المدعو بشيخ زاده ، (بيروت: دار الطباعة العامرة).
    المذهب المالكي:

    بداية المجتهد ونهاية المقتصد، لأبي الوليد محمد بن احمد بن رشد القرطبي، (بيروت: دار المعرفة، 1398/1978).
    البهجة في شرح التحفة، لأبي الحسن علي بن عبد السلام ، (بيروت: دار المعرفة، 1397-1977).
    التاج والإكليل لمختصر خليل ، لأبي عبد الله محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري الشهير بالمواق، (بيروت: دار الفكر، 1412-1992) ط 3.
    جواهر الإكليل شرح العلامة خليل ، للعلامة صالح عبد السميع الآبي الأزهري ، (بيروت: دار الفكر).
    حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، لمحمد عرفة الدسوقي ، (مصر: دار الفكر).
    الشرح الكبير، بهامش حاشية الدسوقي ، للعلامة أبو البركات احمد بن محمد الدردير، (بيروت: دار الفكر).
    المذهب الشافعي:

    الأم، لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، (بيروت: دار الفكر،1403/1983)، ط2.
    مغني المحتاج إلى معرفة لفاظ المنهاج على متن منهاج الطالبين، لمحمد بن احمد الشربيني الخطيب، (دمشق: المكتبة الإسلامية).
    نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ، لشمس الدين محمد بن أبي العباس بن شهاب الدين الرملي الشهير بالشافعي الصغير، (بيروت: دار الفكر، 1404-1984).
    المذهب الحنبلي:

    أحكام أهل الذمة، لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، تحقيق صبحي الصالح، (بيروت: دار العلم للملايين، 1414-1994)، ط4.
    الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل ، لأبي محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، (بيروت: المكتب الإسلامي،1399/1979)، ط2.
    كشاف القناع عن متن الإقناع ، لمنصور بن يونس بن إدريس البهوتي (مكة: مطبعة الحكومة،1394/1974).
    مجموع الفتاوى ، لأبي العباس احمد بن عبدالحليم بن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم النجدي .
    المغني على مختصر الخرقي ، لأبي محمد عبدالله بن احمد بن محمد بن قدامة المقدسي، ضبط عبد السلام محمد شاهين، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1414-1994)، ط1.
    المذهب الظاهري :

    1- المحلي، لأبي محمد علي بن احمد بن سعيد بن حزم الظاهري ، تحقيق أحمد محمد شاكر، (القاهرة: دار التراث ).

    رابعا - قواعد فقهية:

    الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة، لزين الدين بن إبراهيم بن محمد بن نجيم، (القاهرة: مؤسسة الحلبي،1387/1968).
    الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، (بيروت: دار الكتاب العربي، 1403/1983)، ط1.
    خامسا - أصول الفقه:

    الإبهاج في شرح المنهاج ، للعلامة تاج الدين عبدالوهاب بن علي السبكي، (القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية، 1401/1981) .
    الإحكام في أصول الأحكام ، للإمام سيف الدين الآمدي، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1400/1980).
    إرشاد الفحول، للإمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني، (بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية،1412/1992)، ط1.
    أصول البزدوي، لعلي بن محمد فخر الإسلام البزدوي، طبعة تركيا.
    أصول السرخسي ، لمحمد بن احمد بن أبي سهل السرخسي (بيروت: دار الفكر).
    البحر المحيط في أصول الفقه، للإمام محمد بن بهادر بن عبدالله الزركشي، تحقيق عبدالستار أبوغدة وغيره وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، (1409/1988)، ط1.
    البرهان في أصول الفقه، لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك الجويني، تحقيق د. عبدالعظيم الدين، (قطر: 1399/1997).
    التقرير والتحبير في أصول الفقه ، لابن أمير الحاج ، (بيروت: دار الكتب العلمية،1403/1983) ط 2.
    التلويح على التوضيح ، لسعد الدين بن مسعود بن عمر التقتازاني، (بيروت: دار الكتب العلمية ).
    التمهيد في أصول الفقه، لمحفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني الحنبلي، تحقيق محمد بن علي ابن إبراهيم، (جدة: دار المدني، 1407-1985)، ط1.
    تنقيح الفصول، للإمام شهاب الدين أبوالعباس أحمد بن إدريس القرافي، (القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية، 1395/1993).
    تيسير التحرير، للإمام محمد أمين المعروف بأمير بادشاه البخاري، (بيروت: دار الكتب العلمية ).
    الرسالة ، للإمام محمد بن إدريس الشافعي ، (مصر: مطبعة الحلبي ).
    شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول ، للقرافي، (القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية، 1393/1973).
    شرح كوكب المنير، لأبي البقاء محمد بن احمد بن عبدالعزيز، تحقيق محمد حامد الفقي، (مصر: مكتبة السنة المحمدية)، ط1.
    شفاء الغليل في مسالك التعليل، للإمام أبي حامد محمد الغزالي، تحقيق د. الكبيسي، (بغداد: مطبعة الإرشاد، 1390/1981).
    العدة في أصول الفقه، للقاضي أبي يعلى محمد الحسين الفراء، تحقيق د.أحمد بن علي سير المباركي، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1400/ 1980)، ط1.
    فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت، لعبدالعلي محمد بن نظام الدين الأنصاري بهامش المستصفى، (بولاق: المطبعة الأميرية ، 1344/1920).
    قواعد الأحكام في مصالح الأنام، للإمام أبي محمد عزالدين بن عبدالسلام السلمي، (بيروت: دار الكتب العلمية).
    كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي، لعبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري، (الآستانة: طبعة الشركة العثمانية).
    المحصول في علم الأصول، للإمام فخرالدين محمد بن عمربن الحسين الرازي، تحقيق د.طه جابر العلواني، (الرياض: جامعة الإمام، 1400/1980)، ط 1.
    مختصر المنتهى، للإمام عثمان بن أبي بكر بن الحاجب، (القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية).
    المستصفى، لأبي حامد محمد الغزالي، (بولاق: 1356-1932)، ط1.
    مسلم الثبوت، لمحب الدين بن عبدالشكور، (بولاق: المطبعة الأميرية،1344/1920).
    المعتمد في أصول الفقه، لأبي الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري المعتزلي، (بيروت: دار الكتب العلمية).
    مفتاح الوصول في ابتناء الفروع على الأصول ، لأبي عبدالله محمد بن أحمد الشريف الثلمساني، (بيروت: دار الكتاب العربي، 1392/1991).
    المنخول من تعليقات الأصول، لأبي حامد الغزالي، (دمشق: دار الفكر، 1400/1980).
    الموافقات في أصول الشريعة، لإبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي المعروف بالشاطبي، (بيروت: دار المعرفة).
    ميزان الأصول في نتائج العقول، لعلاء الدين السمرقندي، تحقيق زكي عبدالبر، (الدوحة: مطبعة الدوحة الحديثة، 1404/1984).
    نبراس العقول في تحقيق القياس، للشيخ عيسى منون، (المنيرية).
    نهاية السول في شرح منهاج الأصول، لجمال الدين عبدالرحيم بن الحسين الأسنوي، (القاهرة: مطبعة محمد صبيح ).
    سادساً - كتب اللغة:

    التعريفات ، لعلي بن محمد بن علي السيد الزين أبي الحسن الحسيني الجرجاني الحنفي، تحقيق عبد الرحمن عميرة، (عالم الكتاب ، 1407- 1987)، ط1.
    القاموس المحيط ، لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1406-1986)، ط1.
    كشاف اصطلاحات الفنون.
    الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية ، لأبي البقاء بن موسى الحسيني الكفوي، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1412-1992)، ط1.
    لسان العرب، جمال الدين محمد بن مكر بن منظور الأفريقي المصري، (بيروت: دار صادر).
    مختار الصحاح، لمحمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي، (الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987-1407).
    معجم مقاييس اللغة ، لأحمد بن فارس بن زكريا، (إيران: دار الكتب العلمية ).
    المجم الوسيط ، لإبراهيم أنيس ومجموعة من الأستاذة ، (استانبول: المكتبة الإسلامية )، ط 2.
    المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، لأحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي، (بيروت: دار القلم).
    سابعاً - كتب حديثة:

    أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي ، للدكتور مصطفى أديب، (بيروت: دار القلم، 1413/1993).
    أصول الفقه، للشيخ محمد أبو زهرة، (القاهرة: دار الفكر العربي).
    أصول الفقه الإسلامي، للدكتور محمود محمد الطنطاوي، (دبي: كلية شرطة دبي،1410/1990)، ط 1.
    تخصيص النصوص بالأدلة الاجتهادية عند الأصوليين والفقهاء، للدكتور خليفة بابكر الحسن، (العين: مطبعة الرافدين، 1409/1988).
    تعليل الأحكام ، للدكتور محمد مصطفى شلبي ، (بيروت: دار النهضة العربية،1401 ،1981).
    تفسير النصوص في الفقه الإسلامي ، للدكتور محمد أديب صالح ، (طبعة المكتب الإسلامي ).
    ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية ، للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، (دمشق: مؤسسة الرسالة، 1412/1992)، ط 6.
    المدخل الفقهي العام ، للدكتور مصطفى الزرقا، (دمشق: دار الفكر،1383/1963).
    مصادر التشريع فيما لا نص فيه، للشيخ عبدالوهاب خلاف ، (الكويت: دار القلم ).
    المصالح المرسلة وأثرها في مرونة الفقه الإسلامي، للدكتور محمد احمد بوركاب، (دبي: دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث ، 1423 / 2002)، ط 1.
    المناهج الأصولية في الاجتهاد بالراي، للدكتور فتحي الدريني، (دمشق: دار الكتب الحديثة).
    من الفكر والقلب، للدكتور البوطي ، (دمشق: مكتبة الفارابي ).
    الموازنة بين المصالح ، دراسة تطبيقية في السياسة الشرعية ، للدكتور احمد عليوي حسين الطائي، (عمان: دار النفائس، 1427/2007)، ط1.
    ثامنا - رسائل جامعية:

    1- التخصيص بالمصلحة والعرف عند الأصوليين ، لمحمد خير الدين همسين، جامعة أم درمان الإسلامية، رسالة ماجستير، 1998م.

    2 - المصلحة وعلاقتها بالأحكام في الشريعة الإسلامية ، لعبدالرحمن آدم محمد سليمان ، جامعة أم درمان الإسلامية، رسالة ماجستير، 1997م.
    تاسعاً - بحوث منشورة :

    1 - اختلاف الدين واثره في ميراث المسلم من قريبه الكافر (دراسة تأصيلية)، للدكتور احمد الصويعي شليبك، مجلة جامعة الشارقة ، المجلد 5 ، العدد 1، 1429/2008.


    [*] أستاذ مساعد بكلية القانون، قسم الشريعة، جامعة الإمارات العربية المتحدة .

    [1] لسان العرب لابن منظور 12/433، القاموس المحيط للفيروز آبادي (1473)، معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4/ 15-18، الكليات للكفوي 3/283، المفردات للراغب (346).

    [2] المفردات للراغب (346)، تقويم الأدلة للدبوسي 1/213، نهاية السول للبيضاوي 2/313.

    [3] المفردات للراغب (346)، الكليات للكفوي 3/189.

    [4] انظر: كشف الأسرار للبخاري 1/95، الميزان للسمرقندي (254)، أصول البزدوي 1/94، أصول السرخسي 1/125، المعتمد لأبي الحسين البصري 1/189، المستصفى للغزالي 2/32، الإحكام للآمدي 2/181.

    [5] المحصول للرزاي 2/309، البحر المحيط للزركشي 3/5، إرشاد الفحول للشوكاني (99).

    [6] البحر المحيط للزركشي 3/ 5 .

    [7] المصدر السابق.

    [8] الرسالة للشافعي (53-62)، فواتح الرحموت للأنصاري 1/265، الوجيز لزيدان (316)، أصول الفقه الإسلامي للطنطاوي (354).

    [9] سورة هود: الآية (6).

    [10] سورة آل عمران : الآية (97).

    [11] سورة البقرة : الآية (43).

    [12] سورة البقرة : الآية (185).

    [13] سورة البقرة : الآية (228).

    [14] أصول السرخسي 1/132، فواتح الرحموت 1/265، مختصر المنتهي لابن الحاجب مع شرع العضد 2/148، شرح كوكب المنير لابن النجار 3/114 - 116، إرشاد الفحول للشوكاني (117)، الوجيز (312).

    [15] أصول السرخسي 1/132، كشف الأسرار للبخاري 1/304، تيسير التحرير لأمير شاه 1/267.

    [16] البحر المحيط للزركشي 3/240.

    [17] المناهج الأصولية للدريني (553).

    [18] لسان العرب 8/ 290، القاموس المحيط (976)، المصباح المنير 1/205، المفردات (149).

    [19] الكليات 2/55، كشاف اصطلاح الفنون 1/428، كشف الأسرار 1/621، المفردات (149).

    [20] معجم مقاييس اللغة 2/153 .

    [21] كشف الأسرار للبخاري 1/621، مسلم الثبوت 1/300، التوضيح على التنقيح لصدر الشريعة 1/42.

    [22] المناهج الأصولية للدريني (557).

    [23] شرح المعالم لابن التلمساني 2/478، الغاية عند الأصوليين للشراح (417).

    [24] تفسير النصوص لأديب صالح 2/84، أصول الفقه الإسلامي للطنطاوي (356).

    [25] المناهج الأصولية للدريني (555)، تفسير النصوص 2/84.

    [26] الرسالة للشافعي (148)، المعتمد للبصري 1/257، مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/147، التمهيد في أصول الفقه للكلوداني 2/150، تفسير النصوص 2/82، المناهج الأصولية (553)، الوجيز لزيدان (310)، أصول الفقه الإسلامي لشعبان (270).

    [27] فواتح الرحموت 1/300، كشف الأسرار 1/306، التقرير والتحبير 2/218، التوضيح على التلويح 1/42، تفسير النصوص 2/101، المناهج الأصولية (556 - 557 (.

    [28] المعتمد 1/242، العدة للقاضي 2/659، البرهان للجويني 1/279، الإحكام للآمدي 2/286، المستصفى للغزالي 2/180، المحصول للرازي 3/57، البحر المحيط للزركشي 3/327، شرح كوكب المنير 3/340.

    [29] سورة المزمل : الآية (2).

    [30] سورة النساء: الآية (12).

    [31] سورة النساء: الآية (25).

    [32] سورة البقرة : الآية (187).

    [33] المعتمد 1/252، العدة للقاضي 2/547، البرهان 1/311، المستصفى 2/99، المحصول للرازي 3/73، الإحكام للآمدي 2/314، نهاية السول 2/449، التمهيد لأبي الخطاب 2/101.

    [34] سورة البقرة : الآية (185).

    [35] تفسير النصوص في القانون والشريعة للسعدي (413-414)، أصول الفقه الإسلامي لشعبان (271).

    [36]سورة البقرة : الآية (275).

    [37]سورة المائدة : الآية (3).

    [38] سنن أبي داود 1/21، ح (83)، سنن الترمذي 1/457، ح (169).

    [39] سورة النساء: الآية (25).

    [40] سورة النور: الآية (2).

    [41] سورة النساء: الآية (11).

    [42] انظر: المعتمد 1/204، البرهان للجويني 1/327، المستصفى للغزالي 2/102، الإبهاج للسبكي 2/171 - 172، المحصول 3/81، اللمع للشيرازي (36)، شرح كوكب المنير 3/359، التمهيد 2/105، تفسير النصوص لأديب صالح 2/104، المناهج الأصولية للدريني (518 - 520).

    [43] الموافقات 2/3.

    [44] أعلام الموقعين 3/5، والمصالح المرسلة وتطبيقاتها للنجيمي (4 - 5).

    [45] لسان العرب 7/384، المصباح المنير 132.

    [46] المستصفى 1/286، قواعد الأحكام (35)، ضوابط المصلحة للبوطي (27).

    [47] كطاهر بن عاشور والبوطي وغيرهما. انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية الطاهر بن عاشور 63.

    [48] المصالح المرسلة - د. بوركاب (30).

    [49] المستصفي 1/284، وينظر أيضا: شرح التلويح على التوضيح 2/70، الإحكام الآمدي 3/405، وأصول الفقه الإسلامي للطنطاوي (289)، والمصالح المرسلة بوركاب (31).

    [50] أثر الأدلة المختلف فيها د. البغا (31).

    [51] المستصفي للغزالي 1/285، الإحكام للآمدي 3/41.

    [52] النساء: الآية (29-30).

    [53] مختصر ابن الحاجب 2/242، الإحكام للآمدي 3/410، نهاية الوصول للصفي الهندي 2/3/772، نبراس العقول (276)، شرح التلويح على التوضيح 2/70.

    [54] المستصفي للغزالي 1/245، أصول الفقه - مطلوب ص (235).

    [55] البرهان للجويني 13/112، التعريفات للجرجاني (ص 12).

    [56] تقريب الوصول إلى علم الأصول لابن جزي (148)، شرح تنقيح الفصول المختصر لابن اللحام (162-163)، علم أصول الفقه الإسلامي د. إبراهيم (112).

    [57] أصول الفقه الإسلامي مطلوب (248-249)، علم أصول الفقه الإسلامي إبراهيم (115)، أصول الفقه الإسلامي طنطاوي (299).

    [58] الحشر: الآية (2).

    [59] التحرير والتنوير لابن عاشور على تفسير الآية 72/28، تيسير الكريم الرحمن للسعدي 7/329، والمحصول للرازي 2/2/224.

    [60] الأنبياء: الآية (107).

    [61] ضوابط المصلحة للبوطي (70)، المصلحة المرسلة لأبي ركاب (53).

    [62] سنن أبي داود 4/18، ج 3592)، وسنن الترمذي 3/116، ج (1327).

    [63] ينظر: تعليق الغزالي في المنخول (358)، شفاء الغليل (211 - 212)، أصول الفقه الإسلامي شعبان (135)، أصول الفقه للطنطاوي (301-302).

    [64] البرهان للجويني (1117)، شفاء الغليل للغزالي (212)، والتوضيح لمتن التنقيح 2/70، الاعتصام للشاطبي (188)، المصالح المرسلة ومكانتها في التشريع جلال (76).

    [65] البرهان للجويني (1117)، شفاء الغليل للغزالي (212)، سلم الوصول (316)، الاعتصام للشاطبي (188)، أصول الفقه ابن تيمية 2/598، أصول الفقه أبو زهرة (282)، أصول الفقه شعبان (186،187)، أصول الفقه جلال (89).

    [66] وهذا ما أشار إليه الدكتور جلال الدين عبدالرحمن في كتابه: المصالح المرسلة ومكانتها في التشريع (89).

    [67] الاعتصام للشاطبي (2/129)، الأدلة المختلف فيها عند الأصوليين بابكر (36)، التعليل بالمصلحة عند الأصوليين، للخمي (169)، مصادر التشريع فيما لا نص فيه خلاف (91).

    [68] النساء: الآية (11).

    [69] المستدرك للحاكم 4/98. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

    [70] المدخل الفقهي العام 1/132.

    [71] الموازنة بين المصالح (181)، نظرية المصلحة البوطي (217 وما بعدها)، الأدلة المختلفة فيها با بكر (39)، أصول الفقه لشعبان (139)، أصول الفقه للطنطاوي (305).

    [72] المصادر السابقة.

    [73] الأشباه والنظائر للسيوطي (8)، الأشباه والنظائر لبن نجيم (26).

    [74] الأشباه والنظائر للسيوطي (76)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (74).

    [75] الأشباه والنظائر للسيوطي (83)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (85).

    [76] المناهج الأصولية للدريني (620).

    [77] سورة النور: آية (2).

    [78] سورة النساء: آية (29-30).

    [79] صحيح البخاري 5/2179، ح (5442)، صحيح مسلم 1/103، ح (109).

    [80] سورة النساء: آية (23).

    [81] صحيح البخاري (938)،ح(6818).

    [82] صحيح البخاري 1/432، ح (1226)، صحيح مسلم 2/641، ح (929).

    [83] سورة النجم : آية (38 - 39).

    [84] المصدر السابق.

    [85] الموافقات للشاطبي 3/17، المصالح المرسلة بو ركاب (421 - 423)، المصلحة وعلاقتها بالأحكام في الشريعة الإسلامية لسليمان، رسالة ماجستير مخطوطة (132).

    [86] الموافقات 1/39.

    [87] قواعد الأحكام (640).

    [88] التقرير والتحبير 3/150، فواتح الرحموت 2/267، شرح تنقيح الفصول للقرافي (394)، مفتاح الوصول للتلمساني (150)، البرهان 2/113، الأحكام للآمدي 3/408، نهاية السول 4/91، الفتاوى الكبرى لابن تيمية 3/338، 349، 394، إعلام الموقعين 3/11، الموافقات للشاطبي 1/39، الاعتصام 2/129، إرشاد الفحول للشوكاني (205).

    [89] المدخل الفقهي العام 1/216.

    [90] المناهج الأصولية (614).

    [91] تعليل الأحكام (367).

    [92] المدخل إلى أصول الفقه (207).

    [93] الموافقات 3/298 .

    [94] المصالح المرسلة بوركاب (471).

    [95] التخصيص بالمصلحة والعرف عند الأصوليين لهمسين، رسالة ماجستير مخطوطة (113).

    [96] صحيح البخاري 6/2657، ح (6855)، صحيح مسلم 1/51، ح (20).

    [97] المستصفى 1/298.

    [98] الموافقات 4/194.

    [99] المصدر السابق.

    [100] المصالح المرسلة لبوركاب (465).

    [101] ضوابط المصلحة (154) وما بعدها، من الفكر والقلب (85).

    [102] نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي (183،107).

    [103] تخصيص النصوص بالأدلة الاجتهادية (137).

    [104] نظرية المصلحة (107)، ضوابط المصلحة (158)، من الفكر والقلب (85).

    [105] التخصيص بالمصلحة لهمسين (116)، المصلحة المرسلة لبوركاب (485 -486).

    [106] من الفكر والقلب (85).

    [107] شرح تنقيح الفصول (394).

    [108] إرشاد الفحول (242).

    [109] ضوابط المصلحة (319).

    [110] الموافقات 4 /198 .

    [111] المصدر السابق 4 /208.

    [112] المصدر السابق.

    [113] تخصيص النصوص بالأدلة الاجتهادية لبابكر (160).

    [114] التخصيص بالمصلحة والعرف عند الأصوليين لهمسين (116).

    [115] نظرية المصلحة لحسين حامد (139،170).

    [116] المصالح المرسلة لبوركاب (487 -488) بتصرف .

    [117] شرح تنقيح الفصول (394).

    [118] نظرية المصلحة (170).

    [119] المصدر السابق (139).

    [120] صحيح البخاري (293)، ح(2236)صحيح مسلم ، (690)، ح (3048).

    [121] سبل السلام 4/623.

    [122] سورة الأنفال: آية (41).

    [123] الخراج لأبي يوسف (24)، الاستخراج لأحكام الخراج لابن رجب (42)، الأموال لأبي عبيد (65)، أحكام القرآن للجصاص 3/529، تفسير القرطبي 8/4، نيل الأوطار 8/14 .

    [124] المصدر السابق.

    [125] تفسير القرطبي 8/4.

    [126] نيل الأوطار 8/15 .

    [127] سورة البقرة: آية (233).

    [128] تفسير الخازن 1/166، تفسير النسفي 1/130.

    [129] التاج والإكليل للمواق 4/213، جواهر الإكليل للآبي 1/408، البهجة في شرح التحفة 1/734.

    [130] المدونة الكبرى 2/294.

    [131] أحكام القرآن 1/204.

    [132] سورة البقرة: آية (282).

    [133] سورة الطلاق : آية (2).

    [134] فتح القدير 6/2، الأم 7/44، 117، المغني 10/144.

    [135] المبسوط 3/153، الموطأ 2/726، المنتقى 4/229، أحكام القرآن لابن العربي 1/252، المغني 10/144 .

    [136] المصالح المرسلة (479).

    [137] بداية المجتهد 2/398.

    [138] المنتقى 4/229.

    [139] البحر الرائق 8/556، حاشية الدسوقي 4/486، مغني المحتاج 3/24، المغني 6/294.

    [140] صحيح البخاري مع فتح الباري 12/50، ح (6764)، صحيح مسلم (705)، ح (4140).

    [141] المبسوط 30/30، حاشية ابن عابدين 6/767، بداية المجتهد 2/352، حاشية الدسوقي 4/486، الأم 5/150، نهاية المحتاج 6/27، المغني 6/294، كشاف القناع 4/476.

    [142] المحلى 4/309، نيل الأوطار 6/74.

    [143] المبسوط 30/30، مجمع الأنهر 2/748، بداية المجتهد 2/352، الأم 5/152 أحكام أهل الذمة 2/462، الاستذكار 5/633، نيل الأوطار 6/74.

    [144] أحكام أهل الذمة 2/463، اختلاف الدين وأثره في ميراث المسلم من الكافر للدكتور أحمد شليبك، مجلة جامعة الشارقة، المجلد 5، العدد 1، (82).

    [145] تفسير الخازن 2/374، المحرر الوجيز 3/49، تفسير النسفي 1/503، تفسير ابن كثير 2/480، أحكام القرآن لابن العربي 2/962.

    [146] سورة التوبة : آية (60).

    [147] شرح الدرر المختار 3/456، الشرح الكبير 4/406، المنتقى 6/250، المحلى على المنهاج 4/177، أحكام القرآن للجصاص 2/349.

    [148] رأي الأصوليين في المصالح المرسلة والاستحسان 1/525.

    [149] المستصفي 1/298 - 299. راجع ص 22.

    [150] المستدرك للحاكم 4/242، ح(7509).

    [151] سورة هود: آية (113).

    [152] تفسير الخازن 2/506 تفسير ابن كثير 2/606.

    [153] مجموع الفتاوى 20/52.

    [154] قواعد الأحكام 1 /73-74.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •