بين القول والعمل..


فاطمة محمد عبد المقصود
أن تؤمن بشيء وتعتقد فيه فذلك أمر يسير، بل هو أمان النفس وراحتها.
أن تتحدث عما تعتقد به فذلك أيضا ليس بالأمر العسير.
أن تقول وتتكلم عما يجب علينا فذلك أمر يتقنه ويحبه الكثيرون ..
أما أن تقوم أنت بفعل هذا المطلوب وأن تبدأ بنفسك وتفعل ما تتحدث عنه وما أنت مقتنع به
فهذا هو العسير الذي لا يجيده ولا يعرفه إلا طائفة يسيرة من الناس ..
ذلك أن هناك فارقا كبيرا بين مجرد القول وبين العمل .. بين الاقتناع بشيء والاعتقاد بصحته وممارسته عمليا وتطبيقه واقعا .. ولا يخفى علينا أن الكثير من الناس يعرفون الحق ويؤمنون بصوابه ويعتقدون أهمية تطبيقه وممارسته لكنهم لا يمارسونه ولا يعملون به ..
ترى ماذا ينقص البشر لكي يقوموا بممارسة معتقداتهم التي يؤمنون بها ؟!
أي قوة دافعة يحتاجون إليها فوق قوة الاعتقاد والإيمان ؟!
إنها بلا شك همم الرجال .. تلك الهمم التي لا تؤتى إلا لمن بذل وبدأ وحارب هواه وطلق خموله وعجزه ..
إن عالمنا المعاصر يحتاج إلى نفوس مستقيمة ترى الحق حقا فتستميت في الدفاع عنه, أو على الأقل تعطي من وقتها بعض الدقائق لنصرته ومؤازرته .. إن مما يندى له جبين البشرية أن تتصاغر همم الرجال فيها حتى لا يجد أحدهم في نفسه طاقة لعمل خير أو بذل معروف أو قولة حق .. يجد الأمر عسيرا والعبء ثقيلا مادام لن يرجع لنفسه بشيء ..
مازلنا نسمع كثيرا ونتكلم أكثر فمتى تتشابك الأيدي وتعلو الهمم ليكون قولنا فعلا وعملا!
نود لأمتنا أن تعلم غيرها من الأمم حقيقة دينها وأخلاق نبيها بأفعال وسلوك وبذل وإصلاح ، فمهما أكثرنا من القول ومهما أبدعنا في التعبير فلن يدرك الآخرون قيمنا وروعتها إلا إذا أبصروها واقعا تتغير به النفوس والأحوال .