عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من عزى أخاه المؤمن من مصيبة كساه الله حلة خضراء يحبر بها يوم القيامة)، قيل: يا رسول الله، ما يحبر؟ قال: (يغبط). [أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد: (267)].
عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من عزى أخاه المؤمن من مصيبة كساه الله حلة خضراء يحبر بها يوم القيامة)، قيل: يا رسول الله، ما يحبر؟ قال: (يغبط). [أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد: (267)].
الثابت له مثل اجره
وكذلك البسه الله من الحلل يوم القيامة
صححه الالباني رحمه الله
هل هذا الحديث صحيح أم حسن : ( ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة ) رواه ابن ماجة ؟
نص الجواب
الحمد لله
هذا الحديث يروى معناه مرفوعا عن اثنين من الصحابة الكرام :
الحديث الأول : عن الصحابي الجليل عمرو بن حزم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
رواه ابن ماجة في " السنن " (1601)، وعبد بن حميد في " المسند " (رقم/287) والدولابي في "الكنى والأسماء" (رقم/956) والطبراني في " الدعاء " (ص/369) من طريق :
خالد بن مخلد البجلي ، حدثني قيس أبو عمارة مولى الأنصار ، قال : سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يحدث ، عن أبيه ، عن جده .
وفي هذا الإسناد علتان :
1- الإرسال : لأننا إن قلنا إن المقصود بقوله : " عن جده " هو الصحابي عمرو بن حزم ؛ فإن أبا بكر بن محمد لم يسمع منه .
وإن قلنا : إن المقصود بقوله : " عن جده " هو محمد بن عمرو بن حزم ، فهذا ليس له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد ولد سنة عشر من الهجرة النبوية الشريفة . كما في " تهذيب التهذيب " (9/370) ، لذلك قال فيه الحافظ ابن حجر رحمه الله : " له رؤية ، وليس له سماع إلا من الصحابة " انتهى. " تقريب التهذيب " (ص/499)
قال ابن عساكر رحمه الله :
" محمد لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمرو بن حزم لا يعرف لأبي بكر سماع منه " انتهى.
" تاريخ دمشق " (5/55)
2- قيس أبو عمارة الفارسي ، مولى الأنصار : ضعفه الأئمة النقاد ، فقال البخاري : " يعد في أهل المدينة ، فيه نظر " انتهى. وهي كلمة تضعيف منه رحمه الله . وذكره العقيلي في " الضعفاء " وأورد له حديثين ، وقال : لا يتابع عليهما . انظر: "تهذيب التهذيب " (8/406)
لذلك ضعفه ابن الملقن في " تذكرة المحتاج " (1/615)
وقال ابن عبد الهادي رحمه الله :
" انفرد به ابن ماجه ، وفيه إرسال ، ومحمد بن عمرو بن حزم ولد في حياة الرسول سنة عشرة من الهجرة ، وقيس أبو عمارة ذكره ابن أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه جرحا " انتهى.
" تنقيح تحقيق أحاديث التعليق " ابن عبد الهادي (2/165)
الحديث الثاني :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ عَزَّى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِي مُصِيبَةٍ كَسَاهُ اللهُ حُلَّةً خَضْرَاءَ يُحْبَرُ بِهَا . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! مَا يُحْبَرُ بِهَا ؟ قَالَ : يُغْبَطُ بِهَا )
رواه الطبراني في " الدعاء " (ص/369)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (11/464) من طريق عبد الله بن هارون ، نا قدامة بن محمد الخشرمي ، حدثني أبي ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك به .
وهذا إسناد منكر شديد الضعف ، فيه علل :
1- عبد الله بن هارون : ساق له ابن عدي في الكامل مجموعة من الأحاديث – منها هذا الحديث – ثم عقبها بقوله : " لم أر لعبد الله بن هارون الفروي أنكر من هذه الأحاديث التي ذكرتها " انتهى. " الكامل " (4/261)
2- قدامة بن محمد الخشرمي : قال ابن حبان في ترجمته : " يروي عن أبيه ومخرمة بن بكير عن بكير بن عبد الله بن الأشج المقلوبات التي لا يشارك فيها ، روى عنه عبد الله بن هارون الفروي وأهل المدينة ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد " انتهى. " المجروحين " (2/219) فانظر كيف نص ابن حبان على روايته المقلوبات والمنكرات التي لا يشارك فيها .
لذلك قال ابن عدي رحمه الله :
" هذا الحديث بهذا الإسناد ليس له أصل " انتهى.
" الكامل " (4/260)
والحاصل أن الراجح في شأن الحديث أنه ضيعف بطريقيه ، ولا يتقوى أحدهما بالآخر؛ لأن الطريق الثاني يغلب عليها وقوع الخطأ ، والخطأ لا يقوي الضعيف أبدا كما قال الإمام أحمد رحمه الله : " والمنكر أبدا منكر ".
والقول بضعف الحديث ـ من حيث السند ـ أولى من القول بتحسينه ، كما ذهب إليه بعض أهل العلم من المعاصرين ، أو غيرهم .
جاء في " حاشية السندي على ابن ماجه " (3/374) :
" ( يعزي أخاه ) أي : يأمره بالصبر عليها ، بنحو : أعظم الله أجرك .
( من حلل الكرامة ) أي : من الحال الدالة على الكرامة عنده ، أو من حلل أهل الكرامة ، وهي حلل نسجت من الكرامة ، وهذا مبني على تجسيم المعاني ، وهو أمر لا يعلمه إلا الله تعالى " انتهى.
وقال المناوي رحمه الله :
" فيه أن التعزية سنة مؤكدة ، وأنها لا تختص بالموت ، فإنه أطلق المصيبة ، وهي لا تختص به إلا أن يقال إنها إذا أطلقت إنما تنصرف إليه لكونه أعظم المصائب ، والتعزية في الموت مندوبة قبل الدفن وبعده " انتهى باختصار .
" فيض القدير " (5/632)
وبعد ذلك كله نقول : إن مشروعية التعزية من الأمور المتفق عليها بين أهل العلم ، لما فيها من مواساة لأهل المصاب ، وإعانة لهم على تحمل مصابهم ، فقد عزى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، وعزى الصحابة بعضهم بعضا ، والله عز وجل يكتب الأجر للمسلم بواسع كرمه وفضله .
والله أعلم .
المصدر: الإسلام سؤال وجواب
جزاكم الله خيرًا
أجدتم وأفدتم.
(764) - (حديث عمرو بن حزم مرفوعا: " ما من مؤمن يعزى أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الجنة ". رواه ابن ماجه (ص 178) .
* ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (1601) والبيهقى (4/59) من طريق قيس أبى عمارة مولى الأنصار قال: سمعت عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يحدث عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال فذكره إلا أنه قال: " من حلل الكرامة يوم القيامة ".
قلت: وهذا سند ضعيف , قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 101/2) : " هذا إسناد فيه مقال , قيس أبو عمارة , ذكره ابن حبان فى " الثقات " , وقال الذهبى فى " الكاشف ": " ثقة " , وقال البخارى: " فيه نظر ". قلت: وباقى رجال الإسناد على شرط مسلم , رواه ابن أبى شيبة فى مسنده هكذا , ورواه عبد بن حميد ".
قلت: وأنا متعجب من قول الذهبى فيه " ثقة " مع أنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان , وعهدى بالذهبى أنه لا يقيد بتوثيقه , ولا سيما وقد خالف فيه إمام الأئمة البخارى فقد جرحه أشد الجرح بألين عبارة , وهو قوله: " فيه نظر ".
وقد نقله الذهبى فى " الميزان " , ولم يزد عليه شيئا. وأورده العقيلى فى " الضعفاء " (258) وساق له حديثين آخرين (1) ثم قال: " لا يتابع عليهما ".
ثم إن فى الحديث إرسالا لم أر من نبه عليه , فإنه من رواية عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده , فجده إنما هو محمد بن
__________عمرو بن حزم , قال الحافظ فى " التقريب ": " له رؤية , وليس له سماع إلا من الصحابة "
فجعل المصنف الحديث من مسند عمرو بن حزم وهم منه.
والحديث سكت عليه الحافظ فى " التلخيص " (168)
وقد وجدت له شاهدا بلفظ: " من عزى أخاه المؤمن فى مصيبة , كساه الله حلة خضراء يحبر بها. قيل: ما يحبر بها؟ قال: يغبط بها ".
أخرجه الخطيب (7/397) وابن عساكر (15/91/1) عن قدامة بن محمد حدثنا أبى عن بكير بن عبد الله الأشج عن ابن شهاب عن أنس مرفوعا.
وهذا سند رجاله ثقات غير محمد والد قدامة وهوالأشجعى , فلم أجد له ترجمة.
وقد رواه ابن أبى شيبة (4/164) عن أبى مودود عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: فذكره موقوفا عليه.
قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات , وأبو مودود هذا اسمه عبد العزيز ابن أبى سليمان , وابن كريز تابعى , فالحديث مرسل جيد , وهو وإن كان موقوفا عليه , فإنه فى حكم المرفوع فإنه مما لا يقال من قبل الرأى , لا سيما , وقد روى مرفوعا عن أنس كما رأيت , فالحديث بمجموع الطريقين حسن عندى , والله أعلم.
وروى الترمذى (1/200) من طريق أم الأسود عن منية بنت عبيد بن أبى برزة عن جدها أبى برزة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عزى ثكلى كسى بردا فى الجنة ". وقال: " حديث غريب , وليس إسناده بالقوى ".
(1) وقول الحافظ في " التهذيب ": أحدهما الذى أخرجه ابن ماجة فى " التعزية بالميت " وهم منه , فليس هذا الحديث أحدهما.
الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني
المرجع : الشاملة
(765) - (عن ابن مسعود مرفوعا: " من عزى مصاباً فله مثل أجره ". " رواه ابن ماجه والترمذى وقال: غريب ".
* ضعيف.
رواه الترمذى (1/199) وابن ماجه (1602) والبيهقى (4/59) والخطيب (4/25 , 450 ـ 451) من طرق عن على بن عاصم حدثنا محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود به.
وقال الترمذى: " حديث غريب , لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث على بن عاصم , وروى بعضهم من محمد ابن سوقة بهذا الإسناد مثله موقوفا ولم يرفعه. ويقال: أكثر ما ابتلى به على بن عاصم بهذا الحديث , نقموا عليه ".
وقال البيهقى: " تفرد به على بن عاصم , وهو أحد ما أنكر عليه , وقد روى عن غيره , والله أعلم ".
وذكر الخطيب نحوه ثم قال (11/453 ـ 454) : " قلت: وقد روى حديث ابن سوقة عبد الحكيم بن منصور مثل ما رواه على بن عاصم , وروى كذلك عن سفيان الثورى وشعبة وإسرائيل ومحمد بن الفضل بن عطية وعبد الرحمن بن مالك بن مغول والحارث بن عمران الجعفرى كلهم عن ابن سوقة , وقد ذكرنا أحاديثهم فى مجموعنا لحديث محمد بن سوقة , وليس شىء منها ثابتا ".
قلت: وحديث الثورى أخرجه تمام فى " الفوائد " (ق 191/2) والعقيلى فى " الضعفاء " (299) وأبو نعيم (5/9) من طريق حماد بن الوليد الكوفى عنه وقال أبو نعيم: " تفرد به عنه حماد ".
قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 168) : " وهو ضعيف جدا , وكل المتابعين لعلى بن عاصم أضعف منه بكثير ".
وحديث شعبة أخرجه تمام والعقيلى وابن الأعرابى فى " المعجم " (1/83/1) وأبو نعيم (5/9 , 7/164) من طريق نصر بن حماد حدثنا شعبة به.
وقال أبو نعيم: " تفرد به عنه نصر ".
قلت: وهو واهٍجدا , قال ابن معين: كذاب , وقال النسائى: " ليس بثقة ".
وحديث عبد الحكيم بن منصور أخرجه تمام وابن الأعرابى (37/1 و38/2 و191/2) وعبد الحكيم متروك , كذبه ابن معين كما فى " التقريب ".
وحديث إسرائيل أخرجه الخطيب (11/451) من طريقين عن أبى بكر الشافعى: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الدينورى حدثنا إبراهيم بن مسلم الخوارزمى (وفى رواية: الوكيعى) قال: حضرت وكيعا وعنده أحمد بن حنبل , وخلف المخرمى , فذكروا على بن عاصم , فقال خلف: إنه غلط فى أحاديث , فقال وكيع: وما هى؟ فقال: حديث محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: " من عزى مصابا فله مثل أجره " فقال وكيع: حدثنا قيس بن الربيع عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله. قال وكيع: وحدثنا إسرائيل بن يونس عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله عن النبى
صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وهذه متابعة قوية إذا صح السند إليها فإن إسرائيل بن يونس ثقة من رجال الشيخين , وقيس بن الربيع صدوق سىء الحفظ , وبقية الرجال ثقات معروفون , إلا الدينورى فهو مترجم فى " تاريخ بغداد " (5/432) وقال: " حدث أحاديث مستقيمة , وذكره الدارقطنى فقال: صدوق ". وإلا إبراهيم بن مسلم الخوارزمى فأورده الحافظ فى " اللسان " وقال: " يغرب , قاله ابن حبان ".
وبقية المتابعات التى ذكرها الخطيب أخرج بعضها تمام والعقيلى وقال: " لم يتابع على بن عاصم عليه ثقة ". ولذلك قال الحافظ بعد أن ذكرها: " وليس فيها رواية يمكن التعلق بها إلا طريق إسرائيل , فقد ذكرها صاحب الكمال من طريق وكيع عنه , ولم أقف على إسنادها بعد ".
قلت: قد وقفنا على إسنادها والحمد لله , وقد عرفت أن راويها عن وكيع لم يوثقه أحد غير ابن حبان مع قوله فيه " يغرب " فمثله لا يحتج به. والله أعلم.
وللحديث شاهد من رواية على بن يزيد الصدائى عن محمد بن عبيد الله عن أبى الزبير عن جابر رفعه.
أخرجه ابن عدى (ق 281/2) وقال: " لا أعلم رواه عن محمد بن عبيد الله غير على بن يزيد ".
قلت: وهذا ضعيف , والذى قبله وهو العرزمى متروك فلا يعتد بهذا الشاهد.
وجملة القول: أن الحديث ضعيف , ليس فى شىء من طرقه ما يمكن أن يعتمد عليه فى تقويته , ولكنه لا يبلغ أن يكون موضوعا كما زعم ابن الجوزى , وقد رد عليه المحققون ذلك. وذكر أقوالهم السيوطى فى " اللآلىء المصنوعة " (2/421 ـ 425) وأطال فى ذلك. وانتهى إلى ما قاله الحافظ صلاح الدين العلائى مما خلاصته: " إن الحديث بطرقه يخرج عن أن يكون ضعيفا واهيا , فضلا عن أن يكون موضوعا " والله أعلم.
الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني
المرجع : الشاملة