تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    يقول الشيخ عبدالله بن جبرين على شرح الطحاوية-قال المؤلف: [وهذه حال كثير من الناس من الذين ولدوا على الإسلام، يتبع أحدهم أباه فيما كان عليه من اعتقاد ومذهب وإن كان خطأ ليس هو فيه على بصيرة، بل هو من مسلمة الدار لا مسلمة الاختيار، وهذا إذا قيل له في قبره: من ربك؟ قال: هاه .. هاه .. لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته.فليتأمل اللبيب هذا المحل، ولينصح نفسه، وليقم لله، ولينظر من أي الفريقين هو؟ والله الموفق.فإن توحيد الربوبية لا يحتاج إلى دليل، فإنه مركوز في الفطر، وأقرب ما ينظر فيه المرء أمر نفسه لما كان نطفة، وقد خرج من بين الصلب والترائب -والترائب: عظام الصدر- ثم صارت تلك النطفة في قرار مكين في ظلمات ثلاث، وانقطع عنها تدبير الأبوين وسائر الخلائق، ولو كانت موضوعة على لوح أو طبق واجتمع حكماء العالم على أن يصوروا منها شيئاً لم يقدروا ، ومحال توهم عمل الطبائع فيها لأنها موات عاجزة ولا توصف بحياة، ولن يتأتى من الموات فعل وتدبير. فإذا تفكر في ذلك، وانتقال هذه النطفة من حال إلى حال؛ علم بذلك توحيد الربوبية، فانتقل منه إلى توحيد الإلهية، فإنه إذا علم بالعقل أن له رباً أوجده؛ كيف يليق به أن يعبد غيره؟ وكلما تفكر وتدبر ازداد يقيناً وتوحيداً، والله الموفق؛ لا رب غيره ولا إله سواه!].
    وجوب البحث عن الحق على كل عاقل
    ذكر أن الإنسان عادة ما يتبع ما عليه آباؤه ومجتمعه، ولكن لا يكون ذلك حجة له، ولا يكون معذوراً بذلك، فالذين قالوا: إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [الأعراف:173] يقال: لا نهلككم بفعلهم، بل كلٌ يعذب بذنبه؛ فآباؤكم عليهم ذنوب وأنتم عليكم ذنوب، وأبناؤكم عليهم ذنوبهم التي اقترفوها وعملوها، ولو كان السبب أو المضل هو الأول.وذلك لأن الله تعالى فطر العباد على معرفته، والواجب عليهم أن يتأملوا ما فطروا عليه، وأن يتعقلوا خلقه، وأن يتعقلوا هذا الكون الذي بين أيديهم، وأن يتفكروا في مخلوقات الله تعالى، ومنه يخرجون إلى نتيجة وهي توحيد الربوبية، وهو أن هذا الكون له رب خالق مدبر، وأنه لم يخلق عبثاً كما في قوله تعالى: أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى [القيامة:36] يعني: مهملاً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:37-40].يعني: يتدبر الإنسان مبدأ أمره ومبدأ تكوينه، وهو أنه قد كان في صلب أبيه، ثم خرج واستقر في رحم أمه، كما في قوله تعالى: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ [المرسلات:20-22] جعله الله في قرار مستقر لا تصل إليه الأيدي، ولا تعمل فيه الطبائع، ولا تقدر عليه الحيل. انقطعت عنه التدابير، فأخرجه الله بعد أن كوّنه بشراً سوياً كما في قوله تعالى: أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا [الكهف:37] وقال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [غافر:67] يعني: أطفالاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا [غافر:67] ، فهذا التدبير وهذا التنقل ليس للطبيعة فيه مجال، بل الترتيب والتربية هي خلق الله وتدبيره وتكوينه.فإذا عرف الإنسان هذا الكون وأنه لا بد له من مدبر وخالق ومتصرف، استقر بذلك توحيد الربوبية في عقله، وعرف أن له رباً، ثم بعد ذلك يتنقل من تفكير إلى تفكير فيقول:ما دام أن لهذا الكون رباً وخالقاً ومدبراً فإن لهذا الرب الخالق المدبر حقوقاً علينا! فما هي تلك الحقوق؟هي أن نعبده وحده، وأن نقر به إلهاً، وأن نصرف له حقوقه التي فرضها علينا وبعد أن يسأل عن هذه الحقوق ويعرفها، فإذا عرف التزم بالتقرب بها، والتزم بأن يعبد الله بها، وأن يحرص على الاستسلام لله، وبذلك يكون من أهل السعادة. فكونه يقنع بما كان عليه آباؤه من الكفر والضلال والبدع والشرك والخرافات التي تمجها الأسماع وتنكرها الطباع ويقول: هكذا وجدت أبي! يقال: هذا خطأ! لماذا لم تسأل عن الحق؟ أترضى أن تكون مقلداً لا تدري ما الناس فيه؟! هؤلاء الذين يتبعون الناس ويتبعون ما هم عليه من خطأ؛ هم الذين إذا سئلوا في القبر: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ يقول أحدهم: هاه .. هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فيعذبون في قبورهم على هذه المقالة، ولا ينفعهم أنهم سمعوا الناس وأنهم قلدوا الناس، بل الواجب على العاقل من حيث هو أن يستعمل عقله في معرفة خالقه ومدبره، وألّا يرضى بما الناس عليه دون أن يمحص تلك الأقوال والأعمال التي يعملها الناس، ودون أن يعرف الحق أو يبحث عنه؛ فإنه إذا بحث عن الحق عرفه، وإذا عرفه لزمه العمل به، وإذا لزمه العمل به وأداه كما ينبغي سعد وأصبح من أهل الخير.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    ايمان المقلد --قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه على "ثلاثة الأصول":(.. معرفة العبد ربه، ومعرفة العبد دينه، ومعرفة العبد نبيه، هذا واجب فمثل هذا العلم لا ينفع فيه التقليد، واجب فيه أن يحصله العبدُ بدليله، والعبارة المشهورة عند أهل العلم: أن التقليد لا ينفع في العقائد, بل لابد من معرفة المسائل التي يجب اعتقادها بدليلها, هذا الدليل أعم من أن يكون نصا من القرآن, أو من سنة, أو من قول صاحب, أو من إجماع, أو قياس, وسيأتي تفصيل الدليل إن شاء الله تعالى في موضعه. التقليد هذا لا يجوز في العقائد عند أهل السنة والجماعة, وكذلك لا يجوز عند المبتدعة من الأشاعرة والماتريدية والمتكلمة، لكن ننتبه إلى أن الوجوب عند أهل السنة يختلف عن الوجوب عند أولئك في هذه المسألة، والتقليد عند أهل السنة يختلف عن التقليد عند أولئك, فأولئك يرون أن أول واجب هو النظر, فلا يصح الإيمان إلا إذا نظر، ويقصدون بالنظر؛ النظر في الآيات المرئية؛ في الآيات الكونية، ينظر إلى السماء، يستدل على وجود الله جل وعلا بنظره، أما أهل السنة فيقولون يجب أن يأخذ الحق بالدليل, وهذا الدليل يكون بالآيات المتلوّة, أولئك يحيلون على الآيات الكونية المرئية بنظرهم, بنظر البالغ، وأما أهل السنة فيقولون لابد من النظر في الدليل، لا لأجل الاستنباط، ولكن لأجل معرفة أن هذا قد جاء عليه دليل، في أي المسائل؟ في المسائل التي لا يصح إسلام المرء إلا به؛ مثل معرفة المسلم أن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة دون ما سواه، هذا لابد أن يكون عنده برهان عليه، يعلمه في حياته, ولو مرة، يكون قد دخل في هذا الدين بعد معرفةٍ الدليل, ولهذا كان علماؤنا يعلمون العامة في المساجد)
    الى ان قال-----( هذه الرسالة صنفت لبيان الأصول الثلاثة؛ ألا وهي مسائل القبر؛ من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ والجواب عليها في هذه الرسالة، بل إن هذه الرسالة من هذا الموضع إلى آخرها جواب على هذه الأسئلة الثلاث، فمن كان عالما بما في هذه الرسالة من بيان تلك الأصول العظام، كان حَرِيًّا أن يُثبت عند السؤال، ذلك لأنها قُرنت بأدلتها، وقد جاء في الحديث الذي في الصحيح أن من المسؤولين في القبر من يقول: ها, ها لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. استدل العلماء بقول هذا المفتون في قبره (سمعت الناس يقولون شيئا فقلته) على أن التقليد لا يصلح في جواب هذه المسائل الثلاث؛ جواب (من ربك؟) يعني من معبودك؟ جواب (ما دينك؟), جواب (من نبيك؟) ولهذا يذكر الشيخ الإمام رحمه الله تعالى بعد كل مسألة مما سيأتي، يذكر الدليل من القرآن، وقد بينا في أول هذا الشرح؛ أن المؤمن يخرج من التقليد، ويكون مستدلا بما يعلمه، ويعتقده من هذه المسائل بالحق، إذا علم الدليل عليها مرة في عمره، ثم اعتقد ما دل عليه الدليل، فإن استقام على ذلك حتى موته، فإنه يكون مؤمنا؛ يعني مات على الإيمان؛ لأن استمرار استحضار الدليل والاستدلال لا يُشترط، لكن الذي هو واجب أن يكون العبد في معرفته للحق في جواب هذه المسائل الثلاث، أن يكون عن دليل واستدلال ولو لِمرّة في عمره) ---------
    قول المصنف الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-

    في رسالة " ثلاثة الأصول" :
    [ الأولى: العلم: وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام
    بالأدلة ]

    قال الشَّيخ سليمان الرحيلي: " قوله -رحمه الله-: "بالأدلة" يرجع إلى الثلاث المعارف: إلى معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام، فيجب أن تكون معرفتك لله بالأدلة لا بالتقليد المحض الَّذي لا ينتج اعتقادا، وهنا - مسألتان يجب فقههما حتى لا تزل القدم في هذا الباب:
    المسألة الأولى: هي مسألة وجوب أن يتعلم المكلف هذه الأمور بالأدلة وعدم جواز التقليد فيها، وهذه المسألة عند علمائنا تعرف بمسألة الطريق.
    والمسألة الثانية: مسألة حكم من قلد في هذه الأمور هل يصح اعتقاده أو لا يصح؟ وهذه تعرف عند علمائنا بمسألة الغاية، فالإعتقاد له طريق والإعتقاد هو الغاية.

    المسألة الأولى وهي: هل يجوز للمسلم أن يأخذ هذه الأمور بالتقليد؟
    فأقول:
    الذي عليه جمهور العلماء وجمهور أهل الحديث أنه لا يجوز تعلم المسائل الكبار بطريق التقليد بل تعلمها بالأدلة فرض عين، فيجب على كل مسلم أن يطلب علمها بالأدلة.

    وأما
    المسألة الثانية وهي: ما الحكم لو أن مسلما قلد في هذه الأمور ولم يتعلم ؟ أخذ ذلك عن العلماء بالتقليد أو أخذ ذلك عن أهله بالتقليد ولم يتعلم. نقول: التقليد هنا -كما ذكر العلماء- له حالتان:

    الحالة الأولى
    : أن لا يُنتج اعتقادا، ولكن الإنسان يردد ما يردده الناس من غير اعتقاد، وهذا لا ينفع كما جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.

    والحالة الثانية:أن يُنتج اعتقادا،[صحيحا] فيعتقد ذلك اعتقادا جازما، وهذا عند أهل السنة والجماعة يصح اعتقاده وهو مسلم خلافا للمعتزلة، المعتزلة يقولون لا يصح اعتقاده إلَّا إذا كان عن طريق الأدلة العقلية، أما أهل السنة والجماعة فيقولون:
    من اعتقد اعتقادا صحيحا جازما صح اعتقاده ولو كان ذلك بطريق التقليد.

    إذن هما مسألتان لا نخلط بينهما، مسألة التعلم شيء ومسألة الاعتقاد شيء آخر، ولذلك الإمام السفّاريني في منظومته ذكر المسألتين فقال:
    وكل ما يطلب فيه الجزمُ ... فمنع تقليد بذاك حتمُ

    يعني لا يجوز أن يُطلب بالتقليد، ثم قال في المسألة الثانية:
    فالجازمون من عوام البشرْ .... فمسلمون عند أهل الأثرْ

    يعني: العوام الذين أخذوا ذلك بالتقليد وجزموا فهم مسلمون عند أهل السنة والجماعة، يجب أن نعلم هذا حتى لا نخطئ في فهم المسائل.
    شيخ الإسلام عمّ يتكلم الآن؟ يتكلم عن العلم، عن التعلم،
    إذن هو يتكلم عن المسألة الأولى ولم يتكلم عن مسألة الاعتقاد، فيجب على كل مسلم أن يعرف ربه بالأدلة فإن لم يفعل ذلك أثم، فإن اعتقد بالتقليد وصح اعتقاده فهو مسلم عند أهل السنة والجماعة " اهـ.

    وللعلامة أبا بطين -رحمه الله- كلام له علاقة بما سبق قال فيه:
    " وقال أيضاً: فرضٌ على كل أحدٍ معرفة التوحيد، وأركان الإسلام بالدليل، ولا يجوز التقليد في ذلك؛ لكن العامي الذي لا يعرف الأدلة، إذا كان يعتقد وحدانية الرب سبحانه، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤمن بالبعث بعد الموت، والجنة والنار، ويعتقد أن هذه الأمور الشركية التي تفعل عند هذه المشاهد باطلة وضلال، فإذا كان يعتقد ذلك اعتقاداً جازماً لا شك فيه، فهو مسلم، وإن لم يترجم بالدَّليل، لأن عامة المسلمين ولو لقنوا الدليل فإنهم لا يفهمون المعنى غالباً ". [الدرر السنية 5/347] ------
    قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى في شرحه للعقيدة الواسطية ج2/117 مانصه :
    ( وتأمل قوله :" هاه ! هاه ! " كأن شيئا غاب عنه ؛ يريد أن يتذكره ، وهذا أشد في التحسر ؛ أن يتخيل أنه يعرف هذا الجواب ، ولكن يحال بينه وبينه ، ويقول : هاه! هاه! ، ثم يقول : سمعت الناس يقولون شيئا فقلته . ولا يقول : ربي الله ! ولا ديني الإسلام ! ولا نبيي محمد ! لإنه في الدنيا مرتاب شاك ! ) أ.هـ ----

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    لإنه في الدنيا مرتاب شاك ! ) أ.هـ ----
    روى البخاري ومسلم من حديث عِتبان -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : «إن الله قد حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله».

    قال شيخ الإسلام وغيره إن هذه الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها. كما جاءت مقيدة وقالها خالصًا من قلبه مستيقنًا بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين، فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة فمن شهد أن لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة لأن الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحًا فإذا مات على تلك الحال نال ذلك، فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة وما يزن خردلة وما يزن ذرة، وتواترت بأن كثيرًا ممن يقول لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها، وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله، وتواترت بأنه يحرم على النار من قال لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين ومن لا يعرف ذلك يخشى عليه أن يفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها، وأكثر من يقولها يقولها تقليدًا وعادة لم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث »سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته« وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم وهم أقرب الناس من قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} [سورة الزخرف: 23] وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصرًا على ذنب أصلاً، فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء فإذًا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله ولا كراهية لما أمر الله وهذا هو الذي يحرم على النار وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإن هذا الإيمان وهذه التوبة وهذا الإخلاص وهذه المحبة وهذا اليقين لا تترك له ذنبًا إلا يمحى كما يمحى الليل بالنهار. انتهى كلامه رحمه الله


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    --لا بالتقليد المحض الَّذي لا ينتج اعتقادا، ----
    يقول الشيخ صالح ال الشيخ -ثم قال (فإن عمل بالتوحيد عملاً ظاهرًا وهو لا يفهمه ولا يعتقده بقلبه فهو منافق) لأن الإيمان كما ذكرنا بتوحيد الإلهية ثلاثة أقسام لابد منها مجتمعة اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان، فإن هو عمل بالتوحيد عملا ظاهرا موافق للناس؛ لكنه لا يعتقد ذلك بقلبه لا يعتقد أن هذا حق وأن ما عليه أهل الشرك هو الباطل، لا يعرف الطاغوت ولم يكفر به؛ يعني لم يتبرأ من عبادة غير الله جل وعلا، فهذا حاله كحال المنافقين؛ لأنه أحسن الظاهر وفي الباطن لم يقم شرط الباطن وهو العلم، المنافق في الباطن مخالف ففاته شرط الاعتقاد؛ لأنه اعتقد اعتقادا مخالفا، وهذا الذي عمل بالتوحيد عملا ظاهرا ولا يفهمه في الباطن ولا يعتقده، هذا فاته أن يكون في الباطن معتقدا للحق أصلا، لم يعتقد خلافه لكنه لم يعتقد الحق وإنما يفعله كما يفعله أهل بلده، فهذا منافق أيضا، قال (وهو شر من الكافر الخالص: ?إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ?[النساء:145].) لأن حاله حال أهل النفاق عمل شيئا بلا قصد، عمل شيئا بحركة آلة دون اعتقاد، [شرح كشف الشبهات لصالح ال الشيخ]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,181

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    قال الشَّيخ سليمان الرحيلي: " قوله -رحمه الله-: "بالأدلة" يرجع إلى الثلاث المعارف: إلى معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام، فيجب أن تكون معرفتك لله بالأدلة لا بالتقليد المحض الَّذي لا ينتج اعتقادا،


    قال ابن عبد البر وغيره من العلماء : أجمع الناس على أن المقلد ليس معدوداً في أهل العلم، وأن
    العلم معرفة الحق بدليله
    .

    اذا كان العلم هو معرفة الحق بالدليل . و كان الواجب على المسلم معرفة الاصول التي لا يصح اسلامه الا بها . فهو مطالب بالعلم بهذه الاصول لا بمجرد الاعتقاد . فاذا صح ان التقليد لا ينتج علما بل قد ينتج اعتقادا . و المسلم مطالب بالعلم بهذه الاصول لا بمجرد الاعتقاد .

    فهل يصح ان ننفي عن المقلد العلم بالامور التي قلد فيها ؟

    و هل يقبل الاعتقاد هنا ام لا بد من العلم . لان المطلوب العلم و المعرفة و قد حكى ابن عبد البر الاجماع على ان ذلك لا يكون الا عن معرفة بالدليل ؟

    كذلك تصديق الرسول صلى الله عليه و سلم في اخباره و طاعته في اوامره من مقتضى الشهادة له بالرسالة .
    و لا يتصور ذلك الا بوصول الخبر الى المصدق المطيع و لو بالمعنى .

    و الله اعلم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    . و المسلم مطالب بالعلم بهذه الاصول لا بمجرد الاعتقاد .

    فهل يصح ان ننفي عن المقلد العلم بالامور التي قلد فيها ؟

    و هل يقبل الاعتقاد هنا ام لا بد من العلم . لان المطلوب العلم و المعرفة و قد حكى ابن عبد البر الاجماع على ان ذلك لا يكون الا عن معرفة بالدليل ؟



    و الله اعلم
    هنا امر آخر اخى الكريم الطيبونى- وهو ان العلم بالتوحيد يعرف بطرق متعددة منها -العقل -الفطرة -الايات الافاقية - -و والادلة السمعية - وغيرها من الادلة--- يقول شيخ الاسلام بن تيمية--- (( إن الإقرار والاعتراف بالخالق فطري ضروري في نفوس الناس، وإن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة )-- ولهذا كان أكثر الناس على أن الإقرار بالصانع ضروري فطري وذلك أن اضطرار النفوس إلى ذلك أعظم من اضطرارها إلى ما لا تتعلق به حاجتها ألا ترى أن الناس يعرفون من أحوال من تتعلق به منافعهم ومضارهم كولاة أمورهم ومماليكهم وأصدقائهم وأعدائهم مالا يعلمونه من أحوال من لا يرجونه ولا يخافونه ولا شيء أحوج إلى شيء من المخلوق إلى خالقه فهم يحتاجون إليه من جهة ربوبيته إذ كان هو الذي خلقهم وهو الذي يأتيهم بالمنافع ويدفع عنهم المضار: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ
    وكل ما يحصل من أحد فإنما هو بخلقه وتقديره وتسبيبه وتيسيره وهذه الحاجة التي توجب رجوعهم إليه حال اضطرارهم كما يخاطبهم بذلك في كتابه وهم محتاجون إليه من جهة ألوهيته فإنه لا صلاح لهم إلا بأن يكون هو معبودهم الذي يحبونه ويعظمونه ولا يجعلون له أندادا يحبونهم كحب الله بل يكون ما يحبونه سواه كأنبيائه وصالحي عباده إنما يحبونهم لأجله كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار)) (29) ومعلوم أن السؤال والحب والذل والخوف والرجاء والتعظيم والاعتراف بالحاجة والافتقار ونحو ذلك مشروط بالشعور بالمسئول المحبوب المرجو المخوف المعبود المعظم الذي تعترف النفوس بالحاجة إليه والافتقار الذي تواضع كل شيء لعظمته واستسلم كل شيء لقدرته وذل كل شيء لعزته فإذا كانت هذه الأمور مما تحتاج النفوس إليها ولا بد لها منها بل هي ضرورية فيها كان شرطها ولازمها وهو الاعتراف بالصانع به أولى أن يكون في النفوس وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((كل مولود يولد على الفطرة)) (30) ويروي عن ربه: ((خلقت عبادي حنفاء)) (31) ونحو ذلك لا يتضمن مجرد الإقرار بالصانع فقط بل إقرارا يتبعه عبودية لله بالحب والتعظيم وإخلاص الدين له وهذا هو الحنيفية وأصل الإيمان قول القلب وعمله أي علمه بالخالق وعبوديته للخالق والقلب مفطور على هذا وهذا وإذا كان بعض الناس قد خرج عن الفطرة بما عرض له من المرض إما بجهله وإما بظلمه فجحد بآيات الله واستيقنتها نفسه ظلما وعلوا لم يمتنع أن يكون الخلق ولدوا على الفطرة ---]درئ تعارض العقل والنقلٍ--------ويقول بن القيم رحمه الله-النور على النور نور الفطرة الصحيحة والادراك الصحيح ونور الوحي والكتاب فينضاف أحد النورين إلى الآخر فيزداد العبد نورا على نور ولهذا يكاد ينطق بالحق والحكمة قبل أن يسمع ما فيه بالأثر ثم يبلغه الأثر بمثل ما وقع في قلبه ونطق به فيتفق عنده شاهد العقل والشرع والفطرة والوحي فيريه عقله وفطرته وذوقه الذي جاء به الرسول هو الحق لا يتعارض عنده العقل والنقل البتة بل يتصادقان ويتوافقان فهذا علامة النور على النور -[اجتماع الجيوش الاسلامية -]------------وبتعريف الايمان بالله يتبين ما هى الغاية المطلوبة من العبد- الايمان - هو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى هو رَبُّ كلِّ شيء ومَلِيكُه، ، وأنه هو الذي يستحق العبادة وافراده وعبادته سبحانه دون سواه، وأنه سبحانه له الأسماء الحسنى و الصفات العُلى،--يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وهذا التوحيد هو الفارق بين الموحدين والمشركين، وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة، فمن لم يأت به كان من المشركين .----- التقليد في الجملة مذموم باتفاق العلماء، والتقليد هو قبول قول الغير ما سوى الكتاب والسنة وإجماع أهل الحق، أما من دان بما جاء عن الله ، وبما جاء عن رسول الله ، فهذا ليس مقلداً بل متبعاً لما أمره الله يستحق الثواب على ذلك. فمورد الإجماع هو في الذي يدين بدين آبائه وأجداده وإذا وجد دين الله مخالفاً لدين أسلافه، ترك دين الله واتبع أسلافه، فهذا هو الذى قال فيه جل وعلا -إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون -----------
    فهل يصح ان ننفي عن المقلد العلم بالامور التي قلد فيها ؟

    و هل يقبل الاعتقاد هنا ام لا بد من العلم
    -تعريف العلم اخى الكريم الطيبونى-- هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً أو هو الاعتقاد الجازم المطابق للحق-فاذا اعتقد الحق اعتقادا جازما كانت هذه هى الغاية المطلوبة وان اختلف الطريق اليها-- ولكن من جهة اليقين هل يستوى المقلد مع العالم -لايستوون

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,181

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    تعريف العلم -- هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً أو هو الاعتقاد الجازم المطابق للحق-فاذا اعتقد الحق اعتقادا جازما كانت هذه هى الغاية المطلوبة وان اختلف الطريق اليها-


    نعم لكن هذا الادراك لا بد ان يكون عن دليل كما ذكر ابن عبد البر . و الدليل يكون اعم كما ذكرت انت اخي الكريم .

    فالمقلد يحصل بتقليده اعتقاد . و لا يحصل علم . لذا فارقه المتبع في ذلك
    و الكلام كله مبني على ما نقله ابن عبد البر . في تعريفه للعلم و انه معرفة الحق بدليله
    و لا يمكن ان يكون التقليد دليلا للعلم و المعرفة و ان كان دليلا للاعتقاد

    فلا يمكن لاحد ان يقول ان المقلد حصل له علم بتقليده . لانه قبل قول غيره بلا حجة و لا برهان
    فاذا كان المطلوب العلم فذلك لا يحصل عن تقليد
    و ان كان المطلوب الاعتقاد الصحيح فيمكن ان يحصل ذلك بالتقليد

    و الله اعلم



  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    فلا يمكن لاحد ان يقول ان المقلد حصل له علم بتقليده .
    فاذا كان المطلوب العلم فذلك لا يحصل عن تقليد
    بل يمكن ذلك اخى الكريم الطيبونى - ولتوضيح هذه المسألة اخى الكريم الطيبونى لابد من الكلام اولا على حقيقة الايمان--الايمان عند اهل السنة قول وعمل--قول القلب وعمله وقول اللسان وعمل الجوارح -لأن الإيمان بتوحيد الإلهية كما ذكرنا - ثلاثة أقسام - لابد منها مجتمعة -اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان،-لذلك قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب -لا خلاف أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلمًا، --وما يهمنا الان هو قول شيخ الاسلام فى كشف الشبهات --وترى من يعمل به ظاهرًا لا باطنًا فإذا سألته عمّا يعتقد بقلبه فإذا هو لا يعرفه-----------فهذا اختل عنده ركن من الايمان وهو قول القلب--لان تعريف اهل السنة لقول القلب-- يشمل ثلاثة اشياء- التصديق والعلم واليقين الجازم--وهذا يختل بالشك والريب اوالجهل وعدم الفهم يعنى فهم القلب--فالجاهل للتوحيد والشاك والمرتاب هؤلاء يفتنون فى قبورهم اذا كانو يعملون بالتوحيد ظاهرا فيقول له الملك من ربك فيقول لا ادرى فيقول له الملك لا دريت ولا تليت لانه كان فى الباطن شاكا مرتابا او جاهلا لم يعرف قلبه التوحيد --لذلك قال الشيخ صالح فيما نقلته سابقا--وهذا الذي عمل بالتوحيد عملا ظاهرا ولا يفهمه في الباطن ولا يعتقده، هذا فاته أن يكون في الباطن معتقدا للحق أصلا، لم يعتقد خلافه لكنه لم يعتقد الحق وإنما يفعله كما يفعله أهل بلده، فهذا منافق أيضا، قال (وهو شر من الكافر الخالص: ?إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ?[النساء:145].) لأن حاله حال أهل النفاق عمل شيئا بلا قصد، عمل شيئا بحركة آلة دون اعتقاد-----هذا الكلام فى الشاك والمرتاب والجاهل-----------نرجع الى قاعدة اهل السنة فى حقيقة الايمان لنطبق هذا الكلام--قلنا ان الايمان قول وعمل -وما يهمنا الآن هو قول القلب- ما معناه- معناه الاعتقاد الجازم-فاذا كان اعتقادا جازما صحيحا فهذا هو الاعتقاد والركن المطلوب فى حقية الايمان-ولكن ما هو حقيقة قول القلب -قول القلب يتضمن التصديق والعلم واليقين -فيختل هذا الركن بضد العلم واليقين والتصديق يعنى يختل بالجهل والشك والتكذيب-- فمثلا فالجاهل بالتوحيد اختل عنده ركن قول القلب لان الجهل ينافى علم القلب ويقينه-كذلك الشاك والمرتاب اختل عنده قول القلب لانه ينافى علم القلب ويقينه لذلك هؤلاء يفتنون فى قبورهم--لذلك قال شيخ الاسلام كما نقلت عنه سابقا--وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين ومن لا يعرف ذلك يخشى عليه أن يفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها، وأكثر من يقولها يقولها تقليدًا وعادة لم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث »سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته« وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم------السؤال هنا-لِمَا يفتتن فى قبره ؟ لانه لا يقولها عن علم ويقين-- يعنى تخلَّف عنده قول القلب-الذى هو اليقين والعلم الجازم المنافى للشك والريب----والآن يمكن الاجابة على سؤلك اخى الكريم الطيبونى-
    فلا يمكن لاحد ان يقول ان المقلد حصل له علم بتقليده
    الجواب - بل يمكن اخى الكريم- فالمقلد حصل له علم بتقليده والا فمن اين اتى له الاعتقاد الجازم وهو قول القلب المتضمن للعلم واليقين-- إتى له العلم من تقليده لاهل الحق فى اعتقادهم الصحيح فانعقد قلبه جازم على هذا العلم الصحيح وان كان عن تقليدا لاهل الحق-لذلك فان المقلد مسلم صحيح الايمان عند اهل السنة - لانه اتى باركان الايمان قول القلب وعمل القلب وقول اللسان وعمل الجوارح-اتى بالاعتقاد الجازم الصحيح - والاعتقاد الجازم الصحيح يشمل علم القلب وان كان عن تقليد-فايمان المقلد صحيح لانه يقلد فى امر كما ذكرنا سابقا - قد فطره الله عليه -[ فطرة الله التى فطر الناس عليها] وقوله صلى الله فليه وسلم -كل مولود يولد على الفطرة ---------------------قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ...)) (6) الحديث :" فيه دلالة ظاهرة لمذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف أن الإنسان إذا اعتقد اعتقادا جازما لا تردد فيه كفاه ذلك وهو مؤمن من الموحدين ولا يجب عليه تعلم أدلة المتكلمين ومعرفة الله تعالى بها خلافا لمن أوجب ذلك وجعله شرطا في كونه من أهل القبلة وزعم أنه لا يكون له حكم المسلمين إلا به وهذا المذهب هو قول كثير من المعتزلة وبعض أصحابنا المتكلمين وهو خطأ ظاهر فإن المراد التصديق الجازم وقد حصل ولأن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بالتصديق بما جاء به صلى الله عليه وسلم ولم يشترط المعرفة بالدليل فقد تظاهرت بهذا أحاديث في الصحيحين يحصل بمجموعها التواتر بأصلها والعلم القطعي -انتهى -----------والتقليد الذي ذمه الله تعالى في كتابه هو كما في قوله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ [البقرة: 170] وقوله: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا ---
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    فاذا كان المطلوب العلم فذلك لا يحصل عن تقليد
    --
    حد العلم على الحقيقة أنه اعتقاد الشيء على ما هو به فقط وكل من اعتقد شيئا على ما هو به ولم يتخالجه شك فيه فهو عالم به وسواء كان عن ضرورة حس أو عن بديهة عقل أو عن برهان استدلالا و عن تيسير الله عز و جل له وخلقه لذلك المعتقد في قلبه ولا مزيد ولا يجوز البتة أن يكون محقق في اعتقاد شيء كما هو ذلك الشيء وهو غير عالم به وهذا تناقض وفساد وتعارض[درء تعارض العقل والنقل لشيخ الاسلام بن تيمية - الموسوعة الشاملة]
    - هذه هى خلاصة المسألة----------------------------------وقد استوفى شيخ الاسلام بن تيمية الكلام على ايمان المقلد فى درء تعارض العقل والنقل سناقله ان شاء الله فى المشاركات التالية لتتم الفائدة -ولكنه طويل جدا قد يشتت الموضوع ولم اقحم فى هذه المشاركة الا جملة واحدة منه متعلقة بالموضوع- -- ولكن بقراءة كلام شيخ الاسلام بتمامه تزول جميع الاشكالات فى هذه المسألة --ولله الحمد والمنة ان هدانا لما اختلف فيه من الحق باذنه

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    يقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله--فى درء التعارض-- تنازع النظار في المعرفة : هل تحصل ضرورة أو نظرا أو تحصل بهذا وهذا على ثلاثة أقوال فكذلك تنازعوا في مسألة وجوب النظر المفضي إلى معرفة الله تعالى على ثلاثة أقوال فقالت طائفة من الناس : إنه يجب على كل أحد وقالت طائفة : لا يجب على أحد وقال الجمهور : إنه يجب على بعض الناس دون بعض فمن حصلت له المعرفة او الإيمان عند من يقول : إنه يحصل بدون المعرفة بغير النظر لم يجب عليه ومن لم تحصل له المعرفة ولا الإيمان إلا به وجب عليه وذكر غير واحد أن هذا قول جمهور المسلمين كما ذكر ذلك أبو محمد بن حزم في كتابه المعروف ب الفصل في الملل والنحل فقال في مسألة : ( هل يكون مؤمنا من اعتقد الإسلام دون استدلال أم لا يكون مسلما إلا من استدل ؟ )
    قال : ( وذهب محمد بن جرير والأشعرية إلا أبا جعفر السمناني إلى أنه لا يكون مسلما إلا من استدل وإلا فليس مسلما )
    قال : ( وقال الطبري : من بلغ الاحتلام أو الإشعار من الرجال أو النساء أو بلغ المحيض من النساء ولم يعرف الله بجميع أسمائه وصفاته من طريق الاستدلال فهو كافر حلال الدم والمال : وقال إنه أذا بلغ الغلام أو الجارية سبع سنين وجب تعليمهما وتدريبهما على الاستدلال على كل ذلك )
    قال : ( وقالت الأشعرية : لا يلزمهما الاستدلال على ذلك إلا بعد البلوغ ) قال : وقال سائر أهل الإسلام : كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه وقال بلسانه : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن كل ما جاء به حق وبرىء من كل دين سوى دين محمد صلى الله عليه و سلم فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك
    قلت : القول الأول هو في الأصل معروف عمن قاله من القدرية والمعتزلة ونحوهم من أهل الكلام وإنما قاله من قاله من الأشعرية موافقة لهم ولهذا قال أبو جعفر السمناني : القول بإيجاب النظر بقية بقيت في المذهب من أقوال المعتزلة وهؤلاء الموجبون للنظر يبنون ذلك على أنه لا يمكن حصول المعرفة الواجبة إلا بالنظر لا سيما القدرية منهم فإنهم يمنعون أن يثاب العباد على ما يخلق فيهم من العلوم الضرورية وليس إيجاب النظر على الناس هو قول الأشعرية كلهم بل هم متنازعون في ذلك فقال الأشعري في بعض كتبه : ( قال بعض أصحابنا : أول الواجبات الإقرار بالله تعالى وبرسله وكتبه ودين الإسلام وقال أيضا : لو سأل سائل عمن ورد من الصين ورأى الاختلاف ماذا يلزمه ؟ فقال : عنه جوابان : أحدهما : أن يلزمه النظر ليعرف الحق فيتبعه
    والثاني : يلزمه اتباع الحق وقبول الإسلام ثم تصحيح المعرفة بالنظر والاستدلال على أقل ما يجزئه )
    وقد تنازع أصحابه وغيرهم في النظر في قواعد الدين : هل هو من فروض الأعيان أو من فروض الكفايات ؟ والذين لا يجعلونه فرضا على الأعيان منهم من يقول : الواجب هو الاعتقاد الجازم ومنهم من يقول : بل الواجب العلم وهو يحصل بدونه كما ذكر ذلك غير واحد من النظار من أصحاب الأشعرية وغيرهم ك الرازي و الآمدي وغيرهما
    والذين يجعلونه فرضا على الأعيان متنازعون : هل يصح الإيمان بدونه وتاركه آثم أم لا يصح ؟ على قولين والذين جعلوه شرطا في الإيمان أو أوجبوه ولم يجعلوه شرطا اكتفوا بالنظر الجملي دون القدرة على العبارة والبيان ولم يوجب العبارة والبيان إلا شذوذ من أهل الكلام

    ولا ريب أن المؤمنين على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم والصحابة والتابعين لم يكونوا يؤمرون بالنظر الذي ذكره أهل الكلام المحدث كطريق الأعراض والأجسام لكن هل يقال : مجرد الاعتقاد الجازم كان كافيا لهم ؟ أم لا بد من علم يحصل بالنظر ؟ أم يحصل علم ضروري بغير الطريقة النظرية ؟ فهذا مما تنوزع فيه
    قال ابن حزم : ( فاحتج من أوجب الاستدلال بالإجماع على أن التقليد مذموم وما لم يعرف بالاستدلال فهو تقليد ) ( قالوا والديانات لا يعرف حقها من باطلها بالحس لا يعلم إلا بالاستدلال ومن لم يحصل له العلم فهو شاك واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه و سلم فيما حكاه من المسؤول في قبره قال : [ فأما المؤمن - أو الموقن - فيقول : هو عبد الله ورسوله وأما المنافق أو المرتاب فيقول : لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ]
    وقال في الجواب : ( التقليد أخذ المرء قول من هو دون الرسول صلى الله عليه و سلم ممن لم يأمرنا الله باتباعه وأخذ قوله بل حرم علينا ذلك وأما أخذ قول الرسول صلى الله عليه و سلم الذي فرض الله تصديقه وطاعته فليس تقليدا بل إيمان وتصديق واتباع للحق و طاعة الله ورسوله )
    قال : ( فموه هؤلاء الذين أطلقوا على الحق - الذي هو اتباع الحق - اسم التقليد الذي هو باطل والقرآن إنما هو ذم فيه تقليد الآباء والكبراء والسادة في خلاف ما جاءت به الرسل وأما اتباع الرسل فهو الذي أوجبه لم يذم من اتبعهم أصلا )
    قال : ( وأما احتجاجهم بأنه لا تعرف الأشياء إلا بالدلائل وبأن ما لم يصح به دليل فهو دعوى ولا فرق بين الصادق والكاذب بنفس قولهما فإن هذا ينقسم قسمين فمن كان من الناس تنازعه نفسه إلى تصديق ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم حتى يسمع الدلائل فهذا فرض عليه طلب الدليل إلا أنه مات شاكا أو جاحدا قبل أن يسمع من البرهان ما تثلج به نفسه فقد مات كافرا وهو مخلد في النار بمنزلة من لم يؤمن ممن شاهد النبي صلى الله عليه و سلم حتى رأى المعجزات فهذا أيضا لو مات قبل أن يرى المعجزات مات كافرا بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام وإنما أوجبنا على من هذه صفته طلب البرهان لأن فرضا عليه طلب ما فيه نجاته من الكفر والقسم الثاني : من استقرت نفسه إلى تصديق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم وسكن قلبه إلى الإيمان ولم تنازعه نفسه إلى طلب دليل توفيقا من الله له وتيسيرا له لما خلق له من الخير والحسنى فهؤلاء لا يحتاجون إلى برهان ولا إلى تكليف استدلال وهؤلاء هم جمهور الناس من العامة والنساء والتجار والصناع والأكراه والعباد وأصحاب الحديث الأئمة الذين يذمون الكلام والجدل والمراء في الدين )
    قال : ( وهؤلاء هم الذين قال الله تعالى فيهم : { حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون * فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم }
    وقال تعالى : { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء }
    قال : ( فقد سمى الله راشدين القوم الذين زين الإيمان في قلوبهم وحببه إليهم وكره إليهم المعاصي فضلا منه ونعمة وهذا هو خلق الله الإيمان في قلوبهم ابتداء وعلى ألسنتهم ولم يذكر الله في ذلك استدلالا أصلا وليس هؤلاء مقلدين لآبائهم ولا لكبرائهم لأن هؤلاء مقرون بألسنتهم محققون في قلوبهم أن آباءهم ورؤساءهم لو كفروا لما كفروا هم بل كانوا يستحلون قتل آبائهم ورؤسائهم والبراءة منهم ويحسون من أنفسهم النفار العظيم عن كل من سمعوا منه ما يخالف الشريعة ويرون أن حرقهم بالنار أخف عليهم من مخالفة الإسلام )
    قال : ( وهذا أمر قد عرفناه من أنفسنا حسا وشاهدناه في ذواتنا يقينا فلقد بقينا سنين كثيرة لا نعرف الاستدلال ولا وجوهه ونحن - ولله الحمد - في غاية اليقين بدين الإسلام وكل ما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم وفي غاية سكون النفس إليه وفي غاية النفار عن كل ما يعترض فيه بشك وكانت تخطر في قلوبنا خطرات سوء في خلال ذلك ينبذها الشيطان فنكاد لشدة نفارنا عنها أن نسمع خفقان قلوبنا استبشاعا لها كما أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ سئل عن ذلك فقيل له : إن أحدنا ليجد في نفسه ما أن يقدم فتضرب عنقه أحب إليه من أن يتكلم به فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم بأن ذلك محض الإيمان وأخبر أنه وسوسة الشيطان ثم تعلمنا طرق الاستدلال وأحكمناها - ولله الحمد والمنة - فما زادنا يقينا على ما كنا بل عرفنا أننا كنا ميسرين للحق وصرنا كما عرف وقد أيقن يكون - الفيل سماعا ولم يره ثم رآه فلم يزدد يقينا بصحة إنيته أصلا لكن أرانا صحيح الاستدلال رفض بعض الآراء الفاسدة التي نشأنا عليها فقط )
    قال : وإن المخالفين لنا ليعرفون من أنفسهم ما ذكرنا إلا أنهم يلزمهم أن يشهدوا على أنفسهم بالكفر قبل استدلالهم ولا بد فصح بما قلنا أن كل من محض اعتقاد الحق بقلبه وقاله بلسانه فهم مؤمنون محققون ليسوا مقلدين أصلا وإنما كانوا مكذبين مقلدين لو أنهم قالوا واعتقدوا أننا إنما نتبع في الدين آباءنا وكبراءنا فقط ولو أن آباءنا وكبراءنا تركوا دين محمد صلى الله عليه و سلم لتركناه فلو قالوا هذا واعتقدوه لكانوا مقلدين كفارا غير مؤمنين لأنهم إنما اتبعوا آباءهم وكبراءهم الذين نهوا عن اتباعهم لم يتبعوا النبي صلى الله عليه و سلم الذي أمروه باتباعه )
    قال : ( وإنما علق الله الإتيان بالبرهان - إن كانوا صادقين - الكفار المخالفين لما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم وهذا نص الآية ولم يكلف قط المسلمين الإتيان بالبرهان ولا أسقط اتباعهم حتى يأتوا بالبرهان والفرق بين الأمرين واضح وهو أن كل من خالف النبي صلى الله عليه و سلم فلا برهان له أصلا فكلف المجيء بالبرهان تبكيتا وتعجيزا وإن كانوا صادقين - وليسوا صادقين - فلا برهان لهم وأما من اتبع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد اتبع الحق الذي قامت البراهين بصحته ودان بالصدق الذي قامت الحجة البالغة بوجوبه فسواء علم هو بذلك - أي البرهان - أو لم يعلم حسبه أنه على الحق الذي صح البرهان به ولا برهان على سواه فهو محق مصيب )
    قال : ( وأما قولهم : ما لم يكن علما فهو شك وظن والعلم هو اعتقاد الشيء على ما هو به عن ضرورة أو استدلال قالوا : والديانات لا تعرف صحتها بالحواس ولا بضرورة العقل فصح أنه لا تعرف صحتها إلا بالاستدلال فإن لم يستدل المرء فليس عالما وإذا لم يكن عالما فهو جاهل شاك أو ظان وإذا كان لا يعلم الدين فهو كافر قال : فهذا ليس كما قالوا لأنهم قضوا قضية باطلة فاسدة بنوا عليها هذا الاستدلال وهي إقحامهم في حد العلم قولهم عن ضرورة أو استدلال هذه زيادة فاسدة لا نوافقهم عليها ولا جاء بتصحيحها قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا لغة ولا طبيعة ولا قول صاحب وحد العلم على الحقيقة أنه اعتقاد الشيء على ما هو به فقط وكل من اعتقد شيئا على ما هو به ولم يتخالجه شك فيه فهو عالم به وسواء كان عن ضرورة حس أو عن بديهة عقل أو عن برهان استدلال أو عن تيسير الله عز و جل له وخلقه لذلك المعتقد في قلبه ولا مزيد ولا يجوز البتة أن يكون محقق في اعتقاد شيء كما هو ذلك الشيء وهو غير عالم به وهذا تناقض وفساد وتعارض )
    قال : وقول النبي صلى الله عليه و سلم في مساءلة الملك حجة عليهم لأن النبي صلى الله عليه و سلم إنما قال فيه : [ فأما المؤمن أو الموقن فيقول : هو رسول الله صلى الله عليه و سلم ] ولم يقل : فأما المستدل فحسبنا نور المؤمن الموقن كيف كان إيمانه ويقينه و [ قال صلى الله عليه و سلم : وأما المنافق أو المرتاب ] - ولم يقل : غير المستدل - فيقول : [ سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ] فنعم هذا هو قولنا لأن المنافق والمرتاب ليسا موقنين ولا مؤمنين وهذا مقلد للناس لا محقق فالخبر حجة عليهم كافية
    وأما قولهم : إن الله قد ذكر الاستدلال في غير موضع من كتابه وأمر به وأوجب العلم به والعلم به لا يكون إلا عن استدلال فهذا أيضا زيادة أقحموها وهي قولهم : وأمر به
    فهذا لا يجدونه أبدا ولكن الله ذكر الاستدلال وحض عليه ونحن لا ننكر الاستدلال بل هو فعل حسن مندوب إليه محضوض عليه كل من أطاقه لأنه مزيد من الخير وهو فرض على كل من لم تسكن نفسه إلى التصديق وإنما ننكر كونه فرضا على كل أحد لا يصح إسلام أحد دونه فهذا هو الباطل المحض
    وأما قولهم : إن الله أوجب العلم به فنعم
    وأما قولهم : والعلم لا يكون إلا عن استدلال فهذا هو الدعوى الكاذبة التي أبطلناها آنفا وأول بطلانها أنه دعوى بلا برهان )
    قال : ( فسقط قولهم إذ تعرى من البرهان وكان دعوى منهم مفتراه لم يأت بها نص قط ولا إجماع ونحن ذاكرون البراهين على بطلان قولهم يقال لمن قال : لا يكون مسلما إلا من استدل أخبرنا : متى يجب عليه فرض الاستدلال ؟ أقبل البلوغ أو بعده ؟ فأما الطبري فإنه أجاب بأن واجب قبل البلوغ قال ابن حزم : وهذا خطأ لأن من لم يبلغ ليس مكلفا ولا مخاطبا )
    قال : وأما لاأشعرية فإنهم أتوا بما يملأ الفم وتقشعر منها جلود أهل الاسلام وتصطك منه المسامع ويقطع ما بين قائلها وبين الله وهو أنهم قالوا : لا يلزم طلب الأدلة إلا بعد البلوغ ولم يقنعوا بهذه الجملة حتى كفونا المؤونة وصرحوا بما كنا نريد أن نلزمهم فقالوا غير مساترين : لا يصح إسلام أحد بأن يكون بعد بلوغه شاكا غير مصدق قال : وما سمعنا قط في الكفر والانسلاخ من الإسلام بأشنع من قول هؤلاء القوم : إنه لا يكون أحد مسلما حتى يشك في الله عز و جل وفي صحة النبوة وفي هل رسول الله صلى الله عليه و سلم صادق أو كاذب ؟ ولا سمع قط سامع في الهوس والمناقضة والاستخفاف بالحقائق بأقبح من قول هؤلاء : إنه لا يصح الإيمان إلا بالكفر ولا يصح التصديق إلا بالجحد ولا يوصل إلى رضا الله عز و جل إلا بالشك فيه وأن من اعتقد موقنا بقلبه ولسانه أن الله ربه لا إله إلا هو وأن محمد رسول الله وأن دين الله الذي لا دين غيره - فإنه كافر مشرك نعوذ بالله من الخذلان فوالله لولا خذلان الله - الذين هو غالب على أمره - ما انطلق لسان ذي مسكة بهذه العظيمة )

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    تعليق ابن تيمية
    قلت : هذا القول هو في الأصل من أقوال المعتزلة وقد أوجب أبو هاشم وطائفة معه الشك وجعلوه أول الواجبات ومن لم يوجبه من الموافقين على أصل القول قال إنه لابد من حصوله وإن لم يؤمر به
    وهذا بناء على أصلين : أحدهما : أن أول الواجبات النظر المفضي إلى العلم والثاني : أن النظر يضاد العلم فإن الناظر طالب للعلم فلا يكون في حال النظر عالما
    وكلا الأصلين باطل أما الأول فقد عرف الكلام فيه وأما الثاني فإن النظر نوعان : أحدهما : النظر المتضمن طلب الدليل وهو كالنظر في المسؤول عنه ليعلم ثبوته أو انتفاؤه كالنظر في مدعي النبوة : هل هو صادق أو كاذب ؟ والنطر في رؤية الله تعالى : هل هي ثابتة في الآخرة أم منتفية ؟ والنظر في النبيذ المسكر : أحلال هو أم حرام ؟
    فهذا الناظر طالب وهو في حال طلبه شاك وليس هذا النظر هو النظر المقتضي للعلم فإن ذلك هو النظر فيما يتضمن النظر فيه للعلم وهو النظر في الدليل كالنظر في الآية والحديث أو القياس الذي يستدل به فهذا النظر مقتض للعلم مستلزم له وذلك النظر مضاد للعلم مناف له
    ولما كان في لفظ ( النظر ) إجمال كثر اضطراب الناس في هذا المقام وتناقض من تناقض منهم فيوجبون النظر لأنه يتضمن العلم ثم يقولون : النظر يضاد العلم فكيف يكون ما يتضمن العلم مضادا له لا يجتمعان
    فمن فرق بين النظر في الدليل وبين النظر الذي هو طلب الدليل تبين له الفرق والنظر في الدليل لا يستلزم الشك في المدلول بل قد يكون في القلب ذاهلا عن الشيء ثم يعلم دليله فيعلم المدلول وإن لم يتقدم ذلك شك وطلب وقد يكون عالما به ومع هذا ينظر في دليل آخر لتعلقه بذلك الدليل فتوارد الأدلة على المدلول الواحد كثير لكن هؤلاء لزمهم المحذور لأنهم إنما أوجبوا عليه النظر فإذا أوجبوه لزم انتفاء العلم بالمدلول فيكون الناظر طالبا للعلم فيلزم أن يكون شاكا فصاروا يوجبون على كل مسلم : أنه لا يتم إيمانه حتى يحصل له الشك في الله ورسوله بعد بلوغه سواء أوجبوه أو قالوا : هو من لوازم الواجب
    ومن غلطهم أيضا أنه لو قدر أن المعرفة لا تحصل إلا بالنظر فليس من شرط ذلك تأخر النظر إلى البلوغ بل النظر قبل ذلك ممكن بل واقع فتكون المعرفة قد حصلت بذلك النظر وإن لم يكن واجبا كما لوتعلم الصبي أم الكتاب وصفة الصلاة قبل البلوغ فإن هذا التعلم يحصل به مقصود الوجوب بعد البلوغ والنظر إنما هو واجب وجوب الوسائل فحصوله قبل وقت وجوبه أبلغ في حصول المقصود ونظير ذلك : إن يتوضأ الصبي قبل البلوغ والبالغ قبل دخول وقت الصلاة فيحصل بذلك مقصود الوجوب بعد البلوغ والوقت
    والكلام في هذه المسألة له شعب كثيرة وقد تكلم عليها في غير هذا الموضع
    والمقصود هنا بيان طرق كثير من أهل العلم في تصديق الرسول صلى الله عليه و سلم وتحقيق هذه المسألة يتعلق بمسائل : منها : أن الاعتقاد الجازم بلا ضرورة ولا استدلال : هل يمكن أم لا ؟ وإذا أمكن : فهل يسمى علما أم لا ؟
    ومنها : أن لفظ ( الضرورة ) فيه إجمال فقد يراد به مايضطر إليه الإنسان من المعلومات الظاهرة المشتركة بين الناس وقد يراد به ما يحصل في نفسه بدون كسبه وقد يراد به ما لا يقبل الشك وقد يراد به ما يلزم نفس الإنسان لزوما لا يمكن الانفكاك عنه
    ومنها : أن حصول العلم في النفس قد يحصل لكثير من الناس حصولا ضروريا مع توهمه أنه لم يحصل له كما يقع مثل ذلك في القصد والنية فإن الأمة متفقة على أن الصلاة ونحوها من العبادات لا تصح إلا بالنية من جنس القصد والإرادة محلها القلب باتفاقهم فلو لفظ بلسانه غير ما قصد بقلبه أو بالعكس كان الاعتبار بقصده الذي في قلبه
    ثم إن كثيرا من الناس اشتبه عليهم أمر النية حتى صار أحدهم يطلب حصولها وهي حاصلة عنده ويشك في حصولها في نفسه وهي حاصلة لا سيما إذا اعتقد أنه يجب مقارنة النية للصلاة فيرى في أحدهم من الوسواس في حصولها ما يخرجه عن العقل والدين حتى قيل : الوسوسة لا تكون إلا عن خبل في العقل أو جهل بالشرع
    وأصل ذلك جهلهم بحقيقة النية وحصولها مع خروجهم عن الفطرة السليمة التي فطر الله عليها عباده ومن المعلوم أن كل من علم ما يريد أن يفعله فلا بد ان ينويه ويقصده فيمتنع أن يفعل العبد فعلا باختياره مع علمه به وهو لا يريده فالمصلي إذا خرج من بيته وهويعلم أنه يريد الصلاة امتنع أن لا يقصد الصلاة ولا ينويها وكذلك الصائم إذا علم أن غدا من رمضان وهوممن يصومه أمتنع أن لا ينويه وكذلك المتطهر إذا أخذ الماء وهو يعلم أن مراده الطهارة أمتنع أن لا يريدها
    وإنما يتصور عدم النية مع الجهل بالمفعول أو مع أنه ليس مقصوده المأمور به مثل من يظن أن وقت الصلاة أو الصيام قد خرج فيصوم ويصلي ظانا أن ذلك قضاء بعد الوقت فهذا نوى القضاء فإذا تبين له بعد ذلك أن الصوم والصلاة إنما كانا في الوقت إذا فهذا يجزئه الصلاة والصيام بلا نزاع
    وكذلك من اغتسل بالماء لقصد لقصد إزالة الوسخ أو لتعليم الغير فهذا لم يكن مراده بما فعله الطهارة المأمور بها ولهذا تنازع الفقهاء في صحة الصلاة بمثل هذه الطهارة وأمثال ذلك
    ولهذا يجد المسلم في نفسه فرقا بين ليلة العيد الذي يعلم أنه لا يصومه وبين ليالي رمضان الذي يعلم أنه يصومه ويجد الفرق بين ما إذا كان مقيما أو مسافرا يريد الصيام وبين ما إذا كان مسافرا لا يريد الصيام
    فكما أن الإرادة تكون موجودة في نفس الإنسان وقد يشك في وجودها أولا يحسن أن يعبر عن وجودها أو يطلب وجودها فهكذا العلم الضروري وغيره قد يكون حاصلا في نفس الإنسان وهو يشك في وجوده أو يطلب وجوده أو لا يحسن أن يعبر عنه لأن وجود الشيء في النفس شيء والعلم بوجوده في النفس شيء آخر فالتمييز بينه وبين غيره والتعبير عن ذلك شيء آخر

    فهكذا عامة المؤمنين : إذا حصل أحدهم في سن التمييز يحصل له من الأسباب التي توجب معرفته بالله وبرسوله ما يحصل بها في نفسه علم ضروري ويقين قوي كحصول الإرادة لمن علم ما يريد فعله ثم كثير من أهل الكلام يلبسون عليه ما حصل له ويشككونه فيه كما أن كثيرا من الفقهاء يلبسون على المريد الناوي ما حصل له ويشككونه فيه
    والعلم الحاصل في النفس لا تنضبط أسبابه ومنه ما يحصل دفعة كالعلم بما أحسه ومنه ما يحصل شيئا بعد شيء كالعلم بمخبر الأخبار المتواترة والعلم بمدلول القرائن التي لا يمكن التعبير عنها

    وكذلك حصول الإرادة فإن من الأشياء ما تحصل إرادته الجازمة في النفس كإرادة الأشياء الضرورية التي لا بد له منها كإرادة دفع الأمور الضارة له وكإرادة الجائع الشديد الجوع والعطشان الشديد العطش لتناول ما تيسر له من الطعام والشراب
    ومنه ما يحصل شيئا بعد شيء كإرادة الإنسان لما هو أكمل له وأفضل فإن هذا قد تحصل إرادته شيئا بعد شيء

    وكذلك إرادته لما يشك في كونه محتاجا إليه أو كونه نافعا له فإن الإرادة قد تقوى بقوة العلم وقد تضعف بضعفه وقد تقوى بقوة نفس محبة الشيء المطلوب وضعف محبته
    ومن عرف حقيقة الأمر تبين له أن النفوس فيها إرادات فطرية وعلوم فطرية وأن كثيرا من أهل الكلام في العلم قد يظنون عدم حصولها فيسعون في حصولها وتحصيل الحاصل ممتنع فيحتاجون أن يقدروا عدم الموجود ثم يسعون في وجوده ومن هنا يغلط كثير من الخائضين في الكلام والفقه
    وقد يكون العلم والإرادة حاصلين بالفعل أو بالقوة القريبة من الفعل مع نوع من الذهول والغفلة فإذا حصل أدنى تذكر رجعت النفس إلى ما فيها من العلم والإرادة أو توجهت نحو المطلوب فيحصل لها معرفته ومحبته

    والله تعالى فطر عباده على محبته ومعرفته وهذه هي الحنيفية التي خلق عباده عليها كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم : قال : [ يقول الله تعالى : إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ]
    وقد قال تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم }
    وقال صلى الله عليه و سلم : [ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ] ؟ والكلام في هذه الأمور مذكور في غير هذا الموضع
    http://islamport.com/w/tym/Web/3223/783.htm#

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي رد: مسلمة الدار ومسلمة الاختيار

    مذهب جمهور الحنفية الماتريدية أن إيمان المقلد صحيح، غير أنه عاص بترك الاستدلال [شرح الفقه الاكبر - للماتريدى]، - وذهب جمهور الأشاعرة إلى عدم الاكتفاء بالتقليد في العقائد، وفسر بعضهم عدم الاكتفاء بالكفر، ونقل عن الأشعري أنه قال: إن المقلد خرج من الكفر ولم يستحق اسم الإيمان .[اصول الدين للبغدادى] ------ يقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله -ما المانع من أن يستحق اسم المؤمن إذا شهد بالحق واستقامت حاله؟ والحق صحة إيمان كل مؤمن بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مع طاعته [درء تعارض العقل والنقل] -

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •