عام جديد..ينقص من عمرك أو يزيد..


ريم الصلاحي



مع بداية العام الجديد نلاحظ انقسام الناس لثلاثة أصناف:
صنف سعيد بالعام الجديد متفائل به..
صنف حزين على عام مضى من عمره..
صنف يمكن أن نصفه باللامبالي، حيث ينحصر تأثير دخول العام الجديد عليه بتغيير رقم السنة في التاريخ على الأوراق فحسب!
نعم.. جميل أن نسعد ونتفاءل بالعام الجديد، لكن ما نتيجة هذا الفرح والابتهاج؟ هل هو مجرّد تبادل للتهاني[1] و الحديث عن الأماني؟!
ونعم.. مفيد أن نحزن على أوقات مضت من عمرنا في غير طاعة لله، لكن هل هذا يعني أن نحكم على أنفسنا بالحبس الانفراديّ في سجن الهموم والأحزان؟!
و نعم.. جيد أن لا نبالي كثيراً بمنغّصات الحياة، لكن هل هذا يعني أن نسمح لـ " فيروس البلادة" أن يسيطر على كلّ خلية من جسدنا؟!
لنكن سعداء بعام 1440هـ متفائلين بمزيد من النجاحات والإنجازات فيه، لكن هل تتوقّعون أنّه من السهل الوصول لهذه الإنجازات ؟ ما رأيكم لو كتبنا قائمة واضحة ومحدّدة لأبرز الانجازات التي نطمح أن نصل إليها بنهاية العام، ثم نقوم بتقسيم هذه الأهداف إلى أهداف جزئيّة ننفّذها كلّ شهر، وفي بداية كلّ أسبوع نطّلع على أهدافنا ونختار ما يمكننا إنجازه، وبالتالي يتضمّن كلّ يوم من أيّام الأسبوع جزءاً بسيطاً من هدف كبير نسعى إليه، لنضرب مثالا: شخص يريد تخفيض وزنه 10 كيلو جرامات، ربّما يصعب عليه تخفيضها دفعة واحدة، لكن من السهل جداً أن يخفض كيلو واحد فقط في الشهر – وهذه هي الطريقة السليمة لتخفيض الوزن - ، ومثال آخر يمكنك أن تطبّقه الآن: أحضر كتاباً، واقرأ فيه لمدّة خمس دقائق، ثم حدّد عدد الصفحات الني قرأتها، الآن اضرب عدد الصفحات في 360 " عدد أيّام السنة" ،هل تفاجأت بالنتيجة، لا تتفاجأ، فكما قيل: مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة!

إذا وضعت لنفسك خطّة سنويّة، ثمّ قسّمتها إلى أهداف شهريّة، ثمّ أسبوعيّة، فيوميّة، راقب تقدّمك، في نهاية اليوم ضع إشارة " صح " أمام كلّ هدف تنجزه، وافعل ذلك نهاية كلّ أسبوع مع قائمة الأسبوع، ونهاية كلّ شهر مع قائمة أهداف الشهر، وثق أنّك ستشعر بسعادة غامرة مع كلّ إشارة " صح " تضعها، لأنّها ستثبت لك أنّك ناجح، وقادر على تنظيم وقتك، وتذكّر أنّك إذا حقّقت 75% من أهدافك المكتوبة فأنت ناجح في إدارة وقتك. وفي نهاية العام ستشعر بسعادة لا مثيل لها، لأنّك من خلال خطّتك، تمكّنت من تحويل أحلامك إلى واقع تعيشه، أنت تستحق هذه السعادة، لذا ابدأ الآن.
وينبغي أن لا نغفل في ظلّ هذه الحماسة عن أخطائنا العام السابق، بل ينبغي أن نحاسب أنفسنا، ونحدّد مواطن تقصيرنا، وطرق علاجها، ثم نضمن طرق العلاج في خطّتنا لهذا العام.
وأذكّرك أنّك ربّما ستواجه صعوبات تمنعك من تحقيق أهدافك، حينها لا تبتئس " كن مرناً ". أيضاً لا تجعل خطّتك مثاليّة لا يمكن تحقيقها! " اجعلها واقعيّة قابلة للتحقيق " ، أخيراً.. كلنا قد نواجه من يسخر من رغبتنا بالتغيير، فلا تكترث بهذه الفئة من الناس – فهي فئة المحبِطين المحبَطين – ففاقد الشيء لا يعطيه! وتذكّر دائماً قول حبيبنا -صلّى الله عليه وسلّم- : (المؤمن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف . وفي كلّ خير . احرص على ما ينفعك واستعن بالله . ولا تعجز . وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أنّي فعلت كان كذا وكذا . ولكن قل : قدّر الله . وما شاء فعل . فإنّ لو تفتح عمل الشيطان[2] )
هاهي مفاتيح النجاح بين يديك، وأنت وحدك من يملك حقّ الاختيار والتنفيذ..
وفّقكم الله لكلّ خير..



[1] ) سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم التهنئة بالسنة الهجرية الجديدة وماذا يرد على المهنئ، فأجاب فضيلته : إن هنأك أحد فرد عليه ولا تبتدئ أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة . لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل: هنئك الله بخير وجعله عام خير وبركة ، لكن لا تبتدئ الناس أنت لآنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أما السنة الميلادية فلا تجوز التهنئة بها ابتداءاً ولا رداً .

[2] ) مسلم .