المستحب الأول: الاغتسال للإحرام:
لحديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ([1]).
المستحب الثاني: التَّطَيُّب للإحرام:
فيُطيِّب الرجل بدنه وملابسه؛ لحديث عَائِشَةَ ڤ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ، يَتَطَيَّبُ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، ثُمَّ أَرَى وَبِيصَ الدُّهْنِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ([2]).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ ﷺ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ»([3]).
وفي لفظ لمسلم: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِأَطْيَبِ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، ثُمَّ يُحْرِمُ».
وفي لفظ لمسلم أيضًا: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِيَدِي بِذَرِيرَةٍ([4])، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، لِلْحِلِّ وَالْإِحْرَامِ» .
وهذه أحاديث عامَّة تشمل البدن والثياب.
ومَن مَنَع من تَطْيِيب الثياب لنهي النبي ﷺ عن الورْس والزعفران؛ فالصحيح أنهما نوعان مِنَ النبات يُصبغ بهما؛ فيختص النهي بهما وبما يشبههما، ولا يَعُم جميعَ الطيب؛ لأنَّ أحاديث تطيُّب النبي ﷺ لإحرامه عامَّة. والله أعلم.
فإن تَطَيَّب فله استدامته بعد الإحرام.
المستحب الثالث: لُبسُ إزار ورداء أبيضين:
لحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، وَنَعْلَيْنِ»([5]).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَيْرُ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضُ؛ فَالْبَسُوهَا، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ»([6]).
المستحب الرابع: أنْ يُحْرِم عَقِب صلاة فريضة، أو صلاة ركعتين:
لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، وَسَلَتَ الدَّمَ، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ([7]).
وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ بِوَادِي العَقِيقِ يَقُولُ: «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ»([8]).
وَعَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، إِذَا أَرَادَ الخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ؛ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ، وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَفْعَلُ»([9]).
المستحب الخامس: التلبية:
لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، أَهَلَّ فَقَالَ: «لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ»([10]).
ويقطع الحاج - سواء كان متمتعًا، أو قارنًا، أو مفردًا - التلبية عند رمي الجمرة الكبرى، والمعتمر عند استلام الحجر.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الفَضْلَ مِنَ المزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قَالَ: فَكِلاَهُمَا قَالَ: «لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ ﷺ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ»([11]).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ: الْمُعْتَمِرُ يُمْسِكُ عَنِ التَّلْبِيَةِ إِذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، وَالْحَاجُّ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ([12]).
مسألة:
وتتأكَّد التلبية إذا علا نشزًا أو هَبَطَ واديًا، أو صلَّى مكتوبةً، أو أقبل ليل أو نهار، أو التقت الرفاق، أو ركب أو نزل، أو سمع ملبِّيًا، أو رأى البيت، أو فعل محظورًا ناسيًا؛ لقول النبي ﷺ: «وَأَمَّا مُوسَى فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذَا انْحَدَرَ فِي الْوَادِي يُلَبِّي»([13]).
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ رحمه الله: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّلْبِيَةَ دُبُرَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَإِذَا هَبَطَ وَادِيًا، وَإِذَا عَلَا نَشَزًا، وَإِذَا لَقِيَ رَاكِبًا، وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ([14]).
مسألة:
يُستحب أن يرفع صوته بالتلبية.
ودليل ذلك: حديث خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلَالِ وَالتَّلْبِيَةِ»([15]).
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْعَجُّ، وَالثَّجُّ»([16]).
و«العج»: رفع الصوت بالتلبية. و«الثج»: سيلان دماء الهدي والأضاحي.
وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَا يَبْلُغُونَ الرَّوْحَاءَ حَتَّى تُبَحُّ أَصْوَاتُهُمْ؛ مِنْ شِدَّةِ تَلْبِيَتِهِمْ»([17]).
ولا يُجْهِد نفسَه في رفع الصوت زيادةً على الطاقة؛ لئلَّا ينقطع صوتُه، فتنقطع تلبيتُه.
ولا ترفع المرأة صوتها إلا بقدر ما تُسْمِع رفيقتها؛ لأنه يُخَاف الافتتان بها.
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: «وأجمع العلماء على أن السُّنَّة في المرأة أن لا ترفع صوتها؛ وإنما عليها أن تُسْمِع نفسها؛ فخرجت من جملة ظاهر الحديث، وخُصَّتْ بذلك، وبقي الحديث في الرجال»اهـ([18]).
المستحب السادس: قول: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ»، عند رؤية الكعبة:
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ([19]).
قال الألباني رحمه الله: «وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ هُنَا دُعَاءٌ خَاصٌّ؛ فَيَدْعُو بِمَا تَيَسَّرَ لَهُ، وَإِنْ دَعَا بِدُعَاءِ عُمَرَ ﭬ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ»، فَحَسَنٌ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ رضي الله عنه»([20]).
المستحب السابع: طواف القدوم:
فيُسَنُّ لمن قَدِم المسجد الحرام أن يبدأ بالطواف، ودليل ذلك حديث مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ القُرَشِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: قَدْ حَجَّ النَّبِيُّ ﷺ، فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ([21]).
المستحب الثامن: الاضطباع في طواف القدوم:
والاضطباع مِنَ الضبْع، بتسكين الباء؛ وهو العضد؛ وسمي الاضطباع بذلك لإبداء أحد الضبعين([22]).
ومعنى الاضطباع: أنْ يضع وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن، ويجعل طرفيه على منكبه الأيسر، ويبقى منكبه الأيمن مكشوفًا.
ودليل الاضطباع حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنَ الْجِعْرَانَةِ، فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ، وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ قَدْ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمُ الْيُسْرَى([23]).
وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا قَدِمَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ مُضْطَبِعٌ بِبُرْدٍ لَهُ حَضْرَمِيٍّ([24]).
ولا يُشرع الاضطباع في غير طواف القدوم.
قال ابن قدامة رحمه الله: «وَلَا يُسَنُّ الرَّمَلُ وَالِاضْطِبَاعُ فِي طَوَافٍ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ إنَّمَا رَمَلُوا وَاضْطَبَعُوا فِي ذَلِكَ»([25]).
ولا يُشرع الاضطباع للنساء بالإجماع.
قال ابن قدامة رحمه الله: «قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رحمه الله: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّهُ لَا رَمَلَ عَلَى النِّسَاءِ حَوْلَ الْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ اضْطِبَاعٌ»([26]).
المستحب التاسع: الرَّمَل في ثلاثة الأشواط الأولى مِن طواف القدوم للرجال:
والرمَل هو: إسراع المشي مع مقاربة الْخَطْوِ مِنْ غير وثب([27]).
والرمَل يكون في الأشواط الثلاثة الأولى فقط من طواف القدوم.
ودليل ذلك حديث جابر في صفة حج النبي ﷺ قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا([28]).
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ([29]).
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ، يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَيَمْشِي أَرْبَعَةً، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ المَسِيلِ، إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ.
وفي لفظ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: رَمَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا([30]).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ، وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمُ الْحُمَّى، وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً، فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ، وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ، هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا، إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ([31]).
قال ابن عبد البر رحمه الله: «لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الرَّمَلَ - وَهُوَ الْحَرَكَةُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَشْيِ - لَا يَكُونُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعَةِ فِي طَوَافِ دُخُولِ مَكَّةَ خَاصَّةً للِقَادِمِ الْحَاجِّ أَوِ الْمُعْتَمِرِ»([32]).
* ويُشرع الرمَل للآفاقي دون المحرم مِنْ مكة؛ ودليل ذلك ما رواه مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ، لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى، وَكَانَ لَا يَرْمُلُ إِذَا طَافَ حَوْلَ الْبَيْتِ، إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ([33]).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ فِي الرَّمَلِ: إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْآفَاقِ([34]).
* ولا يُشرع الرمَل للنساء بالإجماع.
قال ابن قدامة رحمه الله: «قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رحمه الله: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّهُ لَا رَمَلَ عَلَى النِّسَاءِ حَوْلَ الْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ اضْطِبَاعٌ»([35]).
المستحب العاشر: استلام الحجر الأسود وتقبيله:
فيُستحب استلام الحجر الأسود وتقبيله في ابتداء الطواف، وفي كل شوط، وبعد ركعتي الطواف؛ إنْ تيسَّر ذلك؛ ودليل ذلك حديث الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ اسْتِلَامِ الحَجَرِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ، قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ؟ أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ؟ قَالَ: اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِاليَمَنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ([36]).
وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الحَجَرِ الأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ([37]).
وفي لفظ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِلرُّكْنِ: أَمَا وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ، فَاسْتَلَمَهُ([38]).
وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَالْتَزَمَهُ، وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِكَ حَفِيًّا([39]).
وَعَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ، أَوَّلَ مَا يَطُوفُ حِينَ يَقْدَمُ، يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ([40]).
وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَالْحَجَرَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ([41]).
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا.
وفي لفظ: حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَرَأَ:﴿وَاتّ َخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]، فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ([42]).
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ قَرَأَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَ ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)﴾، وَ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)﴾، ثُمَّ عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا([43]).
فإنْ شق عليه استلامُ الحجر الأسود أشار إليه وقَبَّلَ الشيءَ الذي أشار به؛ ودليل ذلك حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ طَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ وَكَبَّرَ([44]).
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما، قَالَ: طَافَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالْبَيْتِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ؛ لِأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ، وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْأَلُوهُ ؛ فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ([45]).
وَعَنْ نَافِعٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ، وَقَالَ: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَفْعَلُهُ([46]).
وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ([47]) مَعَهُ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ([48]).
ويقول كلما استلم الحجر أو أشار إليه ما ورد عن النبي ﷺ.
ففي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ طَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ وَكَبَّرَ([49]).
وروى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ([50]).
المستحب الحادي عشر: صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم عقب الطواف:
لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ قَرَأَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَ ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)﴾، وَ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)﴾، ثُمَّ عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا([51]).
وفي حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﭭ، الطويل: حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَرَأَ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]، فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ([52]).
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ([53]).
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ قَدِمَ بِعُمْرَةٍ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ([54]).
قال النووي رحمه الله: «أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ طَائِفٍ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ»([55]).
ويجوز صلاتهما في أي مكان آخر.
قال النووي رحمه الله: «قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ تَصِحَّانِ حَيْثُ صَلَّاهُمَا؛ إلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ كَرِهَ فِعْلَهُمَا فِي الْحِجْرِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي الْحِجْرِ؛ كَغَيْرِهِ»اهـ([56]).
المستحب الثاني عشر: الرَّمَل بين العَلَمَيْنِ في السعي للرجال:
والرمَل في السعي يكون أشَدَّ منه في الطواف، ويكون في جميع الأشواط السبعة؛ وهو خاص بالرجال فقط إجماعًا.
فَعَنْ جابر رضي الله عنه: ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 158]، «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ»، فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ، حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ»، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ: مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا([57]).
وتقدم حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ، يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَيَمْشِي أَرْبَعَةً، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ المَسِيلِ، إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ.
المستحب الثالث عشر: الدعاء عند الصفا والمروة:
فيقف عند الصفا، ويقول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ»، ثم يدعو بما أحبَّ، ثم يقول مرة أخرى: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ...» إلى أخره، ثم يدعو بما أحب، يفعل ذلك ثلاث مرات، ثم ينحدر إلى المروة فيفعل مثل ذلك؛ ودليل ذلك حديث جابر المتقدم.
وفي لفظ أنَّ النبي ﷺ كبَّر ثلاثًا: فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَيَدْعُو، وَيَصْنَعُ، عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ ذَلِكَ([58]).
وفي لفظ زيادة: «يحيي ويميت»؛ فعن جابر رضي الله عنه: وَقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، وَكَبَّرَ اللَّهَ وَحَمِدَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَا قُدِّرَ لَهُ.
المستحب الرابع عشر: المبيت بمنى ليلة عرفة:
فيُستحَبُّ للحاج أنْ يبيت بمنًى ليلة عرفة، ويمكث بها حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة؛ لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا([59]).
المستحب الخامس عشر: الاشتراط إذا خاف الإنسان مِنْ عائق يحول بين إتمام نسكه:
لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا: «أَرَدْتِ الْحَجَّ؟» قَالَتْ: وَاللهِ، مَا أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي اللهُمَّ، مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»([60]).
والاشتراط ليس سُنَّة مطلقًا؛ وإنما يُسَنُّ الاشتراط إذا خاف الإنسان مِنْ عائق يحول بين إتمام نسكه؛ كأنْ يكون مريضًا فيخاف أنْ يشتد به المرضُ فلا يستطيع أن يتم نسكه، وأما إذا لم يكن خائفًا مِنْ عائق يمنعه ويحول بينه وبين إتمام نسكه فلا يشترط.
وذلك لأنَّ النبي ﷺ اعتمر وحج ولم يشترط، ولم يَقُلْ للناس على سبيل العموم: (اشترطوا عند الإحرام)، ولكن لما أخبرته ضُباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله عنها أنها تريد الحج وهي مريضة قال لها النبي ﷺ: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي اللهُمَّ، مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»؛ فمن كان في مثل حالها فإنه يشترط، ومن لم يكن فإنه لا يشترط.


[1])) أخرجه الترمذي (830)، وقال: «هذا حديث حسن غريب»، وحسنه الألباني في «الإرواء» (149).

[2])) متفق عليه: أخرجه البخاري (270)، ومسلم (1190).

[3])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1539)، ومسلم (1189).

[4])) (بذريرة): قال النووي: هي فتات قصب طيب يجاء به من الهند.

[5])) متفق عليه: أخرجه البخاري (134)، ومسلم (1177)، وأحمد (4899)، واللفظ له.

[6])) أخرجه أحمد (2219)، وأبو داود (3878)، والترمذي (994)، وقال: «حديث حسن صحيح، وهو الذي يستحبه أهل العلم»، وابن ماجه (3566)، وهو عند أحمد (20105)، والترمذي (2810)، والنسائي في «المجتبى» (1896)، وفي «الكبرى» (2034)، وابن ماجه (3567)، عن سمرة بن جندب ﭬ، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (1235، 1236)، وكذا صححه محققو المسند.

[7])) أخرجه مسلم (1243).

[8])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1534)، ومسلم (1346).

[9])) أخرجه البخاري (1554).

[10])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1549)، ومسلم (1184).

[11])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1544)، ومسلم (1281).

[12])) متفق عليه: أخرجه البخاري (5916)، ومسلم (1229).

[13])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1555)، ومسلم (166).

[14])) «المغني» (3/ 273).

[15])) أخرجه أحمد (16567)، وأبو داود (1814)، والترمذي (829)، وقال: «حسن صحيح»، وابن ماجه (2922)، وصححه الألباني.

[16])) أخرجه الترمذي (827)، وابن ماجه (2924)، وصححه الألباني.

[17])) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (15051)، بسند صحيح.

[18])) «التمهيد» (17/ 242).

[19])) أخرجه ابن أبي شيبة (15757)، بسند ثابت.

[20])) «مناسك الحج والعمرة» (20).

[21])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1641)، ومسلم (1235).

[22])) انظر: «لسان العرب» (8/ 216).

[23])) أخرجه أبو داود (1884)، وصححه الألباني في «الإرواء» (1094).

[24])) أخرجه أحمد (17956)، وأبو داود (1883)، والترمذي (859)، وابن ماجه (2954)، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وحسنه الألباني في «صحيح أبي داود» (1645).

[25])) «المغني» (3/ 341).

[26])) «المغني» (3/ 355).

[27])) «المغني» (3/ 340).

[28])) أخرجه مسلم (1218).

[29])) أخرجه مسلم (1263).

[30])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1617)، ومسلم (1261).

[31])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1602)، ومسلم (1266).

[32])) «الاستذكار» (4/ 190).

[33])) أخرجه مالك في «الموطا» (111)، بسند صحيح.

[34])) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (15065).

[35])) «المغني» (3/ 355).

[36])) أخرجه البخاري (1611).

[37])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1597)، ومسلم (1270).

[38])) البخاري (1605).

[39])) أخرجه مسلم (1271).

[40])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1603)، ومسلم (1261).

[41])) أخرجه أحمد (4686)، وأبو داود (1876)، وحسنه الألباني في «الإرواء» (1110)، وقواه محققو المسند.

[42])) أخرجه مسلم (1218).

[43])) أخرجه النسائي (2963)، وصححه الألباني في «الإرواء» (1119).

[44])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1632)، ومسلم (1272).

[45])) أخرجه مسلم (1273).

[46])) أخرجه مسلم (1268).

[47])) المحجن: العصا المعوجة؛ يتناول بها الراكب ما سقط له، ويحرك بطرفها بعيره للمشي.

[48])) أخرجه مسلم (1275).

[49])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1632)، ومسلم (1272).

[50])) أخرجه عبد الرزاق (8894)، والبيهقي في «الكبير» (9250)، وقال الألباني رحمه الله في «حجة النبي» (ص56): «سنده صحيح كما قال النووي والعسقلاني».

[51])) أخرجه النسائي (2963)، وصححه الألباني في «الإرواء» (1119).

[52])) أخرجه مسلم (1218).

[53])) أخرجه البخاري (1600).

[54])) متفق عليه: أخرجه البخاري (395)، ومسلم (1234).

[55])) «شرح مسلم» (8/ 175).

[56])) «المجموع» (8/ 62).

[57])) أخرجه مسلم (1218).

[58])) أخرجه النسائي (2972)، وصححه الألباني في «مناسك الحج والعمرة» (ص25).

[59])) أخرجه مسلم (1218).

[60])) متفق عليه: أخرجه البخاري (5089)، ومسلم (1207).