النووي : إمام
معيض مصلح القرني
بسم الله الرحمن الرحيم◄ الإمام النووي.
علم من أعلام المسلمين له باع طويل في التأليف رغم صغر سنه فقد توفي وعمره 45 عاماً، ومن المواضيع التي تحدث عنها المجال التربوي لذا آثرت أن يكون موضوعنا اليوم عنه وهو : "الإمام النووي".
■ نسبه :
هو الإمام الحافظ الفقيه المحدث، محي الدين، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام النووي الدمشقي.
■ مولده :
ولد الإمام النووي في نوى ـ من أرض حوران ـ سنة 631هـ.
■ نشأته :
نشأ الإمام النووي نشأة صالحة حيث بدأ بحفظ القرآن وهو صبي، وأخذ يتأدب على أهل العلم والفضل، ولما بلغ تسع عشرة سنة قدم به والده إلى دمشق لطلب العلم فحفظ "التنبيه" في الفقه الشافعي في أربعة أشهر ونصف وقرأ "المهذب" في باقي السنة وكان شديد الحرص على طلب العلم واغتنام الأوقات حتى أنه كان في ذهابه وإيابه في الطريق يشتغل في تكرار محفوظه ومطالعته حتى صار في وقت قصير حافظاً للحديث وفنونه عالما بالفقه وأصوله، وأصبح رأساً في معرفة مذهب الإمام الشافعي.
ومن صفاته رحمه الله أنه كان على جانب كبير من العلم والعمل والورع الزهد والصبر على خشونة العيش والمصابرة على أنواع الطاعات.
■ تصانيفه :
للإمام النووي رحمه الله تصانيف منها : شرح صحيح مسلم، والإرشاد، والتقريب، وتهذيب الأسماء واللغات، والمناسك الصغرى، والمناسك الكبرى، ومنهاج الطالبين، وبستنا العارفين، وخلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام، وروضة الطالبين في عمدة المفتين، والمجموع شرح المهذب، ورياض الصالحين، وحلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار، والتبيان في آداب حملة القرآن.
■ وفاته :
توفي رحمه الله في بلده نوى عند أبويه ليلة الأربعاء لست بقين من شهر رجب سنة 676 هـ، رحمه الله رحمة واسعة.
■ الآراء التربوية للنووي :
للإمام النووي ـ رحمه الله ـ كتابان في هذا الباب، وهما : التبيان في آداب حملة القرآن، ومقدمة المجموع شرح المهذب حيث تناول الإمام النووي في هذين الكتابين بعض الآراء التربوية.
■ ونعرض لهذين الكتابين بشكل من الاختصار :
1 ـ الكتاب الأولى : (التبيان في آداب حملة القرآن).
حيث قال المؤلف رحمه الله : (ورأيت أهل بلدتنا دمشق حماها الله تعالى وصانها وسائر بلاد الإسلام مكثرين من الإعتناء بتلاوة القرآن العزيز تعلما وتعليما وعرضا ودراسة في جماعات وفرادى مجتهدين في ذلك بالليالي والأيام زادهم الله حرصا عليه وعلى جميع أنواع الطاعات مريدين وجه الله ذي الجلال والإكرام فدعاني ذلك إلى جمع مختصر في آداب حملته وأوصاف حفاظه وطلبته فقد أوجب الله سبحانه وتعالى النصح لكتابه ومن النصيحة له بيان آداب حملته وطلابه وإرشادهم إليها وتنبيههم عليه.
(ويشتمل هذا الكتاب على عشرة أبواب : الباب الأول : في أطراف من فضيلة تلاوة القرآن وحملته، الباب الثاني : في ترجيح القرآن والقارئ على غيرهما، الباب الثالث : في إكرام أهل القرآن والنهي عن أذاهم، الباب الرابع : في آداب حامل القرآن ومتعلمه، الباب الخامس : في آداب حامل القرآن، الباب السادس : في آداب القرآن وهو معظم الكتاب ومقصوده، الباب السابع : في آداب الناس كلهم مع القرآن، الباب الثامن : في الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة، الباب التاسع : في كتابة القرآن وإكرام المصحف، الباب العشر : في ضبط ألفاظ هذا الكتاب).
2 ـ الكتاب الثاني : (مقدمة المجموع شرح المهذب).
وقد تكلم الإمام النووي في هذه المقدمة الماتعة عن آداب المعلم والمتعلم ونذكر منها نتفا تتميماً للفائدة حيث ذكر من الآداب التي تخص المعلم على سبيل الاختصار : (أن يقصد بتعليمه ووجه الله وأن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها والحذر من الحسد والرياء والإعجاب واحتقار الناس وأن لا يذل العلم وأن يرغب المتعلم بالعلم ويذكره بفضائله، وفضائل العلماء وأن لا يتعاظم على المتعلمين وأن يبذل وسعه في تفهيمهم، وتقريب الفائدة إلى أذهانهم) أما الآداب التي تخص المتعلم فذكر منها : (أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول العلم، وحفظه واستثماره وأن يتواضع للعلم والمعلم فبتواضعه يناله وأن يكون حريصاً على التعلم مواظباً عليه في جميع أوقاته ومن آدابه الحلم والأناة، وأن يكون همته عالية) إلى آخر ما ذكر من الآداب التي ينبغي للمعلم والمتعلم الرجوع إليها والإفادة منها والعمل بها.
فرحم الله الإمام النووي على ما قدمه من علم للأمة وجعل ذلك في ميزان حسناته يوم يلقاه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.