فقه الحج والعمرة وآدابهما
بقلم ربيع عبد الرؤوف الزواوي
– الحج معناه في الشريعة الإسلامية: قصد مكة محرمًا في أشهر الحج؛ وهي شوال، وذي القعدة، وذي الحجة، بنية أداء فريضة الحج.
– والحج أحد أركان الإسلام الخمسة.
– والحج فرض واجب على المسلمين بنص القرآن الكريم والسنة والإجماع.
– وقد فرض الله الحج على المسلمين في السنة السادسة للهجرة.
– وللحج فضل عظيم وثوابه جزيل، وأنه يمحق الذنوب، وأنه نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله.
– والحج فرض مرة واحدة في العمر.
– والأفضل تعجيل الحج وعدم تأجيله.
– و شروط وجوب الحج خمسة:
– أن يكون الحاج مسلما
– أن يكون بالغًا
– أن يكون عاقلاً
– أن يكون حرًّا
– أن يكون مستطيعًا
والاستطاعة تتحقق بالآتي:
1- أن يكون الإنسان مالكًا أجرة المواصلات للحج والنفقة التي تكفيه خلال رحلة الحج.
2- أن يكون الطريق آمنًا، بحيث يأمن الحاج على نفسه وماله.
3- أن يستطيع ببدنه السفر وغيره من المشقة.
– مواقيت الحج:
مواقيت جمع ميقات كمواعيد وميعاد، وتنقسم إلى قسمين:
1- مواقيت زمانية:
وهي الأوقات التي لا يصح شيء من أعمال الحج إلا فيها، ولا يصح لإنسان أن يحرم للحج قبلها، وهي ثلاثة أشهر هي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة. فلا يصح لإنسان أن يحرم للحج إلا في هذه الأشهر الثلاثة.
2- مواقيت مكانية: وهي الأماكن التي يحرم منها الإنسان إذا أراد الحج أو العمرة ولا يجوز للحاج أو المعتمر أن يجاوز هذه الأماكن بغير إحرام.
وهي خمسة أماكن:
1- ذو الحليفة: وهو المكان المسمى الآن بـ(أبيار علي)، قريب من المدينة، ويبعد عن مكة حوالي (450) كيلو متر وهو أبعد المواقيت عن مكة وهذا المكان هو ميقات أهل المدينة، ومَن مر بها من غير أهلها.
2- الجحفة: وهي قرية (قديد) في طريق أهل الشام إلى مكة، وتقع في الشمال الغربي من مكة، وبينها وبين مكة حوالي (187) كيلو متر، وقد خربت هذه القرية الآن، وصار الناس يحرمون من قرية قبلها تسمَّى (رابغ)، وبينها وبين مكة حوالي (204) كيلو متر، وهي ميقات أهل مصر والشام ومَن مر بهم. وقد تحوَّل الناس إلى (رابغ) بدل (الجحفة)؛ لأن الجحفة قد ضاعت معالمها.
3- يلملم: وهو مكان في طريق أهل اليمن إلى مكة، ويقع جنوب مكة، وبينه وبين مكة حوالي (54) كيلو مترًا، وهو أقرب المواقيت من مكة، وهو المكان الذي يحرم منه أهل اليمن ومَن مر بهم.
4- قرن المنازل: وهو جبل شرقي مكة، يطل على عرفات في طريق أهل نجد إلى مكة، ويسمَّى الآن (السيل الكبير)، وبينه وبين مكة حوالي (94) كيلو مترًا، وهو ميقات أهل نجد ومَن مر بها من غير أهلها.
5- ذات عرق: وهي مكان في الشمال الشرقي لمكة، وتقع في طريق أهل العراق إلى مكة وبينه وبين مكة حوالي (94) كيلو مترًا، وهي ميقات أهل العراق ومَن مر بها ومن غير أهلها.
فهذه المواقيت لكل مَن مر بها سواء كان من أهل تلك الجهات أو غيره
و أركان الحج التي لا يصح الحج إذا سقط واحد منها أربعة:
1- الإحرام.
2- الوقوف بعرفة.
3- الطواف بالكعبة.
4- السعي بين الصفا والمروة.
والركن إذا سقط بطل العمل، ولا يجبر سقوط الركن بالفدية، وأما ما عدا ذلك من أعمال الحج؛ فقد يكون واجبًا، وقد يكون مستحبًا.
والواجب لو سقط يجبر بالفدية، وهي شاة تذبح في مكة، ويوزع لحمها على فقراء الحرم، والمستحبات إذا سقطت؛ فلا شيء فيها.
وواجبات الحج هي الأعمال التي يجب على الحاج فعلها، ويلزم الفدية بسقوط أحدها، وهي:
1-أن يكون الإحرام من الميقات.
2- أن يقف بعرفة إلى غروب الشمس.
3- أن يبيت بمزدلفة.
4- أن يبيت بمنى ليلتين بعد العيد.
5-أن يطوف طواف الوداع.
وترك الواجب في الحج عمدًا يلزم فيه الفدية، وعليه الإثم، وأما تركه نسيانًا؛ فلا إثم فيه، ولكن فيه الفدية أيضًا.
وأنواع النسك التي ينوي بها الحاج عند إحرامه واحد من ثلاثة:
النوع الثاني، حج التمتع:
وهو أن ينوي الحاج عند إحرامه العمرة فقط، فإذا انتهت العمرة أحل ملابس الإحرام، وانتظر حتى يحرم من مكة يوم الثامن من ذي الحجة للحج. وهذا النوع هو أفضل أنواع النسك الثلاثة؛ لأنه هو الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم وتمناه لنفسه (رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه)، ولأن التمتع أقرب إلى اليسر والسهولة.
تنبيه: يلزم مَن يتمتع بالعمرة، مع الحج الهدي، أي يذبح شاة أو سبع بدنة، ومَن لم يستطع؛ فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع من الحج إلى بلده الذي يقيم فيه.
النوع الثاني، هو حج القران:
وهو أن ينوي الحاج عند إحرامه من الميقات الحج والعمرة معًا، ويلزم المحرم عندئذٍ أن يظل محرمًا إلى أن يفرغ من أعمال العمرة والحج جميعًا. ويلزم مَن يجمع بين الحج والعمرة هكذا أيضًا الهدي كما في حج التمتع.
النوع الثالث، حج الإفراد:
وهو أن ينوي مَن يريد الحج عند إحرامه من الميقات الحج فقط، فيقول: «لبيك اللهم حجة»، ويبقى على إحرامه؛ فإذا قدم مكة وطاف للقدوم وسعى للحج لا يحل إلا يوم العيد ولا يلزم من إفراد الحج هدي.
إذن؛ فالقارن والمفرد في الأفعال سواء، ولكنهما يختلفان في أن القارن يحصل له عمرة وحج، وعليه هدي، وأما المفرد؛ فلا يحصل له إلا الحج، وليس عليه هدي.
وللإحرام آداب يستحب القيام بها قبل الدخول فيه نذكرها:
1- التنظف: مثل نتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب، وحلق العانة (وهي الشعر الذي فوق فرج الإنسان)، والوضوء، والاغتسال، وتسريح شعر الرأس واللحية.
2- خلع الملابس المخيطة ولبس ملابس الإحرام: وهو عبارة عن ثوبين، يجعل الإنسان أحدهما على أسفله، ويسمَّى (إزار)، يلف به النصف السفلي منه، ويجعل الآخر رداء يلف به النصف العلوي من الجسم ما عدا الرأس.
3- تطييب البدن وملابس الإحرام عند الإحرام: ولا بأس بما يبقى على ملابس الإحرام من رائحة الطيب بعد ذلك.
4- التلبية: حتى يصل إلى المسجد الحرام ويرى الكعبة.
محظورات الإحرام:
وهي الأعمال التي يحرم على المحرم فعلها، ومنها ما يفسد الحج ويبطله، ومنها ما لا يفسده، وتجب فيه الفدية، ومنها ما لا يفسده ولا تجب فيها فدية، وفيها الإثم فقط، ونذكر منها:
1- لبس المخيط المفصل على الجسم؛ كالقميص والجبة والجاكيت والفانلة.
وهذا الأمر خاص بالرجال، أما النساء؛ فلهن أن يلبسن كل الثياب إلا الثوب الذي مسَّه طيب.
2- لبس النقاب والقفازين: وذلك لأن النقاب لباس يفصّل على الوجه، والقفازين لباس يفصل لليدين، وكذلك الرجل لا يلبس القفازين.
وهذا لا يعني أن المرأة المنتقبة تكشف وجهها للرجال في الحج، ولكن معناه لا تغطي وجهها بشيء مفصّل على الوجه؛ كالنقاب، وإنما تغطيه بأي شيء سوى النقاب، كأن تسدل عليه شيء من فوق رأسها.
3- الجماع ومقدماته: والجماع أشد المحظورات إثمًا وأعظم أثرًا؛ إذ يترتب على مَن فعله وهو محرم بالحج خمسة أشياء:
1- الإثم.
2- فساد الحج وبطلانه.
3- وجوب الاستمرار فيه.
4- وجوب الفدية وهي بدنة (جمل أو ناقة أو بقرة) يذبحها ويوزع لحمها على الفقراء.
5- وجوب قضاء هذا الحج الذي أفسده بالجماع في العام المقبل.
4- عقد النكاح والخطبة لنفسه أو لغيره: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَلَا يَخْطُبُ» (رواه مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه).
5- وضع الطيب بعد لبس الإحرام: ولكن لا بأس بما يبقى من أثر الطيب عند الإحرام؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» (رواه البخاري ومسلم).
6- تغطية الرأس بالنسبة للرجل بشيء ملاصق معتاد مفصل: مثل الطاقية والعمامة والغترة وغيرها، أما تظليل الرأس بالشمسية أو سقف السيارة أو بثوب يرفعه عن رأسه؛ فهذا لا بأس به، وكذلك لا بأس بأن يحمل متاعه فوق رأسه.
7- الجدال والفسوق: بجميع أنواعه واقتراف المعاصي من غيبة وسرقة وغيرها، وهذه الأشياء تحرم على المحرم وغير المحرم، ولكنها على المحرم أشد.
8- قتل الصيد أو التعرض له: ونعني بذلك صيد البر خاصة، ولكن يجوز للمحرم بالحج أو العمرة أن يأكل من الصيد الذي لم يصده هو، ولا صيد لأجله، ولا ساعد في صيده، ولو بإشارة.
9- حلق الشعر أو قصه أو تقليم الأظافر: أجمع العلماء على حرمة تقليم الأظافر للمحرم.ويجوز إزالة الشعر إذا كان يؤذيه بقاؤه، وعليه الفدية، ولكن لا إثم عليه.
مَن ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام متعمدًا؛ فهو آثم وعليه الفدية، والفدية تختلف من محظور لآخر.
وأما مَن ارتكب منها واحدًا أو أكثر بعذر؛ فعليه الفدية، ولا إثم عليه.وأما إنْ كان جاهلاً أو ناسيًا؛ فلا شيء عليه، لا إثم ولا كفارة.
ويباح للمحرم بحج أو عمرة أمور منها:
1- الاغتسال من أجل النظافة أو الجنابة إنْ احتلم.
2- تغيير ثياب الإحرام إلى ثياب إحرام أنظف أو جديدة.
3- الترفه بمكيف الهواء.
4- التظلل بالشمسية أو الشجر أو غيرها.
5- لبس الساعة، أو الخاتم، والكمر الذي يكون فيه النفقة، وسماعة الأذن، ونظارة العين، وغير ذلك.
6- أن يحمل أمتعته على رأسه لنقلها.
يتبع