فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
(أعمال العمرة)
الإدارة الشرعية


س1455: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما أركان الحج وما أركان العمرة؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: ذكر العلماء- رحمهم الله- أن أركان الحج أربعة: الإحرام وهو نية الدخول في النسك، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي، وأن أركان العمرة ثلاثة: الإحرام وهو نية العمرة، والطواف، والسعي.
س1456: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما صفة العمرة؟ وما أركانها وواجباتها؟ وهل من الممكن أن يهدى ثواب العمرة للوالد المتوفى؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: الحمد لله رب العالين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، العمرة من شعائر الله عز وجل، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.
ولها واجبات وأركان، وصفتها أن الإنسان إذا وصل إلى الميقات اغتسل كما يغتسل للجنابة، ولبس إزاراً ورداءً، والأفضل أن يكونا أبيضين نظيفين، وتطيب في رأسه ولحيته وبدنه، وقال: لبيك اللهم عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ولا يزال يلبي حتى يشرع في الطواف، فإذا وصل إلى السجد الحرام دخله مقدماً رجله اليمنى قائلاً: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، ثم يتقدم إلى الحجر الألممود فيستلمه بيده اليمنى- أيمما يمسحه- ويقبله إن تيسر، فإن لم يتيسر فإنه يشير إليه ثم يجعل الكعبة عن يساره ويطوف سبعة أشواط، يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى منها، والرمل أن يسرع في المشي مع مقاربة الخطى، بدون أن يهز الكتفين، ويشرع له الاضطباع وهو أن يكشف عاتقه الأيسر، وهذا الاضطباع لا يشرع إلا في الطواف فقط، وليس مشروعاً من حين الإحرام كما يظنه العامة، بل إذا شرعت في الطواف فاضطبع إلى أن تنتهي فقط، وفي طوافك تدعو بما شئت، وتذكر الله عز وجل، وتقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وقد شاع عند كثير من الناس كتيبات فيها أدعية مخصوصة لكل شوط، وهذه الأدعية المخصوصة لكل شوط ليست من السنة، بل هي بدعة، فلا ننصحك بها، بل ادع الله سبحانه وتعالما بحاجتك التي في قلبك، والتي تريدها أنت، وتعرف معناها وتتضرع إلى الله عز وجل في تحقيقها، أما هذه الأدعية المكتوبة فإن كثيراً من الناس يتلوها وكأنها حروفاً هجائية،- فإذا فرغت من الطواف فاقصد مقام إبراهيم، واقرأ قوله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) وصل ركعتين خلف مقام إبراهيم، قريباً منه إن تيسر، وإلا ولو بعيداً، تقرأ في الركعة الأولى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) بعد الفاتحة، وفي الثانية: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) بعد الفاتحة، وتخفف هاتين الركعتين، ولا تجلس بعدهما، بل تنصرف إلى المسعى، واعلم أنه ليس هناك دعاء عند مقام إبراهيم؛ لأنه لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا فرغت من الركعتين فاتجه إلى المسعى فإذا قربت من الصفا فاقرأ قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله) أبدأ بما بدأ الله به، ثم اصعد إلى الصفا واستقبل القبلة وارفع يديك وكبر واحمد الله، وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم ادع الله بما شئت، وأنت لا تزال واقفاً على الصفا، ثم أعد الذكر مرة أخرى والدعاء، ثم أعد الذكر مرة ثالثة ثم انصرف إلى المروة تمشي مشياً معتاداً إلى أن تصل إلى العلم الأخضر، فإذا وصلت إلى هذا العمود الأخضر فاسع، يعني فاركض ركضاً شديداً بشرط أن لا تؤذي أحداً، حتى تصل إلى العلم الأخضر الثاني، ثم تمشي مشياً معتاداً إلى المروة، فإذا وصلت المروة فإنك تقول مثل ما قلت على الصفا عدا الآية فهذا شوط، فإذا رجعت من المروة إلى الصفا فهو شوط آخر، وإذا أتممت سبعة أشواط، فقد تم السعي فحينئذ تحلق رأسك أو تقصره، ويكون التقصير شاملاً لكل الرأس، وليس لجزء منه، أو لشعيرات منه، وبهذا تمت العمرة وحللت منها، فالبس ثيابك فإن رجعت إلى بلدك من فورك فلا وداع عليك، وإن تأخرت في مكة فلا تخرج من مكة حتى تطوف الوداع بدون سعي، ولا تحتاج إلى ثياب الإحرام في هذه الحال، وتجعل طواف الوداع آخر أمورك، هذه صفة العمرة.
قال أهل العلم: وأركانها: ا لإحرام، والطواف، والسعي.
وواجباتها: أن يكون الإحرام من الميقات، والحلق أو التقصير.
وقول السائل: هل يجوز أن أهدي العمرة إلى أبي.
فجوابه: إن كنت قد أديت العمرة عن نفسك فلا حرج عليك أن تجعل العمرة لأبيك، وإن كنت لم تؤدها عن نفسك فابدأ بنفسك أولاً، ولأننا نقول: إذا لم تكن العمرة واجبة على أبيك فالأفضل أن تدعو لأبيك، وأن تجعل العمرة لك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرشد أمته إلى الدعاء دون هبة الثواب، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" ولم يقل - صلى الله عليه وسلم - (أو ولد صالح يعتمر له، أو يحج له، أو يصلي له، أو يصوم له) ولو كان هذا الأفضل لأرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه عليه الصلاة والسلام لا يدع خيراً يعلمه إلا دل أمته عليه، لكمال نصحه صلوات الله وسلامه عليه، وشفقته على أمته، وأنت سوف تحتاج إلى العمل، بل أنت محتاج إلى العمل حتى في الدنيا، لصلاح القلب واستنارته وزيادة الخير، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) (وَيَزِيدُ الله الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا) فاجعل الأعمال الصالحة لنفسك، واجعل الدعاء لن تحب، هذا هو الأحسن والأفضل.

جواب الأسئلة الواردة من رئيس تحرير مجلة ( ... ):
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب السؤال الأول:
الأمور التي لا يصح الحج بدونها هي:
الأول: الإحرام، وهو نية الدخول في الحج، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" . ووقته منِ دخول شهر شوال، لقول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة/197].
وأمكنة الإحرام المعينة خمسة، وهي:
1 - ذو الحليفة (وتسمى اَبيار علي) لأهل المدينة.
2 - الجحفة (وهي قرية قرب رابغ) وقد خربت، فجعل الإحرام من (رابغ) بدلاً عنها، لأهل الشام.
3 - يلملم (وهو جبل، أو مكان في طريق اليمن إلى مكة) لأهل اليمن.
4 - قرن المنازل (ويسمى السيل) لأهل نجد.
5 - ذات عرق (وتسمى الضريبة) لأهل العراق.
فمن مر بهذه المواقيت أو حاذاها برًّا، أو بحراً، أو جوًّا، وهو يريد الحج وجب عليه الإحرام؟ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يهل أهل المدينة من ذي الحليفة" وهو خبر بمعنى الأمر.
ومن كان دون هذه المواقيت وأراد الحج أحرم من مكانه، ولا يكلف الخروج إلى الميقات، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة" .
ومن الخطأ تأخير بعض الحجاج القادمين جوًّا إحرامهم إلى النزول في جدة، مع أنهم يحاذون المواقيت قبل أن يصلوا إلى جدة، فالواجب عليهم ملاحظة ذلك، والإحرام في الطائرة إذا حاذوا الميقات.
الثاني: الوقوف بعرفة، ...
الثالث: الطواف بالبيت، لقوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُ ا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج/29]، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حين أخبر أن صفية- رضي الله عنها- حاضت: "أحابستنا هي؟ " فقالوا: يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة قال: "فلتنفر إذن" فقوله: "أحابستنا هي؟ " دليل على أن طواف الإفاضة لابد منه، وإلا لما كان سبباً لحبسهم، ولهذا لما أخبر بأنها طافت طواف الإفاضة رخص في الخروج.
ووقته بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة، لقوله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُو ا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج/29]. ولا يكون قضاء التفث ووفاء النذور إلا بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة.
الرابع: السعي بين الصفا والمروة، لقوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله) [البقرة/158] ولقول ابن عباس- رضي الله عنهما- ثم أمرنا (يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) عشية التروية أن نهل بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وقد تم حجنا) . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة- رضي الله عنها-: "يجزى عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك" وقالت عائشة- رضي الله عنها-: (ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة) .
ووقته بعد طواف الإفاضة فإن قدَّمه عليه فلا حرج لاسيما إن كان ناسياً أو جاهلاً، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله رجل: سعيت قبل أن أطوف؟ قال: "لا حرج".
فهذه الأربعة: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، لا يصح الحج بدونها.

س 1458: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الفرق بين الحج والعمرة؟ وما هو الركن الذي لا يصح الحج إلا به؟ وما هي مبطلات الحج؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: الظاهر أن جواب هذا السؤال يحتاج إلى مجلد، فالحج والعمرة يختلفان، فالحج حج أكبر، والعمرة حج أصغر، والعمرة مكونة من إحرام، وطواف، وسعي، وحلق أو تقصير، أما الحج فهو مركب من أكثر من ذلك فهو إحرام، وطواف، وسعي، وحلق، أو تقصير، ووقوف بعرفة، ومبيت بمزدلفة، ومبيت بمنى، ورمي جمار، فهو أكبر وأوسع من العمرة، ثم إن الحج يختص بوقت معين في أيام الحج، وأما العمرة ففي كل وقت، ثم الحج من أركان الإسلام باتفاق العلماء، أما العمرة فيها خلاف، فمن العلماء من قال: إنها واجبة، ومنهم من قال: إنها ليست بواجبة، ومنهم من قال: إنها واجبة على غير المكي أي الساكن في مكة.
وأما محظورات الإحرام فتشترك فيها العمرة والحج، لأنها تتعلق بالإحرام، والإحرام لا يختلف فيه الحج والعمرة.
وأما الأركان فتختلف العمرة عن الحج فيتفق العمرة والحج بأن من أركانهما الطواف، والسعي، والإحرام، وهذه الثلاثة أركان في العمرة وليس فيها ركن رابع، وأما الحج ففيه ركن رابع وهو الوقوف بعرفة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "الحج عرفة" وهذا يختص بة الحج.
أما الواجبات، فالواجبات في العمرة شيئان فقط: أن يكون الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً، وأن يحلق أو يقصر بعد الفراغ من الطواف والسعي. وأما الحج فواجباته أكثر يشترك مع العمرة في الواجبات بأن يكون الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً، والحلق أو التقصير ويزيد الحج بوجوب البقاء في عرفة إلى غروب الشمس، ووجوب المبيت في مزدلفة، ووجوب المبيت في منى الحادية عشرة، والثانية عشرة من شهر ذي الحجة، والثالثة عشرة إن تأخر، ووجوب رمي الجمار.
وأما طواف الوداع فليس من واجبات الحج، وليس من واجبات العمرة المتصلة، وإنما هو واجب مستقل، يجب على من أدى العمرة أو أدى الحج إذا أراد الخروج إلى بلده، ولهذا لا يجب الطواف على أهل مكة لأنهم مقيمون فيها.

س1460: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة؟ وأيهما أفضل؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة واجب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة حجة الوداع وطاف وسعى أمر كل من لم يسق الهدي أن يقصر ثم يحلق ، فلما أمرهم أن يقصروا، والأصل في الأمر للوجوب، دل على أنه لابد من التقصير، ويدل لذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام أمرهم حين أحصروا في غزوة الحديبية أن يحلقوا حتى إنه - صلى الله عليه وسلم - غضب حين توانوا في ذلك .
وأما هل الأفضل في العمرة التقصير أو الحلق؟
فالأفضل الحلق، إلا للمتمتع الذي قدم متأخراً، فإن الأفضل في حقه التقصير من أجل أِن يتوِفر الحلق للحج.

س1462: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: طفلة صغيرة عمرها ثلاثة أعوام أحرمت بها والدتها للعمرة، وعند السعي لم تكمل هذه الأشواط لعجزها وصغر سنها، فماذا يلزمهم؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: الصبي أو الصبية إذا كانا دون البلوغ وخرجا من الإحرام قبل إتمامه، أي خرجا من النسك قبل إتمامه فلا حرج عليهما، وذلك لأنهما غير مكلفين، وبناءً على هذا لا يكون على هذه الصبية شيء.
وبهذه المناسبة أود أن أقول: إن تكلف الناس، وتكليفهم صبيانهم من ذكور وإناث بالإحرام بالعمرة، أو بالحج في أيام الضيق، وأيام المواسم ليس بجيد، ولا ينبغي للإنسان أن يفعله؟
لأنه يكون مشقة على الصبي الذي أحرم، خصوصاً إذا قلنا بوجوب إتمامه إتمام النسك، وفيه أيضاً إشغال قلب وفكر بالنسبة لأهله، وكون الإنسان يتفرغ لنسكه ويبقى أولاده بلا نسك أفضل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أمته بأن يحججوا الصبية غاية ما في ذلك أن امرأة رفعت صبيًّا، وقالت: ألهذا حج؟ قال: "نعم ولك أجر" لكنه لم يأمر أمته أن يحججوا الصبيان، فالذي أرى أنه من الخير أن يترك الصبيان بلا إحرام في أيام الضيق والمواسم؛ لأن ذلك أيسر عليهم وعلى أهليهم.

س1463: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من ترك واجباً من واجبات الحج هل يكفيه دم التمتع أم يطلب منه دم آخر؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: ذكر أهل العلم- رحمهم الله- أن من ترك واجباً من واجبات الحج فعليه فدية أن يذبح شاة أي واحدة من الغنم، أو يشترك في بدنة، أو بقرة، والبدنة والبقرة كل منهما يجزئ عن سبعة، وبناء على ذلك فإن الدم الواجب لترك الواجب لا يغني عنه هدي التمتع؟ لأن هدي التمتع له سبب يوجبه مستقل، ودم الواجب له سبب يوجبه مستقل، وهذا لا يدخل في هذا، بل لو أن الإنسان ترك واجبين، أو أكثر فعليه لكل واجب فدية كما سبق، واستدل أهل العلم لذلك بحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- (من ترك شيئاً من نسك أو نسيه فليهرق دماً) .

س1464: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بعض من يكون داخل هذه البلاد من الأمصار الأخرى إذا أرادوا أن يذهبوا إلى مكة للحج يمنعون، لأنهم حجوا أول مرة حج الفريضة، ويكثر السؤال هل يجوز لهم أن يتجاوزوا الميقات بثيابهم وهم قد أحرموا؟ ثم إذا تجاوزوا نقطة التفتيش لبسوا ثياب الإحرام؟ ومن ألزمهم بالدم فهل له من حجة؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: لا يجوز أن يلبسوا الثياب. فإذا أحرموا التزموا بشرع الله، وإذا منعوا يكون هذا مما سلط عليهم فيسألون الله أن يخفف عنهم هذا المنع.
فيحرم عليهم هذا العمل، ووجوب الدم في ترك الواجب في النفس منه شيء، ليس فيه إلا حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: (من ترك شيئاً من نسكه أو نسيه فليهرق دماً)، وهذا فيه نقاش. أولاً: في ثبوته، والثاني: هل له حكم الرفع أو لا، لكن كونه يأثم فهو بالاتفاق.


س1466: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم من أحرم بالحج متمتعاً وطاف وسعى ولكنه لم يحلق أو يقصر بل حل من إحرامه وبقي إلى اليوم الثامن من ذي الحجة فأحرم بالحج من جدة إلى منى وأدى الناسك كاملة حتى طواف الوداع؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: هذا الحاج ترك التقصير في عمرته، والتقصير من واجبات العمرة، وفي ترك الواجب عند أهل العلم دم يذبحه الإنسان في مكة، ويوزعها على الفقراء، وعلى هذا فنقول لهذا الحاج: عليك على ما قاله أهل العلم أن تذبح فدية بمكة، وتوزعها على الفقراء، وبهذا تتم عمرتك وحجك، وإن كان خارج مكة فيوصي أن يذبح له الفدية بمكة.

س1467: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل قدم إلى مكة في رمضان وهو صائم ويقول: إن أديت العمرة حين وصولي إلى مكة في النهار صائماً أديتها وأنا هزيل، وإن أخرتها إلى الليل أديتها بنشاط وإن أفطرت وأديتها حين وصولي أديتها بنشاط فما الأفضل في حقي؟
فأجاب فضيلته بقوله: السنة أن يبادر الإنسان في فعل العمرة من حين يصل فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينيخ بعيره إلا عند البيت ويقضي العمرة فوراً، وهذا قاعدة خذوها منهاجاً لحياتكم، (الشيء القصود يبدأ به قبل كل شيء) لأنه هو المقصود، وهذه القاعدة لها فروع منها حديث عِتْبَان بن مالك- رضي الله عنه- كان إمام قومه وكبر وضعف بصره وبينه وبين قومه وادي يأتي السيل ويمنعه أن يصلي معهم، فطلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخرج إليه ليصلي في مكان في بيته يتخذه عتبان مصلى، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقاً، فقال: "سأفعل إن شاء الله "، فخرج عليه الصلاة والسلام ومعه نفر من أصحابه فلما وصل إليه وعلم أهل الحي أن الرسول قد جاء ثاب إليه قوم يعني اجتمعوا حول البيت يشهدون الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال عتبان: فستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذنت له، فلم يجلس حين دخل البيت، ثم قال: "أين تحب أن أصلي من بيتك؟ " فأشرت إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر، فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم " فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى قبل كل شيء، وهذه مسألة اجعلوها في حياتكم، المقصود يبدأ به قبل التابع في كل شيء، فإذا قدم الإنسان إلى العمرة ورأى أنه مجهد وقال: إن أخرت العمرة إلى الليل صرت نشيطاً، وإن فعلتها وأنا صائم تعبت وأديتها بكسل، وإن أفطرت أديتها بقوة ونشاط، فهذه ثلاث حالات فنقول: الأفضل أن تفطر وتؤديها بقوة.