براءة الإمام البخاري من الوصف بالتدليس
أبو عاصم البركاتي المصري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد وصف الحافظ ابن منده الإمام البخاري رحمه الله بالتدليس؛ وقال الذهبي في " سير أعلام النبلاء"(12 /396) وهو يعد شيوخ البخاري : "ثُمَّ الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ الَّذِي روَى عَنْهُ الكَثِيْرَ وَيُدَلِّسُهُ. اهـ
ومعنى يدلسه أي يصفه بأوصاف لا يعرفها كثير من الناس؛ وذلك للخلاف الذي حصل بينهما.
وهذا - لو ثبت - فإنه يبعد عن التدليس الإصطلاحي المذموم؛ لأن محمد بن يحيى الذهلي ثقة كبير؛ وإنما يذم ذلك مع الرواة الضعفاء والمجاهيل والكذابين.*** الإمام البخاري وشيخاه عبد العزيز الأويسي وإسحاق بن محمد الفَرْوِيُّ ***
ونسوق هنا حديثا أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2693) قال:
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ»
يروي عنهما بواسطة رغم أنهما من شيوخه الذين روى عنهم مباشرة؛ ولم يدفعه حب العلو على أن يدلس.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني :
وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَأَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ بِإِسْقَاطِهِ فَصَارَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُمَا عَنِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِسْحَاقَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيُّ مِنْ مَشَايِخِ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ الَّذِي أَخْرَجَ عَنْهُ الْحَدِيثَ الَّذِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَرَوَى عَنْهُ هَذَا بِوَاسِطَةٍ وَكَذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ حَدَّثَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ وَبِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَمُحَمَّدُ بن جَعْفَر شيخهما هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورُ فَجَزَمَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ وَالله أعلم. [فتح الباري (5 /300)]*** الإمام البخاري وشيخه الإمام أحمد بن حنبل ***
ومما يدفع شبهة التدليس عن الإمام البخاري أنه روى عن الإمام أحمد بن حنبل وتحمل عنه الحديث؛ ومع ذلك يروي عنه في الصحيح حديثا بواسطة وحديثا بغير واسطة.
قال الذهبي في "السير" (11 /181): حَدَّثَ عَنْهُ البُخَارِيُّ حَدِيْثاً، وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ عَنْهُ حَدِيْثاً آخَرَ فِي المَغَازِي. انتهى
قلت: أخرج في صحيحه برقم (4473) - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلاَلٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً».
وأخرج أيضا في صحيحه برقم (5105) عن أحمد مباشرة بلا واسطة فقال : وَقَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي حَبِيبٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ» ثُمَّ قَرَأَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الآيَةَ .*** الإمام البخاري وشيخه خالد بن مخلد ***
ونؤكد على براءة الإمام البخاري من تهمة التدليس فنذكر مثالا آخر من صحيحه ؛ فقد أخرج في صحيحه برقم (6502) قال :- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، .... " الحديث.
فالإمام في هذا الحديث يروى عن شيخه خالد بن مخلد بواسطة محمد بن عثمان بن كرامة رغم أنه أكثر في الرواية عن خالد بغير واسطة.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني:
قَوْلُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالرَّاءِ الْخَفِيفَةِ هُوَ مِنْ صِغَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ شَارَكَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِهِ مِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ شَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ كَثِيرًا بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ. انتهى [فتح الباري (11 /341)]*** الإمام البخاري وشيخه سعيد بن أبي مريم ***
قال البخاري في صحيحه (4729 ) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَقَالَ اقْرَءُوا { فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا } وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِثْلَهُ.
يروي عن شيخه سعيد بن أبي مريم بواسطة محمد بن عبد الله.
قال الحافظ ابن حجر:
قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الذُّهْلِيُّ نِسْبَةً إِلَى جَدِّ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ هُوَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ أَكْثَرَ عَنْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَرُبَّمَا حَدَّثَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ كَمَا هُنَا قَوْلُهُ الرجل الْعَظِيم السمين.
[فتح الباري (8 /426)]**** البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي ***
لا شك أن محمد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري وقد تحمل الحديث عنه قطعا؛ ولكن نظرًا لما جرى بينهما من خلاف وفتنة أضرت بالإمام البخاري رأي بعض المحدثين والنقاد أن البخاري لا يصرح به؛ ويعميه حتى لا يُعرف؛ وفي ذلك نظر؛ لأنه بخلاف صنيع الإمام البخاري ومنهجه الذي سار عليه.
قال الذهبي في "السير"(12 /275) :" وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، وَيُدَلِّسُهُ كَثِيْراً، لاَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، بَلْ يَقُوْلُ: مُحَمَّدٌ فَقطْ، أَوْ مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ، أَوْ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ يَنْسِبُهُ إِلَى الجَدِّ، وَيُعمِّي اسْمَهُ لِمَكَانِ الوَاقِعِ بَيْنَهُمَا - غفَرَ اللهُ لَهُمَا - ". انتهى
قلت : للبخاري سبعة شيوخ اسمهم محمد بن عبد الله وكلهم ثقات مأمونون وهاك أسماؤهم:
(1) محمد بن عبد الله بن نمير؛ وهو بصري ثقة ثبت
(2) محمد بن عبد الله بن المثنى، الأنصاري، بصري ثقة
(3) محمد بن عبد الله بن حوشب الطائفي الهمداني، كوفي ثقة صدوق
(4) مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ؛ ثقة حافظ
(5) مُحَمَّد بن عبد الله الرقاشِي؛ ثقة.
(6) مُحَمَّد بن عبد الله بن إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي الثَّلْجِ؛ صدوق.
(7) محمد بن عبد الله الذي قيل أنه الذهلي.
تحقيق ذكر الذهلي في صحيح البخاري
بحث الحافظ ابن حجر العسقلاني مرويات الذهلي في " إرشاد الساري" (1 /235) فقال رحمه الله تعالى:
(تَرْجَمَة) قَالَ فِي الصَّوْم: حَدثنَا مُحَمَّد بن خَالِد حَدثنَا مُحَمَّد بن مُوسَى بن أعين.
وَقَالَ فِي بَاب رقية الْعين من كتاب الطِّبّ: حَدثنَا مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بن عَطِيَّة حَدثنَا مُحَمَّد بن حَرْب.
وَقَالَ فِي الْأَذْكَار: حَدثنَا مُحَمَّد بن خَالِد حَدثنَا الْأنْصَارِيّ مُحَمَّد بن عبد الله.
وَقَالَ فِي كتاب التَّوْحِيد: حَدثنَا مُحَمَّد بن خَالِد حَدثنَا عبد الله بن مُوسَى.
قَالَ الْحَاكِم والكلاباذي: وَأَبُو مَسْعُود مُحَمَّد بن خَالِد هُوَ الذهلي نسبه إِلَى جَدِّ أَبِيهِ فَإِنَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ فَارِسٍ وَقد حدث أَبُو مُحَمَّد بن الْجَارُود عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وهب بن عَطِيَّة بِالْحَدِيثِ الثَّانِي الَّذِي فِي الطِّبّ ؛ فَهَذِهِ قرينَة بِأَنَّهُ هُوَ؛ مَعَ أَنه وَقع التَّصْرِيح بِهِ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ؛ فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن خَالِد الذهلي؛ أما الَّذِي فِي الْأَحْكَام فَذكر خلف أَنه الوَاقِفِي؛ وَقد ذكر بْنُ عَدِيٍّ فِي شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِد بن جبلة الوَاقِفِي؛ وَقد أخرج عَنهُ عَن عبيد الله بن مُوسَى.
(تَرْجَمَة) قَالَ فِي كتاب الصُّلْح :حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا الأويسي وَإِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي.
وَقَالَ فِي الْجِهَاد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد. وَقَالَ فِي الْمَغَازِي :حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن مسْعدَة .
وَقَالَ فِي تَفْسِير الْكَهْف: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم.
وَقَالَ فِي تَفْسِير ص : حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الطنافسي.
وَقَالَ فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور :حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا عُثْمَان بن عمر.
وَقَالَ فِي الْحُدُود : حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا عَاصِم بن عَليّ.
وَقَالَ فِي الْقسَامَة: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا مُحَمَّد بن سَابق. وَقَالَ فِي التَّوْحِيد : حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا يحيى بن بكير أما الْموضع الأول الَّذِي فِي الصُّلْح فَهُوَ هَكَذَا فِي جَمِيع الرِّوَايَات إِلَّا رِوَايَة أبي أَحْمد الْجِرْجَانِيّ وَرِوَايَة إِبْرَاهِيم بن معقل النَّسَفِيّ فَسقط مِنْهَا ذكر مُحَمَّد بن عبد الله؛ وَصَارَ الحَدِيث عِنْدهمَا للْبُخَارِيّ عَن إِسْحَاق الْفَروِي والأويسي بِلَا وَاسِطَة ؛ وَذكر الْحَاكِم إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورَ هُوَ الذهلي نسبه البُخَارِيّ إِلَى جده.
وَأما الثَّانِي: الَّذِي فِي الْجِهَاد: فَجزم الكلاباذي بِأَنَّهُ الذهلي وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ أَنه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرَّمِيُّ القَاضِي بِبَغْدَاد.
وَأما الثَّالِث: الَّذِي فِي الْمَغَازِي: فَجزم الكلاباذي بِأَنَّهُ الذهلي وَكَذَا جزم البرقاني.
وَأما الرَّابِع : الَّذِي فِي تَفْسِير الْكَهْف: فَجزم الْحَاكِم بِأَنَّهُ الذهلي.
وَأما الْخَامِس: الَّذِي فِي تَفْسِير ص: فَقَالَ الكلاباذي: أرَاهُ الذهلي.
وَأما السَّادِس وَالسَّابِع: فَقَالَ الْجَيَّانِيُّ :لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَلَا ذكر الكلاباذي فِيهِ شَيْئا.
قلت: جزم الْمزي فِي التَّهْذِيب بِأَنَّهُ فيهمَا الذهلي أَيْضا.
وَقد روى البُخَارِيّ فِي كتاب بَدْءِ الْخَلْقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمَخْرَمِيِّ كَمَا تقدم.
وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي الثَّلْجِ وَهُمَا مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ؛ وروى أَيْضا عَن مُحَمَّد بن عبد الله الرقاشِي فِي التَّفْسِير. وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ؛ وَمُحَمَّدِ بن عبد الله بن حَوْشَب وهما أَعلَى من هَذِه الطَّبَقَة؛ وَعَن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ وَهُوَ أَعْلَى من بن حَوْشَب وَالرَّقَاشِيُّ .
وَأما الثَّامِن: وَهُوَ الَّذِي فِي الْقسَامَة: فَقَالَ الكلاباذي: يُقَال إِنَّه الذهلي وَالله .
وَأما التَّاسِع : فَلم يذكرهُ الجياني وَجزم الْمزي فِي التَّهْذِيب بِأَنَّهُ الذهلي وَالله تَعَالَى أعلم*** الرد على الحافظ ابن منده في وصفه للبخاري بالتدليس ***
رد كثير من أهل العلم قول الحافظ ابن منده في الإمام البخاري؛ واستنكروه بل صرح بعضهم أنه لم يجد متابعا أو موافقا لابن منده في قوله ذاك.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني :
" محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الإمام وصفه بذلك أبو عبد الله بن مندة في كلام له فقال فيه اخرج البخاري قال فلان وقال لنا فلان وهو تدليس ولم يوافق بن مندة على ذلك والذي يظهر أنه يقول فيما لم يسمع وفيما سمع لكن لا يكون على شرطه أو موقوفا قال لي أو قال لنا وقد عرفت ذلك بالاستقراء من صنيعه". انظر: [تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس ص 24]
وقال ابن العراقي في كتابه "المدلسين" ص 82:
" محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري صاحب الصحيح قال أبو عبد الله بن منده: قوله في صحيحه قال فلان تدليس، وما علمنا لابن مندة موافقاً على ذلك، ولم ينسب أحد البخاري إلى شئ من التدليس".
وقال الشيخ حماد الأنصاري في كتابه "التدليس والمدلسون" (7 /93): "قال أبو الحسن بن القطان: وأما البخاري فذلك باطل عنه؛ ومن الأدلة على بطلان كلام ابن منده هذا في الإمام البخاري أنه قد ضم معه الأمام مسلما في ذلك ولم يقل مسلم في صحيحه بعد المقدمة عن أحد من شيوخه " قال: فلان " ؛ وإنما روى عنهم بالتصريح فهذا يدلك قطعا على توهين كلام ابن منده بل على بطلانه " . انتهىوالله من وراء القصد
وصلى الله وسلم على النبي محمد وآله وصحبه