طول الأمل

مرفت كامل

طول الأمل والغفلة عن تذكر هادم اللذات من أشد المعوقات التي تقف سلباً في طريق الداعية إلى الله وتصيب همته بالفتور.
وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإكثار من تذكر الموت في قوله عليه الصلاة والسلام: "أكثروا من ذكر هادم اللذات، الموت" (أخرجه الترمذي وصححه الألباني). لأنه علاج ناجع لداء طول الأمل الذي يجعل صاحبه يركن إلى الدنيا وزينتها حتى لا يكاد يكون له هم سواها!! وإذا كان كل مسلم بحاجة لقصر الأمل في الدنيا فإن الداعية حاجته إليه أكبر.
والداعية الفطن يأخذ من الدنيا باعتدال، القدر الذي يستعين به على طاعة الله عز وجل ويجعل جل همه وهمته الدعوة إلى الله لأنه يعلم يقيناً أنه في هذه الحياة على جناح سفر!! فلا ينظر للدنيا إلا من منظار قوله صلى الله عليه وسلم: "مالي وللدنيا وما للدنيا ومالي.. والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من النهار ثم راح وتركها" (أخرجه أحمد وصححه الألباني).
أما من يطلق لنفسه العنان في طول الأمل وينجرف وراء الدنيا وزينتها وملذاتها فهو لا يتعثر في الطريق فحسب!! بل إنه يرجع بهمته الدعوية إلى الوراء بقدر تقدمه نحو الدنيا وزخرفها فيكون وبالاً على الدعوة، وإذا تأملنا في حال أعلام الدعوة قديماً وحديثاً نجد أنهم لم يبلغوا الآفاق إلا بزهدهم في الدنيا وملذاتها وقصر أملهم فيها ويكفي في الزهد فضيلة أنه سبيل لنيل محبة الباري جل وعلا.
قال صلى الله وعليه وسلم: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس" (أخرجه البيهقي وغيره وصححه الألباني).