زلم - أزلام
صالح بن صبحي القيم




في القاموس الفقهي
الزلم: السهم الذي لا ريش عليه.
(ج) أزلام.
ومنه قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[المائدة : 90] وكان أهل الجاهلية يستقسمون بالأزلام، وكانوا يكتبون عليها الأمر والنهي، ويضعونها في وعاء، فإذا أراد أحدهم أمرا أدخل يده فيه، وأخرج سهما، فإن خرج ما فيه الأمر مضى لقصده، وإن خرج ما فيه النهي كف.

في المصباح المنير
[ز ل م] الزَّلَمُ:
بفتح اللام وتضم الزاي وتفتح القدح وجمعه "أَزْلامٌ" وكانت العرب في الجاهلية تكتب عليها الأمر والنهي، وتضعها في وعاء فإذا أراد أحدهم أمرا أدخل يده وأخرج قدحا فإن خرج ما فيه الأمر مضى لقصده وإن خرج ما فيه النهي كفّ.

في الموسوعة الفقهية الكويتية
أزلام التعريف:

1 - الأزلام في اللغة: جمع زلم - بفتح الزاي وضمها مع فتح اللام - القدح الذي لا ريش عليه.
والزلم والسهم والقدح مترادفة المعاني، تدل كلها على قطعة من غصن مسواة مشذبة.
قال الأزهري: "الأزلام كانت لقريش في الجاهلية، مكتوب عليها: أمر ونهي، وافعل ولا تفعل، قد زلمت وسويت، ووضعت في الكعبة، يقوم بها سدنة البيت، فإذا أراد الرجل سفرا أو نكاحا أتى السادن فقال: أخرج لي زلما، فيخرجه وينظر إليه، فإذا خرج قدح (الأمر) مضى على ما عزم عليه، وإن خرج قدح ( النهي ) قعد عما أراده، وربما كان مع الرجل زلمان وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما".
وقال المؤرخ السدوسي وجماعة من أهل اللغة: "الأزلام هي قداح الميسر". وقال الأزهري: وهو وهم، واستدل عليه بحديث سراقة بن جعشم المدلجي.
والفقهاء يذكرون الأزلام على أنها السهام التي كان أهل الجاهلية يستقسمون بها في أمور حياتهم. وهذا الرأي يوافق ما قاله الأزهري.
وروى ابن بطال عن الهروي هذا المعنى، وروي عن العزيزي: أنها السهام التي كان أهل الجاهلية يستقسمون بها على الميسر.
والذي تحصل من كلام أهل النقل - كما جاء في فتح الباري والقرطبي والطبري - أن الأزلام: منها ما هو مخصص للاستقسام بها في أمور الحياة، من نكاح وسفر وغزو وتجارة وغير ذلك، ومنها ما هومخصص للميسر. ولكن عند الإطلاق ينصرف إلى ما هو مخصص للاستقسام. ولتفصيل أحكام ما هو مخصص للميسر يرجع إلى مصطلحه.
وأكثر ما يستعمل ( الزلم ) في الاستقسام، وأكثر ما يستعمل ( السهم ) في سهم القوس الذي يرمى به، وأكثر ما يستعمل ( القدح ) في قداح الميسر.
2 - واختلف العلماء فيما كانت تتخذ منه الأزلام، فقيل: هي السهام التي يرمى بها، وقيل: هي من حصى بيض، وقيل: من القراطيس\.
الحكم الإجمالي:
أ - حكم صنعها واقتنائها والتعامل فيها:
4 - الأزلام من أعمال الجاهلية التي حرمها الله سبحانه وتعالى بقوله : { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .
وكل ما حرمه الله تعالى يحرم صنعه واقتناؤه والتعامل فيه، وقد ورد في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام". يقول ابن القيم: "يستفاد من هذا الحديث تحريم بيع كل آلة متخذة للشرك، على أي وجه كانت، ومن أي نوع كانت، صنما أو وثنا أو صليبا، فهذه كلها يجب إزالتها وإعدامها، وبيعها ذريعة إلى اقتنائها، واتخاذها، ولذلك يحرم البيع".
ولأن من شروط البيع، كما يقول الفقهاء: أن يكون المبيع غير منهي عنه، والأزلام - بصفتها وهيئتها، من كونها القداح التي كتب عليها الأمر أو النهي لتكون هي الموجهة - منهي عنها، فينطبق عليها ما ينطبق على الصنم والصليب، من حرمة بيعها واقتنائها والتعامل فيها.
ويقول بعض الفقهاء: ما لا يجوز استعماله لا يجوز اتخاذه، ولا تحل الأجرة لصنع مثل هذه الأشياء، ففي الفتاوى الهندية: من استأجر رجلا لينحت له أصناما، لا شيء له.
والمادة التي تصنع منها الأزلام - سواء أكانت حجارة أم خشبا أو غير ذلك - لا يجوز بيعها لمن يتخذها لمثل ذلك. فلا يصح عند جمهور الفقهاء بيع العنب لمن يتخذه خمرا، ولا بيع بندق لقمار، ولا دار لتعمل كنيسة، ولا بيع الخشبة لمن يتخذها صليبا، ولا بيع النحاس لمن يتخذه ناقوسا. وكذلك كل شيء علم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز.
وفي المبسوط في باب الأشربة قوله تعالى : { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . قال السرخسي بعد ذلك: "بين الله تعالى أن كل ذلك رجس، والرجس: ما هو محرم العين، وأنه من عمل الشيطان" .
ومن المعلوم أنه إذا أبطلت الهيئة المحرمة للأزلام رجع حكمها الأصلي، وهو إباحة الانتفاع بها فيما هو حلال.
ب - أهي طاهرة أم نجسة ؟
5 - لو نظرنا إلى المادة التي تصنع منها الأزلام، والتي لا يدخلها ما ينجسها، لوجدنا أنها خشب أو حجارة أو حصى، وكل ذلك طاهر، وصنعه على هيئة خاصة لا يجعله نجسا.
ولذلك يقول النووي في المجموع - بعد قوله تعالى: { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } - : إن الخمر نجسة للآية، ولا يضر قرن الميسر والأنصاب والأزلام بها، مع أن هذه الأشياء طاهرة؛ لأن هذه الثلاثة خرجت بالإجماع، فبقيت الخمر على مقتضى الكلام، ولا يظهر من الآية دلالة ظاهرة؛ لأن الرجس عند أهل اللغة القذر، ولا يلزم من ذلك النجاسة، وكذلك الأمر بالاجتناب لا يلزم منه النجاسة.
مواطن البحث:
6 - كان العرب يتخذون الأزلام للاستقسام بها في شؤون حياتهم. وبيان الحكم في ذلك، وتفصيل الكلام فيه ينظر في مصطلح: ( استقسام ). كما أن من الأزلام ما هو مخصص للقمار، وتسمى قداح الميسر، وينظر تفصيله في مصطلح ( ميسر - قمار ).