تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: رجوع الله في وعيده و عدم رجوعه في وعده , هل هي قاعدة صحيحة؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    439

    افتراضي رجوع الله في وعيده و عدم رجوعه في وعده , هل هي قاعدة صحيحة؟

    زعم علي جمعه مفتي مصر السابق أن أبا لهب من الممكن أن يدخل الجنة و ذلك لأن الله كريم و من الممكن أن يرجع في وعيده للكفار و العصاة و لكنه لا يرجع في وعده للصالحين , فهل هذه القاعدة صحيحة؟ و من قال بها من العلماء قبله؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي

    وفقك الله.
    هذه المسألة مشهورة بمسألة إخلاف الوعيد من الله تعالى ولها مسمّيات أخرى، وهي مبثوثة في كتب التفسير والأصلين : أما في أصول الدين، فتجدها في باب الوعد و الوعيد، وأما في أصول الفقه، فتجد ما يستلزمها في المقدمات، وأحيانا في باب الأمر والنهي تحت اسم التكليف بما لايطاق. و السؤال الذي اعتاد الأصوليون طرحه في هذا الباب هو : هل يمكن لله تعالى أن يأمر كافرا بفعل الطاعات واجتناب المعاصي مع علمه الأزلي أنه لايفعل ذلك ؟ والأصوليون يضربون المثل بأبي لهب وبأبي جهل حيث أخبر الله عن أبي لهب أنه من أهل النار ومع ذلك طلب منه الإيمان.
    وهذه الآية الكريمة النازلة في حق أبي لهب من دلائل النبوّة حيث نزلت قبل هلاك أبي لهب بمدة طويلة، ولم يعارضها بالدخول في الإسلام ولو تظاهرا.
    ولم يقل أحد من أهل السنة إن أبا لهب ممكن أن لايدخل النار، لأن الآية إخبار من الله، وخبر الله صدق، ثم الخبر لايقع عليه النسخ كما هو معروف. و لاينبغي للمفتي، بعد قولته هذه، أن يمانع في دخول فرعون وهامان وقارون، بل والشيطان الجنة، إذ لافرق بين خبر وخبر.
    وإنما وقع الخلاف في الوعيد العام لأهل المعاصي، فبعض أهل السنة يرى أن إخلاف الوعيد ممدحة وليس مذمة في حق البشر، فالله أولى بالمدح. وقصة أبي عمرو بن العلاء وعمرو بن عبيد مشهورة في ذلك : فقد جاء عمرو بن عبيد المعتزلي إلى أبي عمرو بن العلاء فقال: يا أبا عمرو: ويخلف الله ما وعده؟ قال: لا، قال: أفرأيت من أوعده الله على عملٍ عقابا، أيخلف الله وعده فيه؟ فقال أبو عمرو بن العلاء: من العجمة أتيت يا أبا عثمان، إن الوعد غير الوعيد، إن العرب لا تعد عاراً ولا خلفاً أن تعد شراً، ثم لا تفعله، ترى ذلك كرماً وفضلاً، وإنما الخلف أن تعد خيراً ثم لا تفعله. قال: فأوجدني هذا في كلام العرب؟ قال: نعم، أما سمعت إلى قول الأول :
    وإني وإن أوعدته أو وعدته ** لمخلف إبعادي ومنجز موعدي

    وقد ردّ العلامة الشنقيطي رحمه الله هذا القول فقد قال في الأضواء عند تفسيره قوله تعالى : "كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيد" :

    "هذه الآية الكريمة تدل على أن من كذب الرسل يحق عليه العذاب، أي يتحتم ويثبت في حقه ثبوتاً لا يصح معه تخلفه عنه، وهو دليل واضح على أن ما قاله بعض أهل العلم من أن الله يصح أن يخلف وعيده، لأنه قال: إنه لا يخلف وعده ولم يقل إنه لا يخلف وعيده، وأن إخلاف الوعيد حسن لا قبيح، وإنما القبيح هو إخلاف الوعد، وأن الشاعر قال:

    وإني وإن أوعدته أو وعدته *** لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

    لا يصح بحال ؛ لأن وعيده تعالى للكفار حق ووجب عليهم بتكذيبهم للرسل كما دل عليه قوله هنا: {كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}.

    وقد تقرر في الأصول أن الفاء من حروف العلة كقوله: سها فسجد. أي لعلة سهوه وسرق فقطعت يده أي لعلة سرقته، ومنه قوله تعالى "وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوۤاْ أَيْدِيَهُمَا"، فتكذيبهم الرسل علة صحيحة لكون الوعيد بالعذاب حق ووجب عليهم، فدعوى جواز تخلفه باطلة بلا شك." انتهى.

    ومهما يكن من أمر، فلا يُعلم قول بمثل قول المفتي في حق أبي لهب.
    والله تعالى أعلم.


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,364

    افتراضي

    كتبت على صفحتي على الفيس بوك مُذ سمعت كلامه
    تعقيبًا على كلام علي جمعة في التكليف بالمحال:

    نقول من شروط التكليف العائدة إلى الفعل: (أن يكون الفعل ممكنا، مقدورا عليه).
    والتكليف بما لا يطاق، أو التكليف بالمحال، قسمان:
    الأول: المستحيل لذاته: كالجمع بين الضدين، وهذا غير واقع في الشريعة، ولا يجوز التكليف به إجماعا، لقوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، وقوله تعالى: (لا تكلف نفس إلا وسعها).
    الثاني: المستحيل لا لذاته؛ بل لتعلق علم الله بأنه لا يوجد، وذلك كإيمان أبي لهب؛ فإن إيمانه بالنظر إلى مجرد ذاته جائز عقلًا الجواز الذاتي؛ لأن العقل يقبل وجوده وعدمه، ولو كان إيمانه مستحيلًا عقلًا لذاته لاستحال شرعًا تكليفه بالإيمان مع أنه مكلف به قطعًا إجماعًا؛ ولكن هذا الجائز عقلاً الذاتي مستحيل من جهة أخرى، وهي من حيث تعلق علم الله فيما سبق أنه لا يؤمن لاستحالة تغير ما سبق له العلم الأزلي، وهذا النوع من المستحيل يجوز التكليف به شرعا وهو واقع بإجماع المسلمين.
    وما قرره علي جمعه في كلامه هو مذهب المعتزلة، وهو مردود وعلى فرض اعتباره فيكون الخلاف في مقدار العقاب في الآخرة، هل يعاقبون على الكفر فقط، أو يعاقبون عليه وعلى ترك أداء الفروع، وإلا فلا خلاف بين العلماء في أن الكفار مكلفون بالإيمان في أصول الشريعة، وأن تركهم لهذه الأصول يوجب تخليدهم في النار، كما قال تعالى: (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية).
    والتسامح في الوعيد لا يكون إلا لمن ثبت له أصل التوحيد والإيمان في الدنيا، لا في الآخرة؛ فالعقاب والثواب مترتب على الأعمال في الدنيا، لا مجرد الإقرار في الآخرة.
    وخلاف العلماء في تخفيف العذاب عن أبي لهب لعتقه ثويبة لإرضاعها النبي صلى الله عليه وسلم، مع ثبوت أصل التخليد له في النار لا يخفى، فمنهم من قال بالتخفيف، ومنهم من قال بعدمه، وهو الراجح؛ لعدم ثبوت الدليل، وراجع المسألة في فتح الباري لابن حجر.

    ويتفرع عليها أيضًا مسألة وهي: هل يجوز الأمر من الله تعالى بما يعلم أن المكلف لا يتمكن من فعله؟
    فالجمهور على جوازه وهو الحق خلافا للمعتزلة، وفائدته: أن في هذا امتحانا وابتلاء للمأمور ليشتغل بالاستعداد فيثاب على العزم على امتثال الأمر، ويعاقب على العزم على الترك.

    ويتفرع عليها: جواز النسخ قبل التمكن من الفعل.
    ولا تغفل في نهاية الأمر ذكر قوله تعالى:
    (سيصلى نارا ذات لهب).
    فمن كذب بها كان مكذبًا بالقرآن.
    هذا وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,364

    افتراضي

    وقلت أيضًا عندما وجدت من يبرر له ويقلل من جُرمه:
    مسلك بعض الأفاضل لتقليل شأن ما تلفظ به علي جمعة بكونها مسألة أصولية كلامية مثلو لها بإيمان أبي لهب، خطأ واضح؛ بدليل أنه لم يقتصر على عرض المسألة وحسب، وإنما تخطاها للكلام على الجزاء الأخروي، وقال أن الله قد يسامحه ويدخله الجنة إذا أقر بإنه لم يؤمن، وهذا مكمن الغلط والخطأ وردًا لصريح القرآن.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة

    والتسامح في الوعيد لا يكون إلا لمن ثبت له أصل التوحيد والإيمان في الدنيا،

    نعم بارك الله فيك يقول الشيخ بن باز رحمه الله--إن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن سار على نهجهم كلهم متفقون على أن جميع المعاصي دون الشرك، وعلى أن أصحابها إذا ماتوا عليها غير تائبين تحت مشيئة الله، إن شاء ربنا غفر لهم وعفا، وإن شاء أدخلهم النار وعذبهم فيها على قدر جرائمهم، كما جاء في القاتل: فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة: 275]، وفي أكل الربا، يعني في آكل الربا، فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة: 275] وفي القاتل: فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً[النساء: 93]، وجاء في كبائر أخرى أنواع من الوعيد، فكل هذا وعيد لا يخرجها عن كونها تحت المشيئة؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- قد يعفو ولا ينفذ وعيده، وإخلاف الوعيد من صفات الكمال، بخلاف إخلاف الوعد، فالله لا يخلف وعده -سبحانه وتعالى- إن وعده بالخير، ولكن إخلاف وعيده فهذا من مكارم الأخلاق إذا عفا، من مكارم الأخلاق من بني آدم فكيف بالله -عز وجل- الذي هو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، فإنه إذا عفا -سبحانه- فله الفضل، وله الجود والكرم -سبحانه وتعالى-، ويقول الشاعر: وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي فإنجاز الموعد مما يمدح به ويثنى به، وإخلاف الإيعاد عرفاً وفضلاً ممن يمدح به، فالله -عز وجل- بين أن الشرك لا يغفر إلا لمن تاب منه، وأما ما دون ذلك فهو تحت مشيئة الله -سبحانه وتعالى-، وهذا قول أهل السنة والجماعة: من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن جاء بعدهم على نهجهم الطيب، خلافاً للخوارج وخلافاً للمعتزلة فإن الخوارج كفَّروا بالمعاصي والكبائر، وأخرجوا بها من الإسلام، وهكذا المعتزلة أخرجوهم من الإسلام وجعلوهم منزلة بين المنزلتين، ووافقوا الخوارج في تخليدهم في النار، وهذا بالطل مخالف للنصوص المتواترة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما أنه مخالف لنص القرآن في قوله -سبحانه-: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[النساء: 48]، وقد تواترت الأخبار عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أن الله يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، مثقال ذرة من إيمان، وأن الله يشفع في أهل النار من الموحدين عدة شفعات، فيحد الله له حداً فيخرجهم من النار، وهذا عام لجميع أهل المعاصي، أما الشرك فلا، ولهذا قال العلماء: إن الخلود خلودان: خلود مؤبد، وهذا خلود الكفرة، هذا خلود مؤبد لا يخرجون من النار أبداً، كما قال الله تعالى في حقهم: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ[البقرة: 167]، وقال في حق الكفرة أيضاً: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ[المائدة: 37]، هذه حال الكفرة. أما الخلود الثاني: فهو خلود بعض أهل المعاصي كما جاء في القاتل، وفي الزاني، في قوله -جل وعلا-: وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً[الفرقان: 69]، فجمع الشرك والقتل والزنى. فالخلود للمشرك خلود دائم، والخلود للقاتل والزاني والمرابي ونحوهم خلود مؤقت، والعرب تطلق على الإقامة الطويلة خلود، من قولهم: "أقاموا فأخلدوا"، يعني طولوا الإقامة ومدوها، فهذا هو الحق عند أهل السنة والجماعة

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    439

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا , و نفع بكم .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,364

    افتراضي

    آمين، وجزاك
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    234

    افتراضي

    هذه المناظرة بين أبي عمرو بن العلاء وعمرو بن عبيد في الوعد والوعيد: $قَالَ اليَزِيْدِيُّ، وَآخَرُ: تَكَلَّمَ عَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ فِي الوَعِيْدِ سَنَةً، فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: إِنَّكَ لأَلْكَنُ الفَهمِ، إِذْ صَيَّرتَ الوَعِيْدَ الَّذِي فِي أَعْظَمِ شَيْءٍ، مِثْلَهُ فِي أَصْغَرِ شَيْءٍ، فَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّغَيْرِ وَالكَبِيْرِ لَيْسَا سَوَاءً، وَإِنَّمَا نَهَى اللهُ عَنْهُمَا لِتَتمَّ حُجَّتُه عَلَى خَلقِه، وَلِئَلَّا يَعدِلَ عَنْ أَمرِه، وَوَرَاءَ وَعِيْدِه عَفْوُه وَكَرَمُه.
    ثُمَّ أَنْشَدَ:
    وَلاَ يَرْهَبُ ابْنُ العَمِّ مَا عِشْـتُ صَوْلَـتِي
    وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ وَوَعَدْتُهُ


    وَلاَ أَخْتَتِي مِنْ صَوْلَةِ المُتَهَدِّدِ
    لَمُخْلِفُ إِيْعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي


    فَقَالَ عَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ: صَدَقتَ، إِنَّ العَرَبَ تَتَمَدَّحُ بِالوَفَاءِ بِالوَعدِ وَالوَعِيْدِ، وَقَدْ يُمتدَحُ بِهِمَا المَرْءُ، تَسَمَّعْ إِلَى قَوْلِهِم؟!
    لاَ يُخْلِفُ الوَعْدَ وَالوَعِيْدَ وَلاَ يَبِيْتُ مِنْ ثَأْرِهِ عَلَى فَوْتِ
    فَقَدْ وَافقَ هَذَا قَوْلَه تَعَالَى: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ ) [الأعراف:44].
    قَالَ أَبُو عَمْرٍو: قَدْ وَافَقَ الأَوَّلُ أَخْبَارَ رَسُوْلِ الله ع، وَالحَدِيْثُ يُفَسِّرُ القُرْآنَ. $سير أعلام النبلاء# (6: 409).

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله في مجموع فتاويه:
    في قول الله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا ..)
    (قلت: فكلامه رحمه الله إذن في حق المسلم الذي قتل، وذلك بحسب السياق، فليتنبه)
    الوجه السادس: أن يقال إن هذا من باب الوعيد، والوعيد يجوز إخلافه، لأنه انتقال من العدل إلى الكرم، والانتقال من العدل إلى الكرم كرم وثناء وأنشدوا عليه قول الشاعر:
    وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إبعادي ومنجز موعدي
    أوعدته بالعقوبة، ووعدته بالثواب، لمخلف إبعادي ومنجز موعدي.
    وأنت إذا قلت لابنك: والله، إن ذهبت إلى السوق، لأضربنك بهذا العصا. ثم ذهب إلى السوق، فلما رجع، ضربته بيدك، فهذا العقاب أهون على ابنك، فإذا توعد الله عز وجل القاتل بهذا الوعيد، ثم عفا عنه، فهذا كرم.
    ولكن هذا في الحقيقة فيه شيء من النظر، لأننا نقول: إن نفذ الوعيد، فالإشكال باق، وإن لم ينفذ، فلا فائدة منه.
    هذه ستة أوجه في الجواب عن الآية، وأقربها الخامس، ثم الرابع.
    مسألة: إذا تاب القاتل، هل يستحق الوعيد؟
    الجواب: لا يستحق الوعيد بنص القرآن، لقوله تعالى: { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً (69) إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات } [الفرقان: 68-70]، وهذا واضح، أن من تاب ـ حتى من القتل ـ، فإن الله تعالى يبدل سيئاته حسنات....إلخ


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    ينظر للفائدة:
    http://www.dorar.net/firq/1019

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي

    نفع الله بكم شيخنا.
    تصحيح نسخ الآية الكريمة.
    "يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا"
    "ويخلد فيهِ مهانا"

    فائدة : قال العلامة النسفي عند تفسير هذه الآية : " وإنما خصّ حفص الإشباع بهذه الكلمة ( أي أن حفصا قرأ "فيهِ ي" بمد الصلة خلافا للقاعدة) مبالغة في الوعيد، والعرب تمدّ للمبالغة. "
    والله تعالى أعلم.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    تم التصحيح، بارك الله فيكم أستاذنا المفيد.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    اورد ابن القيم رحمه الله في ( الفوائد ) تفسيرا لقوله تعالى ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ )

    قول ابن عباس رضي الله عنهما "
    يريد ما لوعدي خلف لاهل طاعتى ولا أهل معصيتي "

    فلا ادري هل يقصد عدم اخلاف الوعد لطاعة العاصي . و ان معصيته لا تمنع من اثابته على الطاعة ؟
    ام يقصد عدم اخلاف الوعيد على المعاصي ؟
    و الثاني مشكل على القاعدة في هذا الباب الا ان يحمل ذلك على الشرك و اهله ؟



  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    اورد ابن القيم رحمه الله في ( الفوائد ) تفسيرا لقوله تعالى ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ )

    قول ابن عباس رضي الله عنهما "
    يريد ما لوعدي خلف لاهل طاعتى ولا أهل معصيتي "

    فلا ادري هل يقصد عدم اخلاف الوعد لطاعة العاصي . و ان معصيته لا تمنع من اثابته على الطاعة ؟
    ام يقصد عدم اخلاف الوعيد على المعاصي ؟
    و الثاني مشكل على القاعدة في هذا الباب
    الا ان يحمل ذلك على الشرك و اهله ؟


    الا ان يحمل ذلك على الشرك و اهله ؟
    بارك الله فيك اخى الكريم الطيبونى--اليك الجواب-
    السؤال
    هل هناك فعلًا مفهوم شرعي اسمه: إخلاف الوعيد، ومعناه أن الله عز وجل عندما يهدد مرتكب ذنب بالنار أو العقاب فليس بالضرورة أن ينفذ ذلك، حيث إن ذلك يتناقض مع معنى الآية: كُلٌّ كَذَّبَ...؟



    الإجابــة

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
    فالله تبارك وتعالى من كرمه، وفضله، ورحمته يغفر لمن شاء من عباده ذنوبهم حتى الكبائر منها، وذلك في ما دون الشرك والكفر، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ {النساء: 48}.
    وعلى هذا يحمل قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ {ق: 12ـ 14}.

    فالوعيد هنا لا يمكن أن يتخلف؛ لأنه لأهل الكفر، بخلاف ما دون ذلك من الذنوب، قال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان عند قوله تعالى: كل كذب الرسل فحق وعيد ـ هذه الآية الكريمة تدل على أن من كذب الرسل يحق عليه العذاب، أي: يتحتم ويثبت في حقه ثبوتًا لا يصح معه تخلفه عنه، وهو دليل واضح على أن ما قاله بعض أهل العلم من أن الله يصح أن يخلف وعيده؛ لأنه قال: إنه لا يخلف وعده ـ ولم يقل إنه لا يخلف وعيده، وأن إخلاف الوعيد حسن لا قبيح، وإنما القبيح هو إخلاف الوعد، وأن الشاعر قال:
    وإني وإن أوعدته أو وعدته**** لمخلف إيعادي ومنجز موعدي ـ لا يصح بحال؛ لأن وعيده تعالى للكفار حق ووجب عليهم، بتكذيبهم للرسل، كما دل عليه قوله هنا: كل كذب الرسل فحق وعيد ـ وقد تقرر في الأصول أن الفاء من حروف العلة، كقوله: سها فسجد، أي: لعلة سهوه، وسرق فقطعت يده، أي: لعلة سرقته، ومنه قوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما {المائدة 38} فتكذيبهم الرسل علة صحيحة لكون الوعيد بالعذاب حق ووجب عليهم، فدعوى جواز تخلفه باطلة بلا شك، وما دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ {ق: 29} والتحقيق: أن المراد بالقول الذي لا يبدل لديه هو الوعيد الذي قدم به إليهم، وقوله تعالى في سورة ص: إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب {14} وبهذا تعلم أن الوعيد الذي لا يمتنع إخلافه هو وعيد عصاة المسلمين بتعذيبهم على كبائر الذنوب؛ لأن الله تعالى أوضح ذلك في قوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء {النساء 48} وهذا في الحقيقة تجاوز من الله عن ذنوب عباده المؤمنين العاصين، ولا إشكال في ذلك، - وقد أوضحنا هذا في كتابنا: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ـ في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله. اهـ.[الاسلام سؤال وجواب]


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •