تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنياً..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    Lightbulb جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنياً..

    جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنياً..



    هذا من أعظم الجنايات على العلم ومن أشدها إفساداً للمنهج ومن أعظمها ضرراً على النظر والفقه..



    وأصلُ ذلك أنه لما ثبتت حجية الإجماع،غفل البعضُ فظنَّ أن هذه الحجية على رتبة واحدة،فصار يجبه مخالفه بكل إجماع حُكي يُريد بذلك قطع النزاع،يظن بذلك أنه أتى بالحجة التي لا مناص من إتباعها(!!!)



    والتحقيق في ذلك أن الإجماع رتبتان لكل منهما أثر في مقام الاستدلال وليسوا سواء...



    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-في ((مجموع الفتاوى)) (19/269):



    ((وَالْإِجْمَاعُ نَوْعَانِ : قَطْعِيٌّ . فَهَذَا لَا سَبِيلَ إلَى أَنْ يُعْلَمَ إجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ . وَأَمَّا الظَّنِّيُّ فَهُوَ الْإِجْمَاعُ الإقراري والاستقرائي : بِأَنْ يَسْتَقْرِئَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَجِدُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا أَوْ يَشْتَهِرُ الْقَوْلُ فِي الْقُرْآنِ(كذا ولعل الصواب: القرن) وَلَا يَعْلَمُ أَحَدًا أَنْكَرَهُ.

    فَهَذَا الْإِجْمَاعُ وَإِنْ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ النُّصُوصُ الْمَعْلُومَةُ بِهِ لِأَنَّ هَذَا حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ لَا يَجْزِمُ الْإِنْسَانُ بِصِحَّتِهَا ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِمُ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ وَحَيْثُ قَطَعَ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ فَالْإِجْمَاعُ قَطْعِيٌّ .

    وَأَمَّا إذَا كَانَ يَظُنُّ عَدَمَهُ وَلَا يَقْطَعُ بِهِ فَهُوَ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ وَالظَّنِّيُّ لَا يُدْفَعُ بِهِ النَّصُّ الْمَعْلُومُ لَكِنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَيُقَدَّمُ عَلَى مَا هُوَ دُونَهُ بِالظَّنِّ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الظَّنُّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَمَتَى كَانَ ظَنُّهُ لِدَلَالَةِ النَّصِّ أَقْوَى مِنْ ظَنِّهِ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ قَدَّمَ دَلَالَةَ النَّصِّ وَمَتَى كَانَ ظَنُّهُ لِلْإِجْمَاعِ أَقْوَى قَدَّمَ هَذَا وَالْمُصِيبُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَاحِدٌ .

    وَإِنْ كَانَ قَدْ نُقِلَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ فُرُوعٌ (كذا ولعل الصواب: النزاع) وَلَمْ يَتَعَيَّنْ صِحَّتُهُ فَهَذَا يُوجِبُ لَهُ أَنْ لَا يَظُنَّ الْإِجْمَاعَ إنْ لَمْ يَظُنَّ بُطْلَانَ ذَلِكَ النَّقْلِ وَإِلَّا فَمَتَى جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ نَاقِلُ النِّزَاعِ صَادِقًا وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا يَبْقَى شَاكًّا فِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ وَمَعَ الشَّكِّ لَا يَكُونُ مَعَهُ عِلْمٌ وَلَا ظَنٌّ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا تُدْفَعُ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ بِهَذَا الْمُشْتَبَهِ مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ لَا يَكُونُ قَطُّ= إجْمَاعٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ مَعَ مُعَارَضَتِهِ لِنَصٍّ آخَرَ لَا مُخَالِفَ لَهُ وَلَا يَكُونُ قَطُّ نَصٌّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَلَيْسَ فِي الْأُمَّةِ قَائِلٌ بِهِ بَلْ قَدْ يَخْفَى الْقَائِلُ بِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ .

    قَالَ التِّرْمِذِيُّ : كُلُّ حَدِيثٍ فِي كِتَابِي قَدْ عَمِلَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا حَدِيثَيْنِ : حَدِيثَ الْجَمْعِ ؛ وَقَتْلِ الشَّارِبِ . وَمَعَ هَذَا فَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ قَدْ عَمِلَ بِهِ طَائِفَةٌ وَحَدِيثُ الْجَمْعِ قَدْ عَمِلَ بِهِ أَحْمَد وَغَيْرُهُ .

    وَلَكِنْ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ نَصٌّ وَلَمْ يَعْلَمْ قَائِلًا بِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي : أَجْمَعَ عَلَى نَقِيضِهِ أَمْ لَا ؟ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَأَى دَلِيلًا عَارَضَهُ آخَرُ وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَعْلَمْ رُجْحَانَ أَحَدِهِمَا فَهَذَا يَقِفُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ رُجْحَانُ هَذَا أَوْ هَذَا فَلَا يَقُولُ قَوْلًا بِلَا عِلْمٍ وَلَا يَتَّبِعُ نَصًّا مَعَ ظَنِّ نَسْخِهِ وَعَدَمِ نَسْخِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ لِمَا عَارَضَهُ عِنْدَهُ مِنْ نَصٍّ آخَرَ أَوْ ظَنِّ إجْمَاعٍ وَلَا عَامًّا ظَنُّ تَخْصِيصِهِ وَعَدَمِ تَخْصِيصِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ نَفْيُ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ وَإِلَّا وُقِفَ..... وَأَمَّا رَدُّ النَّصِّ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ فَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ)) [الفتاوى 19/269-271].



    وإذاً: فالإجماع رتبتان:



    1- إجماع لا تكاد تلقى أحداً إلا وهو يعلمه.وهذا حجة قطعية بلا إشكال،ولا يكون النص قط بخلافها.اما قول بعض الباحثين: ((إذا كان الإجماع دليلاً صحيحاً يفيد القطع , ثم تعارض (في الظاهر ) مع النص
    وجب التعامل مع الأمر حينئذ كما يتعامل عند التعارض بين أي نصين )).



    فهو محض توهم لا يكون ،وإنما صورة الأمر كما يقول شيخ الإسلام: ((وأما أهل الحديث فالنصوص الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم هي عمد تهم وعليها يجمعون إذا أجمعوا لا سيما وأئمتهم يقولون لا يكون قط إجماع صحيح على خلاف نص إلا ومع الإجماع نص ظاهر معلوم يعرف أنه معارض لذلك النص الآخر فإذا كانوا لا يسوغون أن تعارض النصوص بما يدعى من إجماع الأمة لبطلان تعارض النص والإجماع عندهم فكيف إذا عورضت النصوص بما يدعى من إجماع العترة أو أهل المدينة)). [المنهاج5/167].



    ويقول: ((ومن إدعى إجماعا يخالف نص الرسول من غير نص يكون موافقا لما يدعيه واعتقد جواز مخالفة أهل الاجماع للرسول برأيهم وأن الاجماع ينسخ النص كما تقوله طائفة من أهل الكلام والرأى فهذا من جنس هؤلاء

    وأما إن كان يعتقد أن الاجماع يدل على نص لم يبلغنا يكون ناسخا للأول فهذا وإن كان لم يقل قولا سديدا فهو مجتهد فى ذلك يبين له فساد ما قاله كمن عارض حديثا صحيحا بحديث ضعيف اعتقد صحته فان قوله وإن لم يكن حقا لكن يبين له ضعفه وذلك بان يبين له عدم الاجماع المخالف للنص او يبين له انه لم تجتمع الأمة على مخالفة نص إلا ومعها نص معلوم يعلمون أنه الناسخ للأول فدعوى تعارض النص والاجماع باطلة ويبين له أن مثل هذا لا يجوز فان النصوص معلومة محفوظة والأمة مأمورة بتتبعها واتباعها وأما ثبوت الاجماع على خلافها بغير نص فهذا لا يمكن العلم بان كل واحد من علماء المسلمين خالف ذلك النص)).[الفتاوى 19/270].



    ويقول: ((الإجماع المعلوم حجة قطعية لا سمعية لا سيما مع النصوص الكثيرة الموافقة له فلو قدر ورود خبر يخالف الإجماع كان باطلا إما لكون الرسول لم يقله وإما لكونه لا دلالة فيه

    الرابع أنه يمتنع تعارض النص المعلوم والإجماع المعلوم فإن كليهما حجة قطعية والقطعيات لا يجوز تعارضها لوجوب وجود مدلولاتها فلو تعارضت لزم الجمع بن النقيضين وكل من أدعى إجماعا يخالف نصا فأحد الأمرين لازم إما بطلان إجماعه وإما بطلان نصه وكل نص اجتمعت الأمة على خلافه فقد علم النص الناسخ له

    وأما أن يبقى في الأمة نص معلوم والإجماع مخالف له فهذا غير واقع))[المنهاج 8/360]



    فتجريد المعارضة بين الإجماع والنص محض محال ،ولابد من نص مع الإجماع،ومستند الإجماع قد يخفى على بعض الأمة أما على جميعها بحيث يقوم الإجماع وحده فمحال..



    يقول الشيخ: ((فنقول أولا ما من حكم اجتمعت الأمة عليه إلا وقد دل عليه النص فالإجماع دليل على نص موجود معلوم عند الأئمة ليس مما درس علمه والناس قد اختلفوا في جواز الإجماع عن اجتهاد ونحن نجوز أن يكون بعض المجمعين قال عن اجتهاد لكن لا يكون النص خافيا على جميع المجتهدين وما من حكم يعلم أن فيه إجماعا إلا وفي الأمة من يعلم أن فيه نصا وحينئذ فالإجماع دليل على النص))[المنهاج 8/344].



    فإن قلتَ وما صفةُ هذا الإجماع القطعي (؟؟)



    قلنا: وصفه الشافعي فقال: ((ذلك الإجماع هو الذي إذا قلتَ أجمع الناس لم تجد أحداً يقول لك ليس هذا بإجماع فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها)).



    فإن قلتَ وأنى ومتى يوجد هذا الإجماع القطعي(؟؟)



    قلنا: غالباً ما ينحصر وجوده في عهد الصحابة ثم يستمر الإجماع فيمن بعدهم ،أما حكايات إجماعات من بعدهم-والتي لا يُحقق إجماع الصحابة فيها- فغالب ما يُحكى من هذه الإجماعات ظني ..



    يقول الشيخ: ((الطَّرِيقُ الرَّابِعُ الْإِجْمَاعُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ.

    لَكِنَّ الْمَعْلُومَ مِنْهُ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَأَمَّا مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَعَذَّرَ الْعِلْمُ بِهِ غَالِبًا وَلِهَذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يُذْكَرُ مِنْ الإجماعات الْحَادِثَةِ بَعْدَ الصَّحَابَةِ وَاخْتَلَفَ فِي مَسَائِلَ مِنْهُ كَإِجْمَاعِ التَّابِعِينَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الصَّحَابَةِ وَالْإِجْمَاعِ الَّذِي لَمْ يَنْقَرِضُ عَصْرُ أَهْلِهِ حَتَّى خَالَفَهُمْ بَعْضُهُمْ وَالْإِجْمَاعِ السكوتي وَغَيْرِ ذَلِكَ)).



    ويقول: ((وَهُمْ إذَا ذَكَرُوا إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عِلْمٌ بِهَذَا الْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ الْعِلْمُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ ؛ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِأَقْوَالِ السَّلَفِ فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَعَذَّرُ الْقَطْعُ بِإِجْمَاعِهِمْ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ بِخِلَافِ السَّلَفِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِإِجْمَاعِهِمْ كَثِيرًا)).







    2- الرتبة الثانية للإجماع:




    إجماع ظني يعلم بالسكوت عن المجاهرة بالمخالفة أو أن يستقرئ؛ الناظر فلا يجد في المسألة خلافاً وقد ذكر شيخ لإسلام في موضع آخر أن السلف جميعا كانوا يحتجون بهذه الرتبة من الإجماع بلا نزاع بينهم..لكنَّ الشيخ هنا يشير إلى مسألة جليلة وهي أن هذا الإجماع-وإن احتججنا به- فهوحجة ظنية قد يُعارضها غيرها من الأدلة الظنية ،ولا حرج حينها على من قويت في نظره دلالة الإجماع واعتقاد ثبوته=أن يُقدمه..كما أنه لا حرج على من قويت في نظره دلالة النص أن يُقدمه..ولا يمنع من قدم الأدلة الأخرى منعاً كمنع من يخالف الإجماع القطعي بل الأمر في ذلك هين..فلا يحجزه عن القول بدلالة النص عدم علمه بمن قال به ..إذ لابد من قائل بالحق لكن قد يخفى على بعض الناس بعض الوقت فلا يُهجر العمل بالنصوص لأجل ذلك..وإذا حُكي في المسألة نزاع= ضعف أمر حكاية الإجماع..ومن استوى عنده طرفي الحجة فلم ير رجحان دلالة الإجماع على دلالة النص أو العكس =فواجبه التوقف.



    وأنتَ إذا تقرر لديك ما سبق سقط عندك تهويل المهولين بالإجماعات الظنية ،وسقط عندك تهوين المهونين من الإجماعات الظنية..وكانت الأمور عندك محكومة بميزان عدل لاوكس فيه ولاشطط..



    يقول الشيخ في موضع آخر: ((وَهَذِهِ " الْآيَةُ " تَدُلُّ عَلَى أَنَّ إجْمَاعَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ مُسْتَلْزِمَةٌ لِمُخَالَفَةِ الرَّسُولِ وَأَنَّ كُلَّ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَصٌّ عَنْ الرَّسُولِ ؛ فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ يُقْطَعُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ وَبِانْتِفَاءِ الْمُنَازِعِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ؛ فَإِنَّهَا مِمَّا بَيَّنَ اللَّهُ فِيهِ الْهُدَى ، وَمُخَالِفُ مِثْلِ هَذَا الْإِجْمَاعِ يَكْفُرُ كَمَا يَكْفُرُ مُخَالِفُ النَّصِّ الْبَيِّنِ . وَأَمَّا إذَا كَانَ يُظَنُّ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُقْطَعُ بِهِ فَهُنَا قَدْ لَا يُقْطَعُ أَيْضًا بِأَنَّهَا مِمَّا تَبَيَّنَ فِيهِ الْهُدَى مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ ، وَمُخَالِفُ مِثْلِ هَذَا الْإِجْمَاعِ قَدْ لَا يَكْفُرُ ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ ظَنُّ الْإِجْمَاعِ خَطَأً . وَالصَّوَابُ فِي خِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ)).



    ويقول الشيخ: ((مَعْنَى الْإِجْمَاعِ : أَنْ تَجْتَمِعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ . وَإِذَا ثَبَتَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ إجْمَاعِهِمْ ؛ فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَلَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ فِيهَا إجْمَاعًا وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ الْآخَرُ أَرْجَحَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . وَأَمَّا أَقْوَالُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ كَالْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ ؛ فَلَيْسَ حُجَّةً لَازِمَةً وَلَا إجْمَاعًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ)) .



    وبذلك تعلم جواب من يقول من أهل الاجتهاد القادرين عليه: هل لي أن أقول بقول لم أُسبق به(؟؟)



    وأن جوابه: انظر إلى درجة علمك أنك لم تُسبق به فإن كانت قطعية متيقنة لم يجز لك إحداث قول تعلم يقيناً أنه لم يقل به أحد..



    وإن كان علمك بعدم السلف لك ظنياً ..فانظر أي الحجتين أقوى في نظرك: ظنك بعدم السابق أم ظنك بصحة وقوة ودلالة ما بين يديك من الأدلة..



    قال ابن الصلاح: ((من وجد من الشافعيين حديثا يخالف مذهبه نظر فإن كملت آلات الإجتهاد فيه إما مطلقا وإما من ذلك الباب أوفى تلك المسألة على ما سبق بيانه كان له الإستقلال بالعمل بذلك الحديث وإن لم تكمل إليه ووجد في قلبه حزازة من مخالفة الحديث بعد أن بحث فلم يجد لمخالفته عنه

    جوابا شافيا فلينظر هل عمل بذلك الحديث إمام مستقل فإن وجد فله أن يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث عذرا في ترك مذهب إمامه في ذلك والعلم عند الله تبارك وتعالى)).



    فعقب تقي الدين السبكي قائلاً: ((وسكت ابن الصلاح عن القسم الآخر وهو: أن لا يجد من يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث،وكأنه لأن ذلك إنما يكون حيث يكون إجماع،ولكن قد يعرض مع الاختلاف،وقد يعرض في مسألة لا نقل فيها عن غير الشافعي،فماذا يصنع(؟)والأولى عندي اتباع الحديث وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي وقد سمع ذلك منه،أيسعه التأخر عن العمل به(؟!)لا والله.وكل أحد مكلف بحسب فهمه))[معنى قول الإمام المطلبي ص/92-93].



    يقول ابن القيم: ((وقولكم إن الأمة اجتمعت والكافة نقلت أن من لم يصم شهر رمضان عامدا أشراً أو بطراً ثم تاب منه فعليه قضاؤه. فيقال لكم أوجدونا عشرة من اصحاب رسول الله فمن دونهم صرح بذلك ولن تجدوا إليه سبيلاً.

    وقد أنكر الأئمة كالإمام أحمد والشافعي وغيرهما دعوى هذه الإجماعات التي حاصلها عدم العلم بالخلاف لا العلم بعدم الخلاف فإن هذا مما لا سبيل إليه إلا فيما علم بالضرورة أن الرسول جاء به وأما ما قامت الأدلة الشرعية عليه فلا يجوز لأحد ان ينفي حكمه لعدم علمه بمن قال به فإن الدليل يجب اتباع مدلوله وعدم العلم بمن قال به لا يصح أن يكون معارضا بوجه ما فهذا طريق جميع الأئمة المقتدى بهم، قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبدالله: (( من ادعى الإجماع فهو كاذب لعل الناس اختلفوا هذه دعوى بشر المريسي والأصم ولكن يقول لا نعلم للناس اختلافا إذا لم يبلغه)).

    وقال في رواية المروزي : ((كيف يجوز للرجل أن يقول أجمعوا إذا سمعتهم يقولون أجمعوا فاتهمهم لو قال إني لا اعلم مخالفا كان أسلم)).

    وقال في رواية أبي طالب : ((هذا كذب ما اعلمه أن الناس مجمعون ولكن يقول ما اعلم فيه اختلافا فهو احسن من قوله اجمع الناس)).

    وقال في رواية ابي الحارث: (( لا ينبغي لأحد أن يدعي الإجماع لعل الناس اختلفوا)).

    وقال الشافعي في أثناء مناظرته لمحمد بن الحسن : ((لايكون لأحد أن يقول أجمعوا حتى يعلم إجماعهم في البلدان ولا يقبل على اقاويل من نأت داره منهم ولا قربت إلا خبر الجماعة عن الجماعة فقال لي: تضيق هذا جدا قلت له وهو مع ضيقه غير موجود)).

    وقال في موضع آخر وقد بين ضعف دعوى الإجماع وطالب من يناظره بمطالبات عجز عنها فقال له المناظر: (( فهل من إجماع.

    قلت: نعم الحمد لله كثيرا في كل الفرائض التي لا يسع جهلها وذلك الإجماع هو الذي إذا قلت اجمع الناس لم تجد احدا يقول لك ليس هذا بإجماع فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها...))[كتاب الصلاة ص/70].



    وأنتَ إذا تأملتَ هذا الكلام وقفتَ على الفهم الصحيح لعبارات الشافعي وأحمد في الإجماع،وأنه ليس مرادهم بها إسقاط الاحتجاج بالإجماعات الظنية وإنما مرادهم بهذه العبارات: منع تنزيلها منزلة الإجماعات القطعية.والله ولي التوفيق.




    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنيا

    ..........
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنيا

    بارك الله فيكم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    977

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنيا

    نفع الله بكم
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنيا

    بارك الله فيكم...
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    17

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنيا

    فإن قلتَ وأنى ومتى يوجد هذا الإجماع القطعي(؟؟)



    قلنا: غالباً ما ينحصر وجوده في عهد الصحابة ثم يستمر الإجماع فيمن بعدهم ،أما حكايات إجماعات من بعدهم-والتي لا يُحقق إجماع الصحابة فيها- فغالب ما يُحكى من هذه الإجماعات ظني ..

    فقول ابن حزم أقرب للصواب , وإن دفع قوله بأحجيات اخرى تفيد شذوذ أهل الظاهر في هذه المسألة

    مازادني بحثك إلا تمسكا بظني , مالم يكن معهودا بإلاتفاق في عصر الصحابة , فلا عبرة به البتة..
    روى البيهقي في مناقب الشافعي (2 ـ208) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا محمد جعفر بن محمد بن الحارث يقول: سمعت أبا عبد الله: الحسين بن محمد بن بحر يقول: سمعت يونس بن عبد الله الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول : لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمق.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنيا

    بارك الله فيك..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  8. #8

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنيا

    الهزير هل اذا نقل الينا قولا لا يعرف له مخالف في عهد التابعين مثلا هل هذا قول لا تراه حجة؟
    الامام ابن حزم يرى ان الاجماع حجة كما هو واضح في كتابه الاجماع وليس كما ظن البعض وقالوا ان ابن حزم لا يرى ان الاجماع حجة .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    984

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (4)....شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنيا

    الأخ الفاضل أبا فهر السلفي

    موضوع الإجماع الظني أو العلم بعدم المخالف - كما تعلم مني سابقا - من الأمور المشكلة لدي وأظن أن خلاصة الأقوال فيه ثلاثة وهي :
    1- القول بتقديم الإجماع الظني أو العلم بعدم المخالف مطلقا
    2- القول بتقديم دلالة النص الظنية مطلقا
    3- القول بالترجيح بينهما فحيث كان دلالة النص الظنية أقوى من دلالة الإجماع الظنية قدم النص وحيث كان دلالة الإجماع الظنية اقوى من دلالة النص الظنية قدم الإجماع الظني وعند تساوي الظنان يتوقف وهذا ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ما تريد أن ترجحه أخونا الفاضل أبا فهر

    وقد دللت على ذلك الرجحان بكلام بصراحة أراه واقعي جدا وهو قولك :

    " والشافعي وأحمد والسلف جميعاً ..استدلوا على خطأ الأقوال بأنه لا يُعرف لقائله فيه سلف..

    والشافعي وأحمد أنكروا على من جعل عدم العلم بالمخالف إجماعاً...

    والشافعي وأحمد قالوا -قطعاً ويقيناً-بما لا يُعرف لهم فيه سلف... "


    فأنت تريد أخونا الفاضل بعدم اطراد أحد القولين وهو بالفعل ظاهر صنيع الأئمة مثل الذين تكلموا في الإجماع كالشافعي وأحمد وابن حزم لكن في نفسي إشكال لا بد من حله حتى يكون القول الثالث هو الراجح أعني عدم إطراد أحد القولين وهو :

    ما الدليل على أن الإجماع الظني أو العلم بعدم المخالف حجة شرعية ظنية يجب اتباعها ؟؟

    لاحظ أخي الفاضل أنا لا أتكلم عن الإجماع القطعي بل أتكلم عن مسئلة ورد فيها نص بأمر ما ووجدنا كثير من أهل العلم ممن أقوالهم محفوظة قالوا هذا الأمر مصروف من الوجوب إلى الندب دون ان تذكر قرينة صارفة ولم نعلم ولم نصل إلينا قول يقول بالوجوب لكن هل السؤال هل الله تكفل بحفظ أقوال العلماء حتى يقال العلم بعدم المخالف حجة ظنية يجب اتباعها وأن نرى أي الحجتين أقوى دلالة النص الظنية ام العلم بعدم المخالف ؟؟

    لو قلنا ان الله تكفل بحفظ أقوال العلماء لكان العلم بعدم المخالف حجة قطعية لا ظنية لا تجوز مخالفتها البتة كما ان الله تكفل بحفظ الذكر والنصوص لكان الخلاف ليس في إثبات النصوص بل في فهم النصوص ودلالتها وهذا لا يعارض تكفل الله بحفظ الذكر

    أعيد فأقول أنا لا أجادل ولا أعترض على الإجماع القطعي بل أسأل ما الدليل على أن العلم بعدم المخالف حجة شرعية يجب اتباعها وصنيع الأئمة النظري في أقوالهم وعباراتهم في الإجماع مثل قول الإمام أحمد بن حنبل : من ادعى الإجماع فهو كاذب , ما يدريه لعل الناس اختلفوا وكما بمعنى كلام ابن حزم هو ما لا خلاف به بين أحد من المسلمين ولا يتصور أن يكون فيه خلاف ( الأمر المعلوم من الدين بالضرورة ) يؤكد ما أقوله

    وإن كان صنيع الأئمة العملي يؤكد ما تقوله أخانا الفاضل أبا فهر


    وهناك كثير من الأمثلة الفقهية لدي ذكرتها في أكثر من رابط في هذا المنتدى وغيره - ولكن للأسف لم أصل إلى حل - فيه ظواهر نصوص شرعية يقابلها أقول من أهل العلم على صرف هذه النصوص عن ظواهرها دون ذكر الدليل الصارف

    ولعلنا إذا انتهينا من تأصيل المسئلة أصوليا نتعرض لهذه الأمثلة

    وفقني الله وإياك وجميع المشاركين للوصول إلى الحق حيث كان

    وجزاكم الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •